الجمعة 19 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

«لاجارد»... تفوق نسوي في القيادة

«لاجارد»... تفوق نسوي في القيادة
17 يونيو 2011 21:30
على الرغم من حقيقة أنها تحتل المرتبة 43 في استفتاء مجلة "فوربس" لأكثر النساء نفوذاً في العالم، فإن "كريستين لاجارد" شخصية تكاد تكون غير معروفة خارج نطاق منطقة اليورو... وهو وضع سوف يتغير عما قريب. في عام 1999، اختار 575 من شركاء مؤسسة"بيكر وماكنزي" القانونية ذات الشهرة العالمية "كريستين" كأول امرأة ترأس مجلس إدارة المؤسسة في تاريخها. وبعد ذلك بثماني سنوات وعندما كانت في الواحدة والخمسين من عمرها حققت "لاجارد" مكانة سياسية سامية عندما اختارها ساركوزي لشغل منصب وزيرة المالية في حكومته لتصبح أول امرأة تشغل هذا المنصب في مجموعة الدول السبعة الكبرى. وفي الآونة الأخيرة، وجهت "لاجارد" بوصلتها نحو واشنطن ساعية لأن تصبح أول رئيسة لصندوق النقد الدولي وتشغل الوظيفة التي خلت باستقالة رئيس الصندوق السابق"دومنيك سترواس كان" على إثر فضيحة جنسية. وخبرة "لاجارد"، ومعرفتها العملية في المجال التجاري والقانوني والمالي والسياسي، يوفران خلطة مناسبة لشغل وظيفة رئيس صندوق النقد الدولي. ويمكن القول إنه لا توجد هناك - إلا لدى القليلين - اعتراضات جدية على مؤهلات لاجارد وملائمتها لشغل الوظيفة. ووجه الاعتراض الوحيد هو جنسيتها. فالدول الصاعدة بقوة في المسرح الدولي في الوقت الراهن والتي يطلق عليها اختصاراً اسم دول"البريكس"(البرازيل، روسيا، الهند، الصين، وجنوب أفريقيا) تضغط من أجل فك القبضة الأوروبية القوية على منصب رئيس صندوق النقد الدولي، وهو ما يتمثل ضمن أشياء أخرى في البيان المشترك الذي وقعه ممثلوه وقالوا فيها:"إن احتكار رئاسة الصندوق من قبل جنسية معينة يقوض شرعيته". وقد قللت "لاجارد" من أهمية موضوع الجنسية في مؤتمر صحفي عقدته مؤخراً من أجل إعلان ترشحها للمنصب، وقالت فيه:"كون المرء أوروبياً يجب ألا يكون ميزة إضافية، ولكنه يجب أيضاً ألا يكون نقيصة". وللتدليل على أنها تستحق المنصب بسبب توافرها على مؤهلات أخرى أشارت لاجارد إلى"مؤهلاتها وخبراتها كرائدة أعمال، ومحامية ضليعة، ووزيرة - وكامرأة في المقام الأول". في مقابلة لها الخريف الماضي، مع مقدم برنامج" هذا الأسبوع" الذي تذيعه محطة (A.B.C)، والذي جاء توقيت إذاعته عقب مناقشات حامية حول التقشف المالي، وشرور عجوزات الميزانية، اندفعت "لاجارد" مباشرة لمناقشة الموضوع الحساس المتعلق بقدرة المرأة على شغل المناصب القيادية وقالت كلاماً كثيراً كان جوهره "أن المرأة أكثر قدرة على شغل المناصب القيادية من الرجال". وكان من ضمن ما قالته "لاجارد" في تلك المقابلة أيضاً:" نحن النساء لا نقوم بالضرورة بإبراز ذواتنا من أجل الحصول على صفقة، أو من أجل توصيل وجهة نظرنا إلى طرف أو أطراف أخرى، أو من أجل إقناع الناس، أو من أجل التقليل من شأنهم وتحويلهم إلى مجرد شركاء لا