الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

واحات العارفين..

واحات العارفين..
14 يونيو 2012
ما من مفكر أو كاتب أو مبدع أو عالم في أي مجال من مجالات المعرفة إلا وللمكتبة حيز مهم في مشواره الثقافي، خاصة أولئك الفقراء الذين لم يكونوا قادرين على شراء الكتب فوجدوا في مكتبات مدنهم العامة خير معين لهم في قراءاتهم وبحوثهم ودراساتهم. كانت المكتبة العامة علامة من علامات أي مدينة، وهي أيضاً علامة من العلامات المفصلية في روح وعقل أي كاتب مبدع. بها بدأ في الغالب مشواره مع الكتاب أو بمكتبة ما في المنزل للأب أو للجد أو للجيران. في أيام عزها كانت المكتبة العامة ملأى بالرواد من كل طيف، وربما كانت بالنسبة إلى البعض المكان الوحيد المتوافر لقضاء الوقت، قبل أن تكثر منافساتها من وسائل التكنولوجيا والأوعية المعرفية والوسائط المتعددة والإنترنت.. لم يكن ينافسها في خمسينيات وستينيات وحتى سبعينيات القرن الفائت سوى المذياع الذي كان أيضاً وسيلة التسلية المتوافرة للشباب. مع ذلك، وعلى الرغم من كل التطورات والتغيرات التي شهدتها المجتمعات العربية وحتى في العالم، ظلت المكتبة العامة هي المفضلة، صاحبة المنزلة الأولى في قلوب المثقفين والكتاب والباحثين، فهؤلاء لم يبحثوا لديها عن تسلية أو سلوى بل عن الوعي والمعرفة والاطلاع على ما يجري حولهم في العالم. وبرغم ما تلاقيه مكتباتنا العربية من عزوف وإهمال من قرائها تظل في الأخير قيمة كبرى أدت وتؤدي دوراً عظيماً في نشر الوعي والتعليم، لا سيما وأنها تلبي حاجة المجتمعات وتطلعاتها إلى مصادر سهلة وقليلة التكلفة للتطوير الذاتي والتعليم المستمر. في الإمارات، لم يختلف الحال عن هذا التوصيف، فالقارئ الإماراتي لم يجد غالباً سوى المكتبة يذهب إليها لينهل من معارفها، ويتصل بالعالم من خلالها لا سيما في بدايات تأسيس الدولة التي حرصت على إنشاء المكتبات العامة في جميع أنحاء الإمارات ضمن نهضتها التعليمية والثقافية. لكن نشأة المكتبات في الدولة لم تبدأ فقط مع تأسيس الدولة، إنها حكاية قديمة تعود إلى بدايات القرن العشرين.. ولنترك الباحث عبد الله الطابور يطلعنا على بعض تفاصيلها: يقول الطابور: “ظهرت المكتبات في مدن الإمارات منذ زمن بعيد.. حيث لا نستطيع أن نحدد فترة تاريخية لظهورها، وإنما خلال المائة سنة الماضية اشتهرت بعض المكتبات في الشارقة ودبي ورأس الخيمة. وكانت هذه المكتبات نواة للوعي الثقافي في الإمارات.. وظهرت أول ما ظهرت في منازل ومجالس المثقفين، ثم كانت هُناك مكتبات في المدارس التطورية.. ومن هذه المكتبات ولدت الحركة الثقافية في البلاد منذ مطلع القرن العشرين.. وساعد ظهورها على انتشار حركة التأليف والإبداع في مجال الشعر والأدب والتاريخ والفقه والتفسير والعبادات”. ويذكر الطابور من هذه المكتبات: ? المكتبة التيمية: أُسست في المدرسة التيمية المحمودية بالشارقة، حيث يذكر الشيخ محمد بن علي المحمود أن هذه المكتبة أسسها والده في تاريخ تأسيس المدرسة نفسه أي في سنة 1907م. وكانت أهم وأكبر المكتبات في البلاد لما احتوته من مئات الكتب. فقد ضمت مجموعة من الكتب الدينية والأدبية والفقهية وكتب التفسير والحديث والتاريخ وغيرها من مجالات المعرفة. وقد أدت المكتبة دوراً كبيراً، إلى جانب المدرسة التيمية في توعية أفرد المجتمع آنذاك. وكان الشيخ علي المحمود “رحمه الله” متى ما سمع عن كتاب يطلب فوراً