السبت 20 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

الرهان الأخير

الرهان الأخير
14 يونيو 2013 20:17
اجتماعياً واقتصادياً وسياسياً، غالباً ما يجروننا إلى النهاية المؤلمة، دون أن نعلم. لا أعرف لماذا نقع في ذات الخطأ مراراً وتكراراً. يبدو أن لنا ذاكرة الذبابة. فالذبابة لا تزيد ذاكرتها عن نصف ثانية مضت، أو أقل، لذلك، عندما تقترب منك تطردها بيدك، فتهرب، لكنها سرعات ما تعود، والسبب في ذلك أنها تكون قد نسيت أنك طردتها قبل أقل من نصف ثانية. إننا شعوب الذاكرة المثقوبة، التي تقع في الخطأ عشرات المرات، وتلدغ من الجحر الواحد مئات المرات، فقبل الإسلام أوقعنا أنفسنا في حروب كبرى من أجل ناقة جرباء أو فرس هبلاء، ولم نتورع عن تقتيل بعضنا في الأشهر الحرم، كما حصل في حرب الفجار وداحس والغبراء، ناهيك عن حرب البسوس، وما أدراك ما البسوس. وفي بداية معارك الإسلام مع المشركين، أوقعنا أنفسنا في ورطة كبرى، كادت أن تودي برسالة العرب الأولى، خلال معركة «أحد»، حينما فضلنا الدفاع عن منهوباتنا على الصمود في مواقعنا العسكرية خلال المعركة، وهذا الخطأ كررناه أكثر من مرة عبر التاريخ، كان أشهرها ما حصل في معركة بلاط الشهداء «سان بواتيه» في جبال الأنديز، حيث وقعنا في ذات خطأ معركة أحد، فانهزمنا أمام القائد الفرنسي شارل مارتن «شرلمان». بالتأكيد جميع المنهزمين سمعوا في خطب الجمعة عشرات المرات، خطبة بعنوان: «الدروس المستفادة من معركة أحد». تقول النكتة، بأن حماراً وجد نفسه في مواجهة ضبع شرس، فأيقن الهلاك، وأدرك أنه سوف يموت بعد قليل. أغمض عينيه قليلاً، ثم فتحهما، ليجد أن الضبع قد انهزم من أمامه، وهو يدندل بذيله اعترافاً بالهزيمة. أحس الحمار بالصدمة قليلاً، لكن الدماء عادت إلى وجهه، فاطمأن قليلاً، ثم أصابته الشجاعة فنهق. جفل الضبع وازداد سرعة، وهو يهرب من أمام الحمار. تشجع الحمار أكثر من اللازم ولحق الضبع. في السهوب الممتدة، كنت ترى حمارا يطارد ضبعاً وحشياً، الحمار ينهق ويركض وراء الضبع، لكأنه ينوي افتراسه، والضبع يهرب من أمام الحمار مذعوراً. الطيور والزواحف نظرت إلى المشهد بغرابة، لكأنها ترى زرافة تفترس نمراً، لذلك أحبت بعض الزواحف والطيور، العاطلة عن العمل، المشهد، وتابعت المطارد والهارب لترى النتيجة. كان المنظر غريباً ومضحكاً، لكن الجميع اندمج فيه، ثم توقف الضبع فجأة، ونظر إلى الحمار، وهو يبتسم بخبث، ثم أدار عينيه حواليه، وقال: - اطلعوا يا شباب. فجأة وجد الحمار نفسه محاطا بفيلق من الضباع الجائعة، التي تتلمظ وهي تنظر إلى الحمار. هنا، أدرك الحمار، بأنه هالك لا محالة، وأنه إن استطاع أن يطارد ضبعاً، فلن يستطيع أن يطارد قطيعا من الضباع. الحمار استجمع شجاعته، وقال للضبع الأول: - مممممممممممممكن سؤال لو سمحت .. قبل ما أموت. - تفضل إحنا مش مستعجلين لهدرجة. - ممكن أعرف ليش خفت مني لما كنا لحالنا وهربت من قدامي؟ - أنا هربت من قدامك؟؟ - طبعاً وأنا طاردتك. قهقه الضبع حتى وقع على قفاه، وقهقهت معه الضباع المحيطة، وانتقلت القهقهة إلى الطيور والزواحف. ثم استجمع الضبع الأول نفسه، وقال للحمار. - أنا ما كنت خايف منك يا حمار يا ابن الحمار..أنا «اتشارطت» مع الشباب بأني بقدر أجيب الهم الأكل من الغابة «ديلفري» خدمة التوصيل، لعندهم. يوسف غيشان ghishan@gmail.com
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©