الثلاثاء 23 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

ملتقى السمالية الصيفي يغرس قيم الولاء والانتماء في نفوس الطلاب

ملتقى السمالية الصيفي يغرس قيم الولاء والانتماء في نفوس الطلاب
18 يونيو 2013 16:04
على رمال جزيرة السمالية الناعمة ازدانت فعاليات الملتقى الصيفي لعام 2013، الذي بدأ أمس الأول، وكان جل تركيزه على مضامين المواطنة والتعبير عنها باعتبارها المرادف الحقيقي للوطنية والولاء، ومن ثم تفعيلها بين الشباب والناشئة في دولة الإمارات تماهياً مع رؤية قائد مسيرة العطاء صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس الدولة حفظه الله، ومع انطلاق ملتقى السمالية الصيفي الذي يستمر لمدة ثلاثة أسابيع توافد مئات الطلاب من مراكز السمحة، وأبوظبي، والعين وسويحان، ومركزي أبوظبي النسائي، والسمحة النسائي، ليصل مجموعهم إلى نحو 358 طالباً ليسجلوا بذلك حضوراً لافتاً ويشاركوا بقوة في مختلف الأنشطة التراثية التي تفاعلوا معها بأريحية خالصة. (أبوظبي) - شكل الطلاب حركة متصلة داخل جزيرة السمالية عبر الاندماج في البرامج التراثية المتنوعة، التي وضعت بدقة، وفي الوقت نفسه تلبي حاجتهم إلى الاطلاع على الموروث الشعبي للدولة في مراحله التاريخية المختلفة، والتي تتلمس خطى الأجداد في الزمن القديم، وتعبر عن بيئتهم الحيوية التي عاشوا فيها زمنهم الأول، وكانت أنشطة هذا الأسبوع عبارة عن مسابقة للقوارب الشراعية، والتدريب على رياضة الهجن، وتعلم مبادئ الفروسية، والعديد من الأنشطة الأخرى، واللافت في هذا الملتقى الصيفي لجزيرة السمالية هذا العام، والذي حمل شعار «الإمارات وطن الريادة والتميز»، بتوجيهات ورعاية كريمة من سمو الشيخ سلطان بن زايد آل نهيان ممثل صاحب السمو رئيس الدولة رئيس نادي تراث الإمارات، أن الطلاب كانوا يتبارون من أجل إثبات كفاءتهم، ومدى قدرتهم على التفاعل مع موروثهم الشعبي الأصيل. برامج متنوعة حول ملتقى السمالية الصيفي، يبين مدير إدارة الأنشطة في نادي تراث الإمارات، سعيد علي المناعي، أن الرؤية الإماراتية للوطن والمواطن من الأولويات التي تضعها القيادة الرشيدة في الاعتبار، وهو ما جعل الملتقى الصيفي يتجه نحو تعزيز قيم الولاء والانتماء في نفوس الشباب والناشئة عبر البرامج المتنوعة التي تشهدها الجزيرة حتى الخامس والعشرين من يوليو المقبل، ويشارك طلاب المدارس في نحو أكثر من عشرين نشاطاً كلها تنهل من منابع التراث العتيق لدولة الإمارات، إذ تحرص إدارة الأنشطة في نادي تراث الإمارات، على دمج زوار الجزيرة من مختلف الأعمار في البيئة التراثية الأصيلة، وربطهم بشكل مباشر بالموروث الشعبي، من خلال الفعاليات الثقافية والتراثية، والألعاب الشعبية، واطلاعهم على التراث البحري الغني بكل المقومات الطبيعية، بالإضافة إلى أننا نعمل بالجزيرة خلال العطلة الصيفية على إعداد طلاب المدارس ودمجهم في نشاطات متعددة مثل الغوص والتدريب المكثف على رياضة القوارب الشراعية، عبر المسابقة التي انطلقت اليوم، والتي سوف تعلن نتائجها في الأسبوع الثالث للملتقى، وذلك بتتويج مركز واحد من ضمن المراكز المتقدمة للمسابقة، وهو ما يعني فوز ما لا يقل عن عشرين طالباً، بالإضافة إلى تثمين الدور الذي تقوم به مدرسة الإمارات للقوارب الشراعية في تدريب الأفراد من مختلف الأعمار وتأهيلهم للمشاركة في بطولات محلية ودولية. غرس روح الانتماء ويتابع المناعي: هناك أيضاً تدريبات فائقة للطلاب على فنون الصيد التقليدي وما يتعلق به من حرف بحرية تراثية كان يزاولها الأجداد، وهي ما تعرف بالبيئة البحرية، وبالنسبة للفتيات اللواتي سينضممن لملتقى جزيرة السمالية الصيفي هذا العام، فإن إدارة الأنشطة بنادي تراث الإمارات لم تغفل تخصيص مساحة مناسبة للفتيات المنتسبات للمراكز النسائية مثل مركزي أبوظبي والسمحة من خلال دمج هؤلاء الفتيات في برامج تعلمهن استثمار الوقت وتطلعهن على العادات والتقاليد الراسخة للدولة، كما أن الكثير منهن يحرصن على المشاركة في النشاطات المكتبية التي تزودهن بالعلم والمعرفة، فضلاً عن تدريبهن على صنع الأطعمة الموروثة