إلى غزة مع خالص الخبز

روعة يونس:
قامت مؤخراً مجموعة شباب من فلسطين- رام الله، وعبر جهد شخصي دون دعم رسمي بإطلاق معرض صور 'إلى غزة··· مع خالص الخبز' من خلال الإنترنت، وفق طبيعة الطريقة التي يعمل بها عادة صاحب الفكرة الفنان الفوتغرافي رؤوف حاج يحيى، ورافق المعرض نص ساخر موجع يتناغم مع الصور ولغتها وهدفها كتبه عامر الشوملي·
وأسوة بوسيلة معرض الصور -التواصل عبر الإنترنت- قامت دنيا الاتحاد بإرسال رسالة إلكترونية إلى فريق العمل (رؤوف حاج يحيى وعلي بطحة وعامر الشوملي) فأجابنا الفنان رؤوف حاج يحيى بالقول:
'بغية تجاوز الحدود المفروضة على الحياة بشكل عام في فلسطين، كانت وسيلتنا في ايصال صوتنا: النشر عبر الانترنت، اعتمدنا فيها كفريق عمل، السخرية في تكثيف الحالة من خلال الصور، ويتم الآن العمل على نشر صور المعرض داخل المخابز المحلية في رام الله، مع الكثير من الاستفسارات من أصحاب المخابز'·
حين تقرأ العين هذا المعرض، الذي يجسد واقع العلاقة التي تربط الفلسطيني مع غزة، فرغم القرب الجغرافي يرونها فقط -مثلنا- من خلال الفضائيات أو وسائل الإعلام، فيما تقوم العلاقة الإنسانية-الاجتماعية، من خلال المراسلة عبر التكنولوجيا الحديثة، تحاول العين جاهدة أن تحيّد الحزن والألم، لتبدي إعجابها بالقيمة الفنية والأفكار الرائعة واللقطات البارعة المعبرة عن الألم والقهر والخذلان، وتشيد بتجيير كل وسائل الاتصال 'بريد عادي وسريع' وكذلك وسائل العلاج 'شريط كبسولات الدواء' وبإطلالة المشهد على الجغرافيا المحكومة بفقد الخبز والحصار واعتقال الرغيف محكوماً عليه··· لخدمة فكرة 'إلى غزة مع خالص الخبز'·
وحين يقرأه القلب، يدرك أن المعرض ليس 'صلاة استعطاف' مطلقاً، ليس صرخة جوع، بل وخزا لنا بما تبقى من شظايا في أجساد أطفالهم وأسراهم وشهدائهم·
وحين يقرأه الضمير ويعبث بحروف 'الجوع' كما يُعبث بمصائرهم! يعي أنه: الوجع··· وجعهم منا، لا من الجوع الذي يفرضه الحصار الذي اعتادوه·
انتبهوا: يقول المعرض كل شيء، إلاّ نحن جياع! يلطم بالصور وجوهنا، يعكس شبعنا في مرايا القمح، يسائلنا إن كانت لقمات الخبز قد علقت في حناجرنا وأتخمت بطوننا حتى أصابتنا التخمة والخرس!
يقول المعرض فيما يقول: إنهم يقاومون الاحتلال وحصاره، بالبسمة، بالصبر، بالسخرية، بالإيمان بالوطن وقضيته الحقيقية، يقاومون (دوننا) حتى بما نظنه نحن 'الجوع' وما أبعد منه: الموت·
النص المرافق للمعرض:
يعني إحنا من فلسطين/ نقدم وبالتعاون ولا مع حدا/هوّا أساساً في حدا بيساعد الشباب هادي الأيام/معرض 'إلى غزة مع خالص الخبز' للمصور رؤوف الحج يحيى/ والمقطوعة الجغرافية 'لا بحر في رام الله' للمهندس عامر شوملي/ وبدنا نفرجيكم المعرض/ أما المقطوعة فخلينا نسمعها/ أنت ما تضغط على شي هي لحالها بتشتغل/
لا بحر في رام الله ولا خبز في غزة··· وننتظر·
رام الله··· كلنا نرتدي لباس البحر تحت ملابسنا ونعيش أيامنا كالفراش·
صباحا··· ننظر الأفق، لم يأت البحر بعد··· ربما غداً، إذن لنطالع الجريدة·
الأبراج: لا بحر اليوم لمواليد برج رام الله·
الكلمات المتقاطعة: مدينة فلسطينية ساحلية من ثلاثة أحرف!···رامـ···رام الله ليست من ثلاثة أحرف!··· نعجز ونرمي الجريدة·
ظهرا··· نطالع معرضا فنيا لأحد المستشرقين ونخرج مستغربين·
مساء··· نحجّ إلى المقاهي، نلوك مشاريعنا وتلوكنا··· ويطلّ صاحب الوجه البشوش بعشر آلات تصوير على الجانبين ويجلس جانبي··· أنا يا 'مان' أريد تصوير الحالة، والوصول إلى ما بعد الصورة، الوصول إلى الحالة، حالة لا حالة فيها أو لها، حالة حالية محالة·
ليلا··· نجرّ أجسادنا إلى أوكارنا، وندخن سيجارة ما قبل النوم في الفراش، ونتذكر التلفاز، قليل من 'الجزيرة' ينعش القلب، فقد نلتقي صدفة بفتاة أجنبية ونبهرها بثقافة العناوين فتقبل أن تكون دولة انتداب لأحد الضحايا·
الجزيرة: حصارٌ هام··· المعابر مغلقة، البحر مغلق، والسماء عاليةٌ ومغلقة···غزة مدينة جائعة، غزة مدينة منكوبة، غزة بعد الفاصل·
نسينا غزة! هي غزة إذاً··· مدينة فلسطينية ساحلية من ثلاثة أحرف··· نبتسم وننام، غدا نكمل الكلمات المتقاطعة·
لغزة مع جزيل الحب: كلوا الفول بالملعقة فرام الله ينقصها البحر وأكثر·
وأصحح··· غزة مدينة فلسطينية من ثلاثة أحرف··· خبز·