شراءه حتى لو كان في بلد آخر.. هذا على الرغم من أنه رجل أمي لا يقرأ ولا يكتب.. إنما سلك طريق الإصلاح، فنذر نفسه لخدمة العلم بما أفاء الله عليه من مال وفير. ? المكتبة الوطنية: هي ثاني مكتبة ظهرت في الشارقة.. وقد أسسها الأديب إبراهيم بن محمد المدفع في سنة 1347 هجرية الموافق 1928. إذ يقول الشيخ محمد بن علي المحمود: لما أراد إبراهيم المدفع تأسيس مكتبة استشار بعض الأدباء من زملائه أمثال عبد الله بن صالح المطوع، والشيخ عبد الله بن علي المحمود اللذين وقفا إلى جانبه وساعداه في مشروعه الثقافي، إذ أمدوه بالكتب، والرأي والمشورة.. وكان موقع المكتبة في بداية افتتاحها في (دكان) أي متجر يمتلكه عبدالله بن حسن المدفع وموقعه عند باب بيته.. وقد طلب أعضاء المكتبة من الشيخ محمد بن علي المحمود أن يقوم بتعليمهم الحساب في كل ليلة ساعة واحدة. ? المكتبة القاسمية: طلب الشيخ سلطان بن صقر القاسمي حاكم الشارقة آنذاك من إبراهيم المدفع وعدد من المثقفين أن يؤسسوا له مكتبة في الحصن أي قصر الحاكم. فأنشئت المكتبة القاسمية بعد ظهور المدرسة بسنتين تقريباً.. وضمت مئات الكتب وعشرات المجلات العربية والأجنبية والمخطوطات وأمهات الكتب وأوائل المراجع والمجلدات. ? مكتبة الإصلاح: تعتبر رابع مكتبة اشتهرت في مدينة الشارقة. وسميت بالإصلاح نسبة إلى مدرسة الإصلاح الأم، فقد أنشأ الشيخ محمد علي المحمود مكتبة الإصلاح في سنة 1355 هـ الموافق لعام 1936م. أي بعد عام واحد من تأسيسه للمدرسة، وأول ما ظهرت في الحيرة. وكانت بمثابة المنتدى الثقافي والنادي الروحي لطلاب الإصلاح ومثقفيها. وخصصت في داخل المدرسة غرفة للمكتبة يأتي إليها المثقفون والطلاب للمطالعة والمذاكرة. وضمت مكتبة الإصلاح، إلى جانب الكتب التربوية والتعليمية، العديد من الكتب الدينية والتاريخية والأدبية، إلى جانب دواوين شعراء العرب. ومعظم الكتب التي كانت في المكتبة طبعات أولى، وبعضها يرجع إلى مائة عام. ? مكتبة الشيخ حميد بن فلاو المطروشي: وضمت دواوين شعراء العرب أمثال جرير، والفرزدق، والنابغة الذبياني، وحافظ إبراهيم، وأحمد شوقي .. وعشرات الكتب التي ضاع معظمها .. وظل القليل منها فقط. وعندما زرته قبل وفاته كانت الكتب القديمة والمخطوطات النادرة موجودة بين يديه، مثل: كتاب الشيخ عبد الله بن جرهم (الأجرومية) في مبادئ النحو والإعراب، وكتاب الألفية للعلامة ابن مالك ويسمى (الخلاصة)، وكتاب الإمام الأزهري، وعنوان الأزهرية، ومن الكتب رياض الصالحين للنووي، والأحكام لابن حجر. وقد لاحظت أنه كثير القراءة والاطلاع ولا يكاد الكتاب يفارق يديه حتى آخر أيام عمره. ? مكتبة الشيخ محمد بن سعيد بن غباش: من أشهر المكتبات التي أسسها رواد اليقظة الفكرية في الإمارات. احتوت على المئات من الكتب الدينية والتاريخية والنحوية والقانونية والقضائية والأدبية، إضافة إلى المخطوطات والرسائل والمعاجم العربية. وكانت في منزله الكائن على ساحل المعيريض. ? مكتبة عبد الله بن عمران: الشيخ العلامة عبد الله بن عمران.. وابنه أحمد بن عبد الله بن عمران اشتهروا منذ مطلع القرن التاسع عشر في (جزيرة زعاب)، والتي تسمى بالجزيرة الحمراء. وقد عثر في منزلهم الكائن بجوار البحر على مكتبة ضخمة، ضمت عدداً كبيراً من الكتب التاريخية والمخطوطات في الفقه لبعض العلماء. ومعظم محتويات هذه المكتبة اندثر منذ زمن.. ولا يوجد الآن إلا بعض الكتب ربما