الأربعاء 24 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

إعلان الدولة الفلسطينية... سيناريو حتمي

إعلان الدولة الفلسطينية... سيناريو حتمي
7 سبتمبر 2010 23:29
الدولة الفلسطينية قادمة... وكل ما هنالك هو أنه ليس واضحا ما إذا كان تبلور تلك الدولة سيحدث بفضل جولة المحادثات الحالية أم لا. ومن السهل علينا أن نبدي التشاؤم، أو حتى اللامبالاة، بشأن نتائج الجولة الحالية من محادثات السلام الإسرائيلية ـ الفلسطينية لمعرفتنا بنتائج الجولات العلنية السابقة التي افتقرت لتحقيق إنجازات على الجانب الفلسطيني. وإذا كانت هناك جهود قد تكللت بالنجاح في هذا المضمار، فإن ذلك قد حدث من خلال محادثات سرية، تم الكشف عنها، بمجرد التوصل إلى اتفاقية بشأنها. بيد أن المحادثات التي تجرى هذه المرة تحمل في طياتها احتمالات تحقيق اختراق، وهو ما يرجع في الأساس لاستراتيجية السلام التي لا تتزعزع التي تتبناها القيادة الفلسطينية الحالية. ففي حين تبنت منظمة التحرير الفلسطينية لفترة طويلة استراتيجية مزدوجة تقوم في جانب منها على المقاومة المسلحة وفي الجانب الآخر على المناورات السياسية، فإن الواضح أن القادة الفلسطينيين اليوم يعارضون اللجوء إلى أي شكل من أشكال العنف. وهذا المجهود الحريص على البعد عن العنف يمكن رؤية مظاهره، والشعور به، في كل مدينة، وكل قرية، وكل معسكر لاجئين في فلسطين. فمن خلال استخدام تكتيكات تتراوح ما بين مقاطعة منتجات المستوطنات، والقيام بحملات دولية من أجل إقناع المستثمرين الدوليين بسحب استثماراتهم، وتصفية مشروعاتهم القائمة في تلك المستوطنات، تمكن الفلسطينيون من نيل إعجاب الجماعات المحلية، والنشطاء الدوليين، والجماعات الإسرائيلية المؤيدة للسلام. في نفس الوقت عملت أجهزة الأمن الفلسطينية بلا كلل من أجل الدفاع عن استراتيجية السلام. وهذه المجهودات في مجملها فتحت نافذة جيدة للفرص حتى وأن ظل الموقف عرضة لمحاولات التعطيل والعرقلة من قبل جماعات من الجانبين. عندما وصل الرئيس الفلسطيني إلى واشنطن الأسبوع الماضي للمشاركة في المحادثات، فإن تلك كانت هي المرة الأولى التي يدخل فيها زعيم فلسطيني إلى محاثات السلام وهو يواجه معارضة شديدة داخل حركته، ومعارضة من جانب الفصائل التابعة لمنظمة التحرير الفلسطينية. و"حماس" على وجه الخصوص، لم تقف عند حد المعارضة اللفظية للمحادثات، وإنما تبنت الهجوم الذي تم في الحادي والثلاثين من أغسطس المنصرم، والذي أدى إلى مصرع أربعة من المستوطنين اليهود بالقرب من الخليل، والهجوم الآخر الذي وقع بالقرب من رام الله وأدى إلى إصابة اثنين من المستوطنين في اليوم التالي مباشرة. ومن الواضح أن تلك الهجمات قد جرى اختيار توقيتها، لإفساد المحادثات وإضعاف موقف الوفد الفلسطيني. والفلسطينيون لديهم من الأسباب ما يدفعهم للتشكك بشأن صدق إسرائيل عندما يتعلق الأمر بالسلام. من أهم تلك الأسباب السياسة الإسرائيلية الباطشة في التعامل مع قطاع غزه، وخرقها المستمر للقانون الدولي من خلال مواصلة إنشاء مبانٍ مخصصة لليهود فقط في القدس المحتملة والضفة الغربية. وعندما