الجمعة 19 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

مطالبات بوضع معايير للإعلانات الترويجية لسينما الأطفال

مطالبات بوضع معايير للإعلانات الترويجية لسينما الأطفال
13 يونيو 2012
اشتكى الكثير من الأسر من عدم مراعاة دور السينما لبث الإعلانات الترويجية غير المناسبة التي تستعرض دعايات أفلام الكبار بمشاهدها المختلفة قبل بداية أي فيلم للأطفال، مما يجبر بعض الأمهات أن تطلب من أبنائها غمض عيونهم أو تغمضها بنفسها.وانتقدوا معاناة الأطفال وذويهم بسبب متابعة لقطات سريعة من مشاهد العنف أو الرعب أو غير الأخلاقية، مع عبارات غير لائقة في كثير من الأحيان، ولا تتلاءم مطلقاً مع المفاهيم الأخلاقية أو التربوية السليمة التي يحاولون غرسها في سلوكيات الصغار. أزهار البياتي (الشارقة) - يلجأ الكثير من أولياء الأمور إلى اصطحاب أبنائهم الصغار لدور العرض السينمائية المنتشرة في شتى أنحاء الإمارات، من أجل الترفيه العائلي وقضاء أوقات ممتعة ومفيدة بصحبة الأطفال، وذلك لمشاهدة أحدث أفلام الكارتون ومستجدات السينما العالمية المخصصة لأفلام الطفل التي تعرض بين الحين والآخر، مما يعد ظاهرة إيجابية ومحمودة، تساهم في إشباع حاجات الأطفال الثقافية والأدبية، خاصة حين توضع في إطار فني هادف من التراث الإنساني أو العلمي الحديث. وقال عدد من أولياء الأمور إن أبناءهم يتعرضون لمشاهدة بعض اللقطات، غير المناسبة لأعمارهم، مما يضع الوالدين في حيرة، بالإضافة إلى الحرج من الإجابة على استفسارات الطفل. وتصف إيمان قاسم 46 عاماً، تربوية، هذا الموضوع: أجد أن المسألة غير لائقة وغاية في الإهمال واللامبالاة، فالمفروض بأننا ذاهبون بصحبة أطفالنا لمشاهدة فيلم كارتون يناسب أعمارهم ويحترم براءتهم، يقضون من خلاله وقتاً ممتعاً، يمنحهم شيئاً من السعادة، ويحبب إليهم السلوكيات السليمة وفعل الصواب، من خلال قالب فني وطفولي سلس وبسيط، لكن ما أن نجلس على مقاعدنا حتى نتفاجأ بكم كبير من المشاهد المتلاحقة من أفلام العنف والإثارة، ولمدة تتجاوز 15 دقيقة وأكثر أحياناً، مما يجبرني كأم على الطلب من أطفالي إغماض عيونهم بين الحين والآخر، حتى أجنبهم هذه المعاناة التي نجبر على معايشتها عند توجهنا لمتابعة أي فيلم عائلي. وتتحدث ليلى عبد العزيز، وهي أم لخمسة أبناء، عن هذه الظاهرة، “المفروض بأن هنالك معايير محددة تلزم دور السينما باتباع الضوابط الأخلاقية والمثل الاجتماعية من أدبيات وعادات، وتحديداً خلال أوقات العروض المخصصة لأفلام الطفل، ولم يفرض على الأطفال المتوجهين لمتابعة فيلم ما من متابعة الإعلانات الدعائية لأفلام الكبار؟، وبأي يحق يعّرض الصغار لانتهاك ذهني وعقلي وجملة من المشاهد الصادمة من العنف أو الخوف أو الإثارة من أي نوع كانت؟، خاصة أنها لا تحترم براءتهم وحقوقهم الثقافية والأدبية. الشخصيات البطولية وأشار أحمد عمران إلى تجربته مع العروض السينمائية في بعض صالات العرض الموجودة في الدولة، حيث يصطحب إليها ابنه ذا العشرة أعوام في أيام العطل، خاصة كونه مغرماً بالشخصيات البطولية وقصص المغامرات والأفلام العلمية، وبالفعل يجد أن هنالك مشكلة حقيقية في موضوع الوقت المقتطع للعرض الدعائي لبعض الأفلام الجديدة، لذلك يطلب من ابنه إغماض عينيه عن بعض المشاهد، إلا أنه لا يستطيع التحكم بالأمر بشكل كلي مما يشكل له الكثير من الانزعاج، فكثيراً ما يسأله عن هذه اللقطة أو تلك، كما لاحظت انجذابه مؤخرا لتلك النوعية من أفلام الرعب والعنف، وأصبح يلح عليه السماح له بمشاهدتها وشرائها حال نزولها للأسواق، كونه لن يتمكن من حضورها في السينما لصغر سنه، لكن مجرد عرض إعلان الفيلم عليه، والذي عادة ما يتضمن أكثر المشاهد قوة وعنف، يحثه ويرغبّه في الفيلم، مما يدق ناقوس الخطر، ويجعلنا كأولياء أمور نتردد حول الهدف من اصطحاب أطفالنا للسينما. وتجد نادية محمد، وهي أم لستة أولاد، بأن الحل قد يكون في الحث على وجود نوادٍ خاصة بسينما الأطفال في مختلف المناطق، تلك النوعية التي تحترم الضوابط