الجمعة 19 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

«المتمردون الأثرياء» يعبثون بأحلام «القارة السمراء»!

«المتمردون الأثرياء» يعبثون بأحلام «القارة السمراء»!
2 يوليو 2014 02:22
لماذا يتمرد صامويل إيتو «الثري المشهور» على منتخب بلاده من أجل حفنة دولارات؟، وكيف سيكون رد فعل نجوم غانا حينما يعلمون أن صوراً لهم تم تسريبها وهم يحصلون على الأموال التي أرسلها الرئيس الغاني بطائرته الخاصة؟، فقد تم تسريب بعض الصور ظهر فيها أثرياء «النجوم السوداء»، أثناء تقبليهم الأموال واحتضانهم لها، من فرط سعادتهم بها، والمذهل في الأمر أن سيناريو العبث بأحلام وسعادة الملايين في غانا، حدث قبل ساعات من السقوط أمام البرتغال، والخروج المبكر من المونديال، وكيف يمكن محاسبة أباطرة المنتخب الكاميروني الذي رفضوا السفر إلى البرازيل قبل الحصول على بضعة آلاف من الدولارات، لكنهم عادوا يجرون أذيال الخيبة بعد 3 مباريات. السقوط «الكامل» ويتواصل مشهد السقوط الأفريقي في المونديال، ليس على مستوى الأداء الكروي، والفشل في حصد النقاط فحسب، بل الأكثر تأثيراً من ذلك السقوط الأخلاقي الذي جعل العالم يفقد تعاطفه مع منتخبات القارة السمراء، بعد أن كانت تستحوذ على قلوب الملايين من عشاق كرة القدم حول العالم، بفضل تألق الجيل الكاميروني الرائع في مونديال إيطاليا 1990، والذي قهر «أرجنتين مارادونا» في ضربة البداية بالمونديال الإيطالي، بعد 4 سنوات فقط من تتويج منتخب «التانجو» بلقب كأس العالم في المكسيك، ومنذ هذا الوقت بدأ العالم في التعاطف مع المنتخبات الأفريقية، حيث كانت تتميز بالشجاعة والفدائية في الأداء والحماس، فضلاً عن المهارة الفطرية واللياقة البدنية المرتفعة، وقبل كل ذلك الرغبة العارمة في تشريف الوطن في المحافل الدولية. كما ظهر نسور نيجيريا بصورة مبهرة في مونديال أميركا 1994، قبل أن يلفت نجوم غانا الأنظار في ظهورهم المونديالي الأول عام 2006 في ألمانيا، وفي نهائيات كأس العالم 2010 في جنوب أفريقيا، ولكن الصورة تحولت إلى الجانب المظلم في كأس العالم 2014 بالبرازيل، صحيح أنها ليست المرة الأولى التي تشهد تمرداً من المنتخبات الأفريقية لأسباب مالية، ولكن المونديال البرازيلي كان شاهداً على «السقوط الكامل» لهذه المنتخبات، من دون أي استثناءات، سواء الكاميرون أو غانا وكذلك نيجيريا سواء على المستوى الكروي أو الأخلاقي. «الأسود المتمردة» ودع المنتخب الكاميروني مونديال البرازيل بالمحصلة الأسوأ، مقارنة مع جميع المنتخبات التي شاركت في البطولة، فقد احتل المركز الرابع في المجموعة الأولى من دون أي رصيد، حيث لم يحقق أي فوز أو تعادل، واستسلم للهزيمة في 3 مباريات على يد المكسيك وكرواتيا والبرازيل، وسجل هدفاً يتيماً ودخل مرماه 9 أهداف، مما يجعله الأسوأ فنياً وكروياً ورقمياً في المونديال. ويبدو أن سوء الحالة الكروية ترتبت على موجة العصيان التي بدأت قبل القدوم إلى البرازيل، فقد