الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

«الله أكبر كبيراً.. والحمد لله كثيراً»

«الله أكبر كبيراً.. والحمد لله كثيراً»
8 سبتمبر 2010 21:38
العيد ما يعاود مرّة أخرى، وهذه سُنة فطرية عرفها الناس منذ بداية الخليقة وأصبح هناك مجتمع له ذكريات تربط بينه وبينها الأحداث حلوها ومرها، فالعيد هو الواحة الوارفة الظلال التي يفيء إليها الإنسان بعد أن أجهدته الحياة فيجد عندها الفرح والنعمى وتعددت الأعياد وأصبح لكل عيد مناسبته التي من اجلها يقام العيد فهذا لذكرى وطنية وذلك لذكرى دينية وغير ذلك من مناسبات. وعيد الفطر أحد العيدين العظيمين في الإسلام ويسمى: عيد الفطر وعيد الإفطار. والفطر في لسان العرب: من فطرّت الناقة: إذا حلبتها، فانفتحت رؤوس أخلافها، لأن الأفواه تتفتح بالأكل والشرب. قد عُرفت الأعياد عند الأمم القديمة، ففي مصر القديمة مثلاً عرف قدماء المصريين الأعياد فكانت لهم أعياد دينية يتقربون فيها لآلهتهم كما كانت لهم أعياد قومية كعيد الحصاد وعيد القمح وعيد الفيضان، ويورد مصطفى عبدالرحمن في فنون رمضان بأن المصريين القدماء كانوا ينظمون فيه قصائدهم وحين أشرق نور الإسلام على الدنيا عرف المسلمون في أيام الرسول عليه الصلاة والسلام عيد الفطر وعيد الأضحى المبارك اللذين جاءا بدلاً من يومي الجاهلية. وهناك عيد لرأس السنة الميلادية والسنة الهجرية وغيرهما من الأعياد. وعيد الفطر هو من أشهر أعياد المسلمين يأتي بعد آخر يوم من أيام شهر رمضان يخفّ في فجره الناس إلى المساجد يؤدون صلاة العيد، ويهنئون بعضهم بعضاً فرحين مكبرين في خشوع: “الله أكبر الله أكبر الله أكبر الله أكبر كبيراً والحمد لله كثيراً وسبحان الله بكرة وأصيلاً “لا إله إلا الله وحده، صدق وعده، ونصر عبده، وأعز جنده وهزم الأحزاب وحده”. وقد احتفل المسلمون بأول عيد للفطر في السنة الثانية بعد أول صيام فرض عليهم. وكان العيد في صدر الاسلام يوم تنافس في الخير وتفاضل بالتقوى وتعاون على البر وتواصل بين القلوب بالمؤاخاة... وقال مصطفى بأن عيد الفطر لم يحظى بمكان يتسع لصور العيد في الشعر العربي وندر أن تجد قصيداً بني من أوله إلى آخره في العيد ووصفه وتصوير إحساس الناس به. وربما كانت علة ذلك في الرجوع إلى الأوضاع التي جرى عليها منهج القصيد في الشعر العربي. فقد كان الناس إذا أقبل العيد يسمعون أن أبواب الخلفاء والأمراء قد فتحت للشعراء فيذهبون إلى تهنئة الخليفة أو الأمير بالعيد ويملؤون القصيد بمناسبة العيد. فالعيد لديهم مناسبة قيل فيها المدح وليس موضوعاً للقصيدة العربية. ونقرأ في ديوان الشعر العربي تهنئة الشاعر ابن الرومي في العيد بقوله: قد مضى الصوم صاحباً محموداً واتى الفطر صاخباً مودوداً ذهب الصوم وهو يحيك نسكا واتى العيد وهو يحيك جوداً وقال: رأي العيد وجهك عيداً له وإن كنت زدت عليه جمالا وكبر حين رآك الهلال كفرحك حين رأيت الهلالا رأى منك ما منه أبصرته هلالاً أضاء ووجها تلالا ثم ينطلق بعد ذلك الشاعر إلى الممدوح قاطعاً كل صلة بينه وبين العيد. وفيما قاله الصابئ تقرير للمعنى الذي نقرره وهو أن العيد كان مناسبة فيها المدح