هي التي بقيت من تلك المكتبة التي تعلم فيها أبناء الجزيرة.. وقرأوا فيها مختلف العلوم والفنون والثقافة. وكانت تعتبر المرجع للعديد من طلاب العلم والمعلمين في المنطقة، وبهذا فإن هذه المكتبة من الإشعاعات المضيئة في المنطقة.. وإحدى علامات النهضة الثقافية في البلاد خلال تلك الفترة. ? مكتبة سالم بن كلبان: هو الربان المعروف أو (السردال) ولد في رأس الخيمة سنة 1260 هـ الموافق لعام 1843م. وفي منزله الكائن في منطقة سدروه برأس الخيمة مكتبة احتوت على أمهات الكتب النادرة، لا سيما كتب الطبائع الإنسانية والحيوانية والأرضية والجوية. ولسالم بن كلبان مخطوطة تتكلم عن النجوم وطرق الإبحار وسلوك المحيطات والهيرات ومغاصات اللؤلؤ. ووصف شامل للسفن.. وهي من المخطوطات المهمة التي وضعها سالم بن كلبان. ? مكتبة الشيخ عبد الرحمن بن محمد بن حافظ: هو رائد من روائد التعليم في دبي، ولد سنة 1886، وتوفي عام 1953م. وكان معلماً ثم مديراً للمدرسة الأحمدية. أول مدرسة تطورية في إمارة دبي. وله مكتبة رائدة، وهي من أهم المكتبات وأكبرها في ذلك الوقت، وقد أسعفته هذه المكتبة في تأليف عدد من الكتب، ومن أهمها كتاب “طريقة المتقين”.. ويعتبر أضخم كتاب للشيخ عبد الرحمن، إضافة إلى كتاب “خلاصة الفقه”، وله رسالة تحت عنوان “أسعد الصلوات على سيد السادات”. وتحتوي هذه المكتبة القيمة على أكثر من 400 كتاب ومخطوطة. حكاية إماراتية تنقسم المكتبات العامّة في دولة الإمارات إلى ثلاث فئات من حيث تبعيتها التنظيمية: المكتبات التابعة للجهات الاتحادية، مثل المكتبات العامّة التابعة لوزارة الثقافة والشباب وتنمية المجتمع، والتي تنتشر في كل إمارات الدولة، والمكتبات التابعة للجهات المحلية، مثل دار الكتب الوطنية في أبوظبي، والمكتبات التابعة للنوادي والجهات الخاصة. بالإضافة إلى ما سبق، ثمة مكتبات تعمل لخدمة فئات معينة من الجماهير، مثل مكتبات الجامعات والكليات التي تلبي في المقام الأول احتياجات الطلبة وأعضاء هيئة التدريس من المعرفة ومصادر التعليم والبحث العلمي. وتضم جميع الجامعات الرئيسة في أبوظبي، مثل جامعة الإمارات العربية المتحدة، وجامعة زايد، وجامعة أبوظبي، وجامعة باريس السوربون، مكتبات كبيرة مزوّدة بأحدث التجهيزات، وتحتوي على الآلاف من العناوين والمراجع وقواعد البيانات المتخصصة. وتحفل مكتبات أبوظبي بالجديد من الكتب والإصدارات، وتخصص لها مبانٍ حديثة وجيدة من حيث الإضاءة والتهوية، وتجدد طريقة عرض الكتب والدوريات، وتتوافر فيها تكنولوجيات العصر التي تسهل البحث والحصول على المعلومة، وهي كلها عوامل تجعل من المكتبة فضاء جذاباً، يغري مرتاديها بالجلوس فترة طويلة. مكتبات نظيفة،مرتبة، عصرية، لا مكان فيها للغبار أو الرطوبة. بتوسيعها وتجميلها وخلق فضاءات جاذبة فيها يمكن للمكتبات أن تعود إلى سيرتها الأولى، وتفعل فعلها الثقافي الذي كانت تفعله في سالف الأيام. وحبذا لو فكر القائمون عليها بإنشاء قاعة لإقامة بعض المحاضرات والندوات والأنشطة التي تجتذب الجمهور حتى لا تظل في عزلة، وللخاصة فقط. واحة العارفين إذا كنت من الباحثين عن المعرفة والهدوء النفسي والعصبي، ثمة مكان جميل وحميم يمكن القول إنه واحة للعارفين يمكنه أن يوفر لك ما تطلب، تلك هي المكتبات العامة التابعة لوزارة الثقافة والشباب وتنمية المجتمع. هناك، تعثر على بغيتك من مصادر المعلومات المطبوعة والإلكترونية باللغتين