الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
التعليم والمعرفة

هيئة أبوظبي للسياحة والثقافة تدشن الطبعة الجديدة من «الإمارات في ذاكرة أبنائها»

هيئة أبوظبي للسياحة والثقافة تدشن الطبعة الجديدة من «الإمارات في ذاكرة أبنائها»
15 يونيو 2013 23:31
أبوظبي (الاتحاد) - تدشن هيئة أبوظبي للسياحة والثقافة، صباح غدٍ الاثنين، في منارة السعديات بأبوظبي الطبعة الجديدة من كتاب “فنجان قهوة: الإمارات في ذاكرة أبنائها”، للباحث الإماراتي عبد الله عبد الرحمن، والذي يُعدّ كتاباً مرجعياً مهماً بأجزائه الثلاثة. يرصد عبد الله عبد الرحمن، في كتابه، تفاصيل الحياة في الإمارات، في فترة مبكرة من عمر الدولة، ويستدعي فيه شكل الحياة قبل نحو مائة عام من اكتشاف النفط، عبر حوارات معمّقة مع رجال ونساء كبار في السن، عاشوا في مختلف نواحي البلاد. وتترافق الطبعة الجديدة لأول مرة مع مجموعة من المختارات النموذجية من التسجيلات الصوتية للرواة الذين قابلهم المؤلف لجمع مادة الكتاب، منشورة تحت السلسلة المعروفة بـ”الكتاب المسموع”، وهي لقاءات «ممنتجة» وفق أحدث التقنيات الفنية والإخراجية مع مؤثرات صوتية طبيعية ومن الفنون الشعبية والأغاني والنهمات التراثية. وتتوافر التسجيلات الصوتية على أقراص مدمجة، وتحتوي على ست وعشرين ساعة صوتية، لـثمانية عشر راوياً، تمّ تسجيلها في مطلع الثمانينات من القرن الماضي، وقد توفي أغلب هؤلاء الرواة. المطبوع والمسموع وفي بيان صحفي وزع أمس، قال جمعة القبيسي المدير التنفيذي لقطاع المكتبة الوطنية بهيئة أبوظبي للسياحة والثقافة في كلمة له: “إننا نفخر بإعادة إصدار هذا الكتاب المهم بنسختيه المطبوعة والمسموعة، فهو يأتي كترجمة عملية للمهمة الوطنية التي تضطلع بها دار الكتب الوطنية، وذلك لإثراء المكتبة بمختلف المواد والمراجع التي تدعم حفظ التاريخ الاجتماعي لأهل الإمارات، ودعم عملية تدوينه والبحث فيه، كما أننا ندعم الباحثين والمؤلفين لتوجيه اهتمامهم نحو منطقة لا تزال بكراً، لدحض التصورات الجاهزة والمسبقة عن إنسان المكان؛ فالباحث عبد الله عبد الرحمن يعتبر باحثاً متبحّراً في تدوين التراث والذاكرة الشفاهية التي تشكل واقع الحياة الفعلي في المكان”. ومن جانبه قال الكاتب عبد الله عبد الرحمن:”إنّ إصدار التسجيلات الصوتية التي استندت عليها في تأليف الكتاب يتيح الفرصة للجيل الحاضر لتلمس دبيب حركة الحياة في الأعماق البرية والبحرية، بأصوات أبطال الماضي وصنّاع التاريخ الثقافي والاجتماعي والاقتصادي. وتعد هذه التسجيلات نماذج علمية لأحد أساليب الجمع الميداني للتراث الشفهي، وهي وسيلة عملية للباحثين المتدربين للتعرف إلى طرق جمع وتوثيق الروايات الشفهية. كما أنها خطوة تشجع الأبناء على التواصل مع آبائهم وأمهاتهم لتسجيل ذكرياتهم توثيقاً للتراث والمأثورات والثقافة الشعبية، بالتعاون مع الجهات المعنية لإنتاجها ونشرها بالوسائط المتعددة، كما أعتقد أن التسجيلات ستكون أجمل هدية لآبائنا وأجدادنا المعمرين للتذاكر