الخميس 18 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

رهبة الصف الأول

14 سبتمبر 2010 07:14
قبل سنين خلت كان الطفل ينتظر المدرسة بفارغ الصبر، لا فضاءات ولا متنفس إلا المدرسة، ولأنها كانت تحاط بهالة من التمجيد والتبجيل كما المعلم، فإنها كانت ملاذ الأهل والطفل كمربٍ ومعلم ومحصن عن الأذى الاجتماعي، بشغل أوقات الطالب وتزويده بكافة سبل النجاح بتلقينه الدروس وكل المبادئ والأخلاق وطرق نجاح الحياة وسلك سبلها آمنا. ورغم أن الكتب المدرسية في ذلك الوقت كانت لا تتعدى السبورة والطبشورة في البداية وخلال الصفوف الأولى، فإن الكلمات والحروف كانت تترسخ في ذهن الطفل ولا تغادره ما أبداً، بل ُتحفر حفرا، ولأن ضغط المقرر لم يكن مصطلحا موجودا حينها، فإن الطالب كان ينعم بحلاوة الدروس والقصص التي تسرد عليه شفهيا، يستوعب بشكل جيد وتمرر له رسائل تنفعه في حياته المستقبلية، وكان للمعلم هيبة ووقار لا مثيل لهما، حتى إذا صادفه تلميذه في الشارع يستحي من رفع رأسه في وجهه. أما اليوم فقد تغيرت المفاهيم والمصطلحات، وتغيرت الحياة المدرسية، فالطفل الذي كان يصل عمره سبع سنوات يبدأ الدراسة في الصف الأول بعد أن يكون قد استوعب معنى المدرسة وتهيأ لها نفسيا، فإنه اليوم يدخلها في الخامسة من عمره لتصاحب بعضهم الكثير من الرعب والخوف، ناهيك عن ضغط المقرر وصعوبة المنهج إذ أكدت بعض الدراسات أن من 6 إلى 8 أطفال من إجمالي عدد مراجعي العيادات أو المراكز العلاجية يعانون من الخوف من المدارس والمدرسين، هذا ما أكدته هذه الدراسة، أما مايؤكده واقع الحال أن أطفال الصفوف الأولى يعدون من الفئات العمرية الأكثر خوفا من الدخول المدرسي وتصاحب ذلك بعض الأعراض النفسية من قبيل الشعور بالغثيان، وزيادة ضربات القلب، وألم في الرأس وفي المعدة، خاصة إذا كانت بعض المدارس لا تجعل من الأسبوع الأول ساحة من المرح والحب والتعارف لإجلاء هبة المدرسة وعوالمها الجديدة عن تخيلات الطفل وتصوراته المسبقة عن هذا الفضاء الجديد بالنسبة له. ويجمع الأخصائيون النفسيون على ضرورة تأثيث المدرسة بجو من الألوان والفرح ليمر هذا اليوم في سلام وتنسحب فرحته لباقي أيام السنة، كما ينصح الأخصائيون المعلمين بالابتعاد عن التخويف والترهيب لأن تعرض الطفل لبعض المواقف المحرجة قد تسبب له الضيق وتهدد سلامته النفسية وتنجم عنها آثار سلبية تستمر مدة طويلة قد تتحول مع مرور الوقت إلى اضطراب نفسي، كما أن صعوبة المنهج وضغط المقرر من المسببات التي تفقد قدرات الطفل على التحكم في زمام أموره المدرسية، هذا الأمر قد يخلق عنده رهبة مستمرة من المدرسة، حيث يصعب عليه مع الوقت حل شفرات وطلاسم الدروس والواجبات بسلاسة تكسبه ثقة بنفسه، ولأن القدرات مختلفة من طفل لآخر فإن هناك ضرورة إيجاد مربين ذوي خبرات وكفاءات عالية علمية وتربوية للصفوف الأولى، لأن هذه المراحل العمرية لها خصوصيات ويلزمها أساسات يبنى عليها العمر المدرسي بكل مراحله. lakbira.tounsi@admedia.ae
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©