محمد حامد (دبي) - استعاد المنتخب الإسباني عافيته “معنوياً على الأقل” بالفوز على جمهورية أيرلندا بثنائية دون مقابل في المباراة الودية الدولية التي أقيمت بملعب يانكي في نيويورك، ليختتم تحضيراته للمشاركة في مونديال القارات الذي ينطلق السبت في البرازيل، وتقع إسبانيا في المجموعة الثانية مع منتخبات أوروجواي ونيجيريا وتاهيتي.
بالعودة إلى تفاصيل المواجهة فقد نجح “لاروخا” في فرض سيطرته الميدانية على الشوط الأول، إلا انه عجز عن الوصول إلى الشباك الأيرلندية طوال 70 دقيقة، ليتمكن البديل روبرتو سولدادو من افتتاح التسجيل قبل نصف ساعة من نهاية المواجهة، وتقمص خوان ماتا نجم تشيلسي شخصية الهداف، ليحرز هدف تأكيد الفوز قبل نهاية المباراة بدقيقتين.
وفي تفاعلها مع أداء “لاروخا” قالت الصحف الإسبانية إن عودة “التيكي تاكا” قبل مونديال القارات يؤكد أن “لاروخا” يسير في الطريق الصحيح، خاصة انه لم يتخلى عن طريقته المعتادة التي تقوم على السيطرة وحرمان المنافس من التمرير أو دخول أجواء المباراة، ولكن ما يحسب للمنتخب الأيرلندي انه كان نداً لنظيره الإسباني، وأهدر عدة فرص للتسجيل، وانبرى العائد إيكر كاسياس للدفاع عن مرماه ببسالة ليستعيد ثقته هو الآخر بعد غياب عن عرين الريال والمنتخب الإسباني امتد لأكثر من 4 أشهر، ويمكن القول أن لمحات الندية التي ظهرت في بعض فترات المباراة، تؤكد أن المنتخب الإسباني لم يتمكن حتى الآن من استعادة توهجه بالكامل، فقد فاز على أيرلندا في نهائيات يورو 2012 برباعية نظيفة وسيطر على المباراة بصورة كاملة، ولكنه لم يظهر بالصورة ذاتها في المباراة الودية الأخيرة أمام نفس المنتخب.
المكسب الكبير
يملك روبرتو سولدادو مهاجم فالنسيا سجلاً تهديفياً مقنعاً على مستوى الأندية، ولكنه لم يحصل على فرصة كافية لفرض نفسه على تشكيلة منتخب بلاده، فقد شارك في 9 مباريات لا أكثر منذ عام 2007، محرزاً 5 أهداف، وهو معدل تهديفي يؤكد استحقاقه لمزاحمة دافيد فيا وفرناندو توريس في هجوم “لاروخا”، ونجح اللاعب الذي يحمل إسم “الجندي” بالإسبانية في إعطاء بعض الإشارات على رغبته في الخروج من دائرة “الجندي الهجومي المجهول” في هجوم أبطال العالم، فقد سجل هدفاً في مرمى أيرلندا، وشكل خطورة واضحة على مرمى هاييتي في المباراة الودية التي سبقت مواجهة أيرلندا.
يبلغ سولدادو من العمر 28 عاماً، وسبق له اللعب لأندية الريال، وأوساسونا، وخيتافي، وفالنسيا، وسجل مع هذه الأندية 194 هدفاً في 397 مباراة، مما يؤكد أنه أحد أفضل الهدافين في إسبانيا، ولكنه لم يحصل على ما يكفي من فرص في تشكيلة “لاروخا”، ويبدو أن دل بوسكي أدرك انه قد حان الوقت للدفع به أساسياً، في ظل تراجع دافيد فيا وعدم استعادة فرناندو توريس لثقته في نفسه بصورة كاملة.
وتفاعلاً مع الفوز على أيرلندا قالت صحيفة “ماركا” أن سولدادو سوف يكون المهاجم الأساسي في تشكيلة فيسينتي دل بوسكي في كأس العالم للقارات، وهذا يتضح بقوة في المباريات الودية الأخيرة قبل انطلاقة البطولة العالمية، كما امتدحت الصحيفة المدريدية أداء إيكر كاسياس معنونة “يد القديس تتألق أمام أيرلندا” في إشارة إلى ضرورة دعم كاسياس معنوياً قبل انطلاقة البطولة، لكي يستعيد ثقته في نفسه ويتعافى بصورة تامة من آثار المرحلة الماضية.