الاجتماعية، وتراعي السلوكيات السليمة، موضحة أن من أبسط حقوق الطفل علينا كأفراد ومجتمعات هو احترام صغر أعمارهم والمحافظة على نظافة عقولهم وبراءة أفكارهم من كل الملوثات السلوكية، والمظاهر العدائية من مشاعر الغضب والكراهية والإرهاب والقتل وخلافه، ويكفيهم ما يضطرون لمشاهدته عرضاً من عنف وحروب على شاشات التلفاز خلال نشرات الأخبار، ولكن من غير المقبول أبداً أن نشتري بمالنا الخاص تذاكر لحضور أفلام مخصصة للصغار سواء رسوم متحركة أو غيرها، ثم نضطر معها لأخذ جرعات مرة من أفلام الكبار العنيفة أو المثيرة أو حتى الرومانسية منها. بدائل أخرى وتضيف، لكن كون أن هذه هي واقع الحال فعلياً في معظم دور العرض السينمائية والتجارية، فلا بد من إيجاد بدائل أخرى تهتم بهذا الجانب، وفي رأيي نادي سينما الطفل هو أفضلها، لأنه يهتم باختيار الأفلام المعروضة لناحية القصة، والمضمون الفني والأدبي، كما يتحكم بأسلوب العرض والمكان والتوقيت وخلافه، ولا يهمه الشق المادي أو الدعائي، كما السينما العادية، لذا يا حبذا لو بدأت تنمو في مراكزنا الاجتماعية المختلفة نوادٍ مخصصة لسينما الأطفال بقاعات مجهزة وجداول زمنية محددة تعرض أفضل وأحدث الأفلام المخصصة للطفل. وتؤكد الاختصاصية الاجتماعية نعيمة الناخي خطورة الموضوع، ووصفته بمشكلة حقيقية تشتكي منها الكثير من الأسر، فنحن بالفعل نواجه حصاراً إعلامياً بشكل أو بآخر، ونلاحظ ازدياد لافت لمعدلات العنف والسلوكيات العدوانية وبشكل مطرد في المجتمع، ولا شك في أن لعالم المرئيات من سينما وتلفاز وإنترنت دوراً كبيراً في الدفع نحو هذا الاتجاه، حيث أصبح أولياء الأمور في موقف صعب في كيفية التعامل مع كل هذا الكم من الإثارة والعنف والانحراف، وكأنه أصبح عملية ممنهجة، فمهما حاولت حماية أبنائك منها، تأتيك هذه الصور والمشاهد والأفلام لتقتحم إرادتك وتصل حتى عقر دارك، سواء من خلال شاشات الفضائيات أو حتى عندما تتوجه برغبتك الخاصة لمشاهدة فيلم سينما ولو كان مخصصاً للأطفال. وأشارت إلى أن هذه الدعايات الإعلانية في مقدمة العرض السينمائي ربما تكون مبررة كترويج تجاري وإعلاني للتعريف بالأفلام الجديدة، لكنها غير منطقية على الإطلاق لتفرض على المشاهدين خلال أوقات عروض أفلام الأطفال، خاصة أنها دعاية فيلم الإثارة والحركة عادة ما تأتي بجرعة مركزة وسريعة من أقوى المشاهد وأكثرها عنفاً وتأثيراً على المشاهد، التي تعرف فنياً بلقطات (الماسترسين)، ومن هنا تكون خطورتها مضاعفة على ذهنية الطفل الصغير الذي لا يستطيع تفسيرها وهضمها. السلوك العدواني ويوافقها الرأي الدكتور أحمد العموش، عميد كلية الآداب والعلوم الإنسانية والاجتماعية في جامعة الشارقة، بأن تعريض الأطفال لهذا النوع من الإعلام المثير للحواس ولو جاء بدرجات متفاوتة بين الحين والآخر، يشكل لديهم في اللاوعي صوراً مرسخة للعنف والقتل والدمار، مما يجعلهم أكثر عرضة للانحراف أو ممارسة السلوك العدواني، وقد يحفز عند الكثيرين منهم طاقات الإثارة والميل نحو القوة والانفعال، فيصبحوا أكثر قبولاً لفكرة ( العنف والتطرف) وكأنها واقع طبيعي لا ضير فيه، مما يحول الطفل أحيانا من مجرد ضحية تعرضت بغير إرادتها لمؤثرات من الشحن والعدائية المتكررة، إلى ممارس بدوره خاصة في مراحل المراهقة، كما يحدث أحيانا العكس تماماً، حيث تؤثر مشاهد أفلام الرعب والحركة هذه على بعض الحالات بشكل معاكس وتجعلها شخصيات أكثر انسحابية وانزواء، مما يحوله لشخص متردد وغير واثق من نفسه، فيخاف مثلاً من الظلام أو الوحدة أو المواجهة أو حتى من مخالطة الآخرين. حقوق الطفل قال الدكتور أحمد العموش أنه من غير العدل أو الإنصاف أن نعرض أطفالنا لعوالم العنف والرعب والإثارة الرخيصة، ثم نحاسبهم بعد ذلك على أخطائهم، فمن أبسط حقوق الطفل على الوالدين هو المحافظة على عالمه الصغير النقي، وعدم جرهم للانحرافات السلوكية التي تروج لها الأفلام السينمائية، وغيرها من وسائل الاتصال الحديث.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©