الجمعة 29 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

الجنائية الدولية.. بعد الانسحاب الروسي

18 نوفمبر 2016 23:38
يوم الأربعاء الماضي، أصدرت روسيا قراراً رسمياً بالانسحاب من عضوية المحكمة الجنائية الدولية. وجاء في بيان صادر عن وزارة الخارجية الروسية: «لقد فشلت المحكمة الجنائية الدولية في لعب دورها ككيان مستقل يمكنه أن يحظى بالاحترام في مجال تحقيق العدالة الدولية». وروسيا هي الأخيرة من بين أربع دول أعلنت الانسحاب من المحكمة الدولية. وخلال الشهر الماضي، أعلنت كل من بوروندي وجنوب أفريقيا وغامبيا انسحابها منها. ويعود تأسيس المحكمة لعام 2002، بهدف محاكمة الأفراد عن الجرائم الدولية المرتبطة بالتطهير العرقي والجرائم ضد الإنسانية وجرائم الحرب. إلا أن حالات الانسحاب منها يمكن أن تقدم مؤشراً على تبدّل في مواقف أعضائها، من السعي للتعاون مع النشاطات التي تقوم بها المحكمة، إلى الشعور بأنهم قد أصبحوا مستهدفين من قبلها. كما صعّدت تلك الانسحابات التساؤل أيضاً حول الطريقة التي ستواصل بموجبها المحكمة التعامل مع توجيه الاتهامات وإقامة الدعاوى القضائية إذا قررت الدول التي تخضع للتحقيقات الانسحاب منها. ومن خلال رسالة عبر البريد الإلكتروني لصحيفة «كريستيان ساينس مونيتور»، قال «أليكس ويتينج» الأستاذ المحاضر في كلية القانون بجامعة هارفارد، والذي سبق له أن عمل كنائب عام في المحكمة الجنائية الدولية: «حتى الآن، لا يزال المزيد من الدول ينضم إلى المحكمة. إلا أن هذه الانسحابات الأخيرة ستجعل من السهل على دول أخرى الانسحاب في المستقبل لو خضعت للتحقيق، ويمكن لهذا التحول أن يقوّض شرعيّة المحكمة». وأحد العوامل التي تدفع الدول للانسحاب، وفقاً لما تراه دولة جنوب أفريقيا ودول أخرى، هو تصورها بأن المحكمة الجنائية تستهدف الدول الأفريقية بشكل خاص. وكان يُنظر إليها ذات مرة كأداة تساعد الدول على التصدي لحالات خرق الحقوق وتقديمها للعدالة عندما يكون النظام القضائي المحلي ضعيفاً أو فاسداً. وكانت ست من أصل تسع قضايا تمت إحالتها إلى المحكمة الدولية تتعلق بحكومات أفريقية. وحتى الآن، عبرت عدة دول أفريقية عن عدم إيجابية أداء المحكمة، وذهب الأمر ببعضها لوصفها بأنها مؤسسة عنصرية. وفي مطلع العام الجاري، فتحت المحكمة أولى قضاياها خارج قارة أفريقيا عندما أطلقت تحقيقاً حول جرائم الحرب المرتكبة خلال الحرب الروسية- الجيورجية عام 2008. وعبرت روسيا عن استيائها من هذه التحقيقات للدرجة التي دفعت بها إلى الإعلان عن انسحابها منها الأربعاء الماضي بعد فترة قصيرة من نشر تقرير الأمم المتحدة الذي أدان ما سماه «الاحتلال الروسي المؤقت لشبه جزيرة القرم». إلا أن قرار الانسحاب لا يحمي روسيا من متابعة التحقيق حول ممارساتها في شبه جزيرة القرم، وفقاً لما يقوله «دافيد بوسكو» أستاذ القانون الدولي المساعد في جامعة إنديانا، وهو مؤلف كتاب حول المحكمة بعنوان «العدالة الناقصة» Rough Justice. وقال «بوسكو» لصحيفة واشنطن بوست: «بما أن أوكرانيا عضو في المحكمة، فإنه يمكن متابعة العمل على القضية». ويرى خبراء آخرون أن القرار الروسي هو إجراء وقائي يهدف لحماية روسيا من نتائج القضية المتعلقة بتدخلها في سوريا. يُذكر أن سوريا ليست عضواً في إعلان روما الذي تأسست بموجبه المحكمة الجنائية الدولية. وأشار البروفيسور «ويتينج» إلى أن الغالبية العظمى من دول العالم لا زالت تدعم المحكمة الدولية، وأن انسحاب بعض الدول مثل روسيا التي وقعت، ولم تصادق على إعلان روما، لن يكون له إلا تأثير محدود على عمل المحكمة. وأضاف: «ويعكس هذا الانسحاب الموقف العام السلبي السائد تجاه مبدأ المحاسبة وهو موجه ضد المؤسسات الدولية». وقال القاضي الأول في المحكمة الجنائية الدولية «لويس مورينو أوكامبو» لصحيفة «كريستيان ساينس مونيتور» في شهر أكتوبر الماضي، على خلفية انسحاب دولة جنوب أفريقيا منها: «إن وجود المحكمة ليس محل جدل، إلا أن الرضى عنها أمر مختلف». ويبدو أن هذه التطورات تمثل تحولاً عن الموقف الذي كان سائداً قبل بضع سنوات. ففي عام 2014، عبرت «نسيم قوروش»، عضوة مجلس مستشاري الرئيس أوباما، عن تفاؤلها من المسار الذي تسلكه المحكمة الجنائية الدولية. وكتبت في إحدى الصحف: «تزداد الحركة باتجاه تحقيق العدالة الدولية زخماً، وتحتل المحكمة الجنائية الدولية مكانة مركزية في هذا الجهد». والسؤال المطروح الآن: ما الذي ستفعله المحكمة لمواجهة حالات الانسحاب من عضويتها؟. للإجابة عن هذا السؤال، قالت النائبة العامة في المحكمة «فاتو بن سودا»: إن مكتبها سيواصل عمله في القضايا المطروحة أمامه. ويرى «زيد رعد الحسين» المفوض السامي لحقوق الإنسان في الأمم المتحدة أن انضمام المزيد من الدول إلى المحكمة يمكن أن يعوض عن تلك التي انسحبت. * محللة أميركية في العلاقات الدولية ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©