دون إصابات
علق خوان ماتا على المكاسب التي حققها الإسبان من مواجهة إيرلندا، فقال: “ في نهاية المطاف خرجنا بفوز معنوي مهم، لقد كنا في مواجهة منتخب قوي من الناحية الدفاعية مما صعب من مهمتنا في التسجيل، وخاصة في شوط المباراة الأول، ومن الرائع أن ندخل بطولة القارات بلا إصابات، وبهذه الدرجة الجيدة من الاستعداد للبطولة، ما يجعلني أشعر بالثقة أن هناك منافسة حامية بين أكثر من لاعب جيد في كافة المراكز، على المستوى الهجومي مثلاً لدينا فيا وتوريس وبيدور وسولدادو، وفي حراسة المرمى نملك 3 من أفضل الحراس وهم كاسياس ورينا وفالديز، ولا يوجد لدي شك في أن المستفيد الأول من المنافسة بين الجميع هو المنتخب الإسباني.
رباعية تاريخية
وتخوض إسبانيا كأس القارات كمقدمة لمونديال 2014، وهي كما جرت العادة في رأس قائمة المنافسين على اللقب لإحراز رباعية تاريخية رغم السقطات السابقة. وتخوض إسبانيا البطولة هذه المرة ليس كما في جنوب أفريقيا عام 2009 عندما شاركت بروح بطل أوروبا (2008)، وإنما بمعنويات بطل أوروبا مرتين (2008 و2012) والعالم أيضا (2010).
وكانت إسبانيا قبل 4 سنوات مرشحة فوق العادة وبشكل مطلق لإحراز اللقب، لكن سلسلة نجاحاتها في 35 مباراة لم تذق فيها طعم الهزيمة توقف بشكل مفاجئ في نصف النهائي على يد الولايات المتحدة حين خسرت صفر-2، ومرة جديدة يصل الإسبان إلى البرازيل كأكبر المرشحين للتتويج دون أن يدري ماذا ينتظرهم هناك.
وأصبح تركيز دل بوسكي على خط الوسط الذي كان موضع تساؤل في الفترة الأخيرة مع وجود في هذا الخط سباعي موهوب جدا بعدد نجوم الثريا يقدم أسلوبا نوعيا يعتمد على التمريرات السريعة والقصيرة وقدرة استثنائية على الاحتفاظ بالكرة، لكن هذا الأسلوب بات أقل فعالية من السابق. ويستطيع دل بوسكي الاستفادة من كأس القارات في تجربة خيارات عدة مختلفة رغم علمه المسبق بأن أنصار المنتخب يريدون بأي ثمن أن يعود الجيل الذهبي من البرازيل بالكأس الوحيدة التي لم يعانقوها من قبل.
كوكبة من النجوم
ويضم المنتخب الإسباني كوكبة من النجوم، وفي مقدمتهم حارس ريال مدريد إيكر كاسياس ولاعبا وسط برشلونة تشافي هرنانديز وأندريس إنييستا، واستحق كاسياس أن يكون قائدا للماتادور بعد رحيل “الرمز” راوول جونزاليز، لكن مركزه أساسيا في كأس القارات ليس مضمونا بعد إبعاده عن التشكيلة في الأشهر الأخيرة من قبل مدرب ريال مدريد السابق البرتغالي جوزيه مورينيو. خاض كاسياس أكثر من 140 مباراة دولية وكان له شرف أن يرفع الكؤوس الثلاث التي أحرزها المنتخب (أوروبا 2008 و2012 ومونديال 2010).
ويعتبر تشافي قائد الأوركسترا الإسبانية الحقيقي في وسط الملعب، ويتميز بموهبة التمرير الدقيق ما يجعل منه حجز الزاوية في التشكيلة سواء على صعيد المنتخب أو على صعيد فريقه الكاتالوني. ويشكل التعاون بين تشافي وإنييستا شرطا أساسيا لنجاح المنتخب، ويستطيع الأول إثارة الإعجاب بقوة ركلاته في التسديدات البعيدة أو تنفيذ الكرات الثابتة. فيما أصبح إنييستا بطلا لأمة بأكملها بعدما سجل الهدف الوحيد في مرمى هولندا بعد التمديد في نهائي مونديال 2010 في جنوب أفريقيا، وهو يجيد الاختراقات وفتح الثغرات خصوصا في المناطق الدفاعية للخصم من خلال موهبته في ترويض الكرة والتلاعب بالمدافعين.
وانتخب فيسنتي دل بوسكي مدرب العام 2012 من قبل الاتحاد الدولي (الفيفا) بعد فوزه بكأس أوروبا التي نظمتها بولندا وأوكرانيا، ويبدو أنه مصمماً على إحراز كأس القارات، وإضافتها إلى رصيد المنتخب الذهبي. ويعتبر دل بوسكي وفيا لشهرته كأفضل قائد للنجوم، والتي سمحت له بتحقيق إنجازات جمة مع ريال مدريد، واستطاع بالتالي أن يبقي المنتخب الإسباني الموهوب في القمة خلال 5 سنوات، وكذلك في صدارة التصنيف العالمي من خلال زيادة الاحترافية والتجديد في التشكيلة دون المس بجوهر فلسفته التي تعتمد على التمريرات القصيرة والألعاب المشتركة حتى الوصول إلى منطقة الخصم وهز شباكه.
عدد اليوم
