الجمعة 29 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

الإسلام يحرّم الإسراف والتبذير ويأمر بالتوسط والاعتدال

الإسلام يحرّم الإسراف والتبذير ويأمر بالتوسط والاعتدال
13 يونيو 2013 20:37
حذَّر العلماء من خطورة تفشى مظاهر الإسراف والتبذير في المجتمعات العربية والإسلامية، مؤكدين أن الإسراف يُخشى على الجميع منه لأن فتنته وضرره يصل الجميع داخل المجتمع، مشيرين إلى أن الإسلام الحنيف لم يُحرم زينةَ الحياة الدنيا والطيبات من الرزقِ، وإنما حرم الاعتداء والطغيان والإسراف والتبذير في الاستمتاع بها وفي نفسه الوقت، حرم التقتير والشح. أحمد مراد (القاهرة) - أكد العلماء أن المسلم الحق معتدل، ومتوسط، ومقتصد في أموره كلها، لا إِفْراطَ ولا تفرِيطَ، لا غُلُو ولا مُجافَاةَ، لا إسراف ولا تقتير، لأنه ينطلق في ذلك من تعاليم الإسلام التي تأمره بالاعتدال والتوازن والاقتصاد في جميع الأمور، وتنهاه عن الإسراف والتبذير. التوسط والاعتدال ويقول د. عبد الله النجار، الأستاذ بجامعة الأزهر، وعضو مجمع البحوث الإسلامية: الإسلام ينهانا عن الإسراف والتبذير، ويأمرنا بالاقتصاد والتوسط والاعتدال في الأمور كلها، وقد وردت دعوة الدين الحنيف إلى عدم الإسراف والتبذير في العديد من الآيات القرآنية، منها قوله تعالى: (يا بني آدم خذوا زينتكم عند كل مسجد وكلوا واشربوا ولا تسرفوا إنه لا يحب المسرفين)، كما وردت دعوة - عدم الإسراف والتبذير - في العديد من الأحاديث النبوية، منها قول النبي صلى الله عليه وسلم: «كلوا واشربوا والبسوا وتصدقوا في غير إسراف ولا مخيلة». ويشير د. النجار إلى أن الإسلام لم يُحرم زينةَ الحياة الدنيا والطيبات من الرزقِ وإنما حرم الاعتداء والطغيان والإسراف والتبذير في الاستمتاع بها، فالله جل وعلا أنعم علينا نعماً عظيمة كثيرة، وتفضل علينا بخيرات وفيرة، فلنشكر الله تعالى على ذلك حق الشكر، وذلك بالمحافظة على تلك النعم وعدم استخدامها بِشكل فيه إسراف أو تبذير، لأن الله جل شأنه سيسألنا عن هذه النعم «ثم لتسألن يومئذ عن النعيم». الترف واللهو ويرصد عضو مجمع البحوث الإسلامية مظاهر الإسراف والتبذير، ومن أبرزها تضييع المال الذي تفضل الله به علينا في السرف والترف واللهو، وغير ذلك من المعاصي، فعن المغيرة رضي الله عنه قال: سمعنا رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «إن الله كره لكم ثلاثاً: قيلَ وقال، وإضاعةَ المال، وكثرةَ السؤال»، فالله تعالى سائلنا عن هذا المال من أين اكتسبناه وفيمَ أنفقناه، فعَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ رضي الله عنه عَنِ النَّبِي صلى الله عليه وسلم قَالَ: «لاَ تَزُولُ قَدَمَا ابْنِ آدَمَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مِنْ عِنْدِ رَبِّهِ حَتَّى يُسْأَلَ عَنْ خَمْسٍ عَنْ عُمْرِهِ فِيمَ أَفْنَاهُ وَعَنْ شَبَابِهِ فِيمَ أَبْلاَهُ وَمَالِهِ مِنْ أَيْنَ اكْتَسَبَهُ وَفِيمَ أَنْفَقَهُ وَمَاذَا عَمِلَ فِيمَ عَلِمَ». ومن مظاهر الإسراف والتبذير - كما يشير د. النجار - الإسراف في الطعام والشراب، فقال الله عز وجل: (وكُلُواْ وَاشْرَبُواْ وَلاَ تُسْرِفُواْ)، وقال بعض العلماء: جمع الله بهذه الآية الطب كله ، وقال النبي صلى الله عليه وسلم: «ما ملأ ابن آدم وعاءً شرّاً من بطن، بحسب ابن آدم لقيمات يقمن صلبه، فإن كان لا محالة فثلث لطعامه، وثلث لشرابه، وثلث لنفسه»، ومن مظاهر الإسراف والتبذير أيضاً الإسراف في استخدام المرافق الحيوية التي تقوم عليها حياة الناس اليوم من ماء وكهرباء ونحو ذلك، فالماء الذي هو أرخص موجود وأعز مفقود يُهْدر بالكميات الكبيرة الهائلة، والنبيُّ صلى الله عليه وسلم نهى عن الإسراف في الماء ولو كان استعمالُه في عبادة فضلاً عن غيرها، فعَن عبد الله بن عمرو أن رسول الله صلى الله عليه وسلم مَرَّ بِسَعْدٍ وهو يتوضأ فقال: ما هذا الإسراف؟ فقال: أفي الوضوء إسراف؟! قال: نعم، وإن كنتَ على نهرٍ جارٍ». الإسراف في الأموال ويعرف د. شوقي عبد اللطيف، مستشار وزير الأوقاف المصري لشؤون الدعوة، الإسراف بأنه مجاوزة الحد أياً كان، وهو يشمل أموراً عدة في حياة البشر من مأكل ومشرب ونوم ويقظة وكلام ومحبة وكراهية وضحك وانفعال وتعامل مع الإنسان والحيوان والطير والنبات والجماد، وكذلك العبادات من وضوء وطهارة وصلاة وصدقة وصيام وغيرها، مؤكداً أن مظاهر الإسراف والتبذير والترف والبذخ مع عدم الشكر وكفران النعمة منذرة بالخطر، ليس على الواقعين فيها فقط، بل العقاب ينزل على الجميع. ويقول د. عبد اللطيف: وأخطر ألوان الإسراف هو الإسراف في الأموال وسوء التصرف فيها، وهو نوعان، الأول إسراف في النفقة والإنفاق وهو التبذير المنهيُّ عنه ومجاوزة الحد حتى في الصدقة، قال تعالى: (وَءاتِ ذَا الْقُرْبَى حَقَّهُ وَالْمِسْكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ وَلاَ تُبَذّرْ تَبْذِيرًا إِنَّ الْمُبَذِّرِينَ كَانُواْ إِخْوانَ الشَّيَـاطِينِ وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِرَبّهِ كَفُورًا)، والنوع الثاني الإسراف في الاستهلاك في الأكل والشرب وضروريات الحياة ومباحاتها، مع أن الله أباح لعباده الطيبات والحلال من المأكل والمشرب ولكنه نهاهم عن الإسراف وتجاوز الحد، لما في ذلك من الضرر عليهم في أبدانهم ودينهم ودنياهم. الولائم والزواج ويضيف مستشار وزير الأوقاف المصري: والمسلم الحق معتدل متوسط مقتصد في أموره كلها، لا إِفْراطَ ولا تفرِيطَ، لا غُلُو ولا مُجافَاةَ، لا إسراف ولا تقتير، لأنه ينطلق في ذلك من تعاليم الإسلام التي تأمره بالاعتدال والتوازن والاقتصاد في جميع الأمور، وتنهاه عن الإسراف والتبذير ومجاوزة الحد حتى ولو كان في الاقتصاد الذي يصل إلى حد التقتير، ولا ينتظر توجيهات البشر لأنه يفعل هذه الأمور طاعةً لله عز وجل وقُربةً إليه رجاء الثواب من عند الله سبحانه وتعالى وخوفًا من عقابه ومحبةً له عز وجل. ويؤكد أن الإسراف يُخشى على الجميع منه لأن فتنته وضرره يصل الجميع، كما قال تعالى: (وَإِذَا أَرَدْنَا أَن نُّهْلِكَ قَرْيَةً أَمَرْنَا مُتْرَفِيهَا فَفَسَقُواْ فِيهَا فَحَقَّ عَلَيْهَا الْقَوْلُ فَدَمَّرْنَاهَا تَدْمِيرًا). كما حذَّر سبحانه وتعالى من أن ترك أمر الخاصة الظاهر وعدم النهي عنه سوف يصيب العامة كما في قوله تعالى: (وَاتَّقُواْ فِتْنَةً لاَّ تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُواْ مِنكُمْ خَاصَّةً)، أي أنها سوف تصيب العامة ولا تقتصر على أصحاب المعاصي والمنكرات والآثام، ومن واجب المسلم أن يستجيب لأمر الله وأمر رسوله، وهذه الدعوة التي هي من تعاليم الإسلام المأمور بها، وكذلك على المسلم أن يقتصد في الولائم وحفلات الزواج التي تهدر فيها كمياتٌ هائلةٌ من الأطعمة واللحوم وأنواع المأكولات والمشروبات، ثم ترمى في الزبالات ومع القاذورات، وقليل من يحملها إلى البر ويرميها هناك أو يحملها إلى الجمعيات الخيرية، وكفران النعمة يكون عند من لا يحترمها ويقوم بذلك رياء وسمعة ومفاخرة، مع أن الكثير منهم قاموا باستدانة قيمتها ويقومون بسدادها على سنوات قادمة. حرمة الإسراف وتقول د. عفاف النجار، العميد السابق لكلية الدراسات العربية والإسلامية «بنات» بجامعة الأزهر: في القاعدة الشرعية والآية القرآنية «كلوا واشربوا ولا تسرفوا» سر التمتع بحياة يسيطر فيها نعيم الصحة والهناء، وقال ابن عباس رضي الله عنه «أحل الله تعالى في هذه الآية الأكل والشرب ما لم يكن سرفاً أو مخيلة، في إشارة إلى حرمة الإسراف في الأكل والشرب سواء»، فإذا كان الطعام والشراب لذة، فإنما جعلها الله تعالى لإشباع الميل الغريزي لنا من أجل الحفاظ على الحياة واستمرارها، ومن الخطأ الفادح أن يجعل الإنسان من اللذة غاية في طعامه وشرابه، مما يجعله يسرف في الحصول عليها وينحرف في طريق إشباعها، فهذا ليس من صفات المؤمن في شيء، وقد أكد القرآن الكريم أن الوقوف عند اللذة بالطعام والشراب، والتمتع بهما إنما هو من صفات الكافرين في قوله تعالى: (والذين كفروا يتمتعون ويأكلون كما تأكل الأنعام والنار مثوى لهم). يرفضه الشرع والعقل توضح د. عفاف النجار قائلة: من واجب كل مسلم أن يعمل على محاربة الإسراف في الإنفاق والترغيب في الاعتدال مصداقا لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم «الاقتصاد نصف المعيشة»، حيث الاقتصاد في كل شيء لسلامة البدن والحفاظ على عدم إنفاق المال في إسراف باهظ يرفضه الشرع والعقل السليم، وقد أمرنا الإسلام الحنيف بالوسطية والاعتدال بين الإسراف والتقتير، وأمرنا أن نكون وسطاء بين هذا وذاك حتى ننعم بنعم الله تعالى بالشكل المطلوب.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©