الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

موظفو أميركا... وإعادة الاعتبار للعمل

موظفو أميركا... وإعادة الاعتبار للعمل
9 سبتمبر 2010 00:27
عشية الكساد الكبير في مطلع ثلاثينيات القرن الماضي، قال "أندرو ميلون" وزير خزانة أميركا في عهد الرئيس الحادي والثلاثين للولايات المتحدة الأميركية "هربرت هوفر"، إن معدلات البطالة المتزايدة في مصلحة الأمة، لأنها سوف تعمل على "تطهير العفن الموجود في نظامنا" وتجبر الناس" على العمل أكثر وعلى نحو أكفأ، وعلى ممارسة حياة أكثر أخلاقية". قليلون هم من يجرؤون على قول شيء مثل هذا في عالم اليوم، ولكن الأفعال - أو اللاأفعال - التي تصدر عن واشنطن، و"وول ستريت" تشير إلى أن مستوى احترام العمل والعاملين يقترب مرة أخرى من ذلك المستوى التعس الذي شهدته أميركا في تلك الأيام. فالعاملون الأميركيون وعائلاتهم، يواجهون في الوقت الراهن أعمق أزمة عمل تعرضوا لها في حياتهم: فالأجور والرواتب، لا تزال تدور حول مستوياتها التي كانت سائدة في الثمانينيات، في الوقت الذي ارتفعت فيه الأسعار بمعدلات قياسية. وعلى الرغم من ذلك، نجد أن الحكومة وقادة القطاع الخاص، لا يزالون غير راغبين أو - غير قادرين في الحقيقة - على تطوير استراتيجيات عمل فعالة طويلة الأمد، وتوليد العدد اللازم من الوظائف لبناء وإدامة التعافي الاقتصادي. ولإعادة الاعتبار للعمل مجدداً سواء في الاقتصاد والمجتمع، هناك حاجة لإجراء تغييرات أساسية وجسورة في سياسة الحكومة، وفي قيادات الأعمال، وقانون العمل ذاته، على أن يبدأ ذلك بالعمل على إعادة تنظيم نظام الحوافز في القطاع الخاص، والذي انحرف عن نهجه السليم على نحو خطير. ففي الوقت الراهن نجد أن المؤسسات ومديريها، قد باتوا مدفوعين بما يمكن أن يطلق عليه الرغبة في تغليب الأنشطة المالية على الأنشطة الإنتاجية، وهو ما أدى إلى زيادة نفوذ الأسواق والمؤسسات المالية، وزيادة تأثيرها على الأعمال، والسياسات الاقتصادية بوجه عام. فبدلًا من قيام تلك المؤسسات باستثمار العوائد والمداخيل المتنامية في أنشطة اقتصادية قادرة على خلق الوظائف، فإنها باتت تفضل تعزيز أسعار أوراقها المالية في البورصات وزيادة مرتبات وعلاوات مديريها بشكل كبير. وما لم يتمكن صُناع السياسة، من سد هذه الفجوة المتزايدة بين مداخيل العاملين في الشارع المالي (وول ستريت)، والعاملين في القطاعات الأخرى غير المالية، فإن الوعود التي يقدمونها حول خلق الوظائف، لن تعني شيئاً ذا بال. المتشككون قد يقولون إنهم يوافقون على هذا التحليل، ولكن ما الذي يمكنهم عمله على وجه التحديد، خصوصاً وأن العجز كبير للغاية، والبنوك غير رغبة في إقراض المؤسسات الجديدة، والمشروعات الكبيرة لا تستثمر، ولا تستأجر عمالة جديدة، وحملة الأسهم يطالبون بالأرباح، والوظائف تُمتص من قبل المنافسة العالمية، والاتحادات باتت على درجة من الضعف لا تمكنها من القيام بأي شيء. كل ذلك صحيح، ولكن يجب علينا أن نتفق على أن تعريف المشكلة تعريفاً دقيقاً هو الخطوة الأولى لمعالجتها. وهذا تحديدا هو الهدف الرئيس لمجموعة من الأكاديميين تتجمع في الوقت الراهن تحت مسمى (شبكة أبحاث سياسة التشغيل) هذه الشبكة التي أشرف بعضويتها، تؤمن بأنه قد حان الوقت لاتخاذ إجراءات شجاعة تنبني على الأبحاث، وليس على شالأيديولوجيا، أو الرطانة الحزبية. والمقترحات، المبنية على أبحاث، والتي توصل إليها أعضاء هذه الشبكة تشمل: أولاً: توسيع نطاق الإعفاءات الضريبية مقابل خلق المزيد من الوظائف. بمعنى منح حوافز للشركات لتشجيعها على الاستثمار في مشروعات إنتاجية، وخلق المزيد من الوظائف، علما بأن السياسة الحالية تقصر هذه الإعفاءات على المؤسسات التي تستأجر الأشخاص الذين يعانون من البطالة في الوقت الراهن فقط. ثانياً: إعادة معدلات الضرائب العالية لمستوياتها التي كانت سائدة قبل ثمانينيات القرن الماضي. لأن إيقاف الإعفاءات الضريبية الممنوحة حالياً لأصحاب الدخول الأعلى سوف تساعد على تحسين الأمور. ولكن من بين الطرق الأكثر فعالية للتأكد من أن المديرين سوف يضعون المداخيل التي يحصلون عليها في استثمارات طويلة الأمد قادرة على خلق الوظائف، بدلًا من استثمارها لفترات قصيرة بهدف تعظيم الأرباح في المقام الأول، العودة بمعدلات فرض الضرائب إلى ما كان سائداً حقبة السبعينيات عندما كان معدل الضريبة يصل إلى 70 في المئة لمن تتجاوز دخولهم 200 ألف دولار في العام . ولاشك أن تطبيق هذا المعدل على من يبلغ دخلهم في الوقت الراهن مليون دولار، سوف يؤدي إلى تغيير سلوك المديرين، وإلى البدء في تغيير اتجاه الفروقات المتزايدة في الدخل التي تراكمت منذ ذلك الحين. ثالثاً، تحديث قانون العمل: لقد بُذلت جهود كبيرة وضائعة في الحقيقة على ترقيع قانون عمل فاشل لا يحمي العمال، ولا يعمل على دعم أنماط الشراكة بين العمال والإدارة المطلوبة لتشجيع الابتكار، والإنتاجية وزيادة الأجور والرواتب. وهذا يدفع للتفكير في تبني مقاربة جديدة لقانون العمل.. مقاربة تُبنى على نتائج الأبحاث التي تم إجراؤها، لغرض منح العمال الأصوات التي يريدونها، من أجل خلق شراكة منتجة ومستدامة مع رؤسائهم في العمل. هناك خطوات أخرى مطلوبه بالطبع، منها تنشيط الدورات التدريبية والتعليمية للعاملين لمساعدتهم على العثور على وظائف في المجالات التي يشتد عليها الطلب مثل الرعاية الصحية، والتقنية الخضراء، والوظائف المتصلة بالهندسة المدنية، وترميم البنية التحتية. ولا شك أن الاحتفال بعيد العمال يعد مناسبة جيدة، كي يقوم الأميركيون بالدعوة لاتخاذ إجراءات جسورة مدعومة بالأبحاث، مثل هذه من أجل إيجاد حلول لأزمة الوظائف. توماس كوتشان أستاذ بكلية الإدارة التابعة لمعهد ماساشوسيتس للتقنية ينشر بترتيب خاص مع خدمة «إم.سي.تي إنترناشيونال»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©