الجمعة 29 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
الأخبار العالمية

جمال سند السويدي: إيران تقود المنطقة إلى سباق نووي

10 مايو 2006
حوار- خالد عمر بن ققه :
عالم متغير يتخذ فيه عناصر النخبة طريقهم سرباً اعتقاداً منهم أن التغيير مطلوب، وهم محقون في ذلك إلى حد كبير، لكن إلى أين؟ وفي أي اتجاه؟ وما هي النهايات؟ تلك الأسئلة توجه للبعض من قيادات النخب على الصعيدين الفكري والسياسي، أو بعبارة الأقدمين توجه لخاصة الخاصة، وأحسب أن الدكتور جمال سند السويدي - الباحث والمفكر التطبيقي - منهم ليس فقط لكون عمله جاء تصديقاً لقناعاته، ولا لأنه أدخلنا في حوار مع الآخر وفرض وجودنا المعرفي والعلائقي على أجندته الخاصة، ولكن لأنه يمثل الثبات الإيجابي في ظل التغير، مفرقاً - بوعي مشهود له - بين الاستراتيجية والتكتيك·
القول السابق يؤسس له أو يؤسس هو لنا جميعاً من خلال هذا الحوار، الذي هو في حقيقته امتداد زمني ومعرفي وتطبيقي أيضاً لحوار أجريته معه منذ أربع سنوات خلت، شهدت جملة من التغيرات على الصعد المحلية والإقليمية والقومية والدولية، ومعها تغيرت نظرتنا لكثير من القضايا، وتغيرت معها آمالنا وطموحاتنا وتعلقنا بالغيب، وتلك مشكلة عامة، تعمّقت حين غير كثيرون منا قناعاتهم وأخذهم زخرف الدنيا غروراً، فكشفوا عن استعداد واضح للهزيمة قبل أن تشملنا الحرب بأوزارها·
هنا تتضح أهمية هذا الحوار لجهة القول: إن ثبات الدكتور جمال سند السويدي على آرائه ذات البعد العالمي، يكسر تلك القاعدة ويقلل من هول المأساة - على ما يواجهه من صعوبات وآلام ليس هذا موقع الحديث عنها - تلك الآراء جاءت صريحة ومحددة في قضايا الوطن والأمة والعالم، وبينها جميعاً علاقات الداخل بالداخل والداخل بالخارج، ومستقبل الوجود وآليات العمل من خلال المصارحة للخروج من الأزمات، لذلك أطلقت عليه اسم حديث المرحلة على اعتبار أننا ندخلها ونحن مطأطئو رؤوسنا، فيأتي الدكتور جمال السويدي ليقول: إن هناك عزة تفرضها جملة من المعطيات، فقط علينا إعلانها لأنفسنا وللعالم بكل شفافية ووضوح·
حديث المرحلة في حلقتين، ركّزت الأولى: على القضايا الداخلية ومنها : نشاط مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية، والتركيبة السكانية، وحقوق الإنسان، والديمقراطية والأحزاب، في حين تتناول هذه - الحلقة الثانية والأخيرة- التعليم والقضايا الخارجية مثل المسألة الإيرانية والسباق النووي، والوضع في العراق والعلاقة بالولايات المتحدة الأمريكية وقضايا أخرى متنوعة، نورد تفصيلاتها في الحوار التالي:
الإمارات الدولة الوحيدة التي تستطيع
نزع الألغام السياسية من لبنان والتأثير في كل الأطراف
ü أين تتجه العلاقة بين إيران ودول الخليج العربية، بعد التطورات الأخيرة؟
- يجب على دول الخليج العربية أن تتنبه لإيران، لأن امتلاك هذه الأخيرة للسلاح النووي سيؤدي إلى سباق نووي بين دول المنطقة، وسيتركز السباق في المستقبل بين إيران وتركيا ومصر والمملكة العربية السعودية·
ü لكن، كيف ستسعى مصر والمملكة العربية السعودية إلى السباق النووي وهما تطالبان بإخلاء منطقة الشرق الأوسط من السلاح النووي وأسلحة الدمار الشامل؟
