الجمعة 29 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

رمضان مدرسة إلهية لتدريب المسلم على الطاعات طوال العام

رمضان مدرسة إلهية لتدريب المسلم على الطاعات طوال العام
9 سبتمبر 2010 23:52
مضى شهر رمضان الكريم موسم الطاعات والعبادات والمحافظة على صلاة الجماعة وإعمار المساجد وقيام الليل وقراءة القرآن وصلة الأرحام والتصدق على الفقراء والمساكين، فكيف نستفيد من هذه الشحنة الإيمانية ونتخلق بأخلاق هذا الشهر الفضيل طوال العام تصديقاً لقول رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «لو تعلم الأمة ما في رمضان من الخير لتمنت أن تكون السنة كلها رمضان». مدرسة إلهية ويؤكد الدكتور شعبان محمد إسماعيل - أستاذ أصول الفقه بجامعة أم القرى بمكة المكرمة - أن الصوم مدرسة إلهية يتدرب فيها المسلم على منهج الله تعالى الذي يحقق له السعادة في الدنيا والآخرة، ولذلك يركز القرآن الكريم على الحكمة من فريضة الصيام في قوله تعالى:«يا أيها الذين آمنوا كُتب عليكم الصيام كما كُتب على الذين من قبلكم لعلكم تتقون»، فالهدف الأساسي من هذه الفريضة هو التقوى والتقوى كما قال علي بن أبي طالب - رضي الله عنه-: «هي الخوف من الجليل والعمل بالتنزيل والاستعداد ليوم الرحيل». وأضاف: فريضة الصيام تربط المسلم بربه - جل وعلا - بحيث لا يعمل شيئاً إلا وهو يعتقد أن الله تعالى يراقبه وسوف يحاسبه على كل صغيرة وكبيرة، فيحرص على التحلي بالأخلاق الفاضلة من الصدق في القول والعمل وعدم ظلم الناس وعدم الغش في المعاملة، ويحفظ لسانه من الوقوع في أعراض الناس، ولا يأكل ولا يطعم أهله إلا الحلال الطيب ويعطي كل ذي حق حقه، ويتسم بالعفو عن المسيء وعن زلات الناس، وإذا أساء إليه إنسان لا يزيد على قوله: «اللهم إني صائم» وهي أبلغ من الرد عليه بمثل إساءته، بل تحول الآخر إلى صديق حميم كما قال الحق تبارك وتعالى:«ولا تستوي الحسنة ولا السيئة ادفع بالتي هي أحسن فإذا الذي بينك وبينه عداوة كأنه ولي حميم». وأوضح أن هذه الأخلاق الحميدة والصفات الجميلة جاءت من التزام المسلم بالطاعة والعبادة وتلاوة القرآن في هذا الشهر الكريم فآتت ثمارها الطيبة، وحولت الإنسان الذي غرته الحياة الدنيا وشغلته مظاهرها الخداعة عن طاعة الله تعالى وحب الخير للناس وصلة الأقارب والأرحام إلى مسلم يعرف حق الله تعالى وحق العباد عليه. وأشار إلى أن الإنسان العاقل إذا وصل إلى هذه الدرجة العظيمة في شهر رمضان فعليه أن يحافظ عليها ويطبقها في جميع مراحل حياته، فالوصول إلى المجد سهل وميسور لكل من قويت عزيمته لكن الأصعب منه المحافظة على ما وصل إليه، ولذلك حث الإسلام على الاستقامة والعمل الصالح، قال الله تعالى:«إن الذين قالوا ربنا الله ثم استقاموا تتنزل عليهم الملائكة ألا تخافوا ولا تحزنوا وأبشروا بالجنة التي كنتم توعدون»، وصح عن الرسول - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: «أحب الأعمال إلى الله تعالى أدومها وإن قل». حكمة تشريع الصيام وأكد الدكتور أحمد عبدالرحيم السايح - الأستاذ بجامعة الأزهر- أن خلاصة حكمة تشريع الصيام في قوله تعالى:«لعلكم تتقون»، والتي جاءت في نهاية قوله تعالى:«يا أيها الذين آمنوا كتب عليكم الصيام كما كتب على الذين من قبلكم لعلكم تتقون». وأضاف أن كلمة لعل في هذه الآية تفيد الترجي أي رجاء أن يصل المسلمون إلى درجة التقوى بعد صيامهم