الخميس 18 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
التعليم والمعرفة

الشاعر شارلز سيميك يبدع كوميدياه السوداء ويقيم حواراً مع الأشياء والكائنات

الشاعر شارلز سيميك يبدع كوميدياه السوداء ويقيم حواراً مع الأشياء والكائنات
12 سبتمبر 2010 21:36
صدر مؤخراً عن مشروع كلمة التابع لهيئة أبوظبي للثقافة والتراث كتاب مختارات شعرية للشاعر الأميركي شارلز سيميك بعنوان «العودة إلى مكان مضاء بكوب حليب» ترجمة الشاعر سامر أبو هوّاش. وشمل الكتاب الذي يقع في 207 صفحات من القطع المتوسط قصائد من أربع مجموعات شعرية هي: «تفكيك الصمت» الصادرة عام 1971 و«مراقص كلاسيكية» 1971 و«العودة إلى مكان مضاء بكوب حليب» و«تقشف». وتبدو قصيدة شارلز سيميك الحائز جائزة بوليتزر للآداب عام 1990 أقرب ما تكون إلى قصيدة «الدفقة»، التي تكتب دفعة واحدة بعد اختمارها في مخيلة الشاعر. غير أن الجامع المشترك، لدى سيميك يتمثل في سعيه لا إلى التكثيف والاختزال والحذف والإضافة والاختصار وحدها بل أيضا يتمثل بوعي شعري شامل لما يجعل القول الشعري شعراً، حيث يستخدم سيميك ممحاته أكثر بكثير مما يستخدم قلمه. وهذا ما لا يُعتبر موقفاً معرفياً فحسب، بل استراتيجية شعرية في المقام الأول، بحيث إن كل عمل شعري هو مشروع - وحده؛ ونسيج - من الممكن من خلاله رصد التطور الشعري في تجربة سيميك إجمالاً. لكن القصيدة في «العودة إلى مكان مضاء بكوب حليب» هي، في أغلبها، أقرب إلى أن تكون بوحاً أو صراخاً من نوع ما بهدف فضّ اشتباك جوّاني مع الذات، وتحديداً في قصيدة تحمل العنوان: «الرجل الداخلي» حيث يكتب: «ظلُّنا واحدٌ. لكن ظلُّ مَنْ منّا؟ أودّ أن أقول: «لقد كان في البداية وسيكون عند النهاية»، لكن لا يقين في ذلك. ليلا بينما أجلس خالطا أوراق صمتنا، أقول له: «مع أنّك تلفظ كلّ واحدة من كلماتي، فأنت غريبٌ آن لك أنْ تتكلم». وفي مقدمة الكتاب يلاحظ المترجم أبو هوّاش أن البساطة لدى سيميك وبحكم اطلاعه المعرفي واشتغاله في الترجمة والتعدد في أمكنة عيشه وهوياته وخلقه عوالم شعرية أسهمت في خلق هوية شعرية خاصة به انتهت في القصيدة بـ «لغة شديدة السلاسة والوضوح على مستوى المفردات والتركيب النحوي، لكنها دائما تستعمل تركيباً شعرياً يدفع القارئ رغم شدة بساطته إلى التفكير العميق». لكن القصيدة غير مركبّة وكثيراً ما تمزج السياسي بالتاريخي والعام بالشخصي، إنما على نحو مختلف تبرز فيه ذات الشاعر بوصفها محوراً للقصيدة وممسكة بزمام شعريتها حتى، إلى حدّ أن بعضاً منها يذكّر بقسطنطين كافافيس واستعاراته التاريخية: « استدعيت كريستوفر كولومبس. عند الرابعة فجرا خرج من الظلمة يشبه أبي بعض الشيء. في هذه الرحلة بالذات لم يكتشف شيئاً. المحيط الذي أعطيته له كان بلا نهاية، والسفينة حقيبة مفتوحة. كان ضائعا أصلا. نسيت أنْ أمدَّه بالنجوم. جالسا وبيده قنينة نبيذ أنشد أغنية من طفولته.» ويبدو واحداً من ملامح قصيدة شارلز سيميك هو ميله إلى نوع من الكوميديا السوداء أو السخرية بطريقة سوريالية تقرّب القصيدة إلى قارئها بل ويمكن لها أن تجعله يضحك: «من طرف رغيف خبز صنعوا رأس الطفل. قالوا له: أيها الطفل ليس لدينا ما نصنع به عينين ولم ندّخر شيئا للأذنين والأنف. لا نملك إلا سكينا لنُحدِث بها شقا حيث يُفترض أن يكون الفم. يمكنك أنْ تبتسم، وأن تأكل وأن تبصق الكسرات في وجوهنا». غير أن الكثير من القصائد هي عبارة عن حوار من نوع ما مع الأشياء والكائنات الحية الجامدة والمتحركة في المجال والبيئة المحيطين، ولئن كانت هذه هذه القصائد تتوازى مع غيرها في نزعتها السوداوية الضاحكة، لكنها تحمل أنسنة هي مشاعر إنسانية – شعرية تجاه هذه الكائنات بحيث تصبح بحدّ ذاتها جزءا من سلوك بشري يكتسب إنسانيته من إضفائه الإنسانية على الكائنات: « الشجرة الطيِّبة بصوتها الآتي من غدير جبلي تتعرّفُ خطواتي فتصمت. أتوقف وأصغي: في جوار قريب حجر يطقطق أصابعه، حجر آخر يتقلّب في نومه.»
المصدر: الشارقة
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©