الخميس 18 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
ألوان

الإسلام ?وزراعة ?الأشجار

الإسلام ?وزراعة ?الأشجار
5 أكتوبر 2017 23:17
يقول الله سبحانه وتعالى في كتابه الكريم: (وَفِي الأَرْضِ قِطَعٌ مُّتَجَاوِرَاتٌ وَجَنَّاتٌ مِّنْ أَعْنَابٍ وَزَرْعٌ وَنَخِيلٌ صِنْوَانٌ وَغَيْرُ صِنْوَانٍ يُسْقَى بِمَاء وَاحِدٍ وَنُفَضِّلُ بَعْضَهَا عَلَى بَعْضٍ فِي الأُكُلِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَعْقِلُونَ)، «سورة الرعد: الآية 4». ذكر الشيخ الصابوني في كتابه صفوة التفاسير في تفسير الآية السابقة: «وَفِي الأَرْضِ قِطَعٌ مُّتَجَاوِرَاتٌ»، أي في الأرض بقاع مختلفة متلاصقات قريب بعضها من بعض، قال ابن عباس: أرض طيبة، وأرض سَبْخَة، تُنْبتُ هذه، وهذه إلى جنبها لا تُنْبت، (وَجَنَّاتٌ مِّنْ أَعْنَابٍ)، أي بساتين كثيرة من أشجار العنب (وَزَرْعٌ وَنَخِيلٌ صِنْوَانٌ وَغَيْرُ صِنْوَانٍ)، أي وفي هذه القطع المتجاورة أنواع الزروع والحبوب والنخيل والرطب، منها ما يَنْبُت منه من أصل واحد شجرتان فأكثر، ومنها ما ينبت منه شجرة واحدة (يُسْقَى بمَاءٍ وَاحِدٍ وَنُفَضِّلُ بَعْضَهَا عَلَى بَعْضٍ فِي الأُكُلِ)، أي الكل يسقى بماء واحد، والتربة واحدة، ولكنَّ الثمار مختلفات الطعوم، قال الطبري: الأرض الواحدة يكون فيها الخوخ، والكمثرى، والعنب الأبيض والأسود، بعضُها حلو، وبعضُها حامض، وبعضها أفضل من بعض، مع اجتماع جميعها على شربٍ واحد (إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَعْقِلُونَ)، أي علامات باهرة ظاهرة، لمن عقل وتَدَبَّر، وفي ذلك ردٌ على القائلين بالطبيعة»، (صفوة التفاسير للصابوني 2/74». ومن المعلوم أن المزارع يزرع الأرض ويغرس الأشجار، فنأكل من ثمارها ونستظل بظلها، كما أن الفلاح يحرث الأرض ويبذر الحب وهو متوكل على ربه، فإذا بالحبة تنمو بقدرة الله سبحانه وتعالى فتصبح شجرة لها جذور، وساق، وسنابل، من الذي جعل الحبة حبات؟ إنه الله رب الأرض والسماوات. إن ديننا الإسلامي الحنيف يحثّ المسلمين على عمارة الأرض وغرس الأشجار حتى عند قيام الساعة، كما جاء في الحديث الشريف أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم قال: «إِنْ قَامَت السَّاعَةُ وَبِيَدِ أَحَدِكُمْ فَسِيلَةٌ «نخلة صغيرة أو شتلة»، فَإِنْ اسْتَطَاعَ أَنْ لا يَقُومَ حَتَّى يَغْرِسَهَا فَلْيَفْعَلْ»، (أخرجه أحمد). فنحن مطالبون بضرورة المحافظة على الأرض وزراعتها لأنها ثروة عظيمة، لذلك يجب علينا ألاَّ نَدَعَ مساحة جرداء من دون زراعة، كما يجب علينا المحافظة على الأشجار والحدائق العامة وعدم الاعتداء عليها بقطعها وقلعها، فهي عنوان حضارة الأمم. فضل الغرس والزرع لقد حثَّ النبي- صلى الله عليه وسلم على زراعة الأشجار من زيتون وأعناب ونخيل وغيرها، والأحاديث النبوية تجعل غرس الشجر من أعظم