وليس موضوعاً للشعر هو عيد له مظاهره قال أبو اسحق: يا سيدا أضحى الزمان بأنسه منه ربيعاً أيام دهرك لم تزل للناس أعياداً جميعاً حتى لأوشك بينها عيد الحقيقة أن يضيعا البرّ في رمضان والعيد عند المسلمين ميعاد للبرّ يجتمع عليه الناس وقد تجمع عليه أمة فكيف به إذا اجتمعت عليهم أمم. والأعياد فرصة لإسداء الخير أكبر الخير هي فرص التآزر والتعاضد والتحابب وسبيل كل هذا البرّ. يقول علي الجندي في” قُرة العيد في رمضان والعيدين”، بأنّ العيد يعتبر من المواسم الشعرية البارزة حيث أنتج فيه لتاريخ الأدب العربي شعراً ونثراً رائعاً خصيباً، ربما فاقَ ما أنتجه رمضان نفسه، فمن ذلك، التهاني التي ترفع إلى خليفة المسلمين أو ألمراء أو القادة أو القضاة أو أصحاب الجاه، وتلك القصائد مبثوثة في سِفر الأدب العربي. ونختار انموذجات من ذلك التراث الشعري العربي. فقد دخل أشجع السلمي على الخليفة العباسي هارون الرشيد في عيد الفطر وأنشده قائلاً: استقبل العيد بعُمر جديد مدّت لكَ الأيام حبلَ الخُلود مُصعداً في درجات العُلا نجمك مقرون بسعد السعُود وأطوِّ رداء الشمس ما أطلعت نوراً جديداً كلّ يوم جديد تمضي لكَ الأيام ذا غبطة إذا أتى عيدٌ طوَى عُمر جديد كما قدم الخليفة الرشيد مدينة الرقَة بالشام وقد انصرف من غزوته التي فتح فيها هرقلة، وذلك في آخر شهر رمضان، وعيّد وجلس للشعراء، وأنشده أشجع السلمي: لا زلت تنشر أعياداً وتطويها تمضي بها لك أيام وتثنيها مستقبلاً بهجة الدنيا ولذتها أيامها لك نظم في لياليها والعيد عيد والأيام بينهما موصولة لك لا تفنَى وتفنيها ولا تقضّت بك الدنيا ولابَرِحت يطوي لك الدهر أياماً وتطويها وليهنك الفتح والأيام مُقبلة إليك والنصر، معقوداً نواصيها أمست هرقلة مكلوماً جوانبها وناصر الدين بالتدبير يرميها ملكتها وقتلت الناكثين بها بنصر من يملك الدنيا وما فيها كذلك هنأ الشاعر أبو عبادة البحتري الخليفة المتوكل على الله بن المعصتم بالله العباسي بصومه وعيده السعيد، ثم يصف خروجه للصلاة، ويشير على خطبته البليغة، وهي من أسنى المدائح في هذا المقام: بالبرّ صُمت وأنت أفضل صائم وبسُنة الله الرضية تُفطر فانعم بعيد الفطر عيداً أنّه يوم أغرّ من الزمان مشهر أظهرت عزّ المُلْك فيه بجحفل لَجِبٍ يحاط الدين فيه وينصر خلنا الجبال تسير فيه وقد غدت عدداً يسير به العديد الأكثر فالخيل تصهل والفوارس تدعي والبيض تلمعُ وألسنة تزهر والأرض خاشعة تميد بثقلها والجوّ معتكر والجوانب أغبر والشمس ماتعة توقد بالضحا طوراً ويطفئها العجاجُ الأكدر حتى طلعت بنور وجهك فانجَلَت تلك الدُجى وإنجاب ذاك العثير ذكروا بطلعتك النبيّ فهللوا لما طلعت من الصفوف وكبرّوا حتى انتهيت إلى المُصلّى لابِساً نور الهدى يبدو عليك ويظهر ومشيت مشية خاشع متواضع للهِ لا يزهي ولا يتكبر فلو أنَّ مشتاقاً تكلف فوق ما في وسعه لمشى إليك المِنْبَر وأنشد الشاعر ابن سكرة الهاشمي في أبي الحسن محمّد بن عمر بن يحيى بقوله: عماد الدين قابلك السعود وعشت كما تريد لمن تريد وأظهرك الإلهُ على الأعادي ومات بدائه فيك الحسود أتاكَ العيدُ مُقتبلاً جديداً وجَدُكَ فيه مُقتبل جديد