الجمعة 29 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
علوم الدار

كيف أخطأنا في تقدير قوة ترامب ؟!

كيف أخطأنا في تقدير قوة ترامب ؟!
16 نوفمبر 2016 23:17
التحيز ، والاعتماد المفرط على استطلاعات الرأي، ووجود عدد قليل جدا من المراسلين الذين يتحدثون إلى الناخبين في الولايات الجمهورية (الحمراء)... هذه ليست سوى القليل من العوامل التي ساهمت في الفشل الذريع الذي منيت به الصحافة الأميركية يوم الانتخابات: فقد أخطأ الصحفيون في جميع أنحاء الولايات المتحدة بشكل كبير في تقديرهم لعدد الأميركيين الذين كانوا يدعمون المرشح الجمهوري دونالد ترامب. والآن وبينما يتوجه ترامب إلى البيت الأبيض، يواجه الصحفيون سؤالين مهمين.. الأول هو: كيف فشل الإعلام عموما في تقدير الدعم الذي يحظى به ترامب بين الناخبين الأميركيين؟ والثاني هو: كيف سيتصرف «الرئيس» ترامب الذي أمضى حملته في انتقاد الصحفيين، عندما سيقف أمامهم في غرفة الإعلام بالبيت الأبيض؟ ولكي نفهم القضيتين بشكل أفضل، أجرى الموقع الإلكتروني «بوينتر» للصحافة مقابلات مع عدد من المراسلين والمحررين وكتاب الأعمدة في الصحافة الأميركية ومراقبي وسائل الإعلام، الذين أوضحوا أين أخطأت وسائل الإعلام تحديدا في تغطيتها للانتخابات. استطلاعات الرأي ضللتنا! لم تغب هذه الموجة عن وسائل الإعلام، لكن حجمها أسيء تقديره. وسيستغرق الأمر شهورا لنفهم بشكل كامل الإخفاقات التي حدثت في استطلاعات الرأي والتصويت. غير أن الفشل الصحفي لم يكن فقط خطأ الثقة التي لم تكن في محلها في استطلاعات الرأي. لقد كان هذا جزءا كبيرا منه، لكن هناك عوامل أخرى عديدة، مثل تحيز وسائل الإعلام وبعض التمني وفشل في التخيل. كان هناك صخب كبير قادم من مراكز الاقتراع بالريف، ولم يتنبه الصحفيون على الساحل الأميركي لذلك. وتذكرنا انتخابات الثلاثاء بأن الميديا الأميركية لا تغطي عدم المساواة العرقية والطبقية جيداً. لكننا لا يمكننا شجب فشل النخبة من وسائل الإعلام وتجاهل العوامل الأخرى. فالحملات الانتخابية نفسها أساءت التقدير. ولم يتوقع الكثير من مساعدي ترامب الفوز. ولم تتوقع الأسواق والمؤسسات الأخرى ذلك أيضا. كما أن الصحفيين يسترشدون بهذه المصادر، والتي ساهمت جميعها في هذا الوهم الجماعي. «برايان ستيلتر»، مقدم برنامج - شبكة سي إن إن كنا مسحورين بفكرة استحالة انتخابه! الأمر لم يغب عنا تماما. لقد أسأنا تقديره، وربما كان الأهم من ذلك أننا قللنا من أهمية رفض كثير من الأميركيين لعودة آل كلينتون للبيت الأبيض. لقد كان من الصعب عدم رؤية الحشود الهائلة التي تهتف خلال تجمعات ترامب، وبالتأكيد كانت هناك الكثير من القصص التي استوعبت جيدا كيف كان رد فعل المواطنين من غير سكان المدن والمقيمين بعيدا عن الساحل. وكنا أيضا نعرف أن مؤيدي بيرني ساندرز (منافس هيلاري كلينتون في الحزب الديمقراطي) الذين كانوا متحمسين للغاية لترشيحه شعروا بخيبة أمل عميقة من الطريقة التي عومل بها، وكانوا غير متحمسين تجاه كلينتون كمرشحة. وبينما استمر توارد الأخبار عن إصرار الحزب الديمقراطي على ترشيح كلينتون، وعن تحقيق مكتب التحقيقات الفيدرالي في ممارساتها بشأن البريد الإلكتروني، فشلنا في فهم عمق الكراهية الناتجة عن كل ذلك. وكامرأة، فإنني أيضاً أرى هنا عنصر التمييز على أساس الجنس والذي فشلنا في تقديره تماما مقدما. وأعتقد أن هذا كان عاملا مهما، على الرغم من أنني لا أستطيع