السبت 20 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

الحلويات والزيارات والعيديات طقوس تجمع المدن السورية

الحلويات والزيارات والعيديات طقوس تجمع المدن السورية
9 سبتمبر 2010 23:53
بعد شهر صيام مرهق تميز بارتفاع درجات الحرارة بشكل غير مسبوق منذ ربع قرن، وبطول يوم الصوم الذي بلغ خمس عشرة ساعة من السحور وحتى موعد الإفطار، يستقبل السوريون عيد الفطر السعيد بارتياح، بعد أن أتموا فريضة الصيام، ورقّت لهم الطبيعة، فانخفضت درجات الحرارة إلى معدلاتها الطبيعية، والعيد له تقاليده ومظاهره التي وإن كانت تتطور، فإنها تحافظ على خصوصيتها، فالعيد عنوانه الأطفال، وقوامه الفرح واللعب والتواصل العائلي، وتكاد مظاهر العيد تتشابه في كل المدن والقرى السورية، وإن اختلفت في بعض التفاصيل. اليوم الأول من أيام العيد يخصصه الدمشقيون عادة لزيارة الأقارب ومعايدتهم، وقد تضم الجميع مائدة غداء واحدة يتصدرها الأب أو الجد أو العم الأكبر، بينما ينطلق الأطفال إلى ساحات العيد، حيث الأراجيح والقلابات والعربات التي تشكل ما يشبه القطار وتجرها سيارة واحدة، ويجد الأطفال متعة في هذه الألعاب، وفي مأكولات ومثلجات ومقبلات الباعة المتجولين، كما يجدون متعة أكبر في الحرية النسبية التي يحصلون عليها في أيام العيد، وكذلك في حريتهم بالإنفاق. العيدية رغم كل تطورات العصر، فإن «العيدية» ما تزال عنواناً يشغل الأطفال، ولاسيما في الأحياء الشعبية، إذ إن الآباء والأمهات والأشقاء الأكبر، وكذلك الأعمام والأخوال يقدم كل منهم مبلغاً من المال للطفل كعيدية ينفقها على الألعاب، ولا يسأل كيف أنفقها، وهكذا يجد الطفل ابن الحارة الشعبية نفسه غنياً في أيام العيد، وبشكل غير معتاد، فيتفنن في إنفاق هذه «الثروة»، وبعضهم إذا كان لا يملك دراجة هوائية، فإنه يستغل أيام العيد ليستأجر مثل هذه الدراجة، وبعضهم الآخر يركب «الحنطور» الذي يجره الحصان، كما أن الكثير من الأطفال يرتادون الحدائق العامة التي خصصت مساحات منها لألعاب الأطفال المجانية. وما يميز أيام العيد هو الحلويات والسكاكر الشامية الكثيرة والشهيرة، حيث تقدم للزائرين القادمين للمعايدة، أما ولائم العيد فإنها تنافس ولائم الإفطار، من حيث التنوع واللحوم الكثيرة والطبخات العديدة، ولاسيما أن المطبخ الشامي شهير بوجباته الدسمة والغنية. كليجة دير الزور في دير الزور التي ما تزال الأقرب للعادات العربية العشائرية، تحرص الأسر الديرية على تحضير «الكليجة» الديرية التي تتنوع أصنافها ما بين الجاتو والبسكويت، وتتفنن المرأة الديرية في تجهيز الكليجة بما لها من طعم لذيذ، حيث تقدم للزوار المعايدين. ونظراً لطبيعة العلاقات العشائرية وأعرافها، فإن الأقارب يلتقون جميعاً في بيت (الكبير) الجد أو العم أو الأخ الأكبر، حيث يتبادلون التهاني في العيد، ويدردشون بمختلف المسائل، قبل أن يلتفوا عند الغداء حول المنسف أو المناسف، أما الأطفال فإنهم ينصرفون إلى الساحات والحدائق العامة، حيث تتواجد ألعاب العيد. ولا يختلف العيد في الرقة والحسكة عنه في الدير من حيث الطقوس والعادات الاجتماعية. أما في حمص، فإن أنواع الحلويات الحمصية الشهيرة