الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

«المجمع الانتخابي».. ودور الرئيس

19 نوفمبر 2016 22:39
يواجه النظام الانتخابي الأميركي انتقادات شديدة منذ فوز الرئيس المنتخب دونالد ترامب. وتعاني دول أخرى تعتمد إجراءات مماثلة من اضطرابات مشابهة، إلا أن الأعراف السياسية والقوانين التي تقيد صلاحيات منصب الرئاسة تخفف من حدة التوترات، وتقلص المخاطر التي تشكلها المنافسة الرئاسية. ورغم أن من المستبعد إلغاء «المجمع الانتخابي»، فإن هذا النظام قد يصبح سبيلاً أكثر منطقية وأكثر سهولة بالنسبة للولايات المتحدة، إذا أضحت الرئاسة أقل أهمية، ومن ثم الاختلافات بين نتائج التصويت الشعبي و«المجمع الانتخابي»؛ وإذا ما عكست الحكومة التي تدير الدولة بالفعل، بموجب الدستور الأميركي الحالي، نتيجة التصويت الشعبي. وربما ترغب الولايات المتحدة في دراسة نموذج الهند، وهي أيضاً فيدرالية تضم تحت لوائها كثيراً من الولايات الشديدة التنوع. وتستخدم الهند «مجمعاً انتخابياً» لانتخاب الرئيس. ويضم هذا المجمع البرلمان بأسره ويقدم تمثيلاً لمجالس الولايات، وتمثيلاً نسبياً لسكان الولايات وفق إحصاء العام 1971. وهذا وإن كان يبدو غير منصف في العام 2016، فإنه ينطوي على وجهة نظر منطقية، فهو مصمم لتفادي معاقبة الولايات التي تبذل جهوداً للحد من الزيادة السكانية. وقليل من السكان خارج الهند هم من يستطيعون ذكر اسم رئيسها «براناب موخرجي»، لا سيما أن رئيس الوزراء «ناريندرا مودي» يدير الدولة لأن حزبه فاز بالانتخابات البرلمانية في أنحاء البلاد. ورغم ذلك، تتشابه الأوصاف الدستورية لدور الرئيس في كل من الهند والولايات المتحدة. وكما في الدستور الأميركي، ينص الدستور الهندي على أن «السلطة التنفيذية للاتحاد يجب أن تكون بيد الرئيس»، ويسمى شاغل المنصب أيضاً القائد الأعلى للقوات المسلحة. وفي حين أن واضعي المسودة الدستورية لم يقصدوا أن يحكم الرئيس الدولة، تقيدت الهند بالنموذج البرلماني البريطاني في الحكم، مستبدلة بالملك رئيساً في دور زعيم الدولة. وتمت حماية هذه الصيغة في النص الدستوري بصيغة تنص على أن السلطة التنفيذية بيد الرئيس «يجب ممارستها من خلاله سواء بصورة مباشرة أو من خلال مسؤولين تابعين له بموجب الدستور». وهذا الدور الدستوري لمجلس الوزراء، الذي يترأسه رئيس الوزراء، هو «المساعدة وتقديم النصح» للرئيس. وفي الولايات المتحدة، يحتاج الأمر إلى إجراء بعض التغييرات الطفيفة على الدستور من أجل إدخال هذه الأحكام بدلاً من إلغاء «المجمع الانتخابي». ولعل الصياغة الموجودة لا تتعارض مع التقليص الكبير في الصلاحيات الرئاسية. وعلى الصعيد العملي، يتعين على الرئيس المقبل أن يعين زهاء 4000 مسؤول لإدارة السلطة التنفيذية. لكن لا شيء يمنع، من الناحية النظرية، الكونجرس من أن يمرر قوانين من شأنها أن تحول دون هذه التعيينات. وإذا أراد الكونجرس، ونجح في إقناع الرئيس بالتوقيع على القوانين الملائمة، يمكنه السيطرة على تشكيل الحكومة الأميركية. وبالطبع، سيمكن لأي رئيس وزراء يتم اختياره من الأغلبية البرلمانية أن يدير الولايات المتحدة بموجب السلطة الممنوحة له من قبل الرئيس. وذلك بالطبع سيحل مشكلة خصوم دونالد ترامب تجاه «المجمع الانتخابي»، فالزعيم الفعلي للدولة سيتم اختياره من خلال التصويت الشعبي. وكميزة إضافية، لن تكون نتيجة العملية الانتخابية بعد ذلك أن يحصل الفائز على كل شيء، مع إمكانية تمثيل أكثر من حزب في حكومات ائتلافية. وإذا اتخذت الولايات المتحدة هذا المسار، فإن «المجمع الانتخابي» سيواصل اختيار القائد الأعلى وحامي الدستور، ولن يعترض سوى قليل من الناس على هذه الطريقة التي تحمي الطبيعة الفيدرالية لدولتهم وتنوع ولاياتها. والحقيقة أن ذلك كله من قبيل الأحلام بالمدينة الفاضلة، بسبب الأعراف الراسخة، لكن التخلص من «المجمع الانتخابي أيضاً» هو فكرة غير واقعية بالمثل، فكما أن التحول إلى النظام البرلماني سيحتاج إلى موافقة الرئيس، سيحتاج إلغاء «المجمع الانتخابي» إلى موافقة الولايات الصغيرة، التي لن توافق على ذلك، لكن ذلك لا يعني أن على الأميركيين إجراء إصلاحات سياسية بالتدريج وبخطوات صغيرة. * كاتب روسي مقيم في برلين يُنشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©