الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

آسيا... والاستقرار المالي الأميركي

13 يونيو 2013 00:04
ويليام بيسيك طوكيو «كيم تشونج - سو» يرى أشباحاً في يومه، وهذا يجب أن يخيفك. ليس الأمر على هذا النحو تماماً. «سو»يشغل منصب محافظ «بنك كوريا» لا يرى غيلاناً، ولا يسمع أصوات الجن كما قد يتوقع البعض، وإنما ينتابه كابوس يرى فيه «الآن جريسنبان» ومشاهد من« مذبحة الأسهم الكبرى عام 1994. ما يخشاه «سو» هو أن يكون التاريخ على وشك أن يكرر نفسه بصورة قد تؤدي لإلحاق ضرر بالغ بنسب النمو المرتفعة في القارة الآسيوية. في تلك الفترة من التسعينيات، وعندما كان يشغل منصب رئيس الاحتياطي الفيدرالي، ضاعف «جرينسبان» أسعار الإقراض المعيارية على مدى 12 شهراً مسبباً خسائر في السندات الأميركية تتجاوز 600 مليار دولار وفقاً لمجلة «فورتشين». وأدت الفوضى الناتجة عن ذلك، إلى انهيار شركات أميركية عملاقة وإلى تعرض الحكومة المكسيكية لأزمة طاحنة، وإطالة أمد الانهيار المالي الذي كان قد وقع في آسيا، بعد أن عجزت الضوابط المالية عن الحيلولة دون ارتفاع سعر الدولار بدرجة كبيرة. في الوقت الراهن، يتعرض «بن برنانكي» خليفة «جريسنبان» لضغط يدفعه لتقليص ميزانية البنك المركزي الأميركي غير المسبوقة البالغة 3.5 تريليون دولار. فهناك الآن عدد متزايد من مسؤولي البنك يريدون الاستغناء عن تجربة «التيسير الكمي»، التي اعتمدها البنك، أو القيام على أقل تقدير باختزال عمليات شراء الديون التي تصل قيمتها لـ85 مليار دولار كل شهر. وبمجرد أن تبدأ عملية «التقليص»، فإن عوائد الدين من سيؤول وحتى «ساوباولو» ستقفز بطرق مفاجئة ومزعزعة. مسؤولو الاحتياطي الفيدرالي يقولون إنهم سيخطون بتؤدة وعناية، ولكن«كيم» لا يملك سوى أن يشعر بالخوف أن تؤدي «أشباح» عام 1994 إلى إحداث دمار شامل في سوق الأسهم والسندات، وهو ليس الوحيد في خوفه هذا. فهناك مثلاً «مايكل هارتنيت» الاستراتيجي في «بنك أوف أميركا»، الذي يحذر حسب نص كلماته «من تكرار لحظة 1994»، وهناك «لويد بلانكفاين»، المدير العام لـ «جولدمان ساتش»، الذي يعترف قائلاً:«إنني أنظر بطرف عيني خوفاً من تكرار تجربة عام 94». قال «كيم» في تصريح لـ«وول ستريت» الأسبوع الماضي:«نحن جميعاً جربنا تلك اللحظة، ونعرف جيداً ما الذي حدث حينها، وآمل ألا نمر بتلك التجربة مرة أخرى. وأعرب «كيم» عن رغبته في قيام صانعي السياسات « بالتوصل إلى حل توافقي بحيث تتم الأشياء بطريقة منظمة» وحذر من أنه إذا لم تجر الأمور على هذا النحو فإن هناك احتمالا أن يواجه العالم سلسلة أخرى من الصعوبات. ما قاله «كيم» يعتبر وصفاً مخففاً لما حدث في آسيا في ذلك العام، حيث أجبرت إندونيسيا، وكوريا الجنوبية، وتايلاند على طلب حزم إنقاذ من صندوق النقد الدولي. وهناك ثلاثة مخاطر أساسية إذا قام «بن برنانكي» وشركاؤه بسحب السيولة من الأسواق هي: ارتفاع تكلفة الإقراض، تأرجحات ضخمة في الأسواق المالية، وتخفيض معدلات النمو الاقتصادي- هذا إذا استعاد الاحتياطي الفيدرالي «طبيعية»، السياسة المالية بطريقة منظمة وتدريجية، وشفافة. أما إذا عالج الأمر بأسلوب أهوج، كما حدث عام 1994 فإن عام 2014 يمكن أن يكون عاماً كارثياً للمنطقة الأكثر ديناميكية في العالم- القارة الآسيوية. «الأسواق التي ستكون الأكثر تذبذباً على وجه الخصوص هي أسواق الديون المرتفعة العائد وأسواق الدول البازغة»... هذا ما قاله «دان فاس»، الذي يدير صندوق سندات «لوميس سايليس» في بوسطن، والذي يبلغ رأس ماله 23.3 مليار دولار، والذي عاصر الكثير من انهيارات أسواق الأسهم والسندات بدءاً من حقبة الستينيات». واقتصادات جنوب شرق آسيا التي لم تستخدم عوائد النمو السريع في السنوات الأخيرة في إعادة تزويد اقتصادها بأدوات القوة -مثل ماليزيا، وتايلاند، وفيتنام- كلها معرضة للمخاطر. أما الدول المدمنة على التصدير مثل الصين على سبيل المثال فستتعرض لتجربة شاقة. كما أن اليابان لن تخرج من ذلك سليمة من دون خدوش. فعندما اتبع «بن برنانكي» نموذج طوكيو من خلال خفض أسعار الفائدة للصفر، وما دون ذلك، لم يكن بمقدوره توقع أن «بنك اليابان» سيكون أفضل في تجربته من الاحتياطي الفيدرالي. ليس هذا فحسب، بل إن «هاروهيكو كورودا»محافظ البنك المركزي الياباني، وجد نفسه مضطراً للتوغل لمسافة أعمق في منطقة مالية خطرة، من دون بوصلة ولا خريطة لتعويض الضرر، الذي لحق به جراء تغيير الاتجاه الذي قام به الاحتياطي الفيدرالي. خلاصة الأمر: يجب على صناع السياسة العمل منذ الآن على تنسيق جهودهم من أجل تجنب حدوث الاحتمال الأسوأ... يوضح «مارشال مايز» مدير مؤسسة «إميرنج ألفا للاستشارات» في هونج كونج ذلك بقوله «التنسيق كما يبدو الآن هو اسم اللعبة»، ويضيف «في هذا الشأن يمكن للاحتياطي الفيدرالي مثلاً أن يسمح لبنك اليابان بالقيام بالمزيد من الإغراق، إذا كان يرغب في البدء بتحقيق الاستقرار لعملية النمو المالي ». الجميع تقريباً يعرفون أن الاحتياطي الفيدرالي سيضطر إلى سحب السيولة إنْ آجلاً أو عاجلاً، وكل ما تأمله آسيا أن يتصرف «بن برنانكي» بيقظة هذه المرة. ولكن يجب على القارة ألا تطمئن تماماً لذلك، وتجهز نفسها لمواجهة كافة الاحتمالات. ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©