والتفاكر والتناقش”. لقد كانت هذه التسجيلات الصوتية في الأصل حلقات إذاعية تحمل عنوان “مع الرواد في ذاكرة الزمن”، بُثت قبل سنوات عدة، عبر إذاعتي أبوظبي ودبي، ولاقت صدى جماهيرياً واسعاً، ثم بقيت محفوظة في الأرشيف الصوتي في الإذاعات سنوات طويلة، بجانب النسخ الأصلية من التسجيلات الإذاعية القديمة التي احتفظ بها الباحث، وكانت معرضة للتلف والنسيان، حتى جاءت مبادرة دار الكتب الوطنية في وقتها، لإعادة إحياء هذه المواد الصوتية النادرة، بالتعاون مع شبكة إذاعة أبوظبي. الحياة الثقافية وخصص المؤلف الكتاب الأول للحياة الثقافية العامة، فتنقل بين مجالس كبار المثقفين من الرعيل الأول، ممن عرفت لهم مكانة خاصة في أوساطهم، لانحدارهم من بيوت علم عريقة أو عملهم كقضاة أو ذيوع صيتهم كشعراء أو كتاب ومصورين. يستعرض الكتاب في مجلس الشيخ مجرن بن محمد المجرن تاريخ العائلة الشهير، والممتد في سلك القضاء، وعملهم على نشر العلم في الشارقة والعين، في وقت انتشر فيه الجهل والفقر والمرض والاستعمار. ويكشف الكتاب عن الوجه الآخر لخلف بن عبدالله العتيبة “ملك اللؤلؤ” كما يصفه، حيث أسس أول مدرسة في أبوظبي، دامت ثلاثين عاماً، قبل التعليم النظامي. كما يسلط الكتاب الضوء على شخصية المطوع درويش بن كرم الذي عرفته أبوظبي معلماً وإماماً وخطيباً ومأذوناً وطبيباً شعبياً، ومديراً لديوان الحاكم، وعدد من الخدمات الحكومية في الإمارة. من جانب آخر يتتبع الكتاب تاريخ أول مجلة عرفتها الإمارات، والتي أنشأها مصبح بن عبيد الظاهري من مقهاه الشعبي في العين، والتي كانت تعرف بمجلة “النخي”. كما يدون المؤلف سيرة حياة ومأثورات سماحة الشيخ أحمد بن عبد العزيز آل مبارك، سليل أسرة عريقة من المشايخ والعلماء اللامعين في منطقة الخليج، والذي قطن أبوظبي ورئس المناصب القضائية العليا فيها، وغيرهم من الشخصيات التي ساهمت في تشكيل المشهد الثقافي والمعرفي الغني في الإمارات في فترة مبكرة قبل الاتحاد. الحياة الاقتصادية أما الكتاب الثاني فقد خصصه المؤلف عبد الله عبد الرحمن للحياة الاقتصادية، حيث يغوص مرة أخرى في ذكريات كبار السن ليقدم توصيفاً دقيقاً للواقع الاقتصادي حينها، والذي لم يكن يخرج عن الغوص وتجارة اللؤلؤ، إلى جانب الملاحة والأسفار الخارجية والنقل البحري، بالإضافة إلى الزراعة والري والثروة الحيوانية. ويظهر في هذا القسم الوجه القاسي للحياة والمكابدات التي عاشها الأجداد لخلق مصدر رزق في وسط شحيح الموارد. يتناول الكتاب قصة الطفولة لحمد بن محمد القمزي الذي بدأ العمل في الغوص على اللؤلؤ منذ سن الخامسة، ويسرد حكايات النوخذة جابر بن راشد الهاملي الذي شهد بعينه أسماك القرش تمزق الغواصين، كما يحكي قصص إسماعيل نصيب بوعفرة، وغانم بن ياقوت، عن أساطير الجان والسحرة والعفاريت التي تضرُّ الغواصين في البحر، وصولاً إلى تجار اللؤلؤ، مثل خلف العتيبة في أبوظبي، والحاي بن مطر بن مصبح في دبي، وعلي بن محمد المحمود في الشارقة، وسعيد النومان المولود في الشارقة، والذي