الثلاثاء 23 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

أميركا وباكستان... وتحدي بناء الثقة

17 يونيو 2011 21:31
على مرتين خلال الأسابيع الأخيرة قدمت الولايات المتحدة معلومات محددة لباكستان حول مواقع يستخدمها المتمردون لصناعة القنابل، ليتبين أن المعلومات قد سُربت وتم إخلاء المنشآت قبل القيام بأي تحرك عسكري، وذلك حسب ما صرح به مسؤولون أميركيون وباكستانيون. ففي محاولة منها لبناء الثقة مع إسلام آباد بعد عملية قتل بن لادن التي أثارت جدلاً كبيراً في باكستان، وفّرت أميركا للمسؤولين الباكستانيين معلومات تضم شريط فيديو للمراقبة الجوية وتفاصيل أخرى عن منشآت يستغلها متطرفون لتصنيع المواد المتفجرة، لكن الوحدات العسكرية التي وصلت إلى المواقع المحددة بشمال وزيرستان وجنوبها، بتاريخ 4 يونيو الجاري، وجدت الأماكن مهجورة بعدما تركها المتمردون فارغة. ورغم عدم معرفة المسؤولين الأميركيين لسبب هذا التعثر في تنفيذ المهمة، إلا أنهم لا يخفون خشيتهم من أن تكون المعلومات المقدمة للسلطات الباكستانية قد تم تسريبها، إما بصورة غير مقصودة أو على نحو مقصود ومن قبل الاستخبارات العسكرية الباكستانية تحديداً إلى المتمردين حتى يفلتوا من الاعتقال. أضاف المسؤولون الأميركيون أنهم اقتسموا أيضاً معلومات حول مواقع أخرى بما فيها منشآت لتخزين الأسلحة لتلاقي المصير نفسه، بعدما تسربت المعلومات وأُفرغت المواقع من محتوياتها قبل قدوم الجيش. وقد عبر مسؤول باكستاني رفيع رفض الكشف عن اسمه على شكوكه في أن المعلومات سربت العمد قائلاً: "إذا ثبت بأن أشخاصاً حذروا المتمردين فإنهم سيعاقبون". ومن المتوقع أن يحتل حادث تسرب المعلومات حيزاً مهماً في النقاشات التي سيجريها المسؤولون الباكستانيون مع مدير وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية، "ليون بانتيا"، الذي وصل إلى باكستان يوم الجمعة الماضي، بحيث ستركز الولايات المتحدة على إيصال رسالة واضحة مفادها أننا "على استعداد للتعاون معكم واقتسام معلومات مع أجهزتكم، لكن عليكم أن تثبتوا لنا بأنكم ستتحركون ضد الأهداف التي نحددها، مع التأكيد على أن أشخاصاً داخل الأجهزة الباكستانية باتت خارج السيطرة". هذا بالإضافة إلى التشديد على رسالة إيجابية بشأن رغبة أميركا في بناء علاقة ثقة فعالة مع باكستان، إذ رغم دعوات بعض المشرعين الأميركيين لإيقاف المساعدات المقدمة لباكستان عقب مقتل بن لادن الذي اتضح أنه كان يعيش في مجمع سكني بمدينة أبوت آباد، انتصرت في النهاية العقلانية التي رجحت حاجة البلدين إلى بعضهما البعض بصرف النظر عن المشاكل القائمة. وبسبب اشتراط باكستان توفير أدلة واضحة قبل مطالبتها بالتحرك ضد معاقل التطرف في المناطق القبيلة، سلمت الولايات المتحدة شريط فيديو يظهر موقعين يُستخدمان لصناعة المواد المتفجرة التي تزرع في الطرق وتعتبر المتسبب الأول في قتل القوات الأميركية في أفغانستان، وتقع إحدى المنشأتين في مدرسة للبنات بمدينة "ميرام شاه"، معقل شبكة حقاني شمال وزيرستان، فيما رُصد الموقع الثاني في جنوب وزيرستان الذي يعتقد حسب المسؤولين أنه تابع لتنظيم "القاعدة". وفي الوقت الذي شنت فيه الولايات المتحدة سلسلة من الهجمات الجوية التي استهدفت مواقع معينة، إلا أنها امتنعت عن ضرب الموقعين لقربهما من المدنيين واحتمال إيقاع عدد كبير من الضحايا في صفوفهم. وقد سُلم شريط الفيديو الذي يوضح مكان الموقعين إلى قائد الجيش الباكستاني الجنرال أشرف كياني، ومدير الاستخبارات العسكرية الجنرال أحمد شوجا باشا، خلال الزيارة التي قام بها لباكستان الشهر الماضي كل من "مارك كروسمان"، المبعوث الخاص لإدارة أوباما إلى أفغانستان وباكستان، ونائب مدير وكالة الاستخبارات المركزية "مايكل موريل". كما تم عرض الشريط على أعضاء في لجنة الاستخبارات بالكونجرس الأميركي. وقد طلبت أميركا أيضاً في سلسلة من المكالمات الهاتفية الرفيعة السماح لمسؤوليها بتفقد المجمع السكني الذي قتل فيه بن لادن، ذلك الطلب الذي تحقق قبل أسبوعين ليمهد الطريق أمام زيارة هيلاري كلينتون ومايكل مولين، رئيس هيئة الأركان المشتركة إلى إسلام آباد، وخلال الزيارة تابعت كلينتون موضوع شريط الفيديو مشددة على ضرورة التحرك ضد الموقعين. لكن صورة الأقمار الاصطناعية أظهرت أن الموقعين تم إخلاؤهما قبل وصول قوات الجيش الباكستاني في الرابع من يونيو الجاري. ورغم تأكيد الوزيرة كلينتون في زيارتها لباكستان على أن بلادها تنتظر "خطوات حاسمة" في الأيام المقبلة، فإن باكستان ابتعدت في الأسابيع الأخيرة عن تحالفها الوثيق مع أميركا، ما أدى إلى سحب 135 عسكرياً أميركياً كانوا يشرفون على عمليات تدريب الجيش. وفي يوم الخميس الماضي أصدر قائد الجيش الباكستاني، الجنرال كياني، بياناً حاداً يدعو فيه إلى تحويل الدعم العسكري الأميركي إلى مساعدات اقتصادية، مطالباً بإنهاء الضربات الجوية التي تقوم بها الطائرات الأميركية بدون طيار. لكن بالإضافة إلى الضغوط الأميركية، واجه الجيش الباكستاني انتقادات داخلية غير مسبوقة، فقد اتهم زعيم المعارضة ورئيس الوزراء السابق، نواز شريف، الجيش يوم الجمعة الماضي بإدارة "حكومة موازية"، مطالباً بإنهاء "سيطرته على السياسة الخارجية لباكستان"، وهي انتقادات جريئة بالنظر إلى التاريخ الطويل لإذعان المدنيين للمؤسسة العسكرية في باكستان. وتسعى الإدارة الأميركية في هذه المرحلة من خلال الزيارة التي قام بها مدير "سي أي إيه" لباكستان بالتزامن مع وصول الرئيس الأفغاني حامد كرزاي إلى إسلام آباد، لإقناع الجيش الباكستاني بلعب دور أكبر في ضمان الاستقرار في أفغانستان. جريف ويت وكارين دويانج إسلام آباد ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©