- إذا أصبحت إيران دولة نووية فسيتغير الموقف، وستسعى دول المنطقة إلى امتلاك السلاح النووي، ونتيجة لهذا الأمر ستشهد المنطقة مزيداً من الأزمات، غير أنه علينا القول هنا: إن القوة العسكرية الإيرانية التقليدية الراهنة لا تخيف، لأنها غير متطورة، و الطوربيد الذي قامت بتجربته في الأسابيع الماضية موجود منذ الحرب العالمية الثانية·
تضخيم إيران
ü هل الولايات المتحدة الأمريكية والاتحاد الأوربي يعملان على تضخيم قوة إيران بالطريقة نفسها التي تم بها تضخيم قوة العراق لتحطيمها، في المستقبل المنظور ؟
- نعم ، ما يحدث الآن هو تضخيم متعمد وواعٍ لقوة إيران بهدف ضربها والقضاء على قوتها العسكرية، وإذا لم تضربها الولايات المتحدة الأمريكية والاتحاد الأوربي، فإيران مهددة بالقصف من إسرائيل·
ü بعض المراقبين يرى أن قصف إسرائيل لإيران سيخلط كل الأوراق في المنطقة وسيعطي حزب الله الفرصة لقصف إسرئيل ··· فما رأيك؟
- لم يحدث أي شيء حتى الآن، ثم على فرض أن إيران ردت بإطلاق صواريخها، فإن هذه الصواريخ لا تضاهي الأسلحة الأمريكية المتطورة·
ü إيران تعرف كل هذا ··· فلماذا تقبل بتضخيم قوتها؟
- الواقع الذي لا يمكن إنكاره أن الرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد يطلق تصريحات نارية، ويبدو أن الإيرانيين يراهنون على عدم قيام الولايات المتحدة الأمريكية بضربهم على اعتبار أن هناك حوالي مئة وستين ألف جندي أمريكي في العراق، لكنهم ينسون التفوق العسكري الأمريكي، الذي يمكن أن يلحق الهزيمة بإيران خلال ساعتين من الزمن·
ü هذا الرأي يفند جملة الآراء التي ترجح نشوب حرب في المنطقة·
- لن تحدث حرب بين إيران والولايات المتحدة الأمريكية، ولكن إذا تصاعدت الأمور وازداد الوضع تأزماً فستقوم أمريكا بضربة خاطفة، مثل قصف مفاجئ لأهم المنشآت العسكرية، لكنها لن تتعدى هذا الحد، غير أن تلك الضربة لن تكون عادية، حيث يحتمل أن تستخدم فيها قنابل جديدة، والإيرانيون يدركون هذا، وهم خائفون من ذلك·
ü إذا كان الإيرانيون يدركون هذا - كما ذكرت آنفاً - فلماذا يقعون في فخ التضخيم ؟
- يعود ذلك لأسباب داخلية·
العراق ··· مستقبل مجهول!
ü بالنسبة للوضع في العراق ··· هناك من يرى أن حل الأزمة الراهنة يكمن في عودة الرئيس المخلوع صدام حسين وحزب البعث إلى السلطة·
- كيف يمكن الحديث مرة أخرى عن صدام حسين؟ إن ما يشهده العراق حالياً نتاج طبيعي لسنوات حكم صدام حسين وحزب البعث، إننا نرى العراقيين الآن يموتون بلا سبب، والسؤال المطروح هو: لم كل هذا؟ لا أدري إن كان يحق لنا أن نصف هذه المرحلة بالجنون ··· والسؤال السابق يُطرح كل يوم بسبب كثرة التفجيرات ومستوى القتل وسفك الدماء في العراق اليوم·
ü كيف للعراقيين أن يتخذوا موقفاً موحداً، وهم لا يعرفون من يفجر من؟ أليس كل العراقيين ضحايا؟
- العراق يشهد مرحلة صعبة للغاية تتطلب التعالي على كل الانتماءات الطائفية والمذهبية والعقائدية، لأن العراق بكافة أطيافه بات ضحية هذه الاعتبارات التي تقدمت على صوت العقل والانتماء للوطن·
صدام والطائفية
ü نحن الآن أمام مشكلة كبيرة، فمن ناحية ورث العراق ومعه العرب أخطاء الرئيس المخلوع صدام حسين الجسيمة، ومن ناحية أخرى فإن الوضع الحالي في العراق أسوأ مما كان عليه الوضع في عهد صدام ··· فما العمل؟
