الخميس 28 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

هل زال الكرب.. وأشرقت الشمس من الغرب؟

15 نوفمبر 2016 22:40
كذب المحللون ولو صدقوا. عمي المراقبون ولو رأوا وأبصروا. خرس الإعلاميون ولو ثرثروا. لقد كانت جعجعة ضخمة بلا طحن على مستوى الإعلام، والسياسة، والتحليل، والاستطلاعات.. كان تجييشاً مقصوداً في الإعلام العربي والدولي لمصلحة هيلاري كلينتون وفريقها «الديمقراطي» على أساس أن فوزها تحصيل حاصل وأمر لا مفر منه، ولا بد من الكلام عنها كرئيس للولايات المتحدة لا كمرشحة رئاسة. وكان الهجوم شرساً ومتجاوزاً لكل الحدود ضد دونالد ترامب على أساس أن إهدار دمه حلال، لأنه لن يصل إلى البيت الأبيض حتى يلج الجمل من سم الخياط. ولأنه مجرد كومبارس في المسرحية الانتخابية الأميركية. الكل تعامل مع ترامب باستهانة واحتقار وازدراء، وسار العرب على الدرب نفسه، واتبعوا كل ناعق ضد ترامب، باعتباره نكتة مثيرة للسخرية أو باعتباره مهرجاً في السيرك السياسي الأميركي، لكنه لن يكون رئيساً أبداً. وفي المقابل، كان هناك أدب جم ولسان عف عند تناول هيلاري، لأنها رئيسة الولايات المتحدة وحاكمة العالم القادمة، ولا بد من احترامها كرئيس لا كمرشحة رئاسة. كلنا فشلنا. كلنا رأينا أن هيلاري هي الحصان الرابح الذي يجب أن نراهن ونلعب عليه. وفي سبيل ذلك، قلبنا الحقائق وأجمعنا على أن ترامب كان مهزوماً بالقاضية في المناظرات الانتخابية الثلاث، وأن أداءه كان سيئاً وبذيئاً، وربما وحدي ومعي قليلون رأينا أن أداء ترامب كان أقوى، وأن هيلاري لم تكن على المستوى الجيد، خصوصاً في القضايا الداخلية الأميركية. لكننا كنا متأكدين مثل الجميع من فوز هيلاري، وهزيمة ترامب. لم نستفد من درس استفتاء بريطانيا الذي إنحاز للخروج من الاتحاد الأوروبي، سيناريو الانتخابات الأميركية هو سيناريو استفتاء بريطانيا نفسه. الكل كان واثقاً ببقاء بريطانيا في الاتحاد الأوروبي، لكنها خرجت. تماماً كما وثق الكل بهزيمة ترامب، لكنه فاز وبفوز هيلاري، لكنها خسرت. وسنرى السيناريو نفسه في انتخابات فرنسا، بل حتى في انتخابات السويد، والدنمارك، والنمسا، لكننا لا نريد نحن العرب أن نعي الدرس. ومصممون على التبعية حتى في الإعلام، ونقول دوماً إن الغرب يشهد صعود موجة التطرف، وبزوغ نجم الشعبويين، والأحزاب اليمينية المتشددة، ولا نكاد نتفوه بكلمة واحدة ضد أنفسنا، وضد تركيبتنا العربية المقيتة والمميتة. نرى القذى في عيون الجميع، ولا نرى الأحجار وقطع الخشب والزجاج والنفايات في عيوننا. كل التيارات والأحزاب المتطرفة في الغرب. وكل الأشخاص المتشددين في أوروبا وأميركا صناعة عربية بامتياز، ورد فعل طبيعي للتطرف العربي، ومعادل موضوعي للكراهية المتجذرة في نفوس العرب. والإرهاب العربي هو الذي خلق الإرهاب الغربي وغذاه وأطعمه وسقاه حتى ترعرع، إنها بضاعتنا التي ردت إلينا، وأتساءل مع زعيم غربي لا أتذكر اسمه عندما قال وهو يعني العرب: «لماذا يكرهنا هؤلاء الناس؟».. وقال أيضاً: لماذا يتعجبون من كراهيتنا لهم رغم أنهم كرهوننا أولاً؟». وكراهية العرب للغرب، هي التي صنعت كراهية الغرب للعرب، فالكراهية للغرب تحولت على يد «الإخوان» ومن