الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

ضعف أدوات التواصل لدى الأطفال.. ضريبة التكنولوجيا

ضعف أدوات التواصل لدى الأطفال.. ضريبة التكنولوجيا
24 نوفمبر 2016 09:10
لكبيرة التونسي (أبوظبي) يقضي أطفال كثيرون جل وقتهم في ممارسة الألعاب الإلكترونية، ومشاهدة الأفلام الكرتونية، ومع مرور الوقت يكتشف الأهل أن أطفالهم لا يملكون حصيلة لغوية تذكر رغم بلوغهم سن المدرسة. ويؤكد اختصاصيو نطق أنهم لمسوا تراجع الحصيلة اللغوية لدى الأطفال، وتعويضها بلغة الشخصيات الكرتونية، وعزوا ذلك إلى قضاء الطفل منذ الأشهر الأولى من عمره فترات طويلة أمام التلفاز، وفي ممارسة الألعاب الإلكترونية. مخاوف أمهات تبدي شمسة قلقها على ابنها سعود، الذي أكمل أربع سنوات من عمره، لكنه لا يتكلم، مشيرة إلى أنه يتفاعل مع وسائل التكنولوجيا فقط. وتوضح أنها كانت تعرض سعود الابن البكر للتلفاز منذ صغره، لأنه كان يحب مشاهدة الكرتون، وكان ذلك يزيده هدوءاً، مبينة أنها باتت تعوض التلفاز بالآيباد بعد أن تعلم استعماله. واليوم أصبحت أم سعود قلقة على مستقبل ابنها، خاصة أنه لا ينطق بجمل مفيدة، ما دفعها للبحث عن اختصاصية نطق، أكدت لها أن السبب في تأخره يرجع إلى تعريضه للتلفاز ووسائل التكنولوجيا ساعات طويلة جداً، وانعدام التواصل معه. وتعاني حسينة أيضا مشكلة تأخر ابنتها في الكلام، مؤكدة أن ابنتها ذات السنوات الأربع، تقلد الشخصيات الكرتونية، وتنطق باللغة العربية الفصحى، مؤكدة أنها زارت اختصاصية أطفال لتشخيص وضع ابنتها، فأكدت لها أن الابنة اكتسبت ثقافتها وطرق تواصلها من التلفاز والآيباد. معارف جاهزة تأتي المادة المصورة في مقدمة ما يجذب انتباه الطفل، وهو ما تؤكده هدى العلي، استشارية تربوية، ومديرة مركز ارتقاء لتنمية المواهب والقدرات، موضحة أن مشاهدة التلفزيون له إيجابيات وسلبيات، ولكن تكمن الإشكالية في المادة المعروضة للطفل والفترة الزمنية التي يقضيها في المشاهدة. وتضيف «اللغة من أهم جوانب النمو المعرفي للطفل، ولكن اكتسابها يكون عن طريق استخدام جميع الحواس، بالإضافة إلى العبارات، الإيماءات، والحركات، وتعابير الوجه، وكل ذلك مفقود عند جلوس الطفل لفترات طويلة أمام التلفزيون يتلقى فقط من دون أن يعبر ويحاور». وبالإضافة إلى تراجع الحصيلة اللغوية عند الطفل نتيجة مشاهدة التلفاز، فإنه يتعرض لمشاهد سلبية أخرى، وتقول العلي «يتعرض الطفل لمقاطع غير أخلاقية ينتج عنها لاحقاً اضطرابات سلوكية، لأن قدرات الطفل العقلية تكون غير ناضجة فيحلل ويشكل أفكاراً خاطئة عما شاهده، كما إن مشاهد العنف في المسلسلات الكرتونية تؤدي إلى سلوك عدواني، فيستخدم الطفل القوة كوسيلة لحل مشكلاته». وتزيد «ضعف في القدرة على التواصل الاجتماعي مع المحيط الخارجي، وتراجع القدرات الذهنية للطفل، ما ينعكس سلباً على أدائه الأكاديمي، وصعوبة التفكير بشكل مستقل، لأن الطفل فقط يتلقى المعلومة بشكل سلبي من غير حوار». وسائل علاجية عن علاج الحالات التي يعانيها أطفال بسبب التعرض للتلفزيون والوسائل التكنولوجية، تقول: «تقويمها يحتاج توحيد طريقة التدخل في المنزل والمركز، والتدخل يكون عن طريق نظرية الإحلال، فلا نحرم طفلاً من شيء يحبه إلا إذا وفرنا له بديلاً، فلابد أن تحدث عملية إزاحة للأشياء السلبية التي تلقاها جراء مشاهدة التلفاز، وبناء مفاهيم جديدة مؤثرة ومحفزة للطفل، وعبر وسائل تدريبية يتم تحضيرها بناء على اهتماماته حتى نتمكن من جذب انتباهه، وتوفير بيئة تعلم واكتشاف لمواهب الطفل، واستثمار وقته في أهداف تربوية». حصيلة لغوية من جهتها، تؤكد الدكتورة رشا بدوي اختصاصية النطق واللغة قسم