الجمعة 19 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
الأخبار العالمية

لا حل إلا بالحوار مع بغداد

لا حل إلا بالحوار مع بغداد
6 أكتوبر 2017 13:18
باسل الخطيب (السليمانية، أربيل) بين أربيل والسليمانية تمتد مسافة الخلاف الأيديولوجي والسياسي، في رقعة عزيزة من الشمال العراقي، فالاتحاد الوطني الكردستاني الذي كان يتزعمه الرئيس العراقي الراحل جلال طالباني والذي يتخذ من السليمانية مقرا له، يرفض «سلطة فرض الأمر الواقع» من قبل قيادة الحزب الديمقراطي الكردستاني الذي يتزعمه رئيس إقليم كردستان العراق مسعود برزاني. وبين شرعية قيادة الإقليم التي تدخل اليوم في نفق مظلم وتتمحور حولها معظم الخلافات الكردية-الكردية، وبين أزمة فقدان الرئيس «الضرورة» الذي كان يمثله طالباني، تدخل أزمة الإقليم منعطفا آخر، لا يتوقف على خلافات دستورية مع بغداد، بل تتجه إلى تصعيد كردي -كردي قد يعيد الشمال العراقي إلى أزمة عام 1996 التي اشتعلت فيها الحرب الأهلية. «الاتحاد» تقصت المواقف بين أربيل والسليمانية، في إطار إلقاء الضوء على قضية مهمة تتعلق بأمن العراق الذي دعم كل العالم وحدته ورفض استفتاء الانفصال الذي أجري في 25 سبتمبر الماضي. ففي السليمانية قال القيادي في الاتحاد الوطني الكردستاني فريد أسسرد لـ «الاتحاد» إن موقف عضوة المكتب السياسي للاتحاد هيرو إبراهيم أحمد، «نجم عن تزايد الضغوط القوية وبروز تأثيرها الفعال على إقليم كردستان، وإحساس جزء من قيادة الحزب بأن الاستفتاء لم ينظم بالنحو المطلوب، وأن من قام به لم يتوقع تداعياته محلياً وإقليمياً وعالمياً». وأشار إلى أن هنالك قيادات في الاتحاد الكردستاني «أحست قبل غيرها بالحاجة للمراجعة الجدية للأخطاء التي حدثت خلال المرحلة السابقة، بما فيها الاستفتاء». وكانت عقيلة الرئيس العراقي الراحل جلال طالباني هيرو أحمد أكدت الاثنين، أن مواطني الإقليم «يدفعون ضريبة تحدي» القيادة الكردية بإجراء الاستفتاء، عادة تشكيل مجلس سياسي في كردستان العراق «خطأ كبير» ويشبه مجلس قيادة الثورة خلال عهد النظام السابق. وأضاف أسسرد أن هنالك «مخاوف جدية داخل الإقليم من تصاعد التوتر وإمكانية حدوث صدام مسلح مع الجيش العراقي والحشد الشعبي، في ظل غياب أي دعم خارجي للإقليم، ما قد يؤدي إلى فقدان الكثير من المناطق التي تسيطر عليها قوات البيشمركة حاليا»، متهما قيادة الإقليم بأنها «أحرقت ورقة الضغط الوحيدة التي كانت بيدها قبل إجراء الاستفتاء، وكان يمكنها التفاوض مع بغداد من موقع القوة مع التلويح بها، للحصول على مكتسبات وامتيازات جديدة، مقابل عدم إجراء الاستفتاء لكنها ضيعتها ما أفقدها القدرة على الضغط أو التأثير على بغداد، لاسيما أن الموقف الدولي كما الإقليمي، لم يكن مؤيداً أو داعماً للاستفتاء منذ البداية». وتوقع أن قيادة الإقليم «لن تجد أمامها سوى الرضوخ للضغوط وأقواها من بغداد، المدعومة بالموقفين التركي والإيراني الضاغط والمؤثر على الإقليم»، معتبرا أن الحل الوحيد يتمثل بضرورة «التفاوض مع بغداد والقبول بشروطها، بما