الجمعة 19 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
التعليم والمعرفة

«الذاكرة والخوف» و«العميان».. إبهار بصري ورؤية فكرية مبدعة

«الذاكرة والخوف» و«العميان».. إبهار بصري ورؤية فكرية مبدعة
3 أكتوبر 2017 23:46
عصام أبو القاسم (الاتحاد) وصلت عروض الدورة السادسة من مهرجان كلباء للمسرحيات القصيرة إلى ذروة مستوياتها الجمالية والفكرية مع العرضين اللذين شاهدهما الجمهور مساء أمس الأول: «الذاكرة والخوف» الذي أعده نصه وأخرجه سعيد الهرش، و«العميان» من تأليف موريس ميترلنك وإخراج يوسف القصاب، وهو ما أكدته إفادات المتداخلين في الندوتين النقديتين اللتين تلتا تقديم العرضين. عرض «الذاكرة والخوف» الذي جاء مستلهماً مسرحية «الملك لير» لوليم شكسبير، اتسم بالحيوية في مجمل عناصره السمعية والبصرية: في الأداء التمثيلي، وفي التشكيلات الحركية الجمعية والفردية للممثلين، والمصحوبة ببقع الضوء وظلاله وألوانه والمحكومة بالمؤثرات الصوتية المجسمة والمعبرة. واستند العرض على الخط الرئيس في مسرحية «الملك لير» التي تحكي عن ملك يوزع ملكه على بناته الثلاث حين يتقدم به العمر ويرغب في الراحة، لكنه يرغب في اختبار محبة وإخلاص كل واحدة منهن له!. البنت الصغرى هي الوحيدة التي لن تتملق والدها ولا ترى أن محبتها له بحاجة لاختبار مماثل لتظهرها له. ولكنه يخطئ في تقييم عواطفها تجاهه ويمنحها النسبة الأقلّ من إرثه! لاحقاً ستضعف المملكة وتتقسم ويبدأ كل شيء في التداعي. من هنا، أي من لحظة انهيار المملكة وسقوطها.. يبدأ نص «الحريق» الذي كتبه المسرحي العراقي الراحل قاسم محمد، وعمد المخرج الواعد سعيد الهرش إلى إعداده بطريقته وإخراجه، حيث نكون بإزاء لوحة مسرحية أشبه بمحاكمة قضائية، يُجابه فيها الملك بأسئلة البهاليل حول مسؤوليته في ما لحق بالبلاد من خراب حين قسم المملكة بين بناته بلا حكمة أو تبصر. حشد الهرش الخشبة بأكثر من «بهلول»، حاصروا الملك بأصواتهم ووجوههم وضيقوا عليه المكان، كما وظف المجسمات الخشبية في أشكال عمودية، بحيث تبدو أشبه بمنصات القضاة، ووضع في وسط الخشبة «كرسي الملك» الذي بدأ أقصر مقارنة بمنصات البهاليل/‏ القضاة. ولإضفاء بعد راهن على العمل عمد المخرج إلى إظهار «الملك» في لباس عصري، عكس البهلول، كما بنى بعض المشهديات التمثيلية بلهجات عربية (عراقية وسورية..إلخ) لفتح دلالة العرض على ما يحصل في الجغرافية السياسية العربية. اما العرض الثاني «العميان»، فلقد قدم توليفة بصرية ثرية، مشكلة من الألوان والأضواء والأزياء، على درجة عالية من الشاعرية. والعرض قارب حالة ثلة من العميان فقدت سبيلها إلى الملجأ وتاهت في غابة كثيفة في يوم شديد البرودة: أين الطريق إلى العودة، وإلى أين يمكن أن يأخذ هذا المسار إلى الأمام أم إلى الخلف، ومن يمكن أن يأتي، ومن أين تصدر هذه الأصوات وفي أي وقت يحصل هذا؟ هذه هي الأسئلة التي تطرحها المجموعة التائهة من فاقدي البصر، في يأس وقلق وخوف. ويمكن القول، إن المخرج «القصاب» أفلح بقدر ملحوظ في عكس هذه الحالة الرمزية المعقدة عبر ما اقترحه من مناظر تعبيرية دالة، يتداخل فيها الضوء مع الظلال والعتمات ولمعات الأقمشة والأكسسورات، مع خلفية موسيقية مرهفة أضفت على الملمح العام للعرض حالة شجية شديدة الوقع والتأثير.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©