الجمعة 29 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

صمود حتى النهاية

صمود حتى النهاية
7 مايو 2006

أبعدت ابني الوحيد عن حضني بإرادتي ليعيش بعيداً عن وطنه وأسرته، كنت أفكر بحمايته من إخوته وأمهاتهم، فهم كأخوة يوسف لا يريدون بأخيهم خيراً، لم أرد أن أقحمه في حرب شرسة معظم أطرافها أشد كيداً من الشياطين أنفسهم· وفضلت أن أعيش وحدي في ضراوة تلك الحرب في محاولات مستميتة للحصول على حقوقي وحقوق ولدي البعيد·
زوجتان كانتا في حياة زوجي قبل أن يتزوجني، الأولى من أحد بلدان أفريقيا، والأخرى من بلد خليجي مجاور، كانتا متعاديتين عداء شديداً ولكنهما اتفقتا عليّ بعد أن تزوجني فصار همهما الوحيد هو التخلص مني بأي شكل·
سنين من الصراع المر الدامي عشتها وأنا في حالة خوف ودفاع مستمر عن النفس، وحيدة بلا سند، لا أهل ولا عصبة تدعمني وتقف بجانبي·
أحيانا أشعر وكأنني قد ضيعت عمري كله وأنا ألفُّ وأدور في هذه الدائرة المؤلمة في عجز كامل عن مواجهة براكين الشر التي تفجرت عليّ بكل طاقتها بعد رحيل زوجي رحمه الله·
القسمة والنصيب
والدي رجل أزهري وهب حياته لتدريس العلوم الشرعية والعمل بها، رافقناه بداية المشوار في رحلته إلى الجزائر، كنا أسرة صغيرة أنا وأمي وأخي الذي يكبرني، بقينا هناك لفترة ثم انتقلنا إلى هنا قبل عشرين عاماً تقريباً، كنت في السادسة عشرة من عمري أحلم بالمستقبل الباهر والحياة الرغيدة·
أنهى أخي الثانوية وسافر إلى أميركا للدراسة الجامعية وكان مخططاً أن ألحق به إلى هناك لولا تلك الفاجعة التي حلت بأسرتنا·
توفي والدي رحمه الله فتزعزع كيان الأسرة ولم يكن أمامنا سوى السكن مع أسرة عمي، وهو يعمل مدرساً في الدولة، ثم مرضت أمي وأصيبت بفشل كلوي وأصبحت حالتها خطرة، كانت تحتاج لتبديل الكلية لتعيش، وبالطبع فإن شراء كلية يحتاج لمبلغ كبير لا نقدر عليه·
كان لعمي صديق مواطن، هذا الرجل كان مدمناً على هواية غريبة وهي انه يتزوج النساء من جنسيات مختلفة ويطلقهن، هندية، صومالية، إيرانية، سودانية، كل الزيجات كانت قصيرة ولا تعمر طويلاً ولم تبق على ذمته إلا واحدة، وهي من إحدى الدول الخليجية المجاورة، وقد أنجبت له ستة أولاد· عندما مرضت أمي كنت أدرس في جامعة خاصة وأعمل بعد الظهر براتب ألفي درهم، ولم يكن سهلاً عليّ تدبير المال الذي أستطيع أن اشتري به كلية لأمي، فكرت بأن أتزوج من صديق عمي الذي خطبني منه فأشتري بمهري الكلية التي تحتاجها والدتي، وكنت معتقدة بأن هذا الزواج سيكون مؤقتاً، لأن الرجل لا يطيل البقاء مع النساء اللاتي يتزوجهن إلا مدة بسيطة، فأتحرر منه واستكمل دراستي وطموحاتي بعد شفاء أمي·
كان الرجل قد طلق آخر امرأة وهي افريقية قبل أن يتزوجني وكانت قد أنجبت له طفلاً واحداً·