إثباته. وأخيرا، بالنسبة للعديد من الصحفيين المثقفين والليبراليين، لم يكن ممكنا تصور فكرة ترامب كرئيس - بالنظر إلى بعض تصريحاته ضد الأجانب أو تنطوي على تمييز وفق الجنس، وطبيعة السلوك المثير للجدل أحياناً. لذا فقد انخرطنا في تفكيرنا السحري أن هذا لا يمكن أن يحدث، حتى حدث بالفعل. «مارجريت سوليفان»، كاتبة في واشنطن بوست للأسف .. الإعلام لا يعرف المهمشين على مدار التاريخ، كانت وسائل الإعلام تفتقر إلى تغطية الناس الذين يشعرون أنهم مهمشون. ورغم ذلك، في صالات الأخبار في جميع أنحاء هذا البلد، كانت هناك نقاشات تدور عن كيفية القيام بتغطية شاملة. إن الأمر يحتاج إلى عمل شاق ولم نستطع دائما القيام بذلك على أكمل وجه. وعلى الرغم من أننا نرفع دوما شعار الموضوعية إلا أننا اعتمدنا في هذه المناسبة على تقديرنا نحن للخطأ والصواب. «جو دون مارشال روبرتس»، مدير التحرير السابق - واشنطن بوست لسنا وحدنا المخطئين أخبرتنا بعض استطلاعات الرأي شيئًا آخر، لذا لم يكن وحده الإعلام بل إن المجتمع بأكمله والحملات الدعائية التي لم تر أن ذلك ما سيحدث متورطة في الأمر أيضا. ولكني شهدت مشاعر المؤيدين لدونالد ترامب ممثلة من خلال الإعلام، وتحدثنا مع هؤلاء المؤيدين وفهمنا سبب شعورهم بهذا الشكل. وأرى أن سبب تأييدهم لترامب سيتضح إذا نظرت إلى وسائل الإعلام. لقد قمنا بإجراء بعض التصويت في ولايتنا وكان تصويتنا متكتمًا جدا وأظهر تأييدًا لكلينتون. والفرق الذي رأيناه كان بين الأشخاص الذين وصفوا أنفسهم بأنهم مستقلون والذين اتجهوا إلى ترامب في صناديق الاقتراع. تحدثنا أيضا مع الناخبين الذين قالوا: «أعلم أن هناك عيوبًا في مرشحي، ولكني سأرشحه على أية حال»، لذا لم تكن مسألة دعمهم بسبب أن لديهم إحساس بأن مرشحهم معصوم من الخطأ. وأعتقد أنه كان هناك رؤى معينة. ولكني أرى أن الاستطلاعات العامة هي السبب في توجيه الجميع إلى الاتجاه الخاطئ. سوكي دارداريان- مدير تحرير جريدة مينابوليس ستار تريبون القصص الخادعة التي انتشرت عبر فيسبوك لا يوجد شرح واحد بسيط وواضح للأمر، وإلى حدٍ ما يرجع ذلك إلى استمرار الصحافة السياسية والعديد من مصادرها في العمل في غرفة مغلقة لا يسمع فيها الصحفيون سوى صدى أفكارهم.. والنتيجة بالتالي هي تدعيم وتضخيم افتراضات المسؤولين في غرف الأخبار. يمكننا أيضا أن نلقي باللوم على استطلاعات الرأي التي أخبرتنا بالمرشح المتقدم أو المتأخر ولكن لم تفسر السبب بشكل كافٍ. ويمكننا أن نفترض أن التجمع المتزايد للصحفيين على السواحل يعني أن الصحافة لا تتفهم بشكل كافٍ ما يحدث في المناطق الداخلية من الولايات المتحدة. جميع هذه العوامل ساهمت في العجز عن فهم عمق الشعور السائد بين الناخبين بالاستياء من المؤسسات السياسية القائمة (بما في ذلك الصحافة والإعلام عموما). ولكني أشعر أن هناك عاملين آخرين يستحقان الاهتمام وكلاهما يتعلق بالصحافة في العصر الرقمي. الأول والأكثر وضوحًا هو القدرة المتزايدة للمرشحين على التحكم في رسالتهم وتقديمها دون تدخل وبشكل مباشر إلى الجماهير المستهدفة، حيث يتجاوزون المتحكمين في الإعلام التقليدي ويتحدثون مباشرةً إلى الناخبين الذين إما يريدون الاستماع لمن يعزز وجهات نظرهم أو ليس لديهم الفضول الكافي لاكتشاف مصادر أخرى تعكس وجهات نظر مخالفة، والثاني هو أننا نحتاج إلى اكتشاف أعمق لتأثير القصص الخادعة التي انتشرت على وسائل التواصل الاجتماعي لا سيما