الثلاثاء 23 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
ألوان

الصناعات التقليدية.. لوحات من تراث الأجداد

الصناعات التقليدية.. لوحات من تراث الأجداد
24 يناير 2018 23:29
أشرف جمعة (أبوظبي) تشكل الحرف اليدوية لوحة الماضي في الحياة الإماراتية القديمة، فقد أبدع الحرفيون في الحفاظ عليها في هذا العصر، كونها تعد من مآثر الآباء والأجداد، وتعبر عن قدرتهم على التكيف مع ظروف الحياة بأبسط الأدوات، وفي مهرجان «سلطان بن زايد التراثي» الذي تستمر فعالياته في سويحان حتى 3 فبراير المقبل، يقدم العديد من الحرفيين والحرفيات ورشات حية للجمهور تعبر عن قيمة الصناعات التقليدية بطرق فنية، تتجلى فيها المهارة وتتميز بالجودة، وهذه الحرف تعبر عن جميع بيئات الماضي، وتتسم بفرادتها ونسيجها المتآلف، وهو ما يتجلى أمام الزوار الذين تفاعلوا مع هذا اللون الشعبي من الحرف التي تبرز العمل على آلة السدو والكاجوجة وحياكة خيوط التلي وصناعة المراكب القديمة وشباك الصيد التقليدية، بما يوضح الوجه المشرق للمهرجان الذي يحظى برعاية كريمة من سمو الشيخ سلطان بن زايد آل نهيان ممثل صاحب السمو رئيس الدولة رئيس نادي تراث الإمارات. آلة السدو على آلة السدو التقليدية، كانت عفراء سعيد المنصوري تبدع في العمل عيلها، لافتة إلى أن السدو عبارة عن نسج يغزل من القطن أو الصوف، وهو من أهم الحرف اليدوية الشعبية الإماراتية، ورغم أنه يشبه النول للوهلة الأولى، إلا أنه يختلف في التقنية والإنتاج، إذ تستعمل فيه خيوط الصوف الملونة فتسدى طولاً وعرضاً بوساطة «المدرة» لحياكة قطع جاهزة عديدة كالبساط أو الأغطية، وتوضح أن السدو هو أحد أنواع النسيج البدوي التقليدي الذي ينتشر في التقاليد البدوية، خاصة في شبه الجزيرة العربية، وأنه هو كل ما هو منسوج على طراز أفقي، وغالباً ما يستخدم وبر الجمل أو شعر الماعز أو صوف الغنم لحياكته، ويستعمل السدو لحياكة الخيمة البدوية المعروفة ببيت الشعر، التي تحمي من حرارة الشمس وبرد الصحراء في الليل. خوص النخلة وتبين سعيدة عوض الواحدي، أن النساء الإماراتيات استطعن الاستفادة من كل جزء من أجزاء النخيل، فابتكرن السلال والحقائب والمهفات «المراوح» والحصير «البساط»، وغيرها باستعمال الخوص المعروف بسعف النخيل، مبينة أنه يغسل ويشرخ ويصبغ بألوان مختلفة ثم يتحول إلى جدائل متشابكة تقص زوائدها لتصبح «سفة» أي على شكل نسيج ينتج منه المشغولات اليدوية. وتشير إلى أن «سف الخوص» من الأشغال النسوية، إذ ينظف الخوص ويشرخ، وكل كمية من سف الخوص تأخذ لوناً مختلفاً عن الآخر، ثم تنقع أعواد الخوص في الماء لتليينها، وتسهيل جدلها إذ تجدل النسوة من هذا الخوص جدائل يتم تشكليها مع بعضها بعضاً، ومن ثم تشذب وتقص الزوائد منها لتصبح جاهزة لكي يتم استخدامها في صناعة العديد من الأدوات بطريقة يدوية خالصة. صناعة السفن ويشير محمد سعيد «صانع مراكب» في المهرجان، إلى أن الوجهة البحرية تحفل بحكايات أهل البحر وطرق صناعة السفن القديمة وشباك الصيد وغيرها من الحرف التقليدية، لافتاً إلى أن الصناعات التقليدية البحرية تتميز بزخمها، وأن المهرجان يرعاها والجمهور يتدفق على الورش الخاص بها، مبيناً أنه يستخدم أدوات تقليدية في صناعة المراكب القديمة، فضلاً عن أن ركن البيئة البحرية متنوع، حيث تقام ورش لصناعة الشاشة التي تستخدم في المراكب الصغيرة