العربية والإنجليزية وبعدد من اللغات الأخرى. كما يمكنك سواء كنت مواطناً أو مقيماً أن تحصل على بطاقة عضوية تتيح لك الاستفادة من الخدمات التي تقدمها هذه المكتبات، واستعارة الكتب، فضلاً عن خدمة الإعارة الجماعية للمؤسسات والمدارس، وغيرها بعد استيفاء شروط العضوية. تفتح لك المكتبات أبوابها طوال أيام الأسبوع ما عدا يوم الجمعة، ومن الساعة التاسعة صباحاً حتى الساعة الثانية بعد الظهر ومن الساعة الرابعة عصراً حتى الساعة التاسعة مساءً. وتتمثل الرسالة التي تؤديها مكتبات وزارة الثقافة والشباب وتنمية المجتمع، كما تقول في موقعها الإلكتروني، في “مكتبات عصرية تتضمن مختلف أشكال مصادر المعلومات في فروع المعرفة المختلفة لرفع مستوى الوعي الثقافي في دولة الإمارات، من خلال شراكات متميزة، ونظم إدارية وتقنية حديثة”. ولتحقيق هذه الغاية تحرص وحدة التزويد بقسم المكتبات على “تنمية مجموعات المكتبات العامة التابعة للوزارة باستمرار. وتضم مقتنيات المكتبات طائفة متنوعة من أوعية المعلومات الورقية والإلكترونية باللغتين العربية والإنجليزية، بالإضافة إلى لغات أخرى”. تحمل رفوف مكتبات الوزارة 55 ألف عنوان، وما يقارب 248 ألف نسخة من الكتب المطبوعة، و77 دورية في جميع التخصصات. كما تحتوي على سبع قواعد بيانات إلكترونية متاحة على الشبكة الداخلية للمكتبات، بالإضافة إلى الخرائط والأطالس، والتقارير والإحصاءات، والوسائط المتعددة (أقراص مدمجة CD، أقراص رقمية DVD). وفي كل مكتبة يوجد ركن للمراجع كدوائر المعارف والقواميس ومعاجم والتراجم والسير والكتب السنوية وكتب الحقائق والأدلة، وركن مجموعة الإمارات، وهي مجموعة من المواد المكتبية تشتمل على تغطية لموضوعات أو مؤلفات عن دولة الإمارات العربية المتحدة. وتوضع هذه المجموعات في ركن مخصص باسم مجموعة الإمارات لتساعد الباحثين والمهتمين في الإطلاع والبحث في المجالات العلمية التي تعالج أو تتناول موضوع محدد داخل حدود دولة الإمارات العربية المتحدة. وترتبط جميع المكتبات بفهرس واحد هو: “فهرس الإمارات الوطني للمكتبات” الذي يوفر وقت وجهد الباحثين لدى البحث في قواعد بيانات المكتبات المتاحة، من خلال ربطها بواجهة بحث إلكترونية واحدة متاحة عبر شبكة الإنترنت من دون الحاجة إلى التنقل بين هذه المكتبات. نحو استعادة الدور الغائب يرى عدد من الباحثين وخبراء المكتبات أن مهمة المكتبة لا تقتصر على تقديم الكتاب للقارئ، ويعتقدون أن بإمكانها ردم الهوة أو الفجوة التي نشأت بين القراء والكتاب، وإخراج الثاني من عزلته القسرية التي فرضت عليه. لكن واقع الحال يقول إن المكتبة هي نفسها تعاني العزلة، وأن روادها ومريديها يتضاءلون يوماً بعد يوم، فكيف لفاقد الشيء أن يعطيه؟ هنا، ثمة اقتراحان ثقافيان جميلان في أبوظبي ربما يجيبان على سؤال كهذا، الأول تطبقه هيئة أبوظبي للسياحة والثقافة، وهو مشروع “حافلة كتاب” الذي يعتبر من أبرز المشروعات المكملة لدور المكتبة، إنه المكتبة الوطنية المتنقلة، وهو مشروع أطلقته مبادرة “كتاب” في نوفمبر 2009 في مقر هيئة أبوظبي للسياحة والثقافة، بالتعاون مع المركز الثقافي الألماني، (معهد غوته)، بالإمارات، وبدعم من هيئة أبوظبي للسياحة والثقافة. ولعل أجمل ما في هذا المشروع أنه يصل إلى المناطق النائية، ويسهل وصول الكتاب إلى الذين يحبون القراءة، لكنْ ظروف سكنهم وبعدهم عن العاصمة تحول بينهم وبين ذلك في