الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

انتخابات نوفمبر... تخمينات متضاربة

11 سبتمبر 2010 21:36
تشير آخر استطلاعات الرأي العام إلى أن سخط الناخبين الأميركيين من "الديمقراطيين" وإدارة أوباما قد أوصلهم إلى حد الاستعداد لصفعهم في انتخابات نوفمبر المقبلة، بالتصويت لصالح "الجمهوريين" على رغم استمرار استيائهم من "الجمهوريين"، حسب نتائج الاستطلاعات نفسها. وعليه، فنحن لسنا في مواجهة موجة جديدة من الموجات الانتخابية، بقدر ما هي تعبير عن تقلبات حالة مزاج الناخبين الأميركيين. إنه ليس أسوأ من أن يتراجع تأييد الناخبين للديمقراطيين إلى نسبة 33 في المئة فحسب، وفقاً لنتائج استطلاع الرأي المشترك الذي أجرته كل من شبكة "إن. بي. سي. نيوز" و"وول ستريت جورنال". غير أن النتائج نفسها أشارت إلى تراجع شعبية "الجمهوريين" إلى 24 في المئة لا أكثر. ومع ذلك ينوي الناخبون التصويت لصالح "الجمهوريين" بفارق هامش انتخابي لا يقل عن 10 نقاط انتخابية كاملة. وهناك من المحللين والمراقبين من يتنبأ بفوز الحزب "الجمهوري" بما يتراوح بين 45-60 مقعداً من مقاعد مجلس النواب، وهو عدد يكفي لتنصيب زعيم الأقلية في المجلس "جون بوهينر" رئيساً للمجلس عقب انتخابات نوفمبر المقبل. هذا ما أكده استطلاع للرأي أجرته مؤسسة "جالوب" مؤخراً. ولكن يقول لي حدسي الشخصي، إنه لا يزال في وسع "الديمقراطيين" التخفيف من ضخامة هذه الخسائر الانتخابية الكبيرة، فيما لو أحسنوا إدارة تمويل حملتهم المقبلة، وفيما لو استفادوا من مزايا وجودهم الحالي في مقاعدهم التشريعية، بل ربما يتمكنون من تجنيب نانسي بيلوسي -رئيسة مجلس النواب حالياً- مغادرة منصبها. ولكن لا يعني هذا التقليل بأي حال من عواقب ردة فعل المزاج الشعبي العام إزاء أداء الحزب "الديمقراطي". وعلى رغم أنه ليس من الحنكة السياسية أن تثار الأسئلة الرئيسية ذات الصلة بقياس مدى حكمة شعب ما، فإنه يستحيل علينا الآن ألا نتساءل عن البديهي في الشارع الأميركي اليوم. ومن دون قصد مني لإثارة غضب أحد ما، فإن من الواجب أن نقر ما هو بديهي في سلوك الناخبين الأميركيين اليوم: ذلك أنهم يتعاملون الآن كما لو كانوا أطفالاً مدللين في الساحة السياسية في بلادنا. وينبغي أن أؤكد القول إنني لا أثير حججاً سياسية تنطلق من موقف سياسي بعينه. فاتجاهاتي السياسية تكاد تكون معلومة للجميع. ولكن الذي أقصده هو تفسير هذا المزاج الانتخابي الساخط الذي يرفض النظر بما تقتضيه الجدية إلى حقيقة الأوضاع القائمة والتحديات الكبيرة التي تواجهها بلادنا. وبسبب هذا الرفض المستمر، فقد أدار الناخبون ظهر المجن لمرشحي الحزب "الجمهوري" في انتخابات عامي 2006 و2008، والمتوقع الآن أن يتجرع "الديمقراطيون" من ذات الكأس التي شرب منها خصومهم" الجمهوريون" في نوفمبر المقبل. وبحلول عام 2012 ربما ترتد الصفعة الانتخابية تارة أخرى إلى "الجمهوريين". بعبارة أكثر وضوحاً