السبت 20 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
ألوان

علماء: فتاوى «فضائيات الفتن».. تنشر التطرف

علماء: فتاوى «فضائيات الفتن».. تنشر التطرف
6 أكتوبر 2017 14:27
حسام محمد (القاهرة) عادت ظاهرة الفتاوى الشاذة والغريبة تطل برأسها في مجتمعاتنا، ونفاجأ بين الحين والآخر بفتاوى ما أنزل الله بها من سلطان، حيث يقوم البعض بإصدار حكم أو رأي فقهي ويزعم أنه يستند إلى الدين لتثير فتواه البلبلة بين عوام المسلمين، وهو ما يجعلنا نتساءل.. كيف نحمي البسطاء من ذلك؟ شروط الإفتاء بداية، يقول الدكتور نصر فريد واصل مفتي مصر الأسبق، وعضو مجمع البحوث الإسلامية: الإسلام لم يترك شيئا في دنيانا إلا وعالجه ووضع الضوابط الصحيحة، لذلك لابد أن يعمل الإنسان على الحصول على الرأي من أصحاب الذكر، ومثلما يلجأ للطبيب عند مرضه سعيا للحصول على العلاج الصحيح فالأولى عند بحثه عن سؤال في الدين أن يلجأ للعالم الموثوق في علمه، فليس كل مسلم صالح للفتوى فالمفتي له شروط تحدث عنها الفقهاء، والله تبارك وتعالى، يقول: «فَاسْأَلُواْ أَهْلَ الذِّكْرِ إِن كُنتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ»، «النحل -16» وأهل الذكر المقصود بهم هم الذين تخصصوا في الشريعة الإسلامية، فالمفتي هو المخبر عن الحكم الشرعي فيما سئل عنه في أمر واقع من غير إلزام ولهذا يشترط في المفتي أن يكون شديد الفهم عالما باللغة العربية عارفا بآيات الأحكام من القرآن الكريم وبالحديث والناسخ والمنسوخ وبالقياس، وأن يكون ثقة ومأمونا ومنزها عن أسباب الفسق، رصين الفكر، عالما بمواضع الإجماع والاختلاف، وكل هذه الشروط أجمع عليها العلماء والفقهاء بالإضافة إلى وجوب توافر النية الصالحة وأن يكون له علم وحلم ووقار وسكينة، صاحب دخل يغنيه عن الاحتياج للناس وأن يكون عارفا بأحوال المستفتي وألا يتسرع بالإجابة وألا يجامل أحدا في فتواه، وأن يطابق قوله فعله وإذا جهل الحكم في مسألة فليس له أن يفتي فيها وهذه كلها هي شروط الإفتاء ومكملاتها، ويجب على أجهزة الإعلام إذاعة وتلفاز ألا تتعامل في أمور الفتوى مع من لا تتوافر فيه هذه الشروط، ويكون هناك نوع من المساءلة القانونية لمن استخدمه ليفتي الناس ومن أجل هذا فنحن في حاجة إلى قوانين تجرم التصدي للإفتاء إلا لمن هو أهل لها. مدخل للإرهاب من جانبه، يقول الدكتور إسماعيل عبدالرحمن أستاذ الفقه بجامعة الأزهر، إن ما لا يعلمه الكثيرون أن الفتاوى الغريبة تكون في معظم الأحيان مدخل الجماعات الإرهابية والتكفيرية في تجنيد الشباب من خلال تسفيه الآراء التي يطلقها مثل هؤلاء العلماء عبر الهواء مباشرة، حيث يستخدمها التكفيريون للسيطرة على عقول الشباب، لهذا فلابد من وقف هذا النوع من البرامج والتصدي بقوة لمن يفتي في الدين وهو غير مؤهل، واتفق الفقهاء على أن الإفتاء مقام عظيم ومن هذا المنطلق حرصت الشريعة الإسلامية على إيلائه قدرا كبيرا من العناية، والتوجيه والتأصيل، من حيث مفهومه وشروطه، وآدابه وقواعده وفوائده، وآلياته التي يستخدمها الفقيه في استنباط الحكم الشرعي، ذلك أن الإفتاء هو تبيين الحكم الشرعي للسائل، وهذا الحكم إنما هو توقيع عن الله ورسوله، وأمانة يحملها الفقيه ولهذا جاءت النصوص الشرعية من الكتاب والسنة تنهي عن القول على الله عز