السبت 20 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

جماليّة الحرب كما يراها جيس غلين غراي!

جماليّة الحرب كما يراها جيس غلين غراي!
14 يونيو 2012
تجمع الصّحف الأنجلو ـ ساكسونيّة والأوروبيّة على أن كتاب جيس غلين غراي الذي حمل عنوان “في قلب المعركة: أفكار عن الرّجال في الحرب” الصّادر عام 1959 والذي أعيد إصداره راهنا، يختلف عن جلّ الكتب التي تتحدّث عن الحرب العالميّة الثانية. كما هو يختلف عن الكتب النّظريّة التي خصّصت لتحليل الحرب فلسفيّا مثل تلك التي ألّفها كلّ من كلاوسفيتز، وهوبس، وهيغل. فقد سعى مؤلّفه الذي كان قد درس الفلسفة الألمانيّة في سنوات شبابه، أن يتناول موضوع الحرب من خلال تجاربه اليوميّة في ميدان المعركة، ومن خلال العلاقات بين الجنود. وكان جيس غلين غراي المولود عام 1913، والمتوفّي عام 1977، قد التحق بالجيش عام1941، أي في نفس السّنة التي أعلنت فيها بلاده الحرب على ألمانيا النّازيّة ومساندة بريطانيا وفرنسا. وقد أمضى سنوات الحرب المريرة متنقّلا بين إيطاليا وفرنسا وألمانيا حيث كان مكلّفا بالكشف عن الجواسيس المعادين للحلفاء وإبطال مخططاتهم وفضح مؤامراتهم. وخلال ذلك انشغل بتدوين ملاحظاته وأفكاره وآرائه حول تجاربه الخاصة وحول تجارب الآخرين أيضا. وذلك ما سوف يشكل مادة الكتاب في ما بعد. وفي كتابه، يدين جيس غلين غراي بشاعة الحرب متوقّفا عند أهوالها وجرائمها، وفي نفس الوقت هو يسعى الى إقناعنا بالجوانب الجمالية والإيجابية فيها وتلك الجوانب هي التي تجعل الجنود والضباط وكبار الجنرالات ينجذبون إليها وبها يعجبون حتى وإن كانوا يكرهونها وينفرون منها. لذلك يتحدّث البعض من هؤلاء وهم في قلب المعركة أو بعد نهايتها عن “اللّحظة الشعريّة” في حياتهم! وقد عبّر الجنرال الأمريكي الجنوبي روبرت أي. لي عن آفتنانه بالحرب قائلا: “من حسن الحظّ أنّ الحرب مرعبة للغاية وإلأّ كنّا فتنّا بها واستمتعنا بمشاهدها”. ويعترف جيس غلين غراي أنه وجد المتعة أكثر من مرّة وهو في قلب المعركة، أو تحت قصف الطائرات أو وهو يشاهد الجنود وهم يقاومون بشدة ويموتون بشجاعة ويتبادلون الطرائف تحت وابل من الرّصاص والقنابل، ويهبّ كلّ واحد منهم لنجدة الآخر إذا ما جرح!. ومن خلال تجاربه هو اكتشف أنّ مشاعر الأخوّة بين الجنود تحضر بقوّة عند آحتداد المعارك فتضمر الأنانيّة، ويصبح كلّ جنديّ نصيرا للآخر وأخا له في السّراء والضّراء. وبحسب جيس غلين غراي، تبرز الحرب أيضا الرّغبة الجنونيّة لدى الإنسان في التّدمير والقتل. وهو يفعل ذلك بمتعة كبيرة: “كلّ واحد شاهد جنود المدفعيّة في ميدان المعركة، أو هو نظر في عيون الجنود الخارجين للتّوّ من معركة شرسة ودامية، أو أنه درس المواصفات التي يقدّمها الطيّارون عن مشاعرهم وهم يقصفون الأهداف المكلّفين بقصفها سيستخلص في النّهاية أنه من الصّعب عدم الإقرار بأنّ هناك متعة في التّدميروالقتل”. وهناك صفحات مؤثّرة جدّا في الكتاب وفيها يتحدّث الكاتب عن الجنود وهم يواجهون موتا أصبح محتّما، وعن مشاعر الرّحمة والشّفقة التي يشعر بها العدوّ أمام ألم عدوّه. ويكتب جيس غلين غراي قائلا: “الحرب تكشف عن مظاهر الطّبيعة البشريّة والتي هي فوق وتحت المقاييس المقبولة من طرف الإنسانيّة”.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©