عبر عوفاديا يوسف زعيم حزب شاس الديني المتطرف في إسرائيل عن أمله في أن يحل الوباء بجميع الفلسطينيين، فإن الكثيرين تشككوا في رغبة إسرائيل واستعدادها للعيش في سلام مع جيرانهم الفلسطينيين كما قال بنيامين نتنياهو. وحتى بعد أن بدأت المباحثات فإن وزير الخارجية الإسرائيلي أفجيدور ليبرمان قلل من احتمالات تحقيق تقدم من خلال القول بأنه لن يحدث شيء هذا العام. طالما أن الأمر كذلك فما الذي يدفع الفلسطينيين للتمسك بالأمل؟ بدلا من الاستمرار في لعن الاحتلال الإسرائيلي ليل نهار، جعل رئيس الوزراء الفلسطيني سلام فياض المسؤول السابق في البنك الدولي اهتمامه منصبا على بناء دولة فلسطينية. وفي هذا السياق نجحت وزارة فياض في تعزيز الأمن، وحكم القانون وإدخال إصلاحات بعيدة المدى في التعليم والصحة والاقتصاد، مما أدى حسب مصادر الأمم المتحدة إلى زيادة الناتج المحلي الإجمالي في الأراضي المحتلة بنسبة 6.8 عام 2009. كما دشن الفلسطينيون حملة علاقات عامة تحت عنوان" أنا شريك" وهي حملة موجهة للجمهور الإسرائيلي تضم بعضا من كبار المفاوضين الفلسطينيين وتهدف لتفكيك الأسطورة التي يرددها الساسة اليهود بأنه لا يوجد شركاء سلام على الجانب الفلسطيني. والتزام إدارة الرئيس أوباما بتحقيق السلام وحل الدولتين يمثل سببا آخر للتفاؤل. فبترؤس الأميركيين للمحادثات الثلاثية، ضمن الفلسطينيون على الأقل، أن الإسرائيليين لن يكونوا قادرين على الانفراد بهم وإرهابهم. وعلى الرغم من التصريح الذي أدلى به أوباما الأسبوع الماضي والذي قال فيه إن الولايات المتحدة لا يمكن أن تكون أكثر اهتماماً بالسلام من الطرفين المعنيين ذاتهما، إلا أنه ما لا شك فيه أن الولايات المتحدة بترؤسها للمحادثات أصبح لها مصلحة في السلام لا تقل عن مصلحة الطرفين. ولا شك كذلك أن التوقيت الحالي لانطلاق المفاوضات كان ملائماً تماماً حيث تم ضبطه مع التقويم السياسي الأميركي. فعقد المحادثات الآن سوف يتيح الفرصة للإدلاء بتصريحات وإلقاء كلمات ونشر صور إيجابية قبل انتخابات التجديد النصفي، كما أن أي قدر محتمل من لي الأذرع قد تحتاج إليه الولايات المتحدة سوف تكون قد انتهت منه قبل بداية موسم الانتخابات الرئاسية الأميركية. والفلسطينيون بعد كل شيء لديهم سبب وجيه يدفعهم لأن يكونوا متفائلين بشأن حتمية الدولة المستقلة. فإذا ما كان إنشاء هذه الدولة سوف يكون من خلال محادثات سلام فذلك جيد في حد ذاته، أما إذا ما فشلت تلك المحادثات بسبب النزعة التعويقية الإسرائيلية، فإن الفلسطينيين سوف لن يكون لديهم خيار في مثل هذه الحالة سوى إعلان الدولة من جانب واحد على أمل أن يعترف العالم بها. والأميركيون الذين سيشاهدون السلوك الفلسطيني على مائدة المفاوضات خلال العام القادم، سوف يتعين عليهم أن يقرروا بناء على رأيهم في هذا السلوك ما إذا كانوا سوف يعترفون بهذه الدولة، أم يتركون الصراع كي يتواصل ويزداد مرارة. داود كتّاب أستاذ الصحافة السابق في جامعة برينستون ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست«
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©