تزوجنا ودفعت تكاليف عملية أمي التي أجريت لها بنجاح ولكن جسدها لم يتقبل الكلية الجديدة فحدث لها تسمم أودى بحياتها· رحلت أمي فمررت بمرحلة عصيبة من الحزن والتوتر والتعب النفسي، فوجئت بأن زوجي كان إنساناً حنوناً وعطوفاً وقف إلى جانبي بشهامة في تلك المحنة مما جعلني أتعلق به وأحبه كثيراً·
بداية الصراع
كنت أعتقد بأن علاقته بزوجته الأخيرة قد انتهت بطلاقها ولكن ما حدث هو غير ذلك، فقد جن جنونها عندما علمت بزواجه مني فحاولت العودة إلى ذمته وادعت بأنها حامل منه وهددته بأنها ستفضحه في كل مكان إن لم يردها وسترفع قضية ضده في المحاكم فخاف من تهديدها وأعادها إليه فأنجبت طفلها الثاني، فطلقها مرة أخرى ولكنها بقيت مصرة على العودة إليه، وادعت أيضاً بأنها حامل ليعيدها ففعل ما أرادت حتى أصبح لديها أولاد أربعة ثلاثة منهم ولدوا بعد الطلاق·
كانت تلك المرأة شريرة وشيطانه تستعين بالسحر والشعوذة لإيذائي وإيذاء زوجي، وقد أتعبتنا بكثرة تلك الأعمال الشيطانية فعشنا فترة طويلة في معاناة وتعب، استطاعت أن تصاحب الزوجة الأولى وأن تجعلها في صفها ضدي، وقد فعلتا المستحيل لتطليقي بعد أن شعرتا بأنه قد أحبني ولا يريد تطليقي·
عندما ازداد ضغطهما عليه قام بخدعة بسيطة ليبعدهما عن إيذائي حيث قام بتطليقي طلقة واحدة وأخذ ورقة الطلاق وأعطاهما نسخة منها ليحميني منهما ثم ردني إلى عصمته بعد يوم واحد من الطلاق· لم أعترض على ما فعل بل بالعكس فقد سررت بذلك لأنه لصالحي لكي أتخلص من تلك الايذاءات المستمرة والتي أتعبتني بشدة·
حملت بطفلي الوحيد وقررت أن ألده في بلدي ليتربى بعيداً عن دائرة الشر التي تلتف حولي، فأنا متأكدة بأنه لن يسلم من الأذى إذا عرفن بوجوده وبأنني لازلت على ذمة زوجي ولست مطلقة كما يعتقدن·
كان الأمر صعباً وغريباً ولكن هذا هو ما حدث بالضبط في حياتي الزوجية التي عشتها في خوف دائم·
مرت السنين وكلما كبر أولاد زوجي صاروا أكثر ظلماً وعدواناً، فقد تربوا على الحقد والمكر والدسائس، ذلك ما رضعوه من أمهاتهم وقد شبوا عليه فلم يعرفوا الرحمة حتى بوالدهم بعد أن تسببوا بإصابته بالشلل·
الوقيعة الكبرى
كان لزوجي مزرعة يربي فيها جماله التي يشارك بها في السباقات، وقد كان متعلقاً ببعض تلك الجمال المميزة التي رباها على يديه فاستغل أولاده فترة سفره فقاموا ببيع تلك الجمال والاستيلاء على ثمنها دون علمه· عندما عاد من سفره وعرف بالأمر أصيب بجلطة في الدماغ خلفته مشلولاً فاقداً للتركيز والحركة راقداً في المستشفى·
