الجمعة 29 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

صراع الحرفيين باليمن من أجل البقاء

صراع الحرفيين باليمن من أجل البقاء
19 نوفمبر 2016 21:15
كتبه - رعد الريمي صناعة المعاوز، الفخار، البخور، الزباد، الحصير، الجنابي، آلات العزف، المشغولات الفضية، والعقيق اليماني، والمشغولات الجلدية، والنسيج، والنحت على الخشب الذي يتضمن زخرفة، ونحت اللوحات، والأبواب، والشبابيك الخشبية، ومصاحف القرآن الكريم والكراسي، وبعض الطاولات بتصميمات يمنية ذات طابع تراثي وتاريخي ومعماري أصيل، وعمل الجصيات، ومهن أخرى مثلها مثل كثير من المنتجات التي تصارع للبقاء، إذ يقف هذا المنتج بكل ما يواجهه من تحديات وما تحيط به من إشكالات تهدد بزوال الكثير من أصنافه وأنواعه في ظل الحرب الغاشمة الذي تسبب بها الانقلابيون، بالإضافة إلى المنافسة التي فرضتها متغيرات الحياة الجديدة والمعاصرة.. تاريخ تأبى الذاكرة نسيانه يتميز اليمن بتعدد الصناعات الحرفية التي أبدع فيها الإنسان اليمني من خلال ما يتوافر لديه من المواد الخام، بحسب طبيعة كل منطقة من المناطق اليمنية، والعوامل والمقومات المساعدة والمتمثلة في الموهبة والحس الفني الرفيع لدى الإنسان اليمني الذي أبدع كثيراً في فن الصناعات الحرفية اليدوية، والتي نتج عنها أعمال ومشغولات يدوية تقليدية تعتبر في غاية الجمال والروعة. وكثيراً ما نلاحظ أن هذه الحرف والمشغولات اليدوية تسحر عيون وعقول السياح الأجانب والعرب على حد سواء، وكل من زار اليمن سواء كان بقصد السياحة أوغيرها، وذلك لدقة وجودة هذه المشغولات اليدوية الرائعة. ويعد اليمن من أشهر بلدان العالم في مجال الحرف التقليدية منذ القدم، حيث أصبحت هذه الحرف جزءاً لا يتجزأ من موروثه الحضاري والتاريخي والثقافي، حيث اشتهر اليمن بالكثير من الحرف اليدوية التي توارثها اليمنيون جيلاً بعد جيل، وتحظى الحرف باهتمام خاص لدى بعض اليمنيين لكونها أحد مصادر دخلهم باعتبارها أحد القطاعات الاقتصادية المهمة، وجزءاً من التكوين والنسيج الاجتماعي للشعوب. إضافة إلى أنها جزء من الهوية الوطنية الثقافية التي تعكس أصالة وعبق التاريخ ومكتنزات الماضي وما يربطها بروح الحاضر من علاقة وطيدة، حيث تشكل هذه الحرف إحدى أهم الوسائل لمواجهة البطالة وإيجاد مصدر العمل للعاطلين من خلال تدريبهم عليها في مراكز الحرف اليدوية المتخصصة، الأمر الذي أدى في فترة من الفترات إلى إنعاش الحركة الاقتصادية التنموية في البلاد. تعتبر هذه الحرف والمشغولات اليدوية والصناعات الصغيرة والمتوسطة، إجمالاً، من أهم وأبرز العوامل الاقتصادية الفاعلة في محاربة البطالة والقضاء، وتمثل الصناعات الحرفية والمشغولات اليدوية والصناعية الصغيرة في اليمن رافداً حيوياً للشعب اليمني. مهن تصارع للبقاء وتعاني كثير من هذه المهن، وهي إلى اندثار نتيجة الحرب، وفيما يتعلق باندثار الحرف التقليدية، لفت الشامي، أحد كبار الحرفيين، إلى أن هناك حرفاً ومشغولات يدوية تراثية توشك على الاندثار، كالمصنوعات الجلدية وغرابيل المياه والأحذية وأدوات الأخشاب التي تستخدم للطعام سابقاً، البعض منها اندثر نتيجة عدم الاهتمام بها كمنتجات محلية لها قيمة أصيلة تظل تمثل التراث الشعبي اليمني الأصيل. والجهات المعنية مطالبة بدعم المنتجات المحلية وحفظها وتوثيقها من التلف والاندثار.. والحكومة مطالبة بمنع استيراد المنتجات الخارجية التي تؤثر سلباً على المنتج المحلي. وأشار الشامي إلى أن إهمال الدولة وعدم تشجيعها للمنتج المحلي والحرفي، يسهم في انقراض المنتج اليمني الأصيل، ما يفرض على الجميع تحمل مسؤوليتهم.. مؤكداً أن توفير الأمن بمأرب سيرفد الخزينة العامة بملايين الدولارات، حيث إن خمسة ملايين سائح يزورون مأرب سنوياً، ما ساهم في تراجع السياحة. ويقول الحرفي رضوان فارع، إن الأعمال والمهن والحرف تأثرت، ومنها ما يكاد أن ينتهي إذا لم يتم إحياؤه من قبل الجهات المختصة أو المبادرات المجتمعية، بعض الحرف