السبت 27 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

روسيا وحدود الدعم الألماني لأوكرانيا

2 يوليو 2014 01:43
سارة ميلر لانا برلين وقفت ألمانيا بقوة إلى جانب أوكرانيا عندما وقعت الجزء الأخير من اتفاقية شراكة مع الاتحاد الأوروبي يوم الجمعة؛ حيث حذرت المستشارةُ الألمانية أنجيلا ميركل الرئيسَ الروسي من أنه يمكن أن يواجه عقوبات شاملة إن هو لم يخفف من حدة النزاع المستعر في شرق أوكرانيا. غير أنه حتى إذا كان توقيع الاتفاقية، التي كانت بمثابة الشرارة التي أشعلت الأزمة الأوكرانية، تُبرز التزام أوروبا القوي تجاه أوكرانيا، فإنه ما زال من غير الواضح إلى أي مدى ستكون أوروبا – وألمانيا ميركل بشكل خاص – مستعدة لدعم تحول أوكرانيا إلى الغرب على المدى الطويل. لقد زعزع ضم روسيا لشبه جزيرة القرم في مارس الماضي الغرب، ولكنه رمى بألمانيا في أزمة هوية حقيقية. ولئن كان الكثيرون في أوروبا مترددين بشأن العقوبات -خشية تداعيات اقتصادية في الغالب، فإن ألمانيا تبدو مترددة أيضاً في وقت تتأمل فيه صعود روسيا ومكانها في النظام العالمي. ميركل، التي تتكلم اللغة الروسية ونشأت في برلين الشرقية الشيوعية القمعية، لم تكن تلقي الكلام على عواهنه خلال لقائها مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، حيث نددت بما قام به في القرم. كما أنها وقفت ووزير الخارجية الألماني فرانك والتر شتاينماير مع أوكرانيا وهددت بعقوبات جديدة بتنسيق مع الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة. ولكن المسؤولين الألمان مازالوا يبحثون عن طريقة للحفاظ على القنوات مفتوحة وتجنب محاصرة بوتين في زاوية، وهو تكتيك يصفه البعض بأنه ذكي ولكن آخرين يعتبرونه جباناً. ويمكن القول إن خليطاً من الشعور بالذنب، والإحباط من الولايات المتحدة، واعتقاد حقيقي جدا بأن الألمان يعرفون كيفية التعامل مع الروس أحسن من بقية الغرب، يترك علامة استفهام كبيرة بشأن أي موقف ستتخذه ألمانيا من روسيا في النهاية. وفي هذا السياق، يقول كارل شلوجل، وهو مؤرخ ألماني متخصص في أوروبا الشرقية: “إن الاختبار الحقيقي لم تجرِه ألمانيا بعد”. وقبل توقيع الاتفاقية، اعترف رئيس المجلس الأوروبي “هرمان فان رومبواي” بالنزاع المميت الذي قرّبته أوكرانيا إلى الاتحاد الأوروبي إذ قال: “في كييف وأماكن أخرى، ضحى الناس بأرواحهم من أجل هذه العلاقات الأوثق مع الاتحاد الأوروبي. ونحن لن ننسى ذلك”. وقد حرص “رومبواي” على أن يشير إلى أن اتفاقات الاتحاد الأوروبي مع أوكرانيا، إضافة إلى جورجيا ومولدوفا، ينبغي ألا تشكل تهديداً لروسيا؛ غير أن ذلك يزيد من دون شك من إمكانية أن يكون رد فعل روسيا على ذلك دفاعياً – وألمانيا تعتبر مهمة من أجل رد غربي موحد على ذلك. وقد قسّمت الاعتبارات الاقتصادية، مثل الاعتماد على الغاز الروسي، الرأي العام في أوروبا بشأن إلى أي مدى ينبغي الضغط على بوتين؛ ولكن ألمانيا تواجه قوى أخرى إلى جانب الاعتبارات البراجماتية، إحدى تلك القوى هي فكرة “التقارب” التي ظهرت في أوج الحرب الباردة، عندما تعامل السياسيون الألمان مع روسيا عبر الحوار والتقارب. ولئن كان البعض يجد هذه الفكرة قديمة وعفا عليها الزمن، فإن الكثيرين مثل “وولفجانج نواك”، وهو مستشار سابق للمستشار الألماني “جيرهارد شرويدر” من الحزب الديمقراطي الاجتماعي اليساري، يعتقدون أنها ينبغي أن تكون حجر الزاوية بالنسبة للعلاقات الروسية- الألمانية اليوم. ويقول نواك إنه يعرف من الخارج أن “ألمانيا لا تبدو في حالة جيدة”. “غير أنه ليست ثمة أي استراتيجية غربية أخرى مقنعة”، كما يقول. ويرى أن العودة إلى الحوار الهادئ مع بوتين هي الطريقة التي ينبغي اتباعها. ومن جانبه، يقول “جون كورنبلام”، وهو سفير أميركي سابق في برلين ومراقب للحياة السياسية الألمانية منذ وقت طويل: “إن الألمان يعتقدون اعتقاداً راسخاً بأن أمن أوروبا يعتمد على الحفاظ على نوع من التوازن مع روسيا”، مضيفاً “وليس ثمة أشياء كثيرة ستجعلهم يتخلون عن هذا الاعتقاد. إنهم يعتقدون أن الحوار أفضل من عدم الحوار”. غير أن ثمة أيضاً عوامل أخرى تساهم في تشكيل الرأي العام حول روسيا، وبعضها تاريخي بدون شك، ومن ذلك عبء المسؤولية التي مازالت تشعر بها ألمانيا عن جرائم ارتكبت في القرن العشرين ضد الاتحاد السوفييتي. كما أن الألمان يشعرون أيضاً بنوع من الامتنان تجاه ميخائيل جورباتشيف، آخر زعيم للاتحاد السوفييتي، الذي يشكرونه عن إعادة التوحيد السلمية لألمانيا بعد سقوط جدار برلين في 1989. وبعد خمس وعشرين سنة على ذلك، مازال ينعكس ذلك الشعور الألماني على روسيا المعاصرة. والواقع أن بوتين نفسه قد لا يكون ذا شعبية في ألمانيا – بل إن استطلاعات الرأي وضعت ثقة الألمان في زعامته في أدنى مستوى لها على الإطلاق – ولكنه يمثل “قاسماً مشتركاً للكثير من المشاعر”، يقول شلوجل. فعلى “اليمين” السياسي، يشاد به لأنه حافظ على القيم العائلية التقليدية، وعلى اليسار الثقافي، يمتدحه الكتاب والمفكرون باعتباره وزناً مضاداً للهيمنة الأميركية. ولكن “الأمر ينطوي على بعض النفاق”، يقول شلوجل من مكتبه في برلين، وذلك على اعتبار أن معظم أولئك المثقفين، الذي يسعون وراء شعور أميركي بالحرية، سيفضلون ستانفورد أو نيويورك على موسكو. ينشر بترتيب خاص مع خدمة «كريستيان ساينس مونيتور»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©