الجمعة 19 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

الأزمة السورية... وحدود الدور الإيراني

19 يناير 2014 23:58
في الأشهر الأخيرة، ساءت الأوضاع في سوريا بدرجة كبيرة. وقد أعلن أوباما منذ أكثر من عامين أن «الأسد يجب أن يرحل،» لكن الحقيقة الصعبة اليوم هي أن نظام بشار الأسد لا يزال في السلطة وقد أحرز تقدماً على الصعيد العسكري. ولا تملك الولايات المتحدة ولا القوى المتمردة القوة لخلعه. ومن ناحية أخرى، فإن الحرب في سوريا تهدد الأمن الدولي. وكلما استمرت لفترة أطول، كلما أصبح التطرف الديني أقوى. كما تزداد آثار انتقال العنف الى لبنان والدول المجاورة سوءاً. وفي الوقت نفسه، فإن الملايين من السوريين يعانون بسبب الأوضاع الإنسانية المتدهورة. وعلى الولايات المتحدة بذل المزيد من الجهد لمحاولة إنهاء الحرب، الأمر الذي يتطلب استراتيجية دبلوماسية واقعية وشاملة تتضمن جميع اللاعبين الضروريين، ومن بينهم إيران. ولحسن الحظ، فإن الكثير من المصالح الاستراتيجية لهؤلاء اللاعبين تتزامن مع بعضها البعض. فمن المقرر أن تبدأ محادثات «جنيف- 2» للسلام في الثاني والعشرين من شهر يناير الجاري لتمثل فرصة دبلوماسية رئيسية لبدء البحث عن أرضية مشتركة. ويجب أن تهدف هذه المحادثات الى تشكيل حكومة في دمشق تكون أكثر تمثيلاً للسوريين- السنة والعلويين على حد سواء. ويجب أن يكون هذا هو الهدف الذي يدعمه المؤيدون الرئيسيون لقوى المعارضة (المملكة العربية السعودية وقطر وتركيا). لكن الأمر قد يتطلب إقناع الأسد ألا يرشح نفسه لإعادة انتخابه في عام 2014. وقد تقف عقبات أخرى في الطريق. ومن بين هذه العقبات أن الائتلاف الوطني السوري- الذي يتكون من الجماعات المعارضة الرئيسية التي تشكل «حكومة في المنفى»- يشهد انقساماً حول ما اذا كان سيحضر المحادثات أم لا، لكنه أعلن قبل يومين المشاركة في «جنيف -2». ومن المؤسف أيضاً اتخاذ قرار باستبعاد إيران من المحادثات القادمة الأمر الذي يعتبر بمثابة خطأ دبلوماسي من شأنه أن يجعل تحدي انهاء الحرب في سوريا أكثر صعوبة. ورغم ذلك، بينما لم يتم توجيه الدعوة رسمياً لإيران لحضور المحادثات في جنيف، فإن وزير الخارجية الأميركي جون كيري ذكر أن إيران لا يزال بإمكانها لعب دور بناء من خلال «مقاعد البدلاء»، وقد تكون هذه المساهمة مهمة في صياغة استراتيجية دبلوماسية منسقة لحل الأزمة السورية. وباعتبارها واحدة من أهم الداعمين لنظام الأسد، فإن إيران لديها نفوذ محتمل لاقناع دمشق بقبول تسوية يتم التفاوض بشأنها. كما أكد الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون مؤخراً أن إيران بإمكانها لعب دور في محادثات جنيف. وقال المسؤول الأممي «إنها لاعب إقليمي في غاية الأهمية...ويجب أن يكون جزءاً من هذا الاجتماع»، ومن جانبه، ذكر نائب وزير الخارجية الروسي سيرجي ريابكوف مؤخراً أن محادثات السلام سوف تكون «مستحيلة» من دون مشاركة إيران. كما علقت حكومة الأسد كذلك أهمية كبيرة على وجود إيران في هذه المفاوضات. إشراك مساعدة طهران في سوريا ربما يستند على النجاح الذي تم إحرازه مؤخراً في مفاوضات الحد من برنامج إيران النووي. ويمكن للولايات المتحدة استغلال رغبتها في تعليق العقوبات إذا استمرت إيران في التعاون كوسيلة تأثير للحصول على دعم طهران للتوصل لحل سياسي في دمشق. وفي الواقع، فإن المشاركة الإيرانية في المفاوضات السورية قد تساعد على بناء الثقة بين طهران وواشنطن، الأمر الذي سيؤتي ثماره ليس فقط في المحادثات السورية ولكن أيضاً في المفاوضات الرامية للتوصل الى اتفاق نووي دائم. حتى وإن كانت إيران قادرة على دعم محادثات جنيف الثانية بصورة ما، فإن إقناع نظام الأسد بالتخلي عن السلطة سيكون أمراً صعباً. هنا، يمكن لروسيا أن تلعب دوراً حاسماً، مستخدمة النفوذ نفسه الذي مارسته في الآونة الأخيرة لاقناع حكومة الأسد لقبول اتفاق لتفكيك أسلحتها الكيماوية. وقد دعا ميخائيل بوغدانوف، نائب وزير الخارجية الروسي، بشار الأسد مؤخراً إلى الامتناع عن تلميحاته بأنه قد ينشد الترشح مجدداً في عام 2014. ويتمثل الهدف الرئيسي لروسيا في سوريا في ضمان وجود حكومة في دمشق تكون صديقة لمصالح موسكو. وبالإمكان تحقيق ذلك من دون التشبث بدعم نظام الأسد الذي فقد مصداقيته. كما أن موسكو لديها أيضاً مصلحة استراتيجية ملحة، تشاركها فيها واشنطن، وتتمثل في كبح نمو نفوذ تنظيم «القاعدة» في المنطقة. وعلى الجانب الآخر، فإن حركة التمرد السورية، التي بدأت كقوة علمانية مؤيدة للديمقراطية إلى حد كبير، قد تحولت إلى قوة إسلامية عسكرية مجزأة على نطاق واسع. ويهيمن على المعارضة الجماعات المتطرفة التابعة لتنظيم «القاعدة»، ومن بينها «جبهة النصرة» و«الدولة الإسلامية في العراق والشام». وتشكل الميليشيات المتمردة الآن واحدة من أكبر وأخطر تجمعات قوات تنظيم «القاعدة» في العالم، والتي تشمل ما يزيد على ألف مقاتل من أوروبا، الأمر الذي يخلق تهديداً ليس فقط لسوريا، ولكن أيضاً لروسيا والغرب. ويتمثل أسوأ كابوس أمني لموسكو في امكانية انتشار التطرف السني من سوريا الى الشيشان وداغستان. وسوف يكون النفوذ الروسي والإيراني مهماً لاقناع النظام وحثه على البدء في عملية سياسية أكثر انفتاحاً. كما سيكون تحقيق كل ذلك أكثر صعوبة وتعقيداً. فلا أحد يتوقع حدوث انفراجة دبلوماسية خلال محادثات جنيف الثانية. وأفضل ما يمكن أن نأمل في حدوثه هو بدء العملية، المحتمل أن تستغرق عدة أشهر لاقناع الفصائل المتحاربة ورعاياهم من الدول الأجنبية في النظر في التفاوض للتوصل إلى تسوية. ‎ديفيد كورترايت مدير مركز دراسات السياسة بمعهد كروك لدراسات السلام الدولية بجامعة نوتردام ينشر بترتيب خاص مع خدمة «كريستيان ساينس مونيتور»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©