الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

أنماط الاستهلاك وإرادة التغيير

3 أكتوبر 2017 22:41
إن تغير أنماط الاستهلاك التدريجي العالمي نحو الطاقة البديلة ولأسباب بيئية واقتصادية، وتراجع أسعار الطاقة التقليدية من النفط والغاز، شكل تحدياً مهماً وخطيراً لاقتصاديات الدول المنتجة لها، وخصوصاً تلك التي تتصف بأنماط استهلاكية عالية، في مثل هذه الاقتصادات تميل فيها كفة الواردات على الصادرات، حيث تغطي وارداتها معظم أنماط استهلاكها من سلع وخدمات، وهو ما يشكل خللاً كبير في ميزان مدفوعاتها وينعكس سلباً على قوة اقتصادياتها مستقبلاً لاعتماد دخلها القومي بشكل كبير على النفط والغاز الذي يمثل شكلاً أحادياً بعيداً عن التنوع في ناتجها القومي، وهو طريق يؤدي إلى الانهيار خلال ربما أقل من عقدين من الزمان إن لم تسارع إلى تلافي تلك الفجوة والعمل على تقليصها خلال تلك الفترة الزمنية الضيقة والحرجة. ومن هنا تبدأ الحاجة إلى بناء مشروع اقتصاد متنوع ومتعدد من مصادر الدخل القومي، وهي مهمة وطنية وبامتياز وغاية صعبة المنال، تحتاج إلى تجرد وشعور وطني يتسم بالقوة لاجتياز العقبات، وهو مقوّم وركيزة أساسية في مفهوم قيام وبناء الدولة الوطنية الحديثة، لمواجهة التحديات الكبيرة والمتعددة والمتجددة والمتغيرة دوماً من حولنا، وهي معادلة من الصعوبة بمكان تحقيقها اليوم، ضمن عالم تحكمه الكثير من المصالح والتفاهمات المتقاطعة، فهو سوق عالمي كبير بدأت تتحكم فيه، ومنذ عقود شركات عابرة للحدود والقارات اتخذت شكل اندماج واتحادات عالمية للمصالح بحثاً عن المواد الأولية وأسواق العمل واليد العاملة قليلة التكلفة وكثيرة الوفرة والرخيصة من أجل تقليل التكاليف لغرض البقاء والاستمرار داخل منظومة المنافسة المتوحشة والمتصاعدة في كسب الأسواق وما أطلق عليها اصطلاحاً الحروب الاقتصادية. لقد اتخذت هذه الشركات الكبرى والاتحادات مسميات أطلق عليها «الترستات والكارتلات»، ومن بين أهم نشاطاتها الاقتصادية السلاح والطاقة والتكنولوجيا والغذاء والدواء، وطبعاً تتبعها صناعة العصر والقاطرة الجديدة ألا وهي الإعلام، التي هي بطبيعة الحال سلاح ذو حدين، إنها سلسلة متشابكة ومعقدة ولكنها مترابطة وبشكل مؤسسي متجذر، وهي بطبيعة تكوينها الهيكلي لا تملك معالم أو جنسية، بل تعدت ذلك المفهوم الضيق وعبرت الحدود الجيوسياسية حول العالم، إن مثل هذه القوى الكبيرة أصبحت تشكل وتمثل لوبيات مؤسسية حول العالم، وتؤثر في صناعة القرار السياسي والاقتصادي للكثير من البلدان، وكذلك أنماط الإنتاج والاستهلاك، وبات لها تأثير كبير حتى في تغيير الحدود والتقسيمات التقليدية للكثير من البلاد تبعاً وتوافقاً مع ما تقتضيه مصالحها، وهو مما أدى وبالنتيجة إلى تغيير الكثير من الأنظمة السياسية التقليدية وحسب الحاجة المتغيرة لتحقيق أهدافها، بما فيها تمويل حركات التمرد والحروب الأهلية التي باتت تسمى الحروب بالإنابة. مؤيد رشيد
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©