السبت 20 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

توجهات يتعين تغييرها

16 يناير 2011 21:31
كشفت الوحشية التي تؤرق المجتمعات المسلمة مرة أخرى عن وجهها البشع على شكل عملية اغتيال بربرية للحاكم الإقليمي سلمان تيسير في الرابع من يناير الجاري. فقد ادعى مرتكب الجريمة، وهو حارس تيسير الشخصي أنه قتله لأن الحاكم يعارض قانون التجديف في باكستان. وسوف تُسكِت عملية اغتيال تيسير بالتأكيد العديد من الأصوات المعتدلة وسوف تُمعِن في تخويف الحكومة. وقد بدأت الأزمة الأخيرة عندما اتُهمِت "آسيا نورين"، وهي امرأة باكستانية مسيحية، بالتجديف، حيث يدّعي شهود أنها أهانت النبي محمد صلى الله عليه وسلم. وقامت محكمة في باكستان، مشيرة إلى قانون التجديف الذي أصدرته الدولة، بالحكم على "نورين" بالإعدام. وتعرض تيسير، الذي كان يسعى علناً للعفو عن نورين، للتهديدات من قبَل بعض القادة الدينيين نتيجة مساعيه، ولأنه وقف إلى جانب أقليات أخرى مثل الأحمدية، وهم طائفة يجري اضطهادها أحياناً بسب معتقداتها التي تعتبر غير قويمة. وقد خرج إلى الشوارع في الأيام الماضية آلاف الأشخاص، وذلك بتحريض من أحزاب دينية وأئمة مطالبين بإعدام نورين. ورغم أن الناشطين في مجال حقوق الإنسان والعديد من العلماء المسلمين أدانوا هذه التطورات، إلا أن الحكومة خائفة من العفو عن نورين وإلغاء قانون التجديف، خاصة بعد مقتل تيسير أوائل الشهر الجاري. ونتيجة لهذه الأحداث تبرز مجدداً قضيتان رئيسيتان. أولاهما قضية هي مسألة حكم الإعدام بسبب جرائم تتعلق بالأفكار والأقوال المصنفة على أنها تجديف، وهو عقاب يخالف المثل الإسلامية المتمثلة في الرحمة والتعاطف. وفي العديد من الحالات يُساء استخدام قانون التجديف من قبل المسلمين بهدف الثأر من الأقليات الدينية وحتى من مسلمين آخرين، وذلك باتهامهم زيفاً بالتجديف والإساءة إلى الرموز الدينية. وتُشكّل وتيرة إساءة استخدام هذه القوانين وبشكل صارخ تبريراً كافياً لإلغائها. واقع الأمر أن هذه القوانين، رغم أنها وُجِدت باسم الإسلام، لا مكان لها فيه، ولا تطبقها سوى قلة لا تذكر من الدول المسلمة. وباكستان هي حالة استثنائية نادرة، حيث يستخدم رجال الدين هذه القوانين أحياناً للحصول على شهرة وشعبية سريعتين بين أتباعهم على حساب أناس لا حول ولا قوة لهم مثل نورين. القضية الثانية هي توجه أصبح مزعجاً بشكل متزايد في بعض المجتمعات المسلمة باعتبار أي حديث شريف غير صحيح إذا كان يُظهِر رحمة أو تعاطفاً، بينما تعتبر الأحاديث التي تحتوي على نوع من الدفاع عن القتل والعنف، وهي قليلة، وجاءت في مضامين محددة خاصة، تعتبر صحيحة أصيلة. ويتفاعل بعض المسلمين حتى بالإنكار، ويطالبون بالمصدر فوراً عند ذكر أية رواية عن رحمة النبي عليه الصلاة والسلام وتعاطفه. ويبدو أنه بالنسبة للبعض منا أصبحت الرحمة والتعاطف فضائل غير إسلامية. وعلى سبيل المثال، وحسب رواية لها شعبية كبيرة، اعتادت امرأة غير مسلمة على إلقاء القمامة على النبي صلى الله عليه وسلم كلما مرّ من أمام منزلها. لكنه لم يتخذ هو ولا أي من صحابته إجراءً ضدها. قام أعداء النبي صلى الله عليه وسلم طوال حياته بإهانته، لكنه لم يأمر يوماً بقتلهم انتقاماً من الإهانة. ويخبرنا القرآن الكريم بحالات كهذه، دون أن يطالب بقتل المعتدين. وتشكّل قصص كهذه، والتي تؤكد رحمة النبي وتعاطفه، جزءاً من الفولكلور الإسلامي والموسيقى وقصص الأطفال والحوار حول طاولة الطعام في التقاليد الإسلامية! وتشكّل الرحمة واحدة من صفات الله تعالى وأكثرها تأكيداً في القرآن الكريم. وإذا أخذنا بالاعتبار الشكوك المحيطة بصحة العديد من الأحاديث، فإني آمل أن يصبح المسلمون أكثر تجاوباً وانفتاحاً مع هؤلاء الذين ينادون بالرحمة والتعاطف والتسامح، وينتقدون هؤلاء الذين يشجّعون على العنف والقتل والحقد. ففي نهاية المطاف لا يمكن أن تكون للتسامح والتعاطف نتائج كارثية. الحقد والعنف هما اللذان يطلقان دائرة لا نهاية لها من هذه المشاعر. مقتدر خان أستاذ مشارك بجامعة ديلاوير وزميل في «معهد السياسة الاجتماعية والتفاهم» ينشر بترتيب مع خدمة «كومون جراوند»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©