هذا الشهر الكريم، وقد وضعها وبينها الله عز وجل في الحديث القدسي :«كل عمل ابن آدم له إلا الصوم فإنه لي وأنا أجزي به». وأشار الدكتور السايح إلى أن الصيام من الأعمال القلبية التي تضفي على الأعمال الأخرى الصفات الجميلة والأخلاق الحميدة والمشاعر الطيبة، وبهذا يبعد الصائم عن اغتراب الزمان والمكان ويحافظ على الأصالة ويندفع إلى الإنتاج والعمل ونفع الناس كما قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم-: «خير الناس انفعهم للناس»، وقال تعالى:«فاستجاب لهم أني لا أضيع عمل عامل منكم من ذكر أو أنثى»، والله سبحانه وتعالى -لا يضيع أجر الصائمين والقائمين وإن أعمالهم وعبادتهم وطاعاتهم لله عز وجل في شهر رمضان سوف تعود عليهم بالنفع بعد رمضان إذا داوموا على هذه الأعمال. مشيراً إلى وعد الله للذين آمنوا كما جاء في قوله تعالى:«وعد الله الذين آمنوا منكم وعملوا الصالحات ليستخلفنهم في الأرض كما استخلف الذين من قبلهم وليمكنن لهم دينهم الذي ارتضى لهم وليبدلنهم من بعد خوفهم أمناً». وأكد أهمية أن يحافظ المسلم على القيم التي دعا إليها الإسلام وأن صيام شهر رمضان يضفي على الإنسان لوناً من الانسجام مع الحياة. الجود والكرم وأشار الشيخ منصور الرفاعي عبيد وكيل وزارة الأوقاف إلى أن أعظم ما نحافظ عليه ونتعلمه من الصيام، الصبر، لأن المسلم مطالب بأن يؤدي عبادته بصبر وأن يحافظ على العلاقات الإنسانية في تعامله مع الناس بالصبر، وكذلك الحلم فما دخل الحلم في شيء إلا زانه. وقال: يستفيد المسلم من الصيام الجود والكرم فيتعلم السخاء ومعاونة الآخرين وتقديم المساعدة لمن يعرف ومن لا يعرف، لأنه يسهم في كل أعمال الخير امتثالاً لقوله تعالى:«واستبقوا الخيرات». وأوضح أن شهر الصيام يعلمنا الثقة بالنفس والنظام والانضباط، فالمسلم يؤدي عمله بأمانة ودقة ويتفانى فيه مع الإقبال على الله بحب ورغبة في أن ننال من خير الله، لأن العبد فقير إلى الله. وأشار إلى أن الشهر الكريم يعلمنا أن نحسن إلى من أساء إلينا وهذه هي قيمة المحافظة على الأخوة الإنسانية، والتعايش والتسامح. هذه المرأة آثمة وأكدت الدكتورة سعاد صالح -أستاذة الفقه المقارن بكلية الدراسات الإسلامية والعربية للبنات بجامعة الأزهر- أن المرأة التي تلتزم بالحجاب في رمضان ثم تنزعه في سائر أيام العام عاصية وآثمة، لأن طاعة الله لا تتجزأ ومراقبة الله واجبة في جميع أحوالنا لقوله تعالى:«وما كان لمؤمن ولا مؤمنة إذا قضى الله ورسوله أمراً أن يكون لهم الخيرة من أمرهم ومن يعص الله ورسوله فقد ضل ضلالاً مبيناً». وطالبت الفتيات المسلمات المؤمنات بالمحافظة على الحجاب الإسلامي الصحيح سواء في رمضان أو في غير رمضان. والحجاب أن تغطي المرأة المسلمة البالغة العاقلة جميع بدنها ماعدا الوجه والكفين وهو واجب على كل مسلمة وطاعة لله ورسوله، وثبتت مشروعيته بأدلة قطعية من كتاب الله تعالى:«وقل للمؤمنات يغضضن من أبصارهن ويحفظن فروجهن ولا يبدين زينتهن إلا ما ظهر منها وليضربن بخمرهن على جيوبهن». وحذرت مما نراه الآن من بعض الفتيات من ارتدائهن ملابس ضيقة تبرز مفاتنهن وما يضعنه من ماكياج ظاهر وما يرتدينه من موديلات مستوردة من مجتمعات أجنبية، مما يقلل قيمة الحجاب وثمرة وجوبه وهي المحافظة على بدن المرأة من نظرة الشهوة وإثارة الفتنة.
المصدر: القاهرة
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©