علاج النطق بالمركز الأميركي النفسي والعصبي، أن مشاهدة التلفزيون والأفلام الكرتونية لفترات طويلة تجعل الطفل يردد كلام الشخصيات الكرتونية المحببة لديه، من دون أن يوظفها في مكانها الصحيح، موضحة أن ذلك لا يعد تواصلاً. وتفضل بدوي عدم السماح للطفل دون السنتين الاقتراب من الآيباد أو التلفزيون، مشيرة إلى أن دماغ الطفل في هذه المرحلة يكون في طور التشكل والنمو، ويحتاج إلى اكتساب جانب المهارات الإدراكية، بحيث يتوجب على الآباء في هذه السن تطوير هذه المهارات، موضحة أن مشاهدة هذه الوسائل لفترات طويلة تؤثر على قدرتهم على إدراك الأشياء، ليصبح متلقياً فقط، ولا يمارس التواصل والتفاعل. وتضيف «أحياناً يقلد الطفل الحيوانات والأصوات، وهذا جزء من النمو، لكن أن يكرر ما تقوم به بعض الشخصيات الكرتونية فهذا ليس مهارة». وتقول: «خلال تشخيصي لحالات في العيادة اكتشفت أن رضعا يجلسون فترات طويلة أمام التلفاز، ما يفسر تأخره في النطق، كما يرجع السبب أحيانا أخرى إلى استعداد وراثي تعمقه مشاهدة الأجهزة الإلكترونية والتلفاز، بحيث يعتبر عاملاً مساعداً». وتوضح بدوي أن كثيرين يخلطون بين ضعف التواصل وبين التأخر اللغوي، ويغفل معظمهم عن أي مهارات تواصلية تتشكل عند الطفل قبل مهاراته اللغوية، وتضيف: «الوسائل التي يستخدمها الأطفال الذين تتراوح أعمارهم بين 12 و18 شهراً مع من حولهم، هي مهارات أساسية يجب أن يتقنها اقبل أن يتعلم الكلام، ومنها أن يلتفت عندما تتم المناداة عليه باسمه، فالطفل ضعيف التواصل هو طفل طبيعي أثرت البيئة التي يعيش فيها على تواصله بشكل ملحوظ، فأضعفت تفاعله الاجتماعي من حوله، بحيث يقضي معظم وقته أمام التلفاز، فليس لديه سبب ليتفاعل مع من حوله. وضعف تواصل الأطفال يعوقهم عن تعلم مهارات الحياة، بما فيها اللغة». ثلاثة عناصر تقول بدوي: «يحتاج الطفل 3 عناصر أساسية للتواصل، وهي الطريقة، والشخص، والسبب»، موضحة: «أما الطريقة فهي أن ينظر الطفل إلى الشخص الذي يريده ثم ينظر إليه، ويشير بإصبعه إلى الذي يريد أن ينظر إليه، ويصدر أصواتاً وكلمات غير مفهومة ولكن يقولها وهو ينظر إليك، إلى جانب قيامه بإشارات رمزية، أو إيماءات جسدية، مثل هز الرأس أو الأكتاف. أما بالنسبة للشخص فإن الطفل يحتاج إلى فرد ليتواصل معه. كما يحتاج الطفل إلى سبب ليتواصل من أجله، وإذا لم يوجد السبب فلن يتواصل، كأن يعبر عن حاجة أو حالة يمر بها». ولتواصل أفضل مع الأطفال، تقول: «يرجع سبب ضعف التواصل لدى الأطفال إلى عدم توافر فرص اللعب، أو أن بعض الأهالي يبادرون بإنجاز ما يريده الطفل من دون إعطائهم فرصة الطلب والتفسير»، مشيرة إلى أن اللعب من المهارات الأساسية في تطور الأطفال، بحيث يتعلمون من خلاله التعامل مع الآخرين، وتبادل الأدوار، والتخيل واكتساب اللغة. عنف على ورق تورد هدى العلي، استشارية تربوية مديرة مركز ارتقاء لتنمية المواهب والقدرات، حالة طفل عمره 7 سنوات، يعتمد الضرب والصراخ وسيلة للتواصل مع الأطفال وحتى المدربات، وعندما تم الحوار معه بالرسم كان يرسم أشخاصاً مقطعين ونقاط دم وسكينا، وكان يردد «قتلتهم كلهم». القدرة على التخيل تقول الدكتورة رشا بدوي أخصائية النطق واللغة إن دراسة حديثة أظهرت أن الطفل الذي يشاهد التلفاز أو يستخدم أجهزة الأيباد والتليفون لمدة 60 دقيقة في اليوم يرسم الأطفال بطريقة عادية إنْ طُلب منه ذلك، أما الطفل الذي تزيد مشاهدته لها على 180 دقيقة في اليوم فإنه يرسم الأولاد أو البنات بطريقة تشبه الكرتون، مؤكدة أن ذلك مؤشر على تأثير التكنولوجيا على قدرة الطفل على التخيل وفهم الأشكال.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©