أقام في الهند ليتابع تجارته من هناك. ويستكمل المؤلف رسم تفاصيل الحياة الاقتصادية بلقاءات معمّقة مع صنّاع السفن وأصحابها، ويستعيد تفاصيل حياة الرعي والزراعة وري المزروعات وتسويقها. الحياة الاجتماعية وفي الكتاب الثالث يعيد المؤلف عبد الله عبد الرحمن نسج الحياة الاجتماعية كما كانت، فيستعرض في البدء ملامح شخصية مجتمع الإمارات في ثقافة البحر والبر بين النصوص المدونة، فيقدم صورة بانورامية لمجتمع الساحل والبحر، عبر ذكريات طفولة محمد بن حميد البسطي التي تخللتها مظاهر المجاعة والأمراض، وتأثيرات الحرب العالمية الثانية على المنطقة، فيما يروي الحاج سعيد بن أحمد آل لوتاه عن تربية الأولاد على أنهم رجال في وقت مبكر من طفولتهم. ويقدم الشيخ حمد بن محمد المشغوني وصفة صحية لإطالة العمر، كونه ينحدر من عائلة معمرة، ويصف محمد بن رحمة العامري وقوف الحاكم والمحكوم أمام القاضي في ذلك الزمن. ويكشف المؤلف من خلال درويش بن أحمد بن درويش عن الاستفزازات التي تعرض لها العمال المواطنون من قبل الإنجليز، وإضرابهم عن العمل احتجاجاً. ويقدم الباحث مواقف شعبية متضامنة مع قضايا عربية وإسلامية وإنسانية متعددة منذ بداية القرن العشرين، ويدون مشاهداته في تطوافه الموغل في القرى الصحراوية والجبلية من أقصى الإمارات إلى أقصاها، سارداً عادات البدو وأهالي الجبل والمزارعين والصقارين، في فسيفساء دقيقة للحياة الاجتماعية. المرأة الإماراتية ولم ينسَ المؤلف أن يفرد قسماً للمرأة فيقدم قصة حمامة بنت عبيد الطنيجي المداوية الشعبية، والتي تصف مكابدات المرأة حينها من خلال العلل التي تعالجها وسط الصحراء. ويسرد عبد الله عبد الرحمن من خلال حمدة بنت حميد الهاملي عن جهود حفر النساء في أبوظبي لآبار المياه بأيديهن، وتزويد السفن الذاهبة إلى الغوص بالماء العذب. و يتناول الباحث جانباً مهماً، وهو الزراعة، حيث تروى موزة بنت جمعة بن عبيد فصولاً مدهشة عن حياة المرأة المزارعة في مشاركتها زوجها في تسويق المحاصيل في الأسواق البعيدة، فيما تتحدث فاطمة مبارك مدفون عن ذكرياتها في بيع السمك، ومن ثم تجارة السخام، وبعدها تجارة الأقمشة، في دلالة عميقة على عمل المرأة في مهن عامة، وسط مجتمع محافظ. تدوين التراث في جريدة «الاتحاد» يُذكر أنّ هيئة أبوظبي للسياحة والثقافة كانت قد وقعت عام 2009 اتفاقية مع المؤلف، بشأن حقوق نشر هذه السلسلة، وتحفظ بموجبها الصور الفوتوغرافية والتسجيلات الصوتية التي جمعها الباحث لنشر تجربته في تدوين التراث الشفاهي، والتي كان نشرها أول مرة في سلسلة صحفية بجريدة الاتحاد، خلال فترة الثمانينات، تحت عنوان “فنجان قهوة: الإمارات في ذاكرة أبنائها”، ونشرها عام 1989 مجتمعة في كتاب صدر تحت الاسم نفسه عن اتحاد كتاب وأدباء الإمارات، وطبعت الطبعة الثانية ندوة الثقافة والعلوم في دبي عام 1995، بينما تتولى هيئة أبوظبي للسياحة والثقافة إصدار الطبعة المحدثة مع التسجيلات الصوتية.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©