في ذلك إلغاء الاستفتاء أو تجميد نتائجه». وأوضح أن بارزاني قال منذ البداية «ما يقدم عليه ينطوي على قدر من المجازفة، وها قد دفع ثمن المجازفة». وبشأن المجلس السياسي رأى أسسرد، أنه «يشكل خطوة استباقية من قبل بارزاني وحزبه قبل انتهاء الدورة التشريعية الحالية في نوفمبر 2017، لأن بارزاني عندها لن يكون بمقدوره الترشح لدورة رئاسية جديدة، ولذا عمد إلى تأسيس مجلس يمتلك صلاحيات أكبر من تلك التي يحوزها كل من رئيسي الإقليم والحكومة». وتابع أن تشكيل المجلس «تم بعجالة ومن دون التشاور مع باقي الأطراف المعنية، وبخاصة الاتحاد الوطني، مما أدى إلى نوع من التوتر داخل قيادة الحزب، التي لم توافق على تأسيسه، علما أن غالبية أعضاء القيادة كانت بالأصل تعارض الاستفتاء ناهيك عن تشكيل المجلس، مما فاقم الخلافات والتوتر». وبشأن الانتخابات التشريعية قال إن إجراءها «يتوقف على موافقة حزبي طالباني وبارزاني وتوافقهما»، مرجحاً «تأجيلها». «التغيير»: الحوار وتطبيق الدستور بلا انتقائية وقال عضو المكتب التنفيذي لحركة التغيير (كوران) شورش حاجي، إن الحركة أكدت منذ البدء أن «الوقت غير مناسب لإجراء الاستفتاء، لأن الظروف الذاتية والموضوعية غير مواتية، وطالبت بالقبول بمبادرة الأمم المتحدة والدول الأعضاء بمجلس الأمن الدولي للتوسط في الحوار مع بغداد وحلحلة المشاكل العالقة معها». وشدد على أن ذلك «لا ينفي وقوف حركة التغيير مع حق تقرير المصير لشعب كردستان بحيث تكون عامل استقرار بالمنطقة وتحترم مبادئ حقوق الإنسان وكرامة المواطن، عندما تكتمل الأسس والركائز اللازمة التي تبنى عليها، لأن الدولة الكردية ينبغي أن تبنى على أسس راسخة ولا تعلن». ورأى أن الاستفتاء عندما «أصبح أمرا واقعا كما أراده الحزبان الديمقراطي والاتحاد، كمزايدة سياسية وورقة تفاوضية مع الحكومة الاتحادية ودول الجوار، أكدت كوران عدم ملائمة التوقيت والآلية التي أجري بها، لكنها مع ذلك أعطت أعضاءها ومؤيديها حرية المشاركة والتصويت بنعم أو كلا، حتى أن منسقها العام عمر سيد علي، صوت كأي مواطن آخر في الاستفتاء»، لافتا إلى أن الحركة «أعلنت منذ البدء موقفها بضرورة القبول بالتفاوض مع بغداد». ودعا حاجي الأطراف المعنية كافة إلى «اللجوء لطاولة المفاوضات، فلا سبيل آخر لحل الأزمة الراهنة غير الحوار وتطبيق الدستور بنحو غير انتقائي، لاسيما أن هنالك بنودا فيه تتضمن معالجة النقاط الخلافية برغم أنها كتبت بصورة مطاطة وفضفاضة، وهي بحاجة إلى سن القوانين والتشريعات لشرح تفاصيلها ووضعها موضع التنفيذ وتثبيت حقوق العراقيين بمكوناتهم كافة فضلاً عن أسس الفيدرالية». وأضاف أن كوران «تعتقد أن الحوار مع بغداد، يعني تنازل كل طرف عن بعض مطالبه للوصول إلى حل يرضي الجميع، وإذا ما وجدت إرادة حقيقية لبقاء العراق كدولة اتحادية فإن ذلك ممكنا». وبشأن الخلافات الكردية الكردية، قال حاجي إن «توجهين رئيسين يقودان الحالة السياسية الكردية، أولهما من قبل حركة التغيير، والآخر من قبل الحزب الديمقراطي»، مضيفا أن رؤية الحركة «تختلف جذريا عن