الأعمال الصالحة، لما رُوي أن رسول الله- صلى الله عليه وسلم- قال: «مَا مِنْ مُسْلِمٍ يَغْرِسُ غَرْساً، أَوْ يَزْرَعُ زَرْعًا فَيَأْكُلُ مِنْهُ طَيْرٌ، أَوْ إِنْسَانٌ أَوْ بَهِيمَةٌ إِلا كَانَ لَهُ بِهِ صَدَقَةٌ»، (أخرجه مسلم). ومن المعلوم أن غرس النخل من الأعمال الصالحة التي تنفع صاحبها بعد موته، كما جاء في الحديث عن أنس- رضي الله عنه- قال: قال رسول الله- صلى الله عليه وسلم-: «سَبْعٌ يَجْرِي لِلْعَبْدِ أَجْرُهُنَّ مِنْ بَعْدِ مَوْتِهِ وَهُوَ فِي قَبْرِهِ: مَنْ عَلَّمَ عِلْماً، أَوْ كَرَى نَهَراً، أَوْ حَفَرَ بِئْراً، أَوْ غَرَسَ نَخْلاً، أَوْ بَنَى مَسْجِداً، أَوْ وَرَّثَ مُصْحَفًا، أَوْ تَرَكَ وَلَدًا يَسْتَغْفِرُ لَهُ بَعْدَ مَوْتِهِ»، (أخرجه البيهقي). إن الأمم الراقية هي الأمم التي تستغل أرضها بالزراعة والتشجير، فلا تدع شبراً واحداً غير مستغل، فالزراعة دعامة الاقتصاد الوطني، فمنها نأكل الخبز والطعام، ونلبس الملابس، ونشرب العصائر، ونستخرج الزيوت، ونقضي الأوقات السعيدة في الحدائق والغابات.... إلخ من الفوائد الكثيرة. شكر الله على نعمه لقد امتنّ الله سبحانه وتعالى على قريش بقوله: (لإِيلافِ قُرَيْشٍ* إِيلافِهِمْ رِحْلَةَ الشِّتَاء وَالصَّيْفِ* فَلْيَعْبُدُوا رَبَّ هَذَا الْبَيْتِ* الَّذِي أَطْعَمَهُم مِّن جُوعٍ وَآمَنَهُم مِّنْ خَوْفٍ)، «سورة قريش: الآيات 1 - 4»، فنعمة الطعام، ونعمة الأمن من أجلِّ نعم الله على البشريّة، بينما نجد أنَّ الجوع والخوف هو شرُّ ما تُبْتَلى به البشرية، كما في قوله سبحانه وتعالى: (وَضَرَبَ اللّهُ مَثَلاً قَرْيَةً كَانَتْ آمِنَةً مُّطْمَئِنَّةً يَأْتِيهَا رِزْقُهَا رَغَدًا مِّن كُلِّ مَكَانٍ فَكَفَرَتْ بأَنْعُمِ اللّهِ فَأَذَاقَهَا اللّهُ لِبَاسَ الْجُوعِ وَالْخَوْفِ بِمَا كَانُواْ يَصْنَعُونَ)، «سورة النحل: الآية 112». لذلك يجب على المسلمين أن يشكروا الله سبحانه وتعالي على ما أولاهم من فضله وخيره، تقديراً لهذه الخيرات المحيطة بنا، واعترافاً بمِنَنِه، وطلباً للمزيد من برّه وخيره، فقد وعد سبحانه وتعالى الشاكرين على شكرهم، حيث قال سبحانه وتعالي: (وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِن شَكَرْتُمْ لأَزِيدَنَّكُمْ وَلَئِن كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذَابِي لَشَدِيدٌ)، «سورة إبراهيم: الآية 7»، وقوله تعالي: (أَفَرَأَيْتُمُ الْمَاء الَّذِي تَشْرَبُونَ* أَأَنتُمْ أَنزَلْتُمُوهُ مِنَ الْمُزْنِ أَمْ نَحْنُ الْمُنزِلُونَ* لَوْ نَشَاء جَعَلْنَاهُ أُجَاجاً فَلَوْلا تَشْكُرُونَ)، «سورة الواقعة: الآية 68- 70». فعلينا أن نستثمر طاقاتنا ومنها الأرض، لأن الأرض من أهم عناصر الرقي والتقدم والحضارة، وليكن شعارنا: نزرع ولا نقطع، نزرع ولا نقلع.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©