لصيد الأسماك والتي تكون على مقربة من الشاطئ، ويرى أن الحرفيين أتقنوا صناعة تلك المراكب من سعف النخيل قديماً الذي يمد فوقه ما يشبه الغطاء أو شاشة استخرجت أجزاؤها من أشجار النخيل، ثم تربط تلك الأجزاء بالحبال لتحقيق المتانة المطلوبة، وعند اكتمال هيكل المركب يملأ بلحاء شجر النخيل وألياف جوز الهند، ثم أغصان وكرب النخيل لمساعدته على الطفو. «القراقير» يذكر محمد سعيد، أن ركن البيئة البحرية يعرض أيضاً طرق صناعة شباك صيد السمك التقليدية التي تعد الأداة الأساسية لصيد الأسماك، مؤكداً أن لهذه الصناعة أهمية قصوى لدى الصيادين وسكان الشواطئ الذين اعتمدوا على البحر كمصدر للرزق والغذاء، مضيفاً أنه رغم تعدد أنواع الشباك بتعدد العقد واختلافها مثل «الهيال» و«السالية» و«الياروف»، فإن صيادي الأسماك يحرصون على إتقان خياطتها بأنفسهم، مستخدمين أدوات بسيطة. ويورد أن هناك أيضاً خياطة الأشرعة التي تعد من الأعمال البسيطة التي تحتاج إلى دقة وإتقان، كما تحتضن البيئة البحرية أيضاً صناعة القراقير حيث إن «القرقور» هو الأصغر بين أقفاص صيد السمك، الأوسط والأكبر حجماً يسمى «الدوباية»، والقراقير هي الوسيلة الأفضل لصيد الأسماك كونها كروية الشكل، وأن المهرجان يرسخ لدى الجمهور أهمية الحرف اليدوية بوجه عام. خيوط التلي في ركن الحرف التقليدية بالمهرجان، كانت ظبية سعيد الرميثي تغزل خيوط التلي وحولها بعض الزوار، مبينة أن التلى من أشغال الزينة المعروفة في دولة الإمارات ويستخدم لتزيين ملابس النساء عند أكمام الثوب ورقبته، مشيرة إلى أنه تستخدم العديد من بكرات خيوط الحرير الصافي الذي يضفي الأناقة على الملابس النسائية كافة، وترى أن المهرجان يعمق ثقافة الحرف اليدوية لدى رواده بوجه عام، وأنها تعمل في هذه المهنة منذ زمن بعيد، وتحاول أن تنقل للصغار والكبار مفردات بعض الحرف التي تعلمتها في سن صغيرة، موضحة أن الحرف التراثية تعيش ازدهاراً في هذه الأيام بفضل المهرجانات التراثية التي تستعيد وجه الماضي وتؤرخ في الوقت نفسه لطبيعة حياة الآباء والأجداد، وتذكر أن المهرجان يحمل على عاتقه مهمة ترسيخ مفاهيم تراثية عميقة ومفردات ثرية تعبر عن مكانة الموروث الشعبي الأصيل، وأن الزوار أظهروا احتفاء كبيراً بالأنشطة والفعاليات وبخاصة تفاعلهم الواضح مع الحرف التقليدية والصناعات اليدوية التي تتميز بجودتها الفائقة في هذا العصر. عرس تراثي أمام أحد المراكب التراثية، وقف محمد عمر يتأمل هذا اللون من صناعة المراكب، ويشير إلى أن المهرجان عرس تراثي كبير، وأن جانب الحرف التقليدية يبهر الزوار بشكل مستمر، خصوصاً أنه يعبر عن أسلوب الآباء والأجداد في التعامل مع الحياة بوجه عام، سواء في أسلوب معيشتهم، أو من خلال ما يتعلق بسبل الرزق، ويرى أن المهرجان اكتسب صفة عالمية بين المهرجانات الأخرى، نظراً لاهتمامه بجوانب الموروث المحلي الذي يحلق بين الموروثات العالمية، نظراً لفرداته، ومن ثم إحيائه بالجهود المستمرة، ويبين معمر أن الحرف اليدوية تظهر نوعاً من الصناعات التقليدية المهمة في الدولة، والتي يعمل على صونها مجموعة من الحرفيين المتميزين من خلال الورش الحية والتفاعل بشكل مباشر مع الجمهور، ومن ثم احتضان الصغار والكبار وإبراز ألوان مختلف من هذه الصناعات التي تحاك بطريقة يدوية خالصة.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©