قيمة لهم". وأنا شخصياً امنح نظرية "لاجارد" المتعلقة بالجندر، وقدرة النساء على شغل الوظائف القيادية علامة مرتفعة مقارنة بالثقافة السياسية وثقافة القيادة السائدة في الولايات المتحدة، وهي ثقافة لا يستطيع أحد أن يجادل أنها قد باتت متحيزة واستقطابية. فمناصبنا القيادية التي يهيمن عليها الذكور باتت غير قادرة على تغيير اتجاه هذا التيار، كما أنه ينظر إليها إلى حد كبير على أنها قوة مستقطِبة. فالأيديولوجيات باتت متصلبة للغاية لدرجة أن مواقف السياسيين في الولايات المتحدة، حتى في الموضوعات المعقدة والمتعددة الأبعاد، أصبحت غير قابلة للتنبؤ بها حتى قبل أن يبدأ الحوار حولها. وفي الوقت الراهن يبدو الحال وكأن اللبيدو (الغريزة الجنسية) والتيستروسترون قد باتا يهيمنان على واشنطن السياسية. ودفاع "لاجارد" عن جنسها ليس مجرد تشدق فارغ، وإنما هو دفاع مدعم بالحقائق الأمبيريقية (أي القائمة على الملاحظة والتجريب)، حيث اثبتت دراسات القيادة أن النساء يتفوقن في الأداء على الرجال في الجوانب الأساسية من عملية اتخاذ القرارات. فهن يملن إلى استخدام نمط أكثر ديمقراطية، وأكثر تشاركية، في اتخاذ القرار، في حين يميل الرجال إلى تبني نهج اكثر استبداداً وتوجيهية. وتصل تلك الدراسات إلى خلاصة مؤداها أن مقاربة المرأة التقليدية في المفاوضات والتفكير والتأمل وتذليل الصعاب والاتصال، أكثر فعالية بكثير من مقاربة الرجال التقليدية التي تقوم على الإصرار على استخدام القوة والسيطرة. طالما أن النساء وفقاً لتلك الطروحات والتجارب العملية يتفوقن على الرجال في مجال القيادة، فما السبب إذن في أن عدداً قليلاً منهن هو الذي ينجح في الوصول إلى القمة؟ للإجابة على هذا السؤال قام مركز"بيو" للأبحاث بإجراء دراسة توصل من خلالها إلى أن هناك طائفة من الأسباب تشمل التمييز ضد جنس المرأة، ومقاومة التغيير، وخدمة المصالح الشخصية،" وأندية كبار السن"، والمسؤوليات العائلية، هي التي تحول دون تولي النساء للمناصب القيادية، ولكن تلك الدراسة تؤكد أيضاً أن النساء يمتلكن ما يؤهلن كي يصبحن قائدات جيدات في العديد من المجالات والمناصب. لذلك فإنه وفي الوقت الذي تقوم فيه اللجنة التنفيذية لصندوق النقد الدولي بتقييم أوراق الاعتماد، والخبرات المهنية، والاعتبارات الجغرافية للمرشحين المختلفين لشغل منصب المدير العام المنتدب لصندوق النقد الدولي، فإن تلك اللجنة سوف تحسن صنعاً إذا ما قامت ببحث نظرية لاجارد في القيادة. فشخصيات مثل "ستراوس كان"، و"سيلفيو برلسكوني"، و"أرنولد شوارزينيجر"، وبيل كلينتون ومؤخراً النائب الديمقراطي "أنتوني وينر" -وهي شخصيات مسيرة في الحياة بشهوتها الجنسية الجامحة ـ تبدو الآن وكأنها تقدم الدليل الدامغ على أن "لاجارد" تنوي أن تحقق شيئاً. جون كلوتش مدير تنفيذي سابق لإحدى شركات الخدمات القانونية ينشر بترتيب خاص مع خدمة «كريستيان ساينس مونيتور»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©