رؤية الديمقراطي، بشأن كيفية إدارة الإقليم وحرية التعبير والديمقراطية، وذلك ينعكس بالتالي على القرارات والتحالفات السياسية، فنحن مع نظام برلماني ديمقراطي، وهم مع النظام الرئاسي، وإن كوران مع إلغاء تدخل الحزب في شؤون الدولة وحياة المواطنين، وهم مع سيطرته على مفاصل الحكم والحياة كافة». وأوضح أن هذا الصراع «سيبقى لكن تطور المجتمع ومستوى الوعي الجماهيري سيعدل تلك المعادلة ويصححها، ففي عام 1975 كان أكثر من 95% من الأكراد خلف الملا مصطفى بارزاني، وعند انتفاضة 1991 والانتخابات الأولى في الإقليم، انخفضت نسبة تأييد الديمقراطي إلى 50%، وفي عام 2014 تراجعت إلى 32%». وتابع أن كوران «تراهن على أن النتيجة النهائية ستنسجم مع مطالبها التي تجسد آمال وطموحات شعب كردستان وأجياله الجديدة، من خلال سيادة العدالة الاجتماعية وسيادة القانون ودولة المؤسسات، لذلك كله فإن حركة التغيير مصممة على نهجها. وفي محور العلاقة مع بغداد قال حاجي، إن تلك العلاقة «ينبغي أن تكون متوازنة ومبنية على أساس الدستور إذا ما أريد للعراق أن يكون موحداً، لأن تطبيق الدستور وتثبيت أسس الفيدرالية هي الضمانة الوحيدة لأن يكون العراق موحداً». وبشأن الاتفاقية مع الاتحاد الوطني قال إنها «لم تنفذ ولم يطبق من بنودها الـ 25 غير تلك المتعلقة بتشكيل القيادة الموحدة، لكن غالبية أعضاء وكوادر الاتحاد الوطني ومؤيديه يفضلون تنفيذها ولهذا لم تعلن كوران موتها». «الجماعة الإسلامية»: الحل حالياً بالبقاء مع العراق من جانبها عدت «الجماعة الإسلامية الكردستانية» أن الاستفتاء أدخل كردستان بنفق مظلم وأحدث شرخا كبيرا في المجتمع الكردستاني، وأفقد الكرد احترامهم للانتخابات والقانون، مؤكدة أن الحل الوحيد يتمثل بالتفاوض والحوار مع بغداد لتعديل الدستور وتطبيق النظام الديمقراطي والفدرالي أو حتى الكونفدرالي، بصورة سليمة، برغم اتقادها لـ «تعنت» بغداد. وقال سكرتير المجلس السياسي للجماعة الإسلامية الكردستانية، محمد حكيم جبار، إن «نظرة الجماعة تختلف عمن أجرى الاستفتاء، وقد كانت لها ملاحظات واعتراضات بشأن عدم ملاءمة توقيته، وعدم تشريع قانون خاص به من قبل برلمان كردستان»، متهما بارزاني بأنه «استغل الاستفتاء لرفع شعبيته وحلحلة بعض المشاكل الداخلية بسبب تمسكه بكرسي الرئاسة بعد انتهاء ولايته الشرعية». وبشأن رؤية الجماعة لحل الأزمة الراهنة، قال إنها تتمثل بالدعوة إلى «التفاوض والحوار مع بغداد ودول الجوار، كونها تميل إلى مصلحة المواطن الكردي كما العراقي، وتجنيبه كوارث الحصار أو الحرب». واتهم جبار، بغداد بأنها «تتخذ موقفا متعنتا ينطوي على ظلال انتخابية، بعد أن أصبحت القضية الكردية ورقة انتخابية سواء في إقليم كردستان، أم بغداد، أم حتى دول الجوار»، عاداً أن الاستفتاء انطوى على «مجرد سؤال شعب كردستان بشأن مصيره، من دون أي تبعات قانونية، وما كان ينبغي أن يواجه بمثل هذه العدائية والتعنت والتزمت، لاسيما أن الكرد أبدوا استعدادهم للحوار والبقاء في العراق حاليا». وأوضح أن الاستفتاء «أحدث شرخاً كبيراً