الأربعاء 24 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
الأخبار العالمية

استونيا ذاكرة مزدوجة تبحث عن الهوية الوطنية

5 مايو 2006
الاتحاد ــ خاص:
العرب يعرفون عنها قليلاً·· يزورونها قليلاً، وهي تعرف أنهم من الشرق الأوسط الذي على فوهة البركان·
استونيا على شاطئ البلطيق، أيضا على شاطئ الخرافة، إنها تعاني من ازدواجية الذاكرة نصفها أوروبي والنصف الآخر ألماني، لا يكفي أن يكون النصف الثالث استونيا· خاضت حرب الاستقلال منذ 800 عام، لكنها لم تحصل عليه إلا مع خروج آخر جندي أحمر عام ،1991 ولكن يبقى على الذاكرة أن تحدد الهوية الوطنية·
حول هذا الموضوع 'الاتحاد' كتبت التحقيق التالي:
كيف يمكن إزالة الخنادق من الذاكرة؟ لا بل إنهم في استونيا يقولون إن الأحذية السوفييتية لا تزال حتى الآن، ترتطم بالأحذية الألمانية في الذاكرة المحلية، أجل إشكالية الماضي، الماضي الساخن في هذه الجمهورية المشاطئة للبلطيق، والتي تبدو بعيدة كثيراً عن عيون العرب· أجل هنا البلطيق قال المؤرخ 'جورج ويلز' 'هذه المنطقة التي يبدو أنها لا تهني أحداً سوى الجيش الأحمر·· و·· البلطيق' ومع ذلك فإن ثمة مدى للأغنيات الدافئة صحيح أن الأكثر دفئاً تتحدث عن 'زهرة الثلج'، وهي فعلاً، قصة فتاة تضيع في الثلوج، وتظل ضائعة، رغم التياع الشاب المدنف بحبها·· أخيرا يلتقي معها، ولكن على شكل زهرة تعترض طريقه،يشعر أنها هي، إنما تحوّلت إلى زهرة·
كثيرون في تلك الأمكنة، يعتقدون أن الموسيقى تحد من الصقيع، بل إنها قد تكون بديلاً عن الجمر، على الرصيف، وفي عز الشتاء، الذي يدعى الشتاء هناك فعلاً، نجد عازف الكمان مستغرقاً، ومتلاشياً، البعض يلقي في قبضته بعض المال لا يريد أكثر لأن الحياة لا تحتاج أكثر·
كم هو عدد العرب الذين يعرفون استونيا؟ قد ترى عربيا في ليتوانيا أو لاتفيا، الآن، بدأ يشاهد بعض العرب الذي لا يملك الاستونيون عنهم فكرة واضحة يعرفون أنهم من الشرق الأوسط، وأن هذه المنطقة تفضّل دوماً، ولسبب أو لآخر، أن تكون على فوهة البركان·
التكوين الفسيفسائي
رغم أن كل شيء يجعلك تشعر بأنك بعيد عن هذا المكان، من الصعب أن ينظر إليك أنك غريب على الأقل بالنظر للتكوين الفسيفسائي للجمهورية التي تبلغ مساحتها 45227 كيلو مترا مربعا، من بينها 1520 جزيرة تشكل 9,2 في المائة من المساحة، والتي يناهز عدد سكانها 1,5 مليون نسمة، الاستونيون يشكلون 64,2 في المئة، الروس 28,7 في المئة، الاوكرانيون 2,7 في المئة، البيلوروس 1,5 في المائة الفنلنديون 1 في المائة اليهود 0,17 في المئة البولونيون 0,16 في المئة إضافة الى أقليات أخرى تشكل 1,4 في المئة·
عليك أن تكسر حاجز المسافة وتندمج سريعا، هذا أفضل لك، لأن العادات هنا مختلفة، تقنيات الأداء النظرة إلى العالم ،يريدون أن يثبتوا أنهم أكثر قابلية ليكونوا اسكندنافيين مثل السويد والفنلنديين الذين في المحيط، على أن يكونوا مثل الروس الذين تجمعهم معا حدود يبلغ طولها 294 كيلو متراً·
على كل، المسافة بين تالين العاصمة وهلسنكي هي 85 كيلو متراً فقط البعض يستخدمون الدراجات الهوائية للانتقال بين البلدين، انتبهوا، القرويون مازالوا يستخدمون الحمير، أو السيارات القديمة التي يحبونها، أما المسافة الى استوكهولم فهي 375 كيلو متراً، وإلى بطرسبرغ 395 كيلو متراً·
الرقصات تتشابه
هذه ليست بالمسافات دائما هناك تواصل، خصوصاً بعدما انفكت الجمهورية عن الاتحاد السوفييتي من زمان تعرف الشعوب بعضها البعض، من خلال السيوف، أو من خلال الثقافات هي الرقصات تتشابه إلى حد بعيد الخرافات التي تترعرع عادة على ضفاف البحيرات ويفترض أن نعرف أن عدد البحيرات في استونيا هو 1512 بحيرة رقم كبير جداً أوركسترا من المرايا الزرقاء·
قرويون ويحرثون الماء، هذا ما تفعله الزوارق وهي تصطاد الأسماك تعتقد، للوهلة الأولى على الأقل، إن الصيادين إنما هم فلاحون يبذرون القمح أو الأحلام·· لعلمكم أن الخرافة تقول: إن الآباء كانوا يزرعون الماء، وأن نباتات كانت تنمو على شكل قصب السكر، وفيها نوع من الرحيق الذي يجعل الرجل بقوة الحصان·