الفيس بوك. وفي هذا الانتخاب، كان هناك عدد هائل من القصص المزيفة تحت قناع الصحافة الشرعية. وهذه القصص مثّلت جزءًا كبيرًا من التضليل الذي يميل لتصديقه الكثيرون الذين لا يفهمون أهمية معرفة الإخبار الحقيقية. آندي أليكساندر، أستاذ صحافة بجامعة أوهايو، وصحفي سابق في واشنطن بوست علينا الاعتراف بالحقيقة! أتمنى لو كان لديّ إجابة كاملة بهذا الصدد. أعتقد أنه من الواضح أننا اعتمدنا كثيرًا على استطلاعات الرأي. في ولاية ويسكونسن، مثلا لدينا استطلاع جامعة ماركويت الذي ثبت أنه يمكن الاعتماد عليه بشكل ملحوظ في الانتخابات السابقة، والذي أظهر بشكل شديد الوضوح أن هيلاري كلينتون تتصدر السباق نحو البيت الأبيض. ويشبه ذلك القصة التي كنت تراها في كل استطلاع. لذا فبالإضافة إلى الاستطلاع العام كان لديك أيضا تصويتًا في كل ولاية يخبرك بالنتيجة نفسها. وإذا أردنا أن نكون متعمقين وصادقين، فعلينا الاعتراف بأننا كصحفيين ربما لم نكن مرتبطين مع عدد كافٍ من الناخبين في جميع المراحل. ففي تعاملاتنا مع الناس في حياتنا الشخصية والمهنية لم نكن نرى موجة التأييد التي قادها ترامب نحو الفوز. جويل كريستوفر- يو. إس. ايه توداي نيتورك أنصار ترامب يحتاجون إعلاماً يفهمهم ويفهمونه! صناعة الأخبار التي تهيمن عليها نظرتها لنفسها كإعلام يتوجه للعالم بأسره ، تحاول خلق منتج إعلامي واحد للجميع. ونظرته العالمية هذه محدودة بالنظر إلى افتقار صانعيه إلى التنوع العرقي والاقتصادي والجغرافي والسياسي (ودعنا نقر أخيرًا بأن معظم وسائل الإعلام والصحفيين ليبراليون). لذا يجب علينا العمل بشكل أفضل على الاستماع إلى مزيد من المجتمعات: الأفريقية الأميركية، واللاتينية، وأصحاب مختلف التوجهات الجنسية، وبالطبع المجتمعات النسائية، والناخبين البيض من الرجال (والنساء) الذين أوجدوا ما يطلق عليه «ترامبيزم Trumpism»، لذا يمكننا فهم احتياجاتهم والتعاطف معها وإشباع تلك الاحتياجات وكسب ثقتهم، ثم توضيح آرائهم العالمية والإخبار عنها. وأعتقد بأنه يجب على الإعلام والممولين البدء في إقامة مصادر إخبارية جديدة تزود المحافظين بتغطية صحفية مسؤولة وقائمة على الحقائق حتى لا يكون أمامهم فقط الخيارات الوحيدة الموجودة أمامهم الآن مثل قناة فوكس نيوز وموقع بريتبارت ودرودج وغيرها. جيف جارفيز- مدير مركز تو نايت للصحافة التجارية كنا بعيدين عن الناخبين إن المؤسسات الإخبارية لاسيما أكبرها حجمًا ومكانة تضع كثيرًا جدا من أسهمها (والعديد جدا من مواردها) في «علم» الاقتراع التنبؤي. ومع انحدار قيمة الهواتف الأرضية وانتشار وإمكانية تنقل الهواتف الخلوية والميل الواضح للعديد من الناخبين لتجنب أو الكذب على مستطلعي الآراء، أصبح الأمر كالفرضية القائلة «المدخلات الخاطئة ستؤدي إلى مخرجات خاطئة». فلا يهم كم من عشرات ملايين المرات التي تقوم فيها بصياغة البيانات ما دامت البيانات في الأساس خاطئة للبدء بها. وفي الوقت نفسه تناقص عدد المراسلين الصحفيين الموجودين في الميدان لاسيما في المدن الصغيرة والمناطق الريفية بشكل كبير خلال العقد الماضي مما جعلنا معتمدين بشكل كبير على الصحفيين الموجودين في نيويورك وواشنطن العاصمة والذين أنشؤوا حسابات مبتذلة لمؤيدي ترامب. لقد كانت مجساتنا الصحفية بعيدة جدا وقليلة جدا وقصيرة جدا. ديفيد بوردمان- عميد كلية الإعلام والاتصالات بجامعة تيمبل
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©