الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

حفلات الطلاق: احتفال بالحرية.. أم إستهانة بأبغض الحلال

حفلات الطلاق: احتفال بالحرية.. أم إستهانة بأبغض الحلال
14 يونيو 2012
"طلاقي من هذا الرجل ميلاد جديد لي"، جملة تطلقها بعضهن إذ لم يكن الأغلب من النساء المطلقات يقلنها بعد خلاصهن من زوج بخيل وسيء المعاشرة والسمعة، أذاقهن الويل سنوات طوالاً، وخدش كبرياءهن، وبما أنه ميلاد جديد فالبعض يرى ضرورة الاحتفال به. حفلات الطلاق موضة انتشرت في المجتمعات الغربية ليتناقلها العرب فيما بعد، ومع ازدياد عددها في المجتمعات العربية المحافظة، يجعلنا نتخوف من ظاهرة جديدة مقبلة علينا تحتفل بـ"أبغض الحلال". في هذا التحقيق نرصد الاختلاف في الآراء بين مؤيدين ومعارضين لمثل هذه الحفلات: دلال محمد" طالبة جامعية وتبلغ من العمر 23 سنة" ترفض وبشدة هذا التوجه الجديد للنساء وتقول: كيف يحتفلن في ما قيل عنه أنه ابغض الحلال؟ وترى أنه سلوك ناجم عن غزو فكري اجتاح عقول النساء وجعلهن يقلدن كل شيء بلا إدراك تماما كالببغاء؛ وتضيف ما هو الممتع في الاحتفال بهدم أسرة وتشتت أبناء حتى وإن كان احد أطرافها سعيدًا بهذا. ويؤيد الفكرة السابقة أحمد محمد مازن 23 سنة و مهندس إلكتروني" مضيفاً أن مثل هذه الأمور لا تصدر إلا من فتاة تفتقر إلى عقل واع بقدسية العلاقة الزوجية، كما أن هذه الحفلات من وجهة نظره لها تأثير سيء على نفسية الأطفال، فكيف سيكون شعور الأبناء وهم يرون أمهم تحتفل بفراقهم عن أبيهم وهدم بيتهم؟! أمر كهذا سيخلق جوا من الكراهية من قبل الأطفال ضد الأبوين. توافقه رنا إبراهيم (صيدلانية تبلغ من العمر 24 سنة)، في أن هذه الحفلات لها تأثير سيء جدا وخصوصا على المطلقات، لأنه بذلك قد يضعف فرصها بالزواج ثانية، فلا أحد سيرغب بالزوج من فتاة سبق وان احتفلت بطلاقها ضاربة بالعادات والتقاليد والدين "عرض الحائط"، فمن سيقبل بفتاة إذا لم تصلح الحياة بينهما، ستحتفل بطلاقها منه؟ وفي رأي مخالف ترى العنود سالم ربة منزل متزوجة منذ 6 سنوات، أن مثل هذه الحفلات أمر شخصي لا يجب التدخل فيه. وتروي أنها قد سبق وحضرت احد هذه الحفلات التي تكون شبيهه بحفلات الزواج. فالمطلقة ترتدي فستانا ملونا زاهيا وبراقا، وتصدح قاعة الحفل الفخمة بأصوات"الزغاريد" و الموسيقى التي تحمل لهجة قوية تعبر عن الفرحة بالخلاص وامتلاك الحرية، كما انه هناك قالب حلوى كبير يتوسطه "دمية" عروس بلا "دمية" العريس، أو أن تكون "دمية" العريس في أسفل الكعكة ومقلوبة كناية عن الخلاص منه وسقوطه من حياتها. وتوافقها (م.