تهنئ الناس بالأعياد فينا وأنت لنا برغم العيد عيد كما قال الهاشمي في هذا المقام: ولعمر الإله لولا أياديك لماتت خواطر الشعراء عشت تطوي الأعياد طيّ الأعاد ي في سرور ونعمة ورخاء. وقال الشاعر أبي الحسن التهامي مُهنئاً بالعيد السعيد: فهنئت ذا العيد الذي هو حاضر وهنئت ألفاً مثله متوقعا زمانك أعياد فهنئت كلها ولست أخص اليوم إلاّ لأجمعا لقد ألبسَ الله البلاد وأهلها بشخصك تاجاً بالعالي مُرصعا ولابن الخياط في الأمير أبي الفوارس قوله في العيد: تلاقت عندك الآمال حتى أبى إسراف جودك أن يلاقا واقبل بالهناء عليك عيد حداه إليك إقبال وساقا فسرك وهو منك اسر قلبا ولا عجب أن المشتاق شاقا وقول الصابي في عضد الدولة: لم أطول في دعوتي لمليك طول الله في السلامة عمره بل تلطفت باختصار محيط بالمعاني لمن تأمل أمره فهي مثل الحروف من عدد الهند قليل قد انطوت فيه كثيره جمع الله كل دعوة داع مستجاب دعاؤه فيك صبره وأعاد العيد الذي زاره العا م بأمر يحوزه ومسره واراه الآمال فيه ولقا ه سعاداته ووفاه أجره وقوله أيضاً: يا ماجدا يده بالجود مفطرة وفوه عن كل هجر صائم “أبدا” اسعد بصومك إذ قضيت واجبه نسكا ووفيته من شهره العددا واسحب بذا العيد أذيالا مجددة واستقبل العيش في إفطاره رغدا وفز بعمرك ممدودا وملك مو طودا ونل منهما الحد الذي بعدا حتى ترى كرة الأرض البسيطة في يمناك مملوءة أرجاؤها رشدا وحولك الفلك الدوار متبعا أو طار نفسك لا يألوك مجتهدا أما المتنبي فهنأ سيف الدولة الحمداني بالعيد قائلاً: الصوم والفطر والأعياد والعصر منيرة بك حتى الشمس والقمر ترى الأهلة وجها عم نائلة فما يخص به من دونها البشر ما أدهر عندك إلا روضة انف يا من شمائله في دهره زهر ما ينتهي لك في أيامه كرم فلا انتهى لك في أعوامه عمر فإن حظك من تكرارها شرف وحظ غيرك منها الشيب والكبر وقول الأمير تميم من قصيدة يهنئ أباه الخليفة المعز لدين الله: أُهنيك بالعيد الذي أنت عيده ونور سَنا إقباله حين يطلع إذا ما تأملت الزمان وجدته بكفيك يعطي من يشاء ويمنع وقوله يهنئ أخا الخليفة العزيز بالله الفاطمي: لئن أتى العيد من لقياك في فرح لقد مضى الصوم من مناك في شكل برزت فيه بذور الشمس طالعة وقد أعاد الضحاء النقع كالطفل والبيض تزهر والأعلام خافقة والأرض في رهج والجو في زجل حتى بلغت المصلي خاشعا نسكا خشوع جدك في أزمانه الأول فقمت فيهم خطيبا مصقعا لسنا بكل منفصل نثرا ومتصل بلاغة نبوي النظم محكمها وخطبة لم ينلها مهمل الخطل صلوا وراءك والأملاك خلفهم مبلغين لأعلى السُؤل والأمل برهان صدق شفيت الأولياء به وسقته بين ريث القول والعمل وقول ابن زيدون يهنئ ابن جهور: نعزيك عن شهر الصيام الذي انقضى فإنك مفجوع به فمصاب هو الزور لو تعطى المنى وضع العصا ليزداد من حسن الثواب مثاب شهدت لأذى منك واجب فرضه عليم بما يرضى الإله نقاب وبشراك أعياد سينمي أطرادها كما اطردت في السمهري كعاب أما ابن دُراج القسطلي فهنأ المظفر بن المنصور العامري بمقدم العيد قائلأً: محلك بالدنيا وبالدين آهل فعيد وأعياد وعام وقابل وصوم كريم بالمَبرَة راحل وفر عزيز بالمسرة نازل وقوله كذلك: وباسمك عزت في