بين مواطني كردستان وأفقد الشعب احترامه للانتخابات والقانون، ما قد يلقي بظلاله على الانتخابات التشريعية المقبلة التي نريدها أن تجرى في موعدها المقرر». وبشأن المجلس السياسي قال جبار إن تشكيل المجلس «يشكل خطوة للوراء، حيث كان الحزبان الديمقراطي والاتحاد الوطني، خلال 1990- 1991 هما المتحكمان بمقدرات الإقليم». وعن رؤيته للعلاقة مع بغداد قال إن استقلال الكرد وإقامة دولة لهم يشكل «حقا شرعيا وقانونيا لكنه ينبغي أن يكون في التوقيت المناسب»، مبيناً أن الكرد «أضاعوا فرصة تاريخية للاستقلال أو الكونفدرالية، عند سقوط نظام صدام حسين عام 2003، ولا بد من الإقرار بأن الحرب ضد داعش والأوضاع الحالية في العراق والمنطقة غير مواتية لذلك، وبكل الأحول فإن الحل الأفضل بهذا الشأن يتمثل بإقناع العراقيين أو الدول الكبرى بشأنه، لأن الأتراك والإيرانيين لا يمكن أن يوافقوا عليه». وأشار إلى أن نواب الجماعة الثلاثة «سعوا للمشاركة بجلسات مجلس النواب الاتحادي رداً على التفرد وتشكيل بارزاني للمجلس السياسي من دون التشاور مع الجماعة وباقي القوى والأحزاب السياسية الكردستانية»، مؤكداً على أن من شكل المجلس السياسي «لا يمثل الكرد جميعاً، واستعداد الجماعة التصدي لأي قرار أو إجراء يمس حياة المواطن الكردستاني». وتابع «لا نعترف بالمجلس السياسي، وكنا نتوقع إعادة تفعيل برلمان كردستان وباقي المؤسسات الدستورية على أسس سليمة، لتوحيد كلمة شعب كردستان، واتخاذ القرارات التي تخدمه»، وتابع أن الاستفتاء «أدخل كردستان في نفق مظلم، ولا حل حالياً إلا بالبقاء في العراق مع التفاوض والحوار مع بغداد لتعديل الدستور وتطبيق النظام الديمقراطي والفدرالي أو حتى الكونفدرالي، بصورة سليمة». وبشأن عودة الجماعة إلى برلمان كردستان، قال إنها «مرهونة بعودة العمل المؤسساتي للإقليم لأنه بات مجرد أداة طيعة بيد الحزبين الديمقراطي والاتحاد الوطني». صقور الاتحاد : أربيل أضاعت فرصة ثمينة ويأتي موقف زوجة طالباني هيرو أحمد وهي من صقور الاتحاد الوطني وتقود الجناح الأقوى فيه، على خلفية حزمة أسباب وفقا للمصادر نفسها، منها تصاعد حدة معارضة الأوساط القيادية في الحزب، وعدم موافقة الكثير من قياديه على إجراء الاستفتاء، والانجرار وراء بارزاني، وتهديدهم بالانشقاق، مما يفاقم الخلاف داخل الحزب، لاسيما بعد استقالة نائب الأمين العام برهم صالح، وإعلانه عن تشكيل كتلة جديدة «التحالف من أجل الديمقراطية والعدالة»، فضلاً عن زيادة الضغوط الخارجية خصوصاً الإيرانية، والخشية من فقدان الكثير من المكتسبات التي تحققت لإقليم كردستان في أعقاب 2014، بما في ذلك كركوك والمناطق الأخرى المتنازع عليها مع بغداد، وتكبد قوات البيشمركة خسائر «جسيمة لا لزوم لها». وتشكل الخشية من تراجع شعبية الاتحاد الوطني لصالح القوى المعارضة لاسيما حركة التغيير، والنخبة المثقفة والقوى الإسلامية، وفقدانه المزيد من مقاعده سواء في برلمان كردستان أم البرلمان العراقي، سبباً مضافاً لموقف زوجة طالباني، مع قرب حلول موعد الانتخابات التشريعية