الخميس 28 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

الإندونيسيون وتطبيق الشريعة

15 يونيو 2013 22:13
جيني إس بيف مؤلفة وكاتبة عمود في «ذا جاكرتا بوست» تسبب تقرير لمؤسسة «بيو» عنوانه «المسلمون في العالم، الدين والسياسة والمجتمع» نُشِر الشهر الماضي بهزّة في الإعلام الإندونيسي حيث إنه توصل إلى نتيجة أن 72 في المئة من المسلمين الإندونيسيين، بمن فيهم النساء، يفضّلون تطبيق الشريعة الإسلامية. وقد ضم الاستطلاع 1880 إندونيسياً في 19 مقاطعة. ولكن، إلى ماذا يشير هذا الاستطلاع إذن؟ ينبغي ألا تدعو حقيقة أن نسبة مرتفعة من الإندونيسيين رحّبت بتطبيق الشريعة، إلى التوجس، إذا أخذنا بالاعتبار الفروق والدلالات اللفظية المختلفة في استخدام تعبير الشريعة بين الإندونيسيين. وكذلك ألا تؤخذ نتائج استطلاع «بيو» هذه على أنها مؤشر على موافقة المجتمع الإندونيسي على ما يعتبر أحياناً صوراً نمطية لنظام قانوني يفرض لباساً متزمّتاً وتصنيفاً عاماً لغير المسلمين. ويعني الإسلام كدين ونظام قانوني وثقافة وأسلوب حياة، العديد من الأشياء بالنسبة للناس. فتعريف أحدهم للشريعة قد لا يتماثل مع تعريف آخر، حتى بين العلماء والزعماء الدينيين. ويرتبط تعبير الشريعة أحياناً بالمساواة والعدالة الاجتماعية، كما توضح أماني جمال، المستشارة الخاصة لمؤسسة «بيو» للأبحاث من جامعة برنستون. والكلمات قد تعني أموراً مختلفة بحسب فهم الناس. وكلمة «الشريعة» باللغة العربية تعني «السبيل» أو «الطريق». إلا أن الاستخدام المعاصر لتعبير الشريعة أصبح مرتبطاً بالقانون الإسلامي وبالحلال والحرام. ومن بين المعاني الأخرى ما يتعلق بالعدالة الاجتماعية والعدل، وخاصة في أذهان من فقدوا الاقتناع بفاعلية أداء الحكومة والمؤسسات في إندونيسيا. وباختصار، ينبغي أن يُقرأ تقرير بيو للبحوث مع هذا الاحتراز والتوضيح المفهومي. ويُنظر إلى الشريعة أحياناً من خلال زاوية معينة على سبيل المثال، وفي سيناريو ذي تفسير صارم للمبادئ الدينية، قد يُنظَر إلى غير المسلمين على أنهم مواطنون من الدرجة الثانية. إلا أن تصنيفات كهذه لا تحصل في إندونيسيا غالباً، لأنها تنتهك مبادئ إعلان الأمم المتحدة لحقوق الإنسان، التي وقعت إندونيسيا عليها. وربما يشير البعض إلى إقليم «أتشيه»، وهو أحد أقاليم إندونيسيا ذات الوضع الخاص، كمثال على ما يفهم الإندونيسيون أنه الشريعة، حيث إنه قد تبنى المبادئ القانونية الإسلامية التي تتطلب من المرأة لبس الحجاب إضافة إلى منع القمار، وفرض الزكاة. وفي الوقت الذي لا يخضع فيه غير المسلمين في «أتشيه» للمبادئ القانونية الإسلامية، قد يشعر بعض الأفراد بالضغط عليهم للالتزام بهذه المبادئ. إلا أن ظروف «أتشيه» الفريدة لا تماثل الممارسات في بقية أجزاء البلاد، الأكثر توفيقية والتي اختارت عدم اتباع نموذج «أتشيه». وحسب أسغار علي إنجينير، وهو عالم هندي في الدراسات الإسلامية، فإن بعض التصنيفات سياقية ولم تعد سارية المفعول في المضمون الحديث. ففي مقال نشر عام 2010، يشير السيد إنجينير بشكل خاص إلى مثال الرق، الذي منع إسلامياً في نهاية المطاف، ويرى أن ذلك ينسحب على كون بعض المفاهيم التي اعتبرت في يوم ما جزءاً من الشريعة، قد ولّى زمنها ولم تعد ذات علاقة بالمضمون المعاصر. ويتردد صدى وجهة نظره هذه لدى العديد من علماء الإسلام والزعماء الدينيين حول العالم. كما صرح روبرت هيفنر وهو أستاذ بجامعة بوسطن، في كتابه «سياسة الشريعة، القانون الإسلامي والمجتمع في العالم الحديث» الذي نشرتْه مطبعة جامعة إنديانا عام 2011 بأن الدعم في أوساط الإندونيسيين المسلمين لكل من الشريعة والديمقراطية يرتفع باطراد. وكذلك وجد استطلاع «بيو» للبحوث أن 61 في المئة من المسلمين الإندونيسيين يفضّلون الديمقراطية على السلطوية. ومن المنطقي طبعاً أن تعني الشريعة «مجتمعاً عادلاً ومنصفاً» ضمن الديمقراطية. وإندونيسيا كدولة ذات سيادة تبنّت إعلان حقوق الإنسان للأمم المتحدة، وتعتبر حالياً نجماً صاعداً بين دول مجموعة العشرين، ولا يعقل التفكير بأن تتحول إلى سلطوية دينية ثيوقراطية. ولذا ينبغي أن ينخرط مزيد من الناس على دراسة جوانب التيسير والترغيب في الإسلام. وهناك حاجة للسلام والرحمة لإنشاء مجتمع عادل ومنصِف، وهما على الأرجح القوة الدافعة وراء النسبة المرتفعة من الإندونيسيين المسلمين الذين ساندوا الشريعة في هذا الاستطلاع. ينشر بترتيب مع خدمة «كومون جراوند» الإخبارية
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©