الخطاب منابر بأسعد عيد عاد بالسعد أو فطر ولاح لنا فيه هلال كأنه بشير بفتح منك أشرق بالبشر وأسفر عن زهر النجوم كأنها جبينك أبدى عن خلائقك الزهر وهذا قول عمارة اليمني يهنئ بالعيد السعيد: وهنئت من شهر الصيام بزائر مناه لو أن الشهر عندك أشهر وما العيد إلا أنت فانظر هلاله فما هو إلا في دعوك خنجر ابن جبير والعيد أشار الرحالة الأندلسي ابن جبير في رحلته المعروفة “رحلة ابن جبير” إلى رؤية هلال شهر شوال بعد أن شهد أيام وليالي شهر رمضان المبارك في مكة المكرمة، فقال: “وما أن ثبتت رؤية هلال شوال حتى أوقدت أعالي المآذن من الأربع جهات في الحرم وأوقد سطح المسجد الذي في أعلى جبل أبي قبيس وأقام المؤذن ليلته تلك في أعلى سطح قبة زمزم مهللاً ومكبراً وحامدا”. ثم ذكر أن صلاة العيد قد أقيمت في المسجد الحرام بمكة المكرمة، وأن الناس بكروا بالحضور وقد لبسوا أثواب عيدهم، وبعد فراغ الخطبة أقبل بعضهم على بعض بالمصافحة والتسليم والتغافير والدعاء مسرورين جذلين فرحين بما آتاهم من فضله وبادروا إلى البيت الكريم فدخلوا عليه بسلام آمنين مزدحمين عليه فوجاً فوجاً فكان مشهداً عظيماً وجمعاً بفضل الله تعالى مرحوماً. وكانت آخر مظاهر الاحتفال بمقدم أول أيام عيد الفطر، بعد انتشار الناس من المصلى وقضاء سُنة السلام بعضهم على بعض” زيارة الجبانة بالمعلّى تبركاً باحتساب الخطأ للصالحين من الصدر الأول وسواه”. شوال أحبّ الأهاليل حفل التراث الأدبي العربي على نماذج للترحيب بحلول غرة شهر شوال عقب شهر رمضان الكريم، الذي تحمل رؤيته بشرى الاحتفال بعيد الفطر السعيد، وكان شهر شوال أحبّ الأهاليل إلى الناس كافة، وإلى الشعراء بخاصة لأنّهم يودعون شهر الصوم. وذكر أحمد الصاوي في “رمضان زمان” عن هلال شوال بأنّه: يضرب بهلال شهر شوال المثل للشيء البهيج الذي يُسر به الناس ويحتفلون بثبوت رؤيته والنظر إليه. ومن الأحداث التي تتصل برؤية هلال شوال أن الملك المُعظم الشاعر الأديب عيسى الأيوبي كان قد صعد إلى مئذنة الجامع الأموي في دمشق لاستطلاع هلال شوال ومعه القاضي والشهود، فلم يرَ الهلال أحد منهم ولكن رأته جارية فقال الملك لابن القصّار الشاعر، قُل في ذلك شعراً. فقال ابن القصّار: توارى هلال الأفق عن أعين الورى وغطّى بستر الغيم زهوا مُحياه فلما أتاه لاجتلاء شقيقه تبدي لهُ دون الأنام فحيّاه وفي هذا المعنى يقول ابن المعتز في وصف فتاة جميلة: مرّ بنا والعيون ترمقه في قَدِّ غصن وحُسن تمثال فخلته والعيون تنظره من كلِّ فجٍ هلال شوال وأنشد أيضاً قوله: وهلال شوال يلوح ضياؤه وبنات نعش وقف بإزائه كبنَانه من مخلص لمّا بدا وجه الوزير دعا بطول بقائه ويذكر بأنّ الشاعر ابن النبيه قد تبارى مع الشاعر الأندلسي علي بن ظافر في إنشاء بيتين يقول الأول الشطرين الأول منهما على أن يكمل الأندلسي وهما: انظر إلى هلال بدا يذهب من أنواره الحندسا كمنجل قد صيغ من فضة يحصد من زهر الدُجى نرجسا ثم أضاف علي بن ظافر قائلاً: أما ترى الهلال يخفي أنجم الأفق بنور وجهه الوسيم كمنجل من فضة يحصد من روض الظلام نرجس النجوم
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©