اسم الجمهورية قد يكون أتى من أحد الشعوب المنقرضة، والحقيقة أنها سكنت منذ نحو 3000 عام قبل المسيح والطريف أن الذين نقلوا إليها المسيحية في العام 1200 هم الألمان والدانمركيون الذين تناوبوا على احتلال تلك البلاد، ولعل المثير أنها خاضت حرب الاستقلال في عامي 1206 و1207 منذ 800 عام فكروا في الاستقلال ،الدانمركيون احتلوا العاصمة وأطلقوا عليها اسم 'تالين'، أي 'المدينة الدانمركية'· هناك من اقترح اختيار اسم 'قومي' للعاصمة، ولكن صرف النظر فالتاريخ هو التاريخ·
موطئ قدم· أي قدم؟
المنطقة ضيقة جداً لابد أن تمر الخيول من هناك أي ان استونيا لم تعرف الهدوء تقاوم حيناً، وتستسلم حيناً، الوضع في القرن العشرين بات أكثر تعقيداً هناك روسيا بقوتها الضاربة، وهناك ألمانيا البلدان المجاورة تتحول الى موطئ قدم لكن السؤال هو: أي قدم؟
لا قدم مخملية على الاطلاق دائماً القدم الخشبية، وكان الناس يسألون: حين ينتج الروس رجلا مثل 'تولستوي' كيف ينتجون رجلا مثل 'ستالين'؟ وحين ينتج الألمان رجلاً مثل 'غوته' كيف ينتجون رجلاً مثل 'هتلر'؟ هذه مفارقات فذة حيناً وفظة حيناً آخر·· رغم تراجيدية التفاصيل، الناس في استونيا يعنون بها كثيراً تتحول إلى حكايات ،الطاعنون في السن رائعون، بالطبع لا يعرفون سوى لغة بلادهم، لكن وجوههم تبدو وكأنها تعود إلى قرون غابرة، هناك فرصة للملاحة في الوجوه ، أجل، أجل، كما لو أنها الملاحة في الزمن·
ما حدث في القرن الماضي كان ثقيلاً وطويلاً، التوتاليتارية السوفييتية والتوتاليتارية النازية، عند الاستونيين لم تنته الحرب العالمية الثانية في عام 1945 بل في عام 1991 أي عندما زال الاتحاد السوفييتي بدأ الناس يعيدون ترتيب ذاكرتهم اكتشفوا أن الذاكرة مقسومة إلى قسمين قسم سوفييتي وقسم ألماني·
لأشهر خلت كانت هناك مباراة في كرة القدم مئات من الجمهور كانوا يرتدون تي ــ شيرت عليها عبارة 'الشيوعيون إلى النار' على الظهر، أسماء الأركان السابقين في الحزب الشيوعي والذين تحولوا، بعد التحول، إلى الكرادلة الحمر في العهد الجديد، من بينهم رئيس الدولة ورئيس الحكومة· الصحافة سلطت الضوء على ما جرى، ولكن لتضيف أن أحد المحرضين كان يعمل مديراً لمتحف التاريخ العسكري الذي يتبع لوزارة الدفاع ، وكان أن اندلع جدل واسع في البلاد انتهى باستقالة أحد الوزراء·
هذا جانب من الصورة لدى شعب عاش مرارات القرن العشرين وأنهكت قواه الشيوعية تسللت إلى عظام الكثيرين، هذا جعل من الصعب جداً إعادة بناء الهوية الوطنية·
تظاهرة كرة القدم طرحت سؤالاً حول ما يمكن فعله بالشيوعيين القدامى غريب أنهم لم يغادروا على متن الدبابات أو الشاحنات الروسية التي عادت الى بلادها والحقيقة أنه لا يكاد يمر يوم، منذ عام 1991 حتى الآن، إلا ويتم توجيه اتهام لأحد رجال السياسة بالشيوعية·
الشيوعية ·· مجرمة
والواقع أنه ليس هناك من آلية، كما أن البرلمان لم يصدر أي تشريع حول مال الشيوعيين القدامى وحين يطلب إلى النواب أن يقدموا سيرتهم الذاتية، فإن البعض يخفي ماضيه الأحمر، البعض الآخر يجاهر، ودون أن يعرف ما إذا كان الحزب الشيوعي قد اندثر أو أنه بقي هناك من خلال الانتقال الى الحزب الاجتماعي الديموقراطي أو بالتحول إلى رجال أعمال هذا مع اعتبار أن البرلمان الاستوني كان قد أعلن رسمياً أن الشيوعية 'مجرمة'وتمت إدارتها من قبل شخصيات استنزفت شرف البلاد وامكاناتها·
لا بد من تحديد الهوية الوطنية بالنسبة إلى بلاد عانت الأمرين من غزوات قام بها الفرسان التيتون أو جحافل القيصر بطرس الأكبر، مروراً بالجيوش السويدية والدانمركية والبولونية، وطول تلك القرون احتفظ الاستونيون بهويتهم عبر اللغة والثقافة، وفي عام ،1918 انتهز الاستونيون مثل جيرانهم الليتوانيين الفرصة التي أتى بها انهيار القوتين العظميين، روسيا بقيادة القيصر 'تيقولا الثاني' وألمانيا بقيادة الامبراطور 'غليوم الثاني'·
وعقب حرب تحرير ضد الألمان في عام ،1919 تم الاعتراف باستقلال الدولة الاستونية التي انضمت الى عصبة الأمم في عام 1920 لكن اندلاع الحرب العالمية الثانية أعاد تحويل أوروبا الشرقية من جديد ساحة للمواجهة بين الجيوش الروسية والألمانية، وفي عام ·1939 تم توقيع ميثاق مولوتوف ــ رينتروب بين 'جوزف ستالين' و'أدولف هتلر'، وكانت استونيا من نصيب الاتحاد السوفييتي الذي ألحقت به·
أورينت برس
المصدر: 0
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©