بعض الأحيان. أما الثمرة المنتظرة لهكذا مشروع فهي ارتقاء الوعي العام ونشر القراءة والمطالعة بين الأطفال والشباب الذين من بينهم ستظهر، في قابل الأيام، المواهب الواعدة والشعراء والأدباء والمتميزون، في مجالات العلم والفن، وغيرها. ويبدأ عمل “حافلة كتاب” بتوجهها إلى إحدى المناطق لمدة أسبوع كامل، حيث تقوم بجولات صباحية على المدارس. يزورها الطلبة الذي يتعرفون هناك إلى قراءة الكتب، باستخدام أساليب مبتكرة، بينما يتلقى المدرسون ومديرو المدارس ردود الطلاب ومعلومات عن كيفية تطبيق تقنيات القراءة في الفصول الدراسية. أما الزيارات المسائية فتتم بناءً على طلب من الجهات المختلفة التي ترغب في استضافة الحافلة. تحمل “حافلة كتاب” على متنها المئات من الكتب العربية والإنجليزية المختارة بدقة وعناية سواء من الكتب الخيالية التي تستهوي فئات واسعة من عشّاق الكتاب من مختلف الأعمار، كما تتيح فرصة متميزة لأولياء الأمور لزيارة الحافلة مع أطفالهم وتحسين عادات القراءة والبحث عن كتب مختلفة لأبنائهم ولأنفسهم. وبسبب الصدى الجيد والمردود الإيجابي التي وجدته فكرة الحافلة لدى المعلمين وأمناء المكتبات وأولياء الأمور، قررت هيئة السياحة والثقافة إضافة خمس حافلات جديدة إلى أسطولها لتلبية الطلب المتزايد من مختلف المؤسسات التعليمية. أما المعنى الثاوي في متن فكرة كهذه، فهو التجسيد العياني الحي للشراكة المجتمعية المستدامة بين عدد من المؤسسات الحكومية والقطاع الخاص والمنظمات غير الربحية حيث تحظى برعاية كل من مبادرة زايد العطاء وغرفة أبوظبي للتجارة والصناعة ومواصلات الإمارات والمركز الثقافي الألماني في منطقة الخليج (غوته) والسفارة السويسرية وأبوظبي للإعلام وبلدية العين. مختصر القول، تمثل “حافلة كتاب” المجهزة تجهيزاً جيداً حالة ثقافية وطريقة مبتكرة في التعاطي مع الكتاب، فهي تتجول في عدد من مواقع أبوظبي والعين والمنطقة الغربية بما فيها المدارس الابتدائية والأماكن العامة والحدائق والمراكز التجارية، لتقدم المعرفة للراغبين من التاسعة صباحاً حتى الثانية عشرة ظهراً، ومن الخامسة عصراً إلى التاسعة مساء.. وهي إذ تجمع في قلبها ما بين 15 إلى 20 شخصاً إنما تدنيهم من قلب المعرفة المتوهج وتفتح لهم عوالمها الملونة. أم الاقتراح الثاني فتطبقه وزارة الثقافة والشباب وتنمية المجتمع، وهو “القوافل الثقافية”، هذه القوافل التي تحمل الثقافة في تجلياتها المتنوعة، وتذهب بها إلى مناطق الإمارات كلها. وقد أثبتت التجربة أن تقديم الثقافة على هذا النحو وجد قبولاً من الناس، ربما لحيويته وتنوعه واتصاله بذاكرة البلد الثقافية وتقاليدها وتراثها المحكي، ما يعني أن مسألة العزوف عن القراءة التي لا يكف المثقفون والناشرون والمبدعون من الحديث عنها يمكن أن تجد لها حلولاً بهذا الشكل أو ذاك.. وعندما يعتاد الناس على القراءة، فإن علاقتهم بالمكتبة سوف تتعافى بالتأكيد، وربما يعود إلى المكتبات بريقها، وتخرج من فتنة الخاصة إلى فتنة العامة.. وتظهر كنوزها إلى العلن. ثمة أمر آخر: كلمة السر أو السحر التي ستحقق للكتاب حضوره، وللمكتبة فاعليتها، وللمجتمع رقيه الثقافي، هي الطفل، أعني تربية الطفل على حب القراءة، وتعويده على صداقة الكتاب، وما ينقش في الصغر لا يفلح في محوه أو تغييره لا الكبر ولا مغريات الحياة العصرية مهما اتسعت...
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©