الجمعة 29 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

فوالة العيد مهرجان فرح يرحب بالضيوف

فوالة العيد مهرجان فرح يرحب بالضيوف
8 سبتمبر 2010 21:55
«فوالة العيد» مفرش طويل مزركش، يعرض ألوانا من فواكه منسقة، وحلويات مزاهية، وشوكولاته ناعمة، وحضور آسر للأطباق التراثية، في مهرجان جميل متناسق يفرض نفسه في البيوت الإماراتية ليمثل عنوانا للكرم الأصيل والفرح الواضح. ضيافة العيد المختلفة، طقس اجتماعي متأصل في الإمارات، تحرص على تجهيزه سيدات البيوت، وتتعب في إبرازه الفتيات، فهو دليل الترحيب بضيوف العيد المنتظرين طوال أيام العيد الثلاثة، وربما للأسبوع كله. والفوالة كلمة مشتقة من فعل «تفاءل»، وهي عنوان ترحيب بالضيف واستبشار بوجوده، وهي أيضاً أول الكرم الذي تتوجه في الايام العادية عزومة على الغداء أو العشاء، لكنه في العيد يأتي مختصرا بالفوالة. تستعد مريم الزعابي لفوالة العيد قبل حلوله بعدة أيام، وتقول: أنا من المنظمين الحريصين جدا، أجهز لرمضان قبل الازدحام، وللعيد في بداية رمضان، وأتفرغ في الأيام العشر الاخيرة للعبادة، لكني اقتطع بعض الوقت لتجهيز حلويات العيد وشراء الفواكه. فوالة العيد عادة تراثية لا أتوقع أن تتوقف يوما ما، لكنها الآن لم تعد مثلما كانت في السابق، ففي طفولتي كانت الفوالة لا تزيد عن بعض الاطباق التراثية كالخبيصة والعصيدة والبلاليط، وطبق من الحلوى العمانية وسلة فواكه وقهوة بالهيل والزعفران وبالطبع طبق أرز باللحم، لأننا توارثنا أن يكون هناك طبق دسم «للغداء» مع فوالة العيد. لكنها اليوم اختلفت، كما تتابع مريم، لأن الفوالة صارت سفرة ممتدة من الأطعمة والحلويات، ودخلت إليها الحلويات الشامية ومؤخرا الحلويات المغربية والإيرانية، وكذلك الشوكولاته، بالاضافة إلى الاطباق التراثية السابقة وصحن الأرز باللحم، وهذا ما جعل من الفوالة وجبة كبيرة ممتدة تضم كل أطياف الطعام. كمية بسيطة متنوعة توافق شيخة راشد على ما قالته مريم وتقول: بالفعل تحولت الفوالة إلى هم كبير على بعض الأسر، حتى أن بعض صديقاتي يفكرن في ديكورات الفوالة ويبحثن عن طرق جديدة لتقديم الفواكه فيها، ومحلات مبتكرة للحلويات منذ ما قبل العيد بعشرة أيام. وتتابع: أحرص على أن تكون فوالة بيتي متنوعة فهي تضم سلة صغيرة من الفاكهة، وكعك منزلي الصنع ، وبعض الحلو البيتي أيضا، بالاضافة إلى حلوى عمانية يحضرها زوجي ساخنة في ليلة العيد، وبعض الأطباق التراثية المطورة التي أشتريها من محل متخصص، وكذلك بعض المكسرات ونوعين من الشاي أحدهما بالحليب والآخر بالنعناع، وأخيرا القهوة العربية والعصائر. وبغم هذه القائمة من الأطعمة التي تضمها الفوالة تؤكد شيخة راشد أن فوالتها «بسيطة»، وتتابع: لا أشتري كميات كبيرة، ولا أجهز الكثير، بل ما يكفي لعشرين شخصا فقط، أي لزواري من الأهل، كما أنني لا أقضي العيد بأكمله في بيتي لذا أحرص على أن تكون الكمية بسيطة برغم التنوع والتعدد على مفرش الفوالة. تجهيز الفوالة سارة، إماراتية تدرس في الثاني الثانوي، تساعد والدتها في تجهيز الفوالة ليلة العيد، وتقول: لا أعرف الطبخ، لكني أحضر بعض الحلويات الخفيفة، قبل العيد بيومين مثل الغريبة والبيتي فور، ويتكفل والدي بإحضار الفواكه والحلوى العمانية وباقي الأغراض، أما أمي فتشرف على تحضير طبق برياني اللحم الذي يوضع في حافظة حرارة صباح العيد على المائدة. تتابع سارة: في ليلة العيد يكون مجلس الضيوف نظيفا لامعا، نحرص على تبخيره بالعود المعطر، ثم نتكفل أنا وشقيقاتي بترتيب الفواكه في سلة أو «غنجة» وهي الطبق البيضاوي الكبير، ثم نضع الحلوى الساخنة مع الحرص على أن نفتح