كانت ضعيفة الحضور، وجاءت الحرب لتقضي عليها، ويشير فارع إلى أن بعض المناطق تميزت بمنتوجات حرفية متميزة في مختلف المحافظات اليمنية، فأثرت الحرب بشكل كامل عليها مثل مناطق في تعز تمتهن المدار والنحت وإنتاج الفخار وتشكيلات سعف النخيل ومنحوتات جذوع الأشجار، فتوقفت بسبب الحرب التي اجتاحت هذه المناطق، فنزح السكان إلى محافظات ومدن وأرياف أخرى، ولضرورة لقمة العيش امتهن الكثير من ذوي المهن الحرفية أعمالاً أخرى لتوفير لقمة العيش، وهذه المهنة الجديدة تأتي على حساب مهنته الحرفية التي نشأ وتربى وهو يمتهنها، وكثير من الشباب الحرفيين انضموا إلى جبهات القتال، تاركين خلفهم مهناً ستندثر إذا لم يحيها المجتمع مع أن كثيراً من هذه المهن لم يعد مجدياً اقتصادياً للأسر الحرفية. ويقول متخصصون إن الصناعات الحرفية والإبداعية مهددة بالاندثار رغم الدور الكبير الذي تقوم به في الحد من البطالة والتخفيف من الفقر، سواء للحرفيين أو العاملين في بيعها وشرائها، خاصة الصناعات النحاسية والتي اندثرت بشكل كامل، كما أن الأواني النحاسية أصبحت تستخدم عند الكثير من الناس كزينة على اعتبار أنها جزء من تاريخهم العربي بعد أن كانت تمثل أهم الحاجيات الضرورية المرتبطة بالحياة اليومية للإنسان اليمني منذ أن استخدم الإنسان الأحجار في صناعة الأواني الحجرية وصناعة السلاح والسكاكين، وكل ما يحتاج إليه في عصور ما قبل التاريخ. صعوبات بالغة تواجه الحرفيين ويرى الحرفيون أن حرفهم تواجه صعوبات كثيرة، منها الإهمال الرسمي، فالحرفيون لا يحظون بأي مزايا تتيح لهم الحصول على المواد الخام، أو تعفيهم من الضرائب، أو تساعدهم على الأقل في مجال تسديد فواتير الكهرباء لمحالهم، إضافة إلى أن هناك خطراً قادماً لا يقل أهمية عن الإهمال الحكومي ألا وهو الاستيراد المستمر للسلع الخارجية المصنعة ميكانيكياً أو النقص في المعرفة الفنية لدى الحرفيين نتيجة ضعف الدعم وهو ما لا يمكن الحرف اليدوية من الصمود أمام منافسة المنتجات المستوردة في موقف يهددها بالانقراض، وإنْ كان هناك عدد محدود فقط قد نجح في التكيف مع الوضع الجديد وفي زيادة الإنتاج، وذلك باستخدام الآلات، وتواجه هذه الحرف بعض الصعوبات الأخرى التي تحول دون تنميتها، بل قد تؤدي إلى عدم استمرارها ومسخ هويتها الثقافية، وفي مقدمته ذلك الغزو الحرفي للصناعات الحرفية الخارجية التي تتصف برخص ثمنها مقارنة بسعر الحرف. ويقول الحرفي هاني: «إن هناك ضرورة للاستمرار بالتفكير الجدي للمحافظة والدفاع عن مهنة «الحصير»، وغيرها لأن الحرف اليدوية ذاكرة أمة وتاريخ شعب ارتحل واستقر وحارب وعكس تاريخه في أعماله اليدوية، وإنْ التهاون أو ضياع أو خسارة حرفة من الحرف هي خسارة لجزء من تاريخ شعب، لذا يمكن القول: إن تفعيل الحرف والمحافظة عليها وإنعاشها مسؤولية الجميع، خاصة أن 80% من الحرفيين يعودون إلى بلادهم حالما تسمح لهم الظروف بذلك، كما يعتقد هاني». ويعتقد الدكتور قاسم المحبشي أحد المتخصصين في التراث اليمني أن الحروب في اليمن، أفضت إلى تدمير هذه الثروة القومية، وكانت الحرب الأخيرة بالغة القسوة والوحشية، وقد أجهزت على الرمق الأخير من هذه الاهتمامات المنتجة، إذ تحول دون اهتمام الناس وانشغالهم في البحث عن الأسلحة والذخيرة الحديثة حتى صناعات الأسلحة التقليدية التي كانت تشتهر بها اليمن كالسيوف والجنابي والرماح والتروس كسد سوقها، ناهيك عن أن الحرب جعلت اليمن منطقة خطر للسياح، وبالتالي انعكس سلباً على المنحوتات الأثرية من قبيل العقيق اليماني والأحجار الكريمة والمصوغات الفضية والذهبية والتحف البحرية التي كانت رائجة في أزمنة سابقة، لافتاً إلى أن الحرب كان تأثيرها متعدد المناخ على المستوى الاجتماعي والاقتصادي والسياحي والمدني إذا أفضت إلى تعطيل عشرات الآلاف من الأيادي العاملة المهنية وحرمتهم من مورد اقتصادي مهم جداً، وخربت المنتج السياحي الأول في البلد.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©