الخميس 18 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

عدم الأمان الاقتصادي.. وتقارير الوظائف

6 أكتوبر 2017 21:57
التقرير الأميركي للوظائف في شهر سبتمبر الذي يُنشر يوم الجمعة سيأتي متأثراً بعواقب الإعصار «إرما»، ونتيجة لهذا، فليس من المرجح أن تلقي بيانات التقرير الضوء على التطورات الاقتصادية. ومن المتوقع أن تأثيرات الإعصار مؤقتة ويمكن إزالتها، ولذا فإذا كان للتقرير دلالات في السياسة فإنها ستكون محدودة وتتضمن احتمالات أن يرفع مجلس الاحتياط الاتحادي سعر الفائدة في شهر ديسمبر. وذكرت تقارير أن إعصار «إرما» الذي ضرب ولاية فلوريدا الشهر الماضي تسبب في انقطاع التيار الكهربائي عن نحو 6.5 مليون منزل في ولاية فلوريدا وفي أزمة إنسانية في الولاية. وضرب الإعصار عشرة بلدان على الأقل في منطقة الكاريبي، وأودى بحياة أكثر من 80 شخصاً. ودخل الإعصار في عداد أقوى العواصف المسجلة على الإطلاق في المحيط الأطلسي قبل أن يجتاح أميركا القارية كإعصار من الدرجة الرابعة. وأكثر من نصف عدد الوفيات وقع في عدد من جزر الكاريبي الأكثر تضرراً، ومنها بويرتوريكو و«فيرجين آيلاند» الأميركية. لكن التقرير قد يكون فرصة جيدة للتروي وطرح أسئلة أكثر عمقاً عن واحد من التقارير الاقتصادية التي يترقبها المحللون بلهفة لفحصه والتعليق عليه، خاصة أن التعليقات المعتادة تميل إلى التركيز على رقمين أساسيين فحسب. وتقرير الوظائف يقدم مؤشراً واضحاً ومهماً عن حالة سوق العمل الأميركية وعواقب ذلك على الاستهلاك وهو أهم عنصر في الإنتاج المحلي الإجمالي وما يصحبه من تأثيرات محلية ودولية. وينبهنا التقرير أيضاً إلى السياسات المرجح حدوثها وما يجب أن يحدث منها. ومن المفهوم أن يتم تركيز اهتمام أكبر على مدى التقدم في خلق فرص العمل ومعدل البطالة مع تأثيرات هذا على الأجور وتدفق الباحثين عن وظائف في داخل وخارج سوق العمل. وفي الآونة الأخيرة، حدث انهيار لهذه العلاقات. فالارتفاع التاريخي لخلق فرص العمل والتراجع في معدلات البطالة إلى مستويات تاريخية لم يؤثر كثيراً في معدل نمو الأجور ولا في معدل مساهمة العمل في أداء الاقتصاد. وأصبح عامل الأجور، بشكل خاص، مكوناً رئيسياً في ظاهرة اقتصادية أوسع نطاقاً تعبر بشكل مباشر عن مستويات ملحوظة من الاستياء الاجتماعي وتغذي الاستقطاب السياسي وتقلص الثقة في المؤسسات وآراء الخبراء. ومنذ الركود الاقتصادي، زادت الأجور بمعدل ضعيف لا يكاد يُلحظ وبأقل مما كانت تتوقعه التقديرات التاريخية لمنحنى «فيليبس» الذي يرصد العلاقة بين معدل البطالة ونمو الأجور. ونتيجة لهذا، لا تقلل التطورات الأكثر تفاؤلاً في تقرير العمل جوهرياً الدرجة المرتفعة من عدم الأمن الاقتصادي الناتج عن الوظائف ذات الأجور المنخفضة وفرص العمل التي لا تتمتع بأمان سواء كان فعلياً أو متوقعاً. وفي سياق القلق بشأن عدم المساواة في ثلاث نقاط مترابطة وهي الدخل والثروة والفرص، تساهم هذه الظاهرة في شقاق مجتمعي يذكي الاستقطاب السياسي ويقلص الثقة في النظام وفي القائمين على قيادته وهم السياسيون والبيروقراطيون والتكنوقراط. وطُرحت تفسيرات كثيرة لعدم الأمان الاقتصادي، وليس من بينها تفسير بارز مهيمن، لكن معظمها قدم استبصارات مفيدة. وتضمنت التفسيرات الإشارة إلى رواسب صدمة الأزمة المالية العالمية لعام 2008 التي لم تتسبب فقط في الركود، بل أيضاً في التهديد بخطر الكساد لعدة سنوات. وأشارت التفسيرات أيضاً إلى تأثير عوامل بنيوية ومدنية أخرى مثل الابتكار التكنولوجي والعولمة وتقلص تأثير اتحادات العمال. ومن العوامل ذات الصلة أيضاً، تأثيرات السياسة التي تضمنت الاعتماد المبالغ فيه على السياسات النقدية والتراخي في تبني إصلاحات تنعش المحركات الحقيقية القادرة على تحقيق نمو كبير يشمل الجميع. والأمل يتعلق في الشهور القليلة المقبلة بأن نشهد في تقارير الوظائف التالية نمواً في الأجور في الوقت الذي يتم فيه التخلص من عوامل التدهور في سوق العمل. ويمكن تعزيز هذا من خلال اتخاذ إجراءات مؤيدة للنمو تتضمن إصلاحات في الضرائب وتطويراً للبنية التحتية والحفاظ على فرص العمل وإعادة تشكيلها وإتاحة فرص أفضل لاكتساب المهارات وإصلاح التعليم وغيرها من الإصلاحات. وبالإضافة إلى هذا، قد تشجع هذه الإجراءات العمال المحبطين على معاودة دخول سوق العمل وقد تقدم دعماً إضافياً ليس فقط للنمو الفعلي، بل والمحتمل أيضاً. ومن المرجح أن يكون تحسن أداء الكونجرس في صنع قرارات السياسات الاقتصادية حيوياً في تحويل هذه الآمال إلى واقع. *الرئيس السابق لمجلس التنمية العالمية التابع للبيت الأبيض في إدارة أوباما. ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©