الجمعة 29 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

العيد وعالم الديجيتال في زمن متغير

العيد وعالم الديجيتال في زمن متغير
8 سبتمبر 2010 22:11
في العيد يحلو السمر، حتى وان كان الجو لا يزال حرا ورطوبة، غير أنها مقولة تقال كلما حل بنا العيد على أساس أن في السمر نوعاً من التواصل مع الأهل والأقرباء الذين يفترض بنا أن نتواصل معهم خلال العيد، وربما يجب أن أكون آخر واحد يتحدث عن التواصل مع الأقرباء والأرحام في العيد، وفي غير العيد، ذلك لأنني من المقصرين في ذلك، وليس عندي عذر إلا عذر وحيد اردده دائماً لأبرر لنفسي أنها مشاغل الحياة وتعقيداتها، واحمد الله أننا لازلنا نتمكن من العودة لتهنئة ذوينا وأقارب الدرجة الأولى بالعيد فمشاغل الحياة لا تنتهي والعمر يمضي وينتهي. غير أن الناس صاروا يعتمدون على الرسائل النصية القصيرة المعلبة والجاهزة التي نكتفي بإعادة إرسالها إلى قائمة الأسماء الموجودة على الهاتف حتى بدون أن نضع فيها روحنا أو بصمتنا لأننا لسنا من نكتب تلك الكلمات المقتضبة. تصور أن يكتفي الناس بالرسائل المعلبة، ولا يتواصلون بشكل سليم بل إنهم قد لا يتواصلون بالصوت أبداً فلا يتصلون بالهاتف، وإن كنا قد نجد ما يبرر عدم التواصل من خلال الزيارات من بعد في المسافات والانشغالات الحياتية، غير أنه لا مبرر لعدم الاتصال الهاتفي على الأقل ونحن في عصر التواصل عصر تتماهى فيه الحدود الجغرافية في زمن ثورة المواصلات لدرجة أن يكون العالم قرية صغيرة.. لجوء الناس إلى الرسائل القصيرة لم يعد أمراً جديداً فإضافة إلى أنه يبعدهم عن التورط في دفع عيديات للأطفال ممن يزورونهم خصوصا في زمن الأزمات المالية، فإنهم اكتشفوا أيضا أنها أسهل وأسرع وأرخص وسيلة لإيصال التهنئة بالعيد السعيد، والغريب أن تجد من يلومك لماذا لم ترسل له مسجا لتهنئه بالعيد وتكون المبالغة عندما يكون من يعيشون في المنزل الواحد يتبادلون التهاني عبر الرسائل النصية القصيرة.. وطبعاً يتفنن الشباب في اختراع وكتابة الجمل القصيرة التي تتنوع ما بين الجميل منها والطريف وحتى المثير أحيانا، والشعر الفصيح أو الشعبي وكذلك الأمثال والحكم، وهناك مسجات خاصة بالمحبين تشعل الأشواق والحنين وأخرى للأهل والأصدقاء، وهي غالباً ما تكون بكلمات وجيزة ومعانٍ كبيرة، يبتكرها البعض ويتم تداولها سريعاً بين الناس، وقد ينسى البعض تعديل الرسالة لتحمل اسمه قبل إعادة إرسالها وكثيراً ما تلقيت رسائل من أصدقاء أعرفهم تحمل أسماء لأشخاص آخرين. وتصور أن تصلك رسالة جميلة تحمل من الشوق والمشاعر الجميلة الكثير وهي مرسلة من صديق لك تعرفه جيداً ولكن الحبيب نسي تعدلها وإعادة تحريرها فيظهر في ذيلها اسم أنثوي، فماذا سيكون موقفك وكيف ستقنع أم العيال أن ذلك المسج وصلك بالخطأ من صديق رجل بل أنه فحل، إن ذلك قد يضعك في موقفين كلاهما مر وعليك أن تختار أخف الضررين فإما انك على علاقة مع صاحبة المسج أو انك ناقص الرجولة لأن صديقك الرجل الفحل يتغزل بك بتلك الطريقة وتلك الكلمات مما يستدعي الشك فيك والريبة.. ترى هل يكون اعتمادنا على الرسائل الجاهزة كوسيلة للتواصل في العيد إحدى إرهاصات العصر الجديد وتعقيدات الحياة العصرية في زمن متغير لا نستطيع اللحاق به، أم أن له علاقة بتخفيض النفقات والتقشف والترشيد لأن الحالة المالية صارت تعبانة، أم تراه لأن كل شيء من حولنا تحول إلى عالم رقمي؟ ترى هل تتصور أن تتواصل مع ابنك بعد أيام بدون أن تراه أو تتابع أموره وتطمئن عليه عن كثب..؟ الواقع أن كل شيء صار رقمياً وصرنا نعيش صرعة اسمها العالم الرقمي كل شيء مرتبط بالأرقام والديجيتال وكل شيء يتحرك بالأرقام سواء كانت الأرقام التي تحرك الأجهزة الإلكترونية أم أرقام الفلوس والأموال، تجد سيارتك تماماً مثل ساعتك تحركها الأرقام بل أن الطعام صار رقمياً لأنه يعد على أجهزة تعمل رقمياً، كل الالكترونيات تعمل بشكل رقمي أو تحركها الأرقام، وذكرني ذلك بكرهي القديم للأرقام والحساب بسبب الذكريات الأليمة التي سببتها لي أيام السنوات الأولى من الدراسة عندما كان يضربنا معلم الرياضيات لأننا لا نحفظ جدول الضرب..
المصدر: أبوظبي
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©