تزعم صامويل إيتو وغيره من نجوم الكاميرون تمرداً للمطالبة ببعض المستحقات المالية، ووصل الأمر إلى حد رفض السفر إلى البرازيل للمشاركة في المونديال قبل حل الأزمة المالية، مما دفع الحكومة الكاميرونية للتدخل، ولم يتردد اتحاد الكرة الكاميروني في الحصول على قرض شخصي بضمان المستحقات المالية التي سوف يحصل عليها الاتحاد الكاميروني من «الفيفا»، نظير المشاركة في المونديال. ولم تنجح مساعي إرضاء النجوم مالياً، لتستمر النتائج السلبية، لتخرج الكاميرون من المونديال في مشهد بات مكرراً في 5 مونديالات، أعوام 1994، و1998، و2002، و2010، ثم 2014، وقبل الإخفاق الكبير في البرازيل، وصلت درجة الانفلات في صفوف المنتخب الكاميروني إلى حد دخول اللاعبين في مشاجرة داخل الملعب في مباراتهم أمام كرواتيا، لتصبح الفضيحة شاملة، والسقوط شاملاً، في أسوأ وجه للكرة الأفريقية في تاريخها المونديالي. وما يثير التساؤلات عن أسباب ودوافع تمرد نجوم الكاميرون أن غالبيتهم ينشطون في أكبر أندية العالم، وعلى رأسهم إيتو لاعب تشيلسي والإنتر وبرشلونة السابق، والذي حظي بلقب اللاعب الأعلى أجراً في العالم في فترات وجوده مع فريق أنجي الروسي، حيث وصل راتبه السنوي إلى 20 مليون يورو، ومن ثم لم يكن مقبولاً، أن يقود أو يشارك في تمرد من أجل بضعة آلاف من الدولارات، والمثير للدهشة أن يحدث ذلك في البطولة الكروية الأهم، وعلى حساب أحلام وتطلعات الجماهير. وفي تقرير نشرته صحيفة «الاندبندنت» البريطانية أشارت إلى أن هناك وجهاً آخر للتمرد الأفريقي في المونديال، وهو شعور اللاعبين الأفارقة ممن ينشطون في دوريات أوروبا أن الفساد يسيطر على اتحادات الكرة الوطنية في بلدانهم، وعن ذلك قال كيفين برينس بواتينج لاعب غانا: «لقد كان كابوساً بالنسبة لي أن أنضم إلى منتخب غانا في المونديال الأخير، فالتنظيم كان سيئاً إلى حد كبير، سواء فيما يخص البرازيل كبلد مستضيف، وكذلك اتحاد الكرة الغاني، لقد سافرنا إلى البرازيل على متن طائرة لا تليق بنا، جلسنا في الدرجة الاقتصادية، وشعرنا بألم حاد في القدم، في الوقت الذي كان رئيس اتحاد الكرة وبعض الأعضاء يجلسون في درجة الطيران الأرقى رفقة زوجاتهم وأطفالهم، أعتقد أن مثل هذه الأجواء لا تشجع على الدفاع عن قميص المنتخب». كما أشار التقرير إلى أن رئيس اتحاد الكرة النيجيري السابق ساني لولو عبد الله، تم القبض عليه عقب كأس العالم 2010، بعد أن أثبتت التحقيقات عدم وجود مبلغ مالي كبير تتجاوز قيمته 4.5 مليون جنيه استرليني، وهو الأمر الذي يراه البعض دافعاً للنجوم الأفارقة للإصرار على المطالبة بمستحقاتهم المالية. ووجه بواتينج تساؤلاً يبدو مشروعاً للرد على من اتهموا نجوم غانا بالتمرد من أجل المال فقال: «اتحاد الكرة في غانا وفي غيرها من الدول التي تأهلت للمونديال يحصل على مبالغ مالية كبيرة من «الفيفا»، فلماذا لا يتم استثمار هذا المال بطريقة صحيحة، من أجل توفير الرعاية المناسبة