والاهم من جماعات متطرفة إلى فولكلور شعبي عربي. فالغربي في رأي كل عربي متآمر، ومستعمر، وكافر ومنحرف، وزنديق، وحضارة الغرب مادية، وأسر الغرب مفككة. هذا ما نقوله. لكن ما نفعله أننا مرتمون في أحضان الغرب، ونحاكيه وندخل خلفه جحر الضب. ونتعامل معه بشعار: «أكرهك ولا أستغني عنك».. كانت أغنية «الإخوان» وإيران ومن والاهما دوماً: «الموت لأميركا». لكن ما خفي دائماً غير ما أعلن، فقد ارتمى «الإخوان» في أحضان أميركا وتقاضوا الأموال من أميركا لتخريب بلدانهم، وأسقطت عواصف الخريف العربي ورقة التوت «الإخوانية»، وظهرت لكل ذي عينين عورات التحالف «الإخواني» الأميركي والتحالف «الإخواني» الإسرائيلي، وكذلك التحالف الإيراني الأميركي، والإيراني الإسرائيلي، ثم الأهم التحالف «الإخواني» الإيراني، واجتماع السُني والشيعي ضد هدم الأوطان. وعندما يكون الهدف هدم الأوطان، تتلاشى تماماً التناقضات المذهبية والطائفية. لقد طحن ترامب بلا جعجعة، وجعجع الجميع والعرب معهم بلا طحن. وكنت من نفر يؤيدون ترامب ويتمنون فوزه، ولكن على استحياء حتى لا نسبح عكس التيار، وانطلق في هذا من أمر أراه حقاً، وهو أن الرجل لا يكره العرب، ولا المسلمين، ولا الأقليات، ولا أي شعب في العالم، ولكنه يحب أميركا، يحب الدولة الوطنية الأميركية التي يرى أنها تدوب وتتلاشى في الاثنيات، والطوائف، والميليشيات السياسية التي انتشرت في الولايات المتحدة.. تماماً كالميليشيات العسكرية في أمتنا العربية. لقد شهدت سنوات حكم أوباما انكماشاً تاماً للدول الوطنية في العالم لمصلحة الخلافة، والميليشيات، والطوائف، والاثنيات، والمذاهب. وفي النهاية نصل إلى قمة النظرية الماسونية، وهي حكم العالم أو أستاذية العالم. ومع صعود اليمين الأوروبي المتشدد أو قل المحافظ أو الوطني، وفوز ترامب على هيلاري «عرابة» الإخوان في العالم العربي، عادت الغلبة للدول الوطنية أو للنعرة الوطنية من جديد.. فانتصرت بريطانيا لهويتها الوطنية على الماسونية الأوروبية. وانتصر ترامب للوطن الأميركي النقي على فوضى أوباما وهيلاري الخلاقة أو «الحلاقة» التي تحلق الوطن والانتماء لمصلحة أستاذية العالم. وعندما فاز ترامب، لا أنكر أنني ونفر من القلقين على الأوطان شعرنا بالارتياح والفرح لإسقاط الفكرة الماسونية وعودة الدول الوطنية، وربما نرى أن فوز ترامب هو نهاية فعلية للخريف العربي وللثقافة الميليشياوية «الإخوانية» الإيرانية.. وهي نهاية مشروطة بأن يدرك العرب قبل ظهور خريف جديد أن الحكاية ليست هيلاري الخاسرة ولا ترامب الفائز. وإنما هي حكاية الدولة الوطنية الفائزة والفوضى الماسونية الخاسرة، وحزن «الإخوان» لخسارة هيلاري وفوز ترامب، أكبر دليل على أن مشروعهم الماسوني الذي تبنته أميركا - أوباما وهيلاري سقط ولو مؤقتاً.. ويقيني أن ترامب سيواجه مقاومة شرسة من جانب اللوبي «الإخواني» الماسوني الإيراني.. وربما يتعرض الرجل لمحاولات اغتيال، فلن يسلم الماسون المتغلغل بسهولة، وحتى تتضح الأمور، ويتبين الخيط الأبيض من الخيط الأسود، يبقى السؤال مطروحاً: هل زال الكرب وأشرقت الشمس من الغرب؟! *كاتب صحفي
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©