وجل دون علم، وجاءت أقوال السلف الصالح واضحة وقاطعة في النهي عن التصدي للفتوى والتجرؤ عليها، وهذا يعني ضرورة ألا يسارع العالم بالرد على السؤال وليدرك خطورة ما يفعله. يضيف د. عبدالرحمن: للأسف انتشر لدينا وجود أشخاص تساهلوا في إطلاق الفتاوى عبر الفضائيات فوجدناهم يجيبون على أسئلة واستفسارات تحتاج في كثير من الأحيان إلى اجتماع لمجمع فقهي بكامل أعضائه، ومناقشة متخصصين في مجال علمي معين من أجل إيجاد الجواب الشرعي المناسب له، ولكننا نفاجأ بالرجل يجيب عنها بسرعة غريبة عبر شاشات الفضائيات التي اتخذها وسيلة للتكسب دون أن يضع في ذهنه خطورة ما يقوم به، ولهذا فلابد من التعامل بحسم مع تلك الفضائيات التي لم يعد يهمها سوى الانتشار ولو على حساب الدين، فكثير من هذه القنوات التي تنطلق عبرها الفتاوى الشاذة والغريبة لها توجهات معينة وأهداف مختلفة، ولذلك تسعى أن تستضيف من يقدم لها ما تريد رغم أن هذا ينفي عن تلك الفضائيات صفة الحياد التي تعد من شروط الإفتاء. الإعلام وإرشاد الناس أما فضيلة الشيخ محمود عاشور عضو مجمع البحوث الإسلامية، فيقول: لا بد من قصر الفتاوى على الهيئات الإسلامية المعتبرة، وهي مؤسسات موجودة في عالمنا العربي والحمد لله وبها قامات علمية تعبر عن الرؤية الرشيدة لمختلف المسائل التي تستجد في حياة المسلمين أو تستشكل عليهم فهناك العديد من المظاهر التي تعبر عن الفوضى في الإفتاء لدرجة وجدنا فيها في بعض الأحيان شخصيات لم تدرس العلم الشرعي من الأساس وتجادل في قضايا دينية، ولو كانت هناك جهة موحدة للإفتاء وعرف كل إنسان عقوبة من يتصدى للفتوى دون علم لما حدث ذلك تحت ستار حرية الرأي أو الاجتهاد أو ما شابه ذلك، ونحن في توحيدنا لمصدر الفتوي لن نبدأ من المجامع الفقهية المعروفة مجمع البحوث الإسلامية بالأزهر ومجلس المجمع الفقهي لرابطة العالم الإسلامي ومجمع الفقه الإسلامي الدولي التابع لمنظمة التعاون الإسلامي، وبها قامات علمية محترمة وموقرة في ربوع العالم الإسلامي وصدور الآراء الفقهية والشرعية من تلك المجامع الفقهية سيحظى باحترام وتقديم من عموم المسلمين، وفي نفس الوقت سيوقف تلك الآراء الشاذة والاستفزازية. يضيف عاشور: لابد أن يتم اتخاذ الإجراءات الكفيلة بتحذير المسلم البسيط من الانسياق وراء الفتاوى الغريبة التي ينكرها صحيح الدين وبحيث يعي كل مسلم أهمية الرجوع إلى العلماء المعروفين بالصلاح والتقوى وسلامة المعتقد وسلامة النية والحذر كل الحذر من دعاة العلم الذين لا يعلمون من صحيح الدين شيئا، والذين اتخذوا من القنوات الفضائية ومواقع الإنترنت والتواصل الاجتماعي وغيرها منفذا ينفثون منها سمومهم. وباختصار على وسائل الإعلام المحترمة أن تعمل على توعية المسلمين وإرشادهم إلى أهمية الاستماع إلى العلماء الموثوق في علمهم، ليحصلوا منهم على إجابات وافية وشافية تتفق مع صحيح الدين، وألا يستفتوا كل من هبّ ودبّ، ومن المهم أن يعمل المسلم على التوجه للمجامع الفقهية المعتبرة ودور الإفتاء الرسمية للحصول على إجابة للاستفسار الديني الذي يبحث عنه، ولابد أيضا أن يبعد عمن اشتهروا بالآراء الشاذة أو الآراء المتساهلة، وعلى الدولة المسلمة من جانبها منع العبث بالدين وخداع المسلمين.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©