لنا، ولكي نحصل على مستحقاتنا من دون تأخير، إنه أمر يدعو للشك والدهشة». طائرة الرئيس النموذج الثاني للعصيان من أجل المال يجسده المنتخب الغاني، فقد أشارت التقارير إلى أن نجوم المنتخب الغاني طالبوا بالحصول على 100 ألف دولار في كل مباراة يخوضها المنتخب في المونديال، وهو الأمر الذي حظي بموافقة اتحاد الكرة هناك، والذي يحظى برعاية مالية خاصة من المؤسسة المسؤولة عن النفط والثروة المعدنية في غانا. ومع وصول منتخب «النجوم السوداء» إلى البرازيل، وبدء مسيرة البطولة بالهزيمة من أميركا، ثم التعادل أمام ألمانيا في مباراة ظهر خلالها نجوم غانا بصورة جيدة، حانت لحظة السقوط المروع، فقد أصر اللاعبون على عدم الخضوع للتدريبات، وهددوا بعدم خوض المباراة الثالثة أمام البرتغال، وهي مواجهة تقرير المصير، قبل الحصول على مستحقاتهم المالية. وحاول الرئيس الغاني جون ماهاما إقناع اللاعبين بالتركيز في المباراة، وعدم الانشغال بالمستحقات المالية، ولكنهم طالبوا بالحصول على الأموال قبل المباراة، وسط إصرار دفع الرئيس الغاني إلى إرسال طائرته الخاصة، محملة بمبلغ 3 ملايين دولار، بعد أن رفض اللاعبون جميع وسائل الترضية، وأصروا على «الكاش». وفي مشهد أثار حفيظة الجميع، نشرت الصحف في البرازيل، صوراً لنجوم منتخب غانا، وهم يمسكون بالأموال ويقبلونها، وشاء القدر أن يأت السقوط والخروج من البطولة عقب الحصول على المال، لتصبح الرسالة الواضحة، أن الإخلاص يفتح أبواب الانتصارات، خاصة حينما يتعلق الأمر بالدفاع عن قميص الوطن. غضب النسور على خطى غانا ورئيسها سارت نيجيريا، فقد أرسل جودلاك جوناثان رئيس نيجيريا 3.4 مليون دولار، من أجل حل مشكلات تتعلق بالمستحقات المالية للاعبين، وهذا المبلغ لا يتجاوز 30 % من المستحقات المالية التي سوف يحصل عليها الاتحاد النيجيري لكرة القدم من «الفيفا». وتناولت الصحف النيجيرية القضية على استحياء شديد في البداية، على أمل أن يواصل منتخب المدرب ستيفين كيشي مسيرته في البطولة، ولكن جاءت الهزيمة على يد فرنسا في دور الـ16 لتكشف المستور، فقد افتضح الأمر وكشفت التقارير عن تهديد نجوم نيجيريا بعدم خوض التدريبات إلا عقب الحصول على مستحقاتهم المالية، وجاء ذلك ليتسبب في التأثير على درجة تركيز اللاعبين قبل المواجهة المصيرية أمام ديوك فرنسا. وبعيداً عن نماذج التمرد على حلم الوطن، وهي الظاهرة التي تنتشر في أفريقيا، فإن هناك الوجه الآخر الأكثر وفاءً وإخلاصاً، والذي يجسده النجم الليبيري جورج ويا، فقد اشتهر بالإنفاق من ماله الخاص على منتخب بلاده، وهو ما كان يتمثل في شراء ملابس للاعبين، ودفع تكاليف المعسكرات التدريبية، بل ودفع مكافآت مالية لهم، رغبة منه في رفع شأن المنتخب الليبيري، وحصد ويا نجم الميلان، وفريق الجزيرة السابق، شعبية كبيرة في بلاده، كاد يصل من خلالها إلى منصب رئيس البلاد. (ريو دي جانيرو - الاتحاد)
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©