هـ) طالبة جامعية في السنة الرابعة و مخطوبة في أن حفلات الطلاق هي تعبير عن فرح المطلقات بخلاصهن من جحيم زوج مجحف، وتقول إنه سبق لأحد قريباتها الاحتفال بمناسبة طلاقها بعد أن تخلصت من (شبه رجل) كاد إن يقضي على حياتها وحياة أبنائها كما إن أبناءها شاركنها الاحتفال في ذلك، وتضيف: إن أبا مثله لا يستحق أي ذرة من الاحترام، وهي ترى أن حفلات الطلاق ما هي إلا طريقة من طرق إذلال الزوج، أو هي كرسالة غير مباشرة إليه لاستفزازه، وفي الوقت نفسه هي تعبير لمدى فرحتها بالخلاص منه. وهذا أمر في رأيها يجب أن يخدش كبرياء الرجل مهما كان، وهذا بالضبط ما قصدته قريبتها وهو إهانة طليقها. وفي هذا السياق، تقول الدكتورة "هبة شركس" استشارية نفسية وخبيرة أسرية في "مركز الرسالة" بدبي، إن المرأة التي تحتفل بطلاقها في حفل تدعو إليه القاصي والداني، إما أن تكون مقهورة قضت سنوات من العذاب في حياة زوجية غير مستقرة، وخاضت الكثير من المعارك للحصول على الطلاق، قد تصل لطلب الزوج مبالغ مالية، حتى يمنح الزوجة حقها الشرعي في الطلاق؛ فحينها تشعر الزوجة بمشاعر الانتصار لحصولها على الطلاق مما يدفعها للاحتفال بهذا الإنجاز؛ أو أن تكون امرأة غير مسؤولة لم تتمكن من تحمل تبعات الزواج، وسعت إلى الانفصال أمام مشكلات عابرة تحملها مشاعر الغرور والتعالي على الاحتفال بالطلاق الذي منحها حريتها. ‎وتضيف "شركس" أنه من الممكن أن تقيم المرأة مثل هذا الاحتفال رغم شعورها بالألم النفسي، مطالبة بتغيير نظرة المجتمع السلبية نحو المطلقات، بأنهن مرفوضات أو مذنبات، وأن تتخلص من نظرة الشفقة والدونية التي تصاحب المطلقات عادة، فتقيم المرأة هذا الاحتفال طلبا لتغيير هذه النظرات الظالمة من المجتمع من جهة، وحتى تقنع نفسها بأنها تسلك المسار الصحيح لحياتها من جهة أخرى. ‎و تؤكد "شركس" إن مثل هذا السلوك النابع عن مشاعر شخصية لا يقتصر أثره على السيدة صاحبة الاحتفال فقط، بل يتعدها لينال المجتمع بأسره، فمثل هذه الاحتفالات تقلل من شأن مبدأ الزواج كأقدس مشروع إنساني لحفظ النسل، كما إن الشرع فرض على المرأة المطلقة شهورا للعدة الشرعية، من بين أهدافها إتاحة فسحة زمنية لمراجعة الذات في هدوء والتأكد من صحة قرار الطلاق من عدمه، فإذا ما أقامت المرأة مثل هذا الاحتفال فهي تقطع على نفسها وطليقها طريق العودة؛ وفى حال وجود أطفال بين الطليقين، يتأثر الأبناء بشدة من مثل هذا السلوك الذي لا يراعى مشاعر الأبناء ولا قواعد المجتمع وأصوله، محدثا خللا في التنشئة الزوجية لهؤلاء الأبناء، حيث تختل موازين المعروف والإحسان بين الأب والأم فيدفع الأبناء الثمن، وقد يمتد أثر هذا الخلل النفسي فيحجم الأبناء عن الزواج، أو يتزوج، وهو يحمل صورة مشوهه لمشروع الزواج المقدس، وقد ينشأ الأبناء وهم يحملون مشاعر سلبية نحو أحد الوالدين وفقا لرؤيتهم للموقف. وتنصح "شركس" بالالتزام بحدود الله وعدم تعديها؛ فعلى الزوج أن يتقى الله في زوجته وإن طلقها فليسرحها بإحسان عملا بقول الله تعالى: "فَإِمْسَاكٌ بمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ". وعلى الزوجة أن تفكر بعقل وحكمة وتبتعد عن مثل هذه الاحتفالات العاطفية المندفعة، حفاظاً على الأبناء والمجتمع من كل ما هو مستهجن. ‎
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©