تتصدر واجهة الاهتمامات في إطار الاستعداد لقدوم العيد، ويحرص الحمامصة على شراء المبرومة والبقلاوة وكول وشكور وحلاوة الجبن والهريسة والمبرومة، فضلاً عن السكاكر لتقديمها للزوار المعايدين، ويتجلى العيد في حمص في شارع الدبلان التجاري الذي يعج بأبناء المدينة، وضيافة العيد في حمص لا تكتمل إلا إذا قدم لك أهل البيت الأقراص والمعمول المحشوة بالعجوة أو الفستق، وذلك لأن الحمامصة يصنعون هذين النوعين من المعجنات بطريقة تختلف عن بقية المحافظات السورية. وفي اللاذقية المدينة الساحلية الأولى في سوريا يعتبر حي الصليبة، وهو أقدم أحياء المدينة، أبرز مظاهر العيد، إذ في ساحته تتجمع ألعاب الأطفال كالأراجيح، وفي هذا الحي تلتقي الأسر رجالاً وأمهات وأطفالاً وشباباً ليحتفلوا بالعيد، ورغم وجود مدن للملاهي، إلا أن الأطفال يفضلون هذه الساحة الشعبية، وكذلك أسرهم، حيث تجد الكثيرين يتناولون الساندويتشات أو الأرز بالحليب بينما يتحلق أطفال كثيرون حول بسطات الألعاب، ويحرص الآباء في اللاذقية بعد معايدة الأقارب والأصدقاء على مرافقة أبنائهم إلى ساحات اللعب والتنزه معهم، كي تبقى أيام العيد ذكرى جميلة في نفوس الأطفال عندما يكبرون. خبز العيد في درعا في درعا المدينة السورية الجنوبية القريبة من الحدود الأردنية يمتاز العيد بـ»خبز العيد»، إضافة لكل ما في المحافظات الأخرى، وهذا الخبز الذي يختص به أهل درعا عبارة عن دقيق يعجن بالحليب والزيت ويضاف إليه اليانسون والمحلب والشمرا والسمسم وحبة البركة وجوزة الطيب، وكلها مطحونة، ثم يقطع العجين بعد أن يختمر إلى كتل بمقدار الرغيف، ثم يخبز بالفرن، وبعد استوائه يدهن بالزيت، حيث يقدم لأهل البيت وللمهنئين بالعيد. وتشهد أيام العيد قدوم عدد كبير جداً من المغتربين السوريين أو العاملين في الخارج الذين يحضرون لقضاء العيد بين أهليهم وأسرهم وهم محملون بالهدايا، كما تشهد الحدود الأردنية السورية إقبالاً كبيراً من المواطنين الأردنيين الذين اعتادوا قضاء العيد في سوريا، والالتقاء بأقاربهم فيها، لأن هناك أسراً كثيرة تتوزع بين سوريا والأردن، وكذلك الحال مع لبنان. أما جديد الأعياد في سوريا، ولا سيما في المحافظات الحدودية مع تركيا، كالحسكة وإدلب واللاذقية وحلب، فهو قدوم آلاف الأسر التركية لزيارة أقاربها في سوريا، وسفر آلاف السوريين إلى تركيا للغرض نفسه. وتحرص سلطات البلدين على تنظيم هذه الرحلات، وتتم بسهولة ويسر وخلافاً للإجراءات المعتادة عند السفر، وهكذا يعبر في العيد إلى سوريا عشرات الآلاف من الأتراك عبر بوابات إعزاز وجرابلس والقامشلي ورأس العين وتل أبيض لزيارة أقربائهم في سوريا، كما يتوجه عشرات الآلاف من السوريين إلى تركيا عبر هذه البوابات لزيارة أقربائهم في تركيا. ويترافق العبور المتبادل بين تركيا وسوريا باحتفالات شعبية ورسمية ورقصات فولكلورية يحضرها مسؤولو الجانبين في المدن الحدودية، بحيث أصبح للعيد والفرح مكان جديد دائم على الحدود السورية التركية، تحول إلى تقليد سنوي يعبر عن علاقات التعاون والتكامل الأخوية بين البلدين المسلمين.
المصدر: دمشق
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©