الجمعة 26 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

الاقتصاد التركي... وخطر الاضطراب السياسي

15 يونيو 2013 22:12
توم بيتر أنقرة اتخذت الحكومة التركية خطوات لإنقاذ الاقتصاد الذي تعثر بسبب الاحتجاجات الممتدة على مدى الأسبوعين الأخيرين، والتي تراجعت حدتها قبل يومين. فمنذ اندلاع المظاهرات تراجعت قيمة الليرة التركية إلى أدنى مستوى لها في 18 شهراً، كما هوت سوق الأسهم في إسطنبول إلى أكثر من 11 في المئة. وبعدما أشار البنك المركزي التركي إلى «التقلبات الحادة» التي تسببت فيها «التطورات الدولية والمحلية خلال الشهر الماضي» أعلن أنه سيتخذ إجراءات لضمان استقرار الليرة، وهو تصريح كان كفيلاً بإعادة الحيوية إلى العملة التركية التي تزامنت مع اقتحام الشرطة غير المتوقع لميدان «تقسيم»، مؤججاً بذلك صدامات مع المحتجين. لكن الطريقة التي تعاملت بها الحكومة التركية لوضع حد للاحتجاجات بطريقة سلمية، قد تلقي بظلال قاتمة على الوضع الاقتصادي ليتجاوز ما تحاول الحكومة القيام به لمنع التدهور. فالاستقرار كان على الدوام أحد أهم خصائص تركيا التي اجتذبت المستثمرين، ومن دونه قد يجد الاقتصاد التركي نفسه أمام تحديات جسيمة، والتي بدورها قد تنال، في حال استمر التدهور الاقتصادي، من رصيد رئيس الوزراء، وحزب «العدالة والتنمية»، لا سيما في ظل التعنت الذي أبداه أردوجان في التعامل مع المتظاهرين، والذي من غير الممكن استمراره إذا تبين له بأن الاقتصاد بدأ بالفعل في التأثر سلباً بأجواء عدم الاستقرار. وعن هذا الموضوع يقول«سوبيدي توجان»، أستاذ الاقتصاد الدولي بجامعة «بيلكنت» التركية «لحد الآن لا يبدو أن الطرفين يتجهان إلى حل متوافق عليه، لذا ربما يشكل الاقتصاد عامل ضغط على الحكومة لتقديم تنازلات للمحتجين والاستجابة لمطالبهم». والحقيقة أنه منذ انتخاب أردوجان رئيساً للوزراء لأول مرة في عام 2002، وهو يشرف على نمو اقتصادي غير مسبوق في تركيا، والذي يفسر جزءاً كبيراً من الشعبية، التي يحظى بها لدى مؤيديه، فقد تضاعفت حصة الدخل الفردي من الدخل الإجمالي، ومعها الدخل المحلي الإجمالي نفسه إلى أكثر من ثلاث مرات خلال السنوات العشر الأخيرة. كما تصاعدت وتيرة الاستثمارات الأجنبية مع زيادة عدد الشركات الأجنبية برأسمال دولي من 6700 في أوائل عام 2003 إلى 30 ألف في عام 2011، وأصبحت تركيا حسب المؤشرات الدولية تحتل المكانة 13 كأكثر الوجهات الاستثمارية استقطاباً لرؤوس الأموال. وقبل اندلاع الاحتجاجات، كان الاقتصاد التركي مؤهلاً لمواصلة النمو، حيث أظهرت البيانات الصادرة حول الناتج المحلي الإجمالي في تركيا أن أداء البلد كان أفضل من المتوقع، محققاً نسبة نمو وصلت إلى 3 في المئة، لذا وحتى يستمر النمو على وتيرته لا بد من تثبيت حالة الاستقرار وعدم المغامرة بها. والمشكلة أن الحكومة، قبل تمكنها من وضع حد للتظاهرات، لم تبد ما يبشر بقرب الاستقرار. ففي خطابه أمام البرلمان يوم الثلاثاء الماضي توعد أردوجان، قائلا «لن نبدي أي تسامح»، وجاءت هذه التصريحات ومعها اقتحام الشرطة لميدان تقسيم مباشرة بعد لقاء رئيس الوزراء مع قادة الاحتجاجات لتولد انطباعاً لدى المراقبين بأن المظاهرات قد تزداد حدتها بدل التراجع. وفي تقرير أصدرته يوم أمس وكالة التصنيف «مودي»، قالت «إن الاحتجاجات تذكر المستثمرين بالخطورة السياسية في الداخل، والتي بدورها قد تقلص جاذبية تركيا كوجهة استثمارية ». وحذر التقرير أيضاً أنه كلما تواصلت الاضطرابات الداخلية تضاعف حجم التأثير السلبي على الجدارة الائتمانية لتركيا، لا سيما في ظل الدور الكبير الذي اضطلعت به رؤوس الأموال الأجنبية في ضمان النمو الاقتصادي. وفي هذا السياق يقول «سيفوتين جورسيل»، مدير مركز الأبحاث الاجتماعية والاقتصادية بجامعة «باهشسير» التركية «إن الفرق في تركيا بين ما قبل الاحتجاجات وما بعدها هو فقدان الثقة في حزب «العدالة والتنمية»، وقدرته في تدبير الاقتصاد التركي بسبب بوادر الاضطراب السياسي. فقد كان الاستقرار أساس النمو في تركيا، واليوم أصبح هذا الاستقرار موضع تساؤل»، والأكثر من ذلك أن عدم الاستقرار في حال استمراره سيضر بالقطاع السياحي الذي يمثل أكثر من 10 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي، ويولد مليوني فرصة عمل. لكن رغم هذه الصعوبات ما زال التفاؤل قائماً في تحسن الوضع السياسي قبل أن يغرق الاقتصاد التركي في المزيد من المعاناة، فقد حذرت وكالة «مودي» في تقييمها للوضع التركي من مغبة تشبيه ما جري من اضطرابات في تركيا بـ«الربيع العربي»، مشيرة إلى أنه رغم الموقف المتشدد لأردوجان من المظاهرات، إلا أن أعضاء آخرين من الحزب تبنوا نبرة أكثر تصالحية. فبالإضافة إلى المكاسب الاقتصادية التي استفاد منها الأتراك، وليسوا في وارد التضحية بها، هناك أيضاً الانتخابات المقبلة في عامي 2014 و2015 التي توفر فرصة للمحتجين كي يعبروا عن استيائهم من خلال صناديق الاقتراع. ويضيف «بدري كمال تاج»، أستاذ الاقتصاد بالجامعة التركية أن الوضع السياسي الحالي، قد يشكل فرصة استثمارية لمن يريد أن يشتري بسعر منخفض، موضحاً ذلك بقوله «أعتقد أن الوقت مناسب للمستثمرين كي يستثمروا في سوق الأسهم بعد تراجع الأسعار، لا سيما أنها ستعود للارتفاع لعدم وجود تأثيرات بعيدة المدى على الاقتصاد التركي». ينشر بترتيب خاص مع خدمة «كريستيان ساينس مونيتور»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©