والرئاسية الكردستانية، خصوصا أن السليمانية معروفة عموماً بمعارضتها أو عدم تأييدها، للحزب الديمقراطي الكردستاني، مقارنة بالوضع في أربيل أو دهوك، على خلفية تداعيات الحرب الأهلية خلال تسعينيات القرن الماضي وأسباب نفسية وتاريخية أخرى. وأكدت المصادر لـ«الاتحاد» أن الكثير من قياديي الاتحاد الوطني يتهمون بارزاني بإضاعة فرصة مهمة، نتيجة عدم استجابته للوساطات الدولية، لاسيما التي حملها بريت ماكجورك مبعوث الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، التي تضمنت صراحة إثارة قضية كردستان وحقوق الكرد، في الأمم المتحدة ومجلس الأمن الدولي، بعد أن ضمنت واشنطن موافقة موسكو عليها، وفقا لمصادر مطلعة، ما كان سيشكل نصرا عالميا مهماً للقضية الكردية، لكن عناد بارزاني، وفقاً للمصادر ذاتها، فوت على الإقليم تحقيق مكاسب مادية ومعنوية مهمة، وورقة ضغط قوية، وهو ما قد لا يتحقق مرة ثانية قريباً. من هنا يرجح حدوث ردة فعل «قوية» أخرى داخل الاتحاد الوطني الكردستاني قريبا جدا، نتيجة عدم إمكانية تجاهل المعارضة «المتفاقمة» لتوجهات المكتب السياسي الحالي، واحتواء أي محاولة أخرى للانشقاق تزعزع مكانة الحزب وتفقده المزيد من جماهيره، لاسيما بعد رحيل مؤسس الحزب والخيمة التي طالما أجلت تفككه، جلال طالباني. أربيل: معضلة السليمانية خليفة طالباني وحسم المواقف من أربيل عد نائب سابق عن الحزب الديمقراطي الكردستاني عبد السلام برواري في حديثه لـ»الاتحاد» أن المعضلة الأولى التي يواجهها الاتحاد الوطني تتمثل بضرورة اختيار أمينه العام الجديد بعد رحيل مؤسسه جلال طالباني، تليها مشكلة «تذبذب» مواقفه بشأن القضايا المصيرية في الإقليم ومنها تحالفه من الحزب الديمقراطي، مؤكداً أن عدم ترشح بارزاني لرئاسة الإقليم مجدداً «أمر طبيعي ولا علاقة ل?» برئاسته للحزب الديمقراطي الكردستاني. وقال إن الاتحاد الوطني «يعاني من أزمة قيادة منذ مرض مام جلال قبل خمس سنوات، مما تسبب باضطرابات ومشاكل أثرت سلباً على قدرة الحزب باتخاذ القرارات المهمة التي كان يستوجب اتخاذها، فضلا عن تصاعد الخلافات داخل أجنحة الحزب وبين شخصياته القيادية»، مشيراً إلى أن ذلك «تجلى في عدم قدرة الحزب على عقد مؤتمره برغم كثرة المطالبات بذلك وما نجم عنه من خلافات وانشقاقات». ورأى أنه أصبح لزاما على الاتحاد الوطني اليوم عقد مؤتمره لانتخاب خلف لمام جلال»، معتبرا أن هذه ستكون «المعضلة الأولى التي يواجهها الحزب بعد رحيل مؤسسه وأمينه العام جلال طالباني، تليها مشكلة تذبذب مواقفه بشأن العديد من القضايا المصيرية». واعتبر برواري، أن انفصال نائب الأمين العام للاتحاد الوطني برهم صالح «أحدث شرخاً جديداً في الاتحاد الوطني، بعد ذلك الذي أحدثه انشقاق نوشيروان مصطفى عام 2006، وتشكيله لحركة التغيير المعارضة»، متوقعاً أن «تترك مجموعة أخرى من كوادر الاتحاد الوطني الحزب للالتحاق بصالح، مما سيكون له أثره الواضح على الحزب». وأضاف برواري أن مصلحة الاتحاد الوطني تكمن في «التحالف مع الديمقراطي الكردستاني»، مستدركاً لكن