السبت 27 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

احتجاجات موسكو تربك نظام بوتين

16 يونيو 2012
تعالت الشعارات المناوئة للحكومة في شوارع العاصمة الروسية، موسكو، يوم أول من أمس الثلاثاء في تحدٍّ واضح للإجراءات الأخيرة التي اتخذتها السلطات لقمع الحركات الاحتجاجية وإخراس الأصوات المعارضة، حيث يبدو أن كل التدابير لم تجدِ نفعاً ولم تحل دون خروج الآلاف من الروس إلى شوارع موسكو احتجاجاً على حكم بوتين. وفي أول احتجاج كبير ينجح في حشد أعداد ضخمة من المتظاهرين منذ بدء بوتين ولايته الجديدة، اجتاح سكان موسكو من جميع الأعمار ومن مختلف الانتماءات السياسية الشوارع الرئيسية للعاصمة، هاتفين "روسيا دون بوتين"، و"كفى من حكم الكي جي بي". وتوصف الحركة الاحتجاجية الأخيرة التي استنفرت السلطات الأمنية ودفعت بأعداد كبيرة منها للتصدي للمتظاهرين بـ"مسيرة الملايين"، كما تندرج في إطار موجة جديدة من الاستياء بدأت تجتاح المدن الروسية الرئيسية وذلك منذ الإعلان عن نتائج الانتخابات البرلمانية المتنازع عليها وما شابها من لغط حول عمليات تزوير واسعة قيل إنها قد لحقت بها، وفيما قدر المعارضون ومنظمو الاحتجاجات أن عدد المشاركين في المسيرة تجاوز 100 ألف محتج قللت السلطات الأمنية كعادتها من عدد المشاركين الذين وضعتهم في حدود الـ 18 ألفاً. والحقيقة أن ساحة "بوشكين" التي كانت نقطة الانطلاق إلى باقي الأحياء والشوارع شهدت أعداداً ضخمة من المحتجين ارتدوا ألواناً شتى وهتفوا بشعارات متنوعة دون أن يردعهم الطقس الماطر الذي خيم على سماء موسكو يوم الثلاثاء الماضي. وعلى رغم الألوان المزركشة التي ارتدوها والحيوية التي غلبت على المتظاهرين، فقد ظل المناخ العام المسيطر على الاحتجاجات هو الشعور الطاغي بالغضب إزاء حكم طويل ينتظرهم بقيادة بوتين قد يصل إلى 12 سنة أخرى يشرف عليها حزبه الحاكم، "روسيا الموحدة". وعن هذا الشعور الطاغي بعدم الرضى عن حكم بوتين لدى سكان موسكو يقول "ليف زافاروييف"، البالغ من العمر 73 عاماً: "لقد شاركت في جميع الاحتجاجات التي شهدتها مدينة موسكو في الفترة الأخيرة وذلك لأنني صرت أكره بعض رموز السلطة الحالية، فقد سرقوا الكثير من الناس، إنهم مجرد خونة"، مضيفاً "لقد مررنا بمراحل مختلفة تروج للديمقراطية مثل فترة البرسترويكا، ولكننا إلى حد الآن لم نرَ شيئاً من تلك الديمقراطية الموعودة، انظر فقط إلى عدد الشرطة الذين أُرسلوا إلى الشوارع لقمع الاحتجاجات السلمية". كما أدان متظاهر آخر هو "إيفان بوستويوك"، البالغ من العمر 26 عاماً، ويعمل مصمم مواقع إلكترونية، فكرة الانتخابات التي تروج لها السلطات، معتبراً أنها مجرد مسرحية للضحك على الناس، قائلاً إن روسيا تحولت في الحقيقة إلى "دولة شمولية"، مستطرداً "أريد منافسة سياسية حقيقية في هذا البلد، كما أريد للمجتمع الروسي أن يتطور بطريقة عادية، إلا أن الشرطة تحول دون ذلك". وفيما كانت المسيرة تتقدم في شوارع موسكو وقف زعيم جبهة اليسار، "سيرجي أودالتسوف"، ليخاطب مجموعة من المتظاهرين يرتدون اللون الأحمر، داعياً إلى تشكيل جبهة موحدة ضد النظام الحاكم، و"أودالتسوف"، الذي فر من مذكرة اعتقال في حقه أصدرتها السلطات الأمنية ليشارك في مظاهرة يوم الثلاثاء الماضي، صرح في لقاء أجري معه بأن بوتين "بدأ يرتبك"، قائلاً "لا تفكر السلطات سوى بمنطق القمع وإخماد الاحتجاجات مهما كلفها الأمر، ولذا رأينا في الأيام القليلة الماضية موجة من المداهمات لمنازل المعارضين والنشطاء السياسيين واعتقالهم لقطع الطريق على الاحتجاجات". وقد جاءت مظاهرة يوم الثلاثاء الماضي لتتزامن مع العيد الوطني الروسي، كما أتت في أعقاب حملة قامت بها السلطات الأمنية للتضييق على المعارضين ومنع مشاركتهم في الاحتجاجات. ففي يوم الاثنين الذي سبق خروج المسيرة الحاشدة في شوارع موسكو شن رجال الأمن بأوامر من المحققين حملة اعتقالات واسعة طالت 15 ناشطاً سياسياً بمن فيهم "أودالتسوف" والمدون المناهض للفساد "أليكسي نفالني"، وبادروا باحتجاز كميات كبيرة من المنشورات المناوئة للحكومة، وهو ما دفع "منظمة العفو الدولية" إلى إدانة موجة الاعتقالات تلك، معتبرة أن لها أهدافاً سياسية واضحة. وقبل حملة الاعتقالات وتحديداً في يوم الجمعة وقع الرئيس بوتين على قوانين وتشريعات ترفع من قيمة الغرامات المفروضة على المتظاهرين إلى 10 آلاف دولار فيما تصل بالنسبة للمنظمين إلى 30 ألف دولار في محاولة على ما يبدو لمنعهم من النزول إلى الشارع، كما تم وضع قيود على عملية التظاهر تشترط الحصول على ترخيص أولي وتحديد عدد المشاركين وإلا يتعرض المنظمون لغرامات كبيرة. وعلى رغم انتفاء حالات الاعتقال، أو فرض الغرامات يوم الثلاثاء الماضي عندما خرج المتظاهرون إلى الشارع، إلا أن الشرطة ظلت متأهبة وعلى استعداد للتدخل، وفيما اعتبر بعض المراقبين أن الطبيعة السلمية للمظاهرات التي اكتسحت شوارع موسكو يوم الثلاثاء تدل على أن الإجراءات الحكومية نجحت في ردع المتظاهرين، رأى البعض الآخر ومنهم "إليكسي مالشينكو" من مركز "كارنيجي" في موسكو أن زخم الحركة الاحتجاجية هو على الأرجح ما أرغم السلطات على تبني موقف أقل قمعاً عندما انطلقت المسيرة، موضحاً ذلك بقوله "يشعر بوتين بالارتباك، هو يعرف أن المجتمع الروسي تغير، وقد اختلف الناس كثيراً عن أول مرة تسلم فيها الحكم، وعلى رغم قدرته على ممارسة الضغوط الشديدة على المحتجين، إلا أنه يدرك أيضاً أن الأساليب القديمة في الضغط لم تعد تجدي ولابد من ابتكار طرق جديدة في التعامل مع المعارضة لا تغضب المجتمع الدولي". ألكسندر وينينج موسكو ينشر بترتيب خاص مع خدمة «إم. سي. تي. إنترناشونال»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©