ومباشرة في تفسير تقلبات المزاج الانتخابي الأميركي هذه يجب القول: إن الناخبين يطالبون بالمستحيل: حزمة من الحلول السريعة وغير المؤلمة لجميع المشاكل والتحديات التي يواجهها المجتمع، وهي حلول لا تتحقق إلا في عالم السحر والخرافات كما نعلم. والغريب أنه دائماً ما يتكرر من الناخبين مجاراة التطلعات المستحيلة للناخبين، ويقطعون الوعود والعهود على أنفسهم بتحقيقها عند خوضهم سباقاتهم وحملاتهم الانتخابية. لكن وعلى إثر صعودهم -الساسة- إلى سدة الحكم واتخاذ القرارات الصعبة المؤلمة والبطيئة، سرعان ما يجدون أنفسهم مرغمين على شرح الواقع الفعلي للناخبين، ومحاولة إقناعهم بأن الأمور لا تسير على النحو السهل السريع الذي يحلمون به. وهنا ينشأ الإحباط ويبدأ سخط الناخبين من ساستهم الذين صوتوا لصالحهم. والمقصود بهذه الأمور كما نعلم، جملة من القضايا والمسؤوليات الكبيرة المعقدة مثل: إعادة هيكلة الاقتصاد القومي ومؤسساته المالية، وتجديد البنية التحتية المتآكلة باطراد، إصلاح نظام الرعاية الاجتماعية غير المستدام، مواجهة التحديات الأمنية الكبيرة، بما فيها خطر الإرهاب الدولي، إعادة أميركا إلى موقعها القيادي العالمي -بما في ذلك حسم حربيها الدائرتين في أفغانستان والعراق لصالح الاستقرار والأمن والسلام العالمي- وغيرها من بقية القضايا الشائكة المعقدة التي لا يمكن تصور حلها بين ليلة وضحاها بأية حال، لأنها تتطلب سنوات طويلة من الجهد والصبر والعمل. ولكن المشكلة أن الأميركيين لا يريدون سماع شيء من هذا التفكير الواقعي الصبور، إنما يحلمون بأن يمتطي صهوة القيادة بطل سحري قادر على حل هذه المشاكل جميعاً...والآن! وفي وسع أوباما أن يشير اليوم إلى ما فيه تحذير مسبق لناخبيه من أن حل هذه المشاكل سوف يستغرق عدداً من السنين، ويتطلب جهداً وتضحيات كبيرة منهم. غير أن ذلك لا ينفي حقيقة تغذية خطابات حملته الانتخابية لذات الوهم الشعبي المتطلع إلى المستحيل. فإلى حملته الانتخابية تعود تلك العبارة الشهيرة: "دعنا نغير العالم" وهي عبارة لم تتضمن أي إيعاز أو أدنى إشارة إلى أن تغيير العالم يبدأ من أميركا أولاً، وأن تغيير هذه الأخيرة سوف يكون بطيئاً ومؤلماً، وأنه سوف يستغرق عدداً من السنين قبل أن يبدأ الأميركيون جني ثمار صبرهم. كما يجب القول إن الشيء الوحيد الذي يوليه أوباما الاهتمام القيادي الكافي هو تحديد إطار تخطيطي مفصل للعمل الشاق الذي ينتظر إدارته، وما يتطلبه تحقيق الأهداف القومية من قيادة حملة جماعية طويلة ومكلفة، تتطلب تقديم التضحيات اللازمة لها من الجميع بلا استثناء. وعلى رغم تأخر أوباما -وحزبه "الديمقراطي"- عن الاطلاع بهذا الواجب، فإنه لا يزال قائماً، وهو أفضل من الاستمرار في بيع الأوهام والأماني المستحيلة التي يتمناها الناخبون. يوجين روبنسون محلل سياسي أميركي ينشر بترتيب خاص مع خدمة »واشنطن بوست«
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©