ذلك «يتطلب قيادة جريئة وقوية على غرار ما فعله الراحل الكبير مام جلال، عندما أبرم العديد من الاتفاقيات المشتركة فضلا عن التحالف الاستراتيجي مع الحزب الديمقراطي الكردستاني، برغم أن المؤشرات الحالية تدل على أن الاتحاد الوطني سيجد صعوبة في اتخاذ مواقف جريئة للتنسيق مع الحزب الديمقراطي الكردستاني، لأن الشارع في السليمانية قد تم شحن منذ سنوات ضد الحزب الديمقراطي ورئيس الإقليم مسعود بارزاني، وأي موقف عقلاني يتخذه، سيتم اعتباره تخاذلاً». وأوضح أن الكثيرين في الاتحاد الوطني «توصلوا إلي أن استمرار التوجهات المعادية أو المضادة للحزب الديمقراطي والقيادة الكردستانية الحالية، تعزز توجهات حركة التغيير»، مؤكداً أن نوعا من «التخبط يسود المشهد السياسي في السليمانية، بالنسبة لكل من الاتحاد الوطني وحركة التغيير وكذلك الجماعة الإسلامية، عكس الحال مع الاتحاد الإسلامي، الذي تميز بوضوح مواقفه وقوتها خاصة بعد عودة صلاح الدين بهاء الدين الي زعامت».وتابع برواري، أن حركة التغيير «ما تزال تعاني من رحيل مؤسسها نوشيروان مصطفى»، مرجحا أن تشهد الحركة «صراعاً بين الحرس القديم والجيل الجديد الذي تمت تربيتة ليكون رافضا ومتمردا، كما حدث عند تصويت المنسق الجديد للحركة، عمر سيد علي لصالح الاستقلال بالاستفتاء، مما يعكس عدم قدرة قيادة الحركة السيطرة على شبابها». ومضى برواري بالقول إن السؤال الأهم يبقى «مرتبطاً بما إذا كانت الانتخابات التشريعية والرئاسية في إقليم كردستان ستجرى في موعدها المحدد مطلع نوفمبر المقبل أم تؤجل إلى إشعار آخر كما يرجح كثيرون». وبشأن عدم ترشح بارزاني مجدداً، اعتبر برواري، أن ذلك «أمر طبيعي ومتوقع لأنه ليس مسموحا لبارزاني بالترشح مجددا، کما أکد هو شخصيا عدم رغبته بذلك، کما فعل عام 2013 أيضا حيث لم يرشح نفسه ولعدم وجود مرشح آخر، قام برلمان کردستان بتمديد ولايته برغم عدم توقيع علي ذلك القانون». وبشأن الاستفتاء قال إن من «الصعب التكهن بالتداعيات الناجمة عن الاستفتاء لأن معظم ما يقال للاستهلاك المحلي أو تمهيدا لحملات انتخابية أو غير منطقي وغير قانوني». ورأى أن حدة التهديدات «ستخف وتقتصر علي عدم الاعتراف بنتائج الاستفتاء وکل ما يترتب عليه». وفي الختام فإن «زلزال الاستفتاء» حدث ولا يمكن تجاهل نتائجه وتأثيرها «المعنوي» على الأقل، وانعكاساته على أي مباحثات مقبلة سواء كانت محلية أم أممية، كتعبير عن «حق تاريخي مشروع» يجسد أحلام الشعب الكردي وطموحاته لكنه لا يمكن أن يتحقق، كما أثبتت التجربة، بمعزل عن التفاهم مع بغداد والدول الكبرى فضلا عن الإقليمية، وأن تسرع بارزاني، أو عدم دقة حساباته، أفقده الكثير من رصيده المحلي والإقليمي والعالمي، وأجل موعد تحقيق هذا الحلم مجددا، مثلما عزز موقف رئيس الحكومة العراقية حيدر العبادي، وأظهره كزعيم وطني حريص على وحده البلد، مما قد ينعكس إيجابيا على مكانته، ويخدم الاستراتيجية الأميركية الهادفة لتحجيم النفوذ الإيراني وأتباعه في العراق.  
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©