- الوضع في العراق غير صحي على جميع المستويات، حتى إننا شاهدنا أحد ممثلي الكرد في مجلس النواب العراقي يتحدث عن الوحدة الوطنية ووراءه علم كردستان، لهذا نسأل : عن أي وحدة وطنية يتحدث الأكراد وغيرهم من الطوائف والأعراق الأخرى، ولولا أن تركيا بالمرصاد لتلك الحركة الانفصالية لكان الوضع أسوأ، وهذا يحيلنا إلى القول: إن الوضع في العراق لا يتجه إلى الحل، ويحتاج إلى عشرين سنة على الأقل لينعم بالاستقرار·· لقد كان حكم صدام بوليسياً، لهذا علينا الانتظار حتى تهدأ الأمور·
ü أليس مطلوباً الآن حكم بوليسي من أجل الاستقرار في العراق؟
-لا، لأنه لا يمكن لدولة تخلصت من الحكم البوليسي أن تحن إليه مرة أخرى·
ü ألا ترى أن الديمقراطية أفرزت نظاماً طائفياً ومذهبياً غيب وجود الدولة وسلطتها؟
- العراق الآن في مرحلة ما بعد الكبت وخنق الحريات، وفي هذه المرحلة يلفظ المجتمع كل ما فيه، وإن كان العقل لا يتقبل ما يحدث من إجرام على نطاق واسع·
إيران ··· وأوزار الحرب
ü هل ما يحدث في إيران هذه الأيام مقلق لصنّاع القرار في الدول الخليجية؟
- ليس مقلقاً لصاحب القرار لجهة الضجة الراهنة، لكن إذا أصبحت إيران دولة نووية، فهذا سيجعل القلق حقيقة، لأنها ستفتح المجال لسباق نووي واسع في المنطقة·
ü هل يعني هذا أن دولة الإمارات العربية المتحدة ستسعى أيضاً لامتلاك السلاح النووي؟
- لا أدري ··· لكن المبدأ العام هو أن السباق النووي في المنطقة يحدده الوضع الذي ستصل إليه إيران في المستقبل·
ü هذا بالنسبة للمستقبل، فماذا عن الحاضر؟ أليست الدول الخليجية مهددة في أمنها واستقرارها وحياتها، في حال نشوب حرب بين الولايات المتحدة الأمريكية وإيران؟
- بداية، من المفروض أن يوجه السلاح الإيراني ضد الأعداء، إسرائيل مثلاً، ثم على فرض أن الحرب قامت وشملتنا أوزارها، فهي ستقع على رؤوس الجميع وعلى الأجانب أولاً لأنهم العدد الأكبر في بلادنا، والمواطنون قلة·
الحوار مع الآخر
ü في ظل ما يحدث في العراق وفلسطين، وما تواجهه بعض الدول العربية الأخرى من أخطار، أما زلت تشدد على الحوار مع الآخر ؟
- الحوار مع الآخر ضروري، لأننا وصلنا إلى مرحلة خطيرة، فبمجرد أن يُذكر عربي أمام الغربيين فإنه يعني شخصاً مجرماً، إرهابياً، وهذه الصورة السوداوية رسخت في أذهان الأوربيين والأمريكيين، وقد انتابني حزن شديد في أثناء رحلة العلاج في الولايات المتحدة الأمريكية - لمدة سنتين - من كثرة الحديث على شاشات التلفزيون عن العرب ووصفهم بالإرهاب·
ü وإذا لم يقبل الآخر بالحوار معنا ··· فما العمل؟
- إذا لم يقبل الآخر بالحوار فعليه أن يتحمل النتائج، وعدم قبول الحوار يعني الفوضى، فمثلاً ما نشرته صحف دنماركية من صور مسيئة للرسول - صلى الله عليه وسلم - مرفوض لكنه يتطلب الحوار، ومن يمنع الحوار مثل أمريكا وبريطانيا سيدفع ثمن ذلك· علينا بذل المساعي وبجدية من أجل إجراء حوار مع الغرب، فإذا رفض ذلك، فعليه أن يتحمل النتائج، وعلينا إبراز الصورة الحقيقية لدينا الذي يحض على التسامح ويحرم قتل النفس حتى لا يظل مختطفاً من الطرفين·
