الأربعاء 24 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

غش إيران.. معركة أوباما

13 يونيو 2015 22:49
لفترة طويلة كان المعارضون لمفاوضات إدارة أوباما مع إيران يصرون على أن نظام طهران كان وما يزال وسوف يغش. وبعد التقارير الأخيرة التي أفادت بأن إيران كانت تزيد، بدلا من أن تخفض، مخزونها من اليورانيوم المخصب، حتى المؤيدون للمفاوضات يعترفون الآن بأن إيران ستغش إذا ما استطاعت. إنني لست من المعجبين بالإطار الذي أعلنته الإدارة، بيد أنني أعتقد أن بعض التوضيح مطلوب. على وجه الخصوص، وكما أشير لطلابي كثيراً حول عقود وأخلاقيات الحرب، فالاعتقاد الراسخ بأن عدوك على الأرجح ماكر وغشاش، هذا لا يعني بحد ذاته أنك لا يجب أن تبرم اتفاقاً. وكما أشار «توماس شيلينج» و«مورتون هالبرن» في مؤلفهما الكلاسيكي «الاستراتيجية ومراقبة الأسلحة»: «لا يمكن افتراض أن اتفاقاً يترك بعض الإمكانية للغش هو بالضرورة غير مقبول أو أن الغش سيؤدي بالضرورة لمكاسب مهمة من الناحية الاستراتيجية». وبعبارة أخرى، فالأمر ليس ما إذا كان خصمك سيغش، بل بالأحرى: هل تكلفة الغش الذي يقوم به عدوك تساوي مكاسبك من الاتفاق. ولفهم النقطة، دعونا نختبر اقتراحين من الأدب، الأول يتفق مع الحس العام والثاني ليس كذلك ولكن ربما يكون صحيحاً. الاقتراح الأول: إن الدول ستغش إذا استطاعت. دعونا نرى الأسباب. عندما تدخل الدولة «أ» في اتفاق للحد من التسلح لمنع السلوك «س»، فإنها تعد بعدم فعل ما كانت ستفعله. وبطريقة أخرى، في غياب أي اتفاقية، فإن الدولة «أ» ستظل تفعل ما تحظره المعاهدة. وهذا بدوره يشير إلى أن «أ» قد حسبت أن التصرف «س» في صالحها. والتأثير الوحيد للاتفاقية، إذن، هو أن تجعل القيام بالتصرف «س» أكثر صعوبة (أكثر تكلفة، مثلا) مما كان عليه من قبل. ويظل من مصلحة «أ» أن تفعل «س» طالما أن فرص كشفها قليلة. وبتعبير أدق، فإن الدولة «أ» ستغش طالما أن المكاسب المدركة من التصرف «س» تفوق تكلفة الإمساك بها. فماذا يعني ذلك في الممارسة العملية؟ إن إيران تدرك أن قيمة إجراء أبحاث الأسلحة النووية مرتفعة جداً. ويعتقد المنتقدون للاتفاق أن التكلفة المخفضة للإمساك بها هي تكلفة صغيرة. ويعتقد النقاد أن اتفاق الإطار يقدم الأسوأ من كل شيء: أن يكون احتمال الإمساك بالدولة صغيراً، وأن يكون حجم الجزاء صغيراً، فمن السهل إذن التنبؤ بأن إيران ستغش. وسواء أكان النقاد محقون أم لا، فهذا أمر يعتمد على الاقتراح الثاني: في بعض الأحيان، تقلل تكنولوجيا التحقق القوية من احتمال ضبط على الغشاش. هذه الفرضية المثيرة للجدل، والتي يدعمها بعض الأدب تنشأ من السلوك الإنساني. فالدليل على حدوث غش ليس مطلقاً. ويجب تقييم الأدلة المجزأة. وتكنولوجيا التحقق الضعيفة نسبياً قد تجعل المُقَيم مرتاباً أكثر من اللازم، وتكنولوجيا التحقق القوية نسبياً قد تجعل المُقَيم يشعر بالرضا عن الذات. عندما تكون التكنولوجيا ضعيفة، فقد يظن المُقَيم «أنني لا أحب شكل كل هذه القرائن. لابد أن الدولة «أ» تغش. وعندما تكون التكنولوجيا قوية، ربما يفكر المقيم: «لا يمكنهم أن يكونوا من الغباء لكي يقوموا بالغش. فهم يعلمون أن بإمكاننا رؤية ما يفعلونه. لابد أننا ننظر إلى شيء آخر». وهكذا فإنك تجلب محللي الاستخبارات ليؤكدوا للبيت الأبيض أن الدليل الواضح على بناء مواقع للصواريخ الباليستية متوسط المدى في كوبا عام 1962 ليس كما يبدو. إن موقف الإدارة هو ما سيعلمه الغرب إذا كانت إيران تغش. وهذا يفترض وجود تكنولوجا قوية وتفسير صحيح للأدلة. لكن إذا كانت أدلة الغش من المرجح أن تكون موضع شك، فإن تكلفة الغش ستنخفض، ويزيد الحافز للغش. ولذلك السبب، فالإدارة تصر على أن العقوبات «ستعود مرة أخرى» حال قيام إيران بالغش. ولسوء الحظ، في العالم الواقعي، ليس هناك سبيل لصياغة أو تنفيذ مثل هذا النظام من العقوبات. لكن ذلك لا يعني أنه من الخطأ التوصل لاتفاق. ومرة أخرى، يجب حساب مكاسب الغرب من التزام إيران وطرح تكاليف الغش المحتمل. تلك هي المعركة الحقيقية بين الإدارة ومنتقديها. ستيفن إل. كارتر * * أستاذ القانون بجامعة «يل» ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©