الجمعة 26 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

إدمان العمل.."طريق الورود" إلى الفشل الإنساني

إدمان العمل.."طريق الورود" إلى الفشل الإنساني
18 يناير 2012
هناك من يدمن العمل إلى درجة تجعله يتناسى كافة جوانب الحياة الاجتماعية، هؤلاء يعتبرهم البعض نموذجاً للنجاح، ولكن علماء الاجتماع يرون أن هذه الظاهرة المرضية تقود إلى تحطيم الحياة الاجتماعية للشخص ويجعله لا يتذوق طعم نجاحه.. هذه الظاهرة قد تكون نادرة في مجتمعاتنا ولكن خلال السنوات الأخيرة بدأ يبرز هذا النموذج الذي لا ينفصل ليل نهارا عن عمله مما يحطم علاقاته الانسانية بعيداً عن دائرة العمل المغلقة. يقول هادي عبد الرزاق، 42 عاماً، إنه لم يصل لمرحلة ادمان العمل بشكل كامل، لكنه لا يحصل على اجازة طوال العام سوى أكثر من أسبوع نتيجة ظروف عمله كمالك لسلسلة من البازرات السياحية. ويضيف أنه تعود واسرته على ظروف عمله الذي ورثه عن والده وعمل على توسيع نشاطه خلال أكثر من 20 عاماً. ويقول إنه خلال اجازته السنوية القصيرة يتابع عمله من خلال الهاتف المحمول، خاصة وأن ابنائه الثلاث لازالوا صغاراً لايتحملوا مسؤولية العمل، ويوضح أن عدد ساعات عمله اليومية تتجاوز 14 ساعة. أما رشا سيف، تعمل في مجال المونتاج، فترى أن وقتها يتوزع بين عملها كمدرسة بأحد المدارس الخاصة، إلى جانب عملها الأساسي في مونتاج الأفلام القصيرة، موضحة أن ساعات العمل قد تتجاوز 12 ساعة يومياً في أحيان كثيرة حسب ضغوط العمل. وتؤكد رشا، 33 عاماً، أن الشخص المصاب بإدمان العمل هو شخص محب لعمله بدرجة كبيرة ولايتعامل معه فقط من منطلق كسب العيش، ولكن بمنطق الحب الذي يجعله لايقوى على فراقه أبداً خاصة إذا كانت حياته منغلقة على عمله وليس لديه اسرة. وتعتبر رشا، وهي غير متزوجة، أنها تتعامل مع عملها وكأنه ابنها المدلل تسخر كل وقتها له، لكنها في نفس الوقت تحرص على أخذ اجازة سنوية تستعيد فيها نشاطها مرة أخرى. ويصف الكاتب الأميركي ستيفن كوفي، في كتاب "سبع عادات لشخص أكثر فاعلية" الشخص المشغول دائماً بالعمل بـ"المنشار غير الماض عند قطعه للخشب" الذى لايتوقف معظم الوقت عن أداء العمل. ودعا كوفي من أجل التجديد الذاتي إلى "سن المنشار" من خلال أربع جوانب رئيسية هي الناحية الجسدية وتشمل النشاط الرياضي والتغذية والراحة. والناحية الاجتماعية عبر تقوية الاتصالات الاجتماعية مع الآخرين. ومن الناحية العقلية عبر القراءة والكتابة. ومن الناحية الروحية عبر التأمل والاتصال بالطبيعة وتقديم خدمات للاخرين. وترى أمينة يوسف، 32 عاماً، أنه لاوجود لمن يطلق عليهم مدمني العمل في مجتمعاتنا العربية، لأن الكثير من الشعوب العربية تحب الإجازات والاسترخاء وترى في العمل مجرد وسيلة للكسب ليس أكثر. وتضيف أمينة، مهندسة ديكور، أنها لاتفضل أن يلهيها عملها عن أسرتها ومنزلها حيث انها أم لطفلة وحيدة عمرها 3 سنوات وتحتاج للمزيد من الرعاية. وتقول إنها تسمع عن وجود شعوب بأكملها مدمنة للعمل، لكنها لاتراها مثاراً للاعجاب لأنها تؤمن بأن قول الرسول صلى الله عليه وسلم "إن لبدنك عليك حق" أقرب للواقع وللوسطية أيضاً. وتشير د. نوارة مسعد، أستاذ علم الاجتماع بالمركز القومي للبحوث الاجتماعية والجنائية بالقاهرة، إلى أن هناك ظاهرة اصبح يطلق عليها إدمان العمل بدأت تنتشر خلال السنوات العشر الأخيرة تزامناً مع حالة التطور التكنولوجي المتلاحقة خلال هذه الفترة، وهناك شعوب مثل الشعب الياباني خير مثال على هذه الحالة، حيث ان هناك بعض العاملين يجبرون على أخذ اجازة في مصحة نفسية لفترات معينة. وتقول إنه في الدول العربية لاتوجد ظاهرة مماثلة للشعب الياباني، لكن هناك ظواهر مماثلة بشكل فردي، حيث يعاني بعض الأشخاص من داء ادمان العمل إلى الحد الذي يجعل بعضهم يصاب بنوبات نفسية أو نوبات قلبية حادة نتيجة ضغوط العمل المتتالية. وتؤكد د. نوارة أن الشخص المصاب بداء ادمان العمل تتوافر فيه بعض الصفات مثل عدم أخذه أي قسط من الراحة وعدم حصوله على اجازات سنوية، بالإضافة إلى متابعة تفاصيل عمله، أينما كان سواء في سيارته أو بين أفراد أسرته فيعجز عن التواصل الاجتماعي بشكل جيد في أوقات كثيرة مما يؤدي في بعض الأحيان إلى الطلاق والانفصال الأسري. أما عن الجانب الايجابي لإدمان العمل، فتقول د. نوارة إنه مما لاشك فيه أن العمل عبادة والاجتهاد فيه واجب على كل فرد، خاصة وأن الشخص المدمن للعمل يكون شخص مجتهد وذكي ويهتم بكل كبيرة وصغيرة في تفاصيل عمله من ثم يكون المجال أمامه مفتوحاً للترقي والوصول إلى درجات متميزة في عمله.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©