في هذه الفترة أحاطوا به وحاولوا كسب رضاه ثم صاروا يوقعوه على أوراق وشيكات لا يعلم ما في محتواها وهو في وضعه ذلك· فقاموا ببيع أحد ممتلكاته وسحبوا كل ما كان يملكه من مبالغ في البنك، وقاموا باستخراج الجوازات والجنسيات لهم ولأمهاتهم، أما أنا فلم يكن لي أحداً استند عليه بعد زوجي الذي لم يعد لي الحق في التواصل معه وتجاوز تلك العصابة التي تحيط به· تراكمت عليّ الديون لأنني كنت بحاجة للإنفاق على نفسي وعلى ابني البعيد فاضطررت لبيع العطور والبخور على البيوت، ولم أعرف كيف أتصرف لأحصل على أوراق أو مستندات تثبت حقوقي وحقوق ابني، فلا أملك سوى شهادة ميلاده وإقرار من زوجي بأنني لا أزال على ذمته وأن لديه ولداً مني·
توفي زوجي بعد مدة من مرضه وبقيت لوحدي أصارع المستحيل كي اثبت حقوقي وحقوق ابني وسط كل تلك العواصف الهائجة·
قمت برفع قضية أطالب فيها بحقوقي الشرعية في إرث زوجي الذي يقدر بأكثر من سبعة ملايين درهم هي ثمن ثلاثة بيوت مسجلة باسمه وهي تقع في مناطق حيوية وحساسة، ومؤخر صداقي البالغ 30 ألف درهم وحقوق ابني الذي يعيش خارج الدولة منذ ولادته·
ثورة الحقد
بالطبع فإن تلك القضية جوبهت بثورة هائلة من الحقد والغضب عليّ لأنهم ادعوا بأنني مطلقة من والدهم ولم يعيدني إلى ذمته، وأنني لم أنجب ولداً وأن كل ما أدعيه هو مجرد كذب وافتراء· ثم قاموا بتوكيل أربعة من المحامين الأكفاء الذين يجيدون التلاعب وصيد الأخطاء ضدي· هذا بالإضافة إلى محاولات تشويه سمعتي وإيذائي في كل مكان أذهب إليه·
لإخفاء حقيقة وجودي مع والدهم قاموا بأشياء يستغربها العقل، منها أن الشقة التي كان زوجي قد استأجرها على عمله وكانت مفروشة بالأثاث وفيها كل أغراضي وحاجاتي، فوجئت بأنهم قد استغلوا فرصة سفري للاطمئنان على ولدي وأخلوها من كل الأثاث والأشياء لمحو ما يدل على سكني مع والدهم ببيت واحد· وفي المزرعة كان هنالك عاملان يشاهدانني وأنا مع زوجي أحمل له الطعام يومياً، فوجئت بأنهم قد قاموا بتسفير العمال لكي لا يشهدوا معي·
أشياء كثيرة فعلوها من أجل أن يسلبوني حقي ولكنهم لم يستطيعوا طمس الحقيقة، فإقامتي لازالت على زوجي الراحل مما يثبت بأنني كنت على ذمته كل تلك السنين، كما أن الإقرار الذي كتبه لي بعد إعادتي على ذمته كافياً ليثبت حقي كزوجته·
استعنت بأحد المحامين ولكنه انسحب ولم يكمل المشوار بلا سبب معقول، أحاول قدر امكاني أن أصمد وأن استمر في طلب حقي وحق ابني مهما فعلوا بي لأنني صاحبة حق ولا يجوز أن أسكت عن حقي·
أسكن في غرفة عتيقة مليئة بالحشرات وأنا أحاول متابعة المواجهة وحضور جلسات المحاكم التي لا تبشر نتائجها بالخير، فهم عصبة ولديهم معارف، ولديهم من يساعدهم ويسندهم في كل الظروف، وأنا امرأة وحيدة وفقيرة لا أملك شيئاً سوى إصراري على أخذ حقي والمطالبة به مهما كانت الظروف·
اثنان وعشرون عاماً عشتها في هذا الزواج الغريب والذي استهلك عمري كله ولازلت فقيرة ولا أملك درهماً، فهل يعقل أن أترك حقي وحق ابني بهذه السهولة؟ لن أرضى بهذا الظلم وسأستمر حتى النهاية·
المصدر: 0
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©