الغطاء قليلا كي لا يتكثف بخار الحلوى على الغطاء ثم يتحول إلى ماء يفسدها، وكذلك وضع علب المحارم والصحون النظيفة والملاعق والسكاكين. تكمل سارة: أستغرب من صديقاتي اللواتي يقضين العيد نائمات، فأنا أسهر إلى الواحدة فجرا ليلة العيد لترتيب سفرة الفوالة، ثم أنام لأستيقظ صباحا وأنتظر عودة والدي، من صلاة العيد ثم تجتمع العائلة على الفوالة لتبادل التهاني قبل مجيء الأهل والضيوف لزيارتنا. تخمة الفوالة تستنكر خلود الصابري المبالغة الكبيرة في تجهيز فوالة العيد، وتقول: أكثر ما أحمل همه في العيد هو تناول الفوالة، فأنا أمر على بيوت إخوتي وأهلي وبيت زوجي صباح كل عيد، أي أني أجلس إلى خمس موائد «فوالة» على الأقل، وبالتأكيد لن أستطيع أن أكل من كل الأنواع والأصناف، ولن أتمكن من رد دعوات مضيفيّ لتناول الطعام كما أن معدتي مازالت تعيش على النظام الرمضاني بألا طعام طوال النهار، وحين أجبر ذاتي على الأكل للمجاملة فقط، أضر جسدي ونفسي من أجل إرضاء الأهل. وتتابع الصابري: لأني ربة أسرة صغيرة، فلا أهتم بتجهيز الفوالة، بل أكتفي بإلباس أطفالي والذهاب للسلام على الأهل والأقارب، وهذا ما يعني أني أنا المستفيدة من «فوايلهم» . ذكريات الفوالة أما الجدة مريم سيف، فاختارت أن تستذكر فوالة الزمن الجميل بقولها: في السابق كانت الفوالة بسيطة، وتعد من المواد المتوفرة، مثل خبز الرقاق الدهون بالسمن والسكر، والخبز القروص أو المقرص (خبز دائري صغير لين يسقى بالدبس) أو الخبز المحلى، وكذلك الهريس وطبق الارز باللحم الطازج، والفواكه المتوفرة مع اللبن والماء والتمر. وتكمل مريم: كان الناس يتحضرون للعيد قبله بفترة، ويباتون ليلة الشك ( ليلة تحري الهلال ) على نية الصيام في الغد، لأن اخبارية ثبوت العيد لاتصلهم إلا قبيل الفجر، وإن لم تصل فهذا يعني أن اليوم يتمم صيام الشهر. ما أن تصل الإخبارية التي يحملها رجال على سيارات دفع رباعي يمرون في الفرجان والحواري ويصلون إلى بيوت كبار القوم من تجار وأصحاب رأي. حينها يستيقظ أهل البيت ليذبحوا ذبيحة، ولعدم وجود ثلاجات في ذاك الزمان كان من المعتاد أن يتشارك عدة أشخاص في ذبيحة واحدة، هذه الذبيحة تقطع ويوزع بعضها (عيدية) على بيوت الفريج، بينما يغسل جزءاً منها، ويوضع على النار لطبخه وتجهيزه لفوالة العيد. بعدها تبدأ النساء بتجهيز ما يستطعن من حواضر المنزل لتكون فوالة العيد، ويفطر الرجال قبل الذهاب لصلاة عيد الفطر لكسر صيامهم، بينما تتجهز النساء لاستقبال الضيوف القادمين. وبعد الصلاة تكون فوالة العيد حاضرة في المجلس، مع الحرص على إرسال جزء من الفوالة للمكان الذي يتجمع فيه الرجال مثل المسجد أو بيت كبير المنطقة، ولم تكون الفواكه فيها تزيد عن التمر والبطيخ وبعض الثمار الموسمية. وتقارن مريم بين فوالة الأمس واليوم بقولها: سابقا كانت الفوالة بسيطة، لكنها تحولت اليوم إلى مغالاة وتباه تثقل كاهل رب الأسرة الذي يشتري سلة فاكهة بسيطة بمبلغ خرافي، ودخلت عليها فواكه غريبة الأسماء والأشكال، كما أن الشوكولاته صارت ضرورية فيها، والحلويات الشامية مثل البقلاوة والكنافة، مما حولها إلى هم أكثر من كونها فرحة وترحيب بالضيوف. وتنتقد الجدة مريم غياب الاهتمام بالعيد، وقالت: للأسف الشديد صارت الفتيات يقضين العيد نائمات، وهناك نساء متزوجات يفعلن ذلك أيضا، وهكذا يصبح العيد ملابس توضع في الخزانة فقط، وفوالة لا تمسها الايدي إلى أن «تخيس»، وهذا يعود -كما تؤكد الحاجة مريم- إلى عدم التقدير والاحترام من المراهقين لنظام الحياة الاجتماعي في الإمارات.
المصدر: أبوظبي
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©