الولايات المتحدة الأمريكية ··· وفخ الجماعات الإسلامية
ü رفض أمريكا للقوى الإسلامية مثل حماس وغيرها، ألا يقوي دائرة العنف ويزيد مساحته ؟
- رفض حماس والقبول بتزوير الانتخابات ضد الإخوان المسلمين في مصر، يبين لك أن أمريكا قلقة إزاء إمكانية وصول الإسلاميين إلى السلطة·
ü هل يمكن القول إن تنظيم القاعدة والجماعات الإسلامية المتطرفة قد جرَّت الغرب إلى فخ التطرف فأصبح مثلها ؟
- الغرب بات متطرفاً في الوقت الراهن، والدليل أن بعض الدول الغربية مثل الولايات المتحدة الأمريكية قامت بإغلاق عدد من المساجد على أراضيها، ولا أحد تحدث في هذا الموضوع·· أمور غريبة تحدث الآن ولا نوليها اهتماماً؛ مثلاً سجناء جوانتانامو الذين هم في السجن منذ أربع سنوات دون محاكمة! وإلقاء القبض على أناس أبرياء، وللعلم فقد كانت هناك فوضى أمنية في أمريكا، لكن بعد أحداث 11 سبتمبر انتظمت الأمور بشكل كبير، بهدف تقديم الحماية للشعب الأمريكي، لكن الأمر تحول إلى هوس تجاه العرب والمسلمين، ولكثرة تشويه الإعلام الغربي لصورتنا لدى المشاهدين وقيامه بتعبئة الرأي العام ضدنا أصبح الزائر لهذه الدول في حال من الخوف، أي أن هناك عنفاً أمنياً وإعلامياً عبر الندوات والمحاضرات والأفلام والمسلسلات والبرامج المختلفة·
ü كونها تحظى بالاحترام، ولأنها طرف حيادي وليس لها مصلحة في الخلاف القائم ··· هل يمكن لدولة الإمارات العربية المتحدة أن تنزع الألغام السياسية في لبنان مثلما ساهمت بإخلاص وجهد في نزع الألغام الأرضية؟
- الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان - رحمه الله - جعل لهذه الدولة دوراً تاريخياً ودوراً سياسياً، وبناء عليه يمكن لدولة الإمارات العربية المتحدة أن تقوم بدور فاعل في تهدئة الصراع الدائر في لبنان، بل هي الدولة الوحيدة التي تستطيع القيام بذلك في الوقت الراهن، وباستطاعتها التأثير في الأطراف اللبنانية كلها· صحيح أن الولايات المتحدة الأمريكية وفرنسا تستطيعان القيام بدور مهم في لبنان، لكن لبنان دولة عربية لا يدرك خصوصية وضعها وحساسيته إلا العرب·
ü ألا يمكن التعويل على دور لجامعة الدول العربية في القضايا الراهنة، ومنها المسألة اللبنانية؟
- جامعة الدول العربية تراجع دورها، وسينتهي في أجل أقصاه ما بين 15 و20 سنة، وهي الآن هيكل فقط·
ü أخيراً ··· هل تحققت كل أحلامكم ورؤاكم منذ بداية مشوار الحياة؟ وهل لديكم أفكار أو مشاريع جديدة في المستقبل ؟
- نعم إلى حد ما، وأنا شخصياً سعيد بالاهتمام الراهن بالتعليم في بلادنا، وإجراءات تحسين مستوى التعليم سائرة نحو الأمام، وقد تطور التعليم كثيراً، ولا أنكر أن بعض المدارس التعليم فيها فاشل، لكن بمرور الوقت سيتم تدارك ذلك، ومهما يكن، فالتعليم جيد رغم الإجراءات الخاطئة أحياناً، المهم أن فكرة تغيير التعليم موجودة، ويجب أن يتبع ذلك بالاهتمام بالصحة، لأنهما طرفا الخدمات··أما بالنسبة للمشاريع المستقبلية فهي كثيرة، لكن نتمنى أن ترى النور قريباً وتصل للمتلقي بصورة فعلية وتساهم في خدمة الوطن والارتقاء بمستوى حياة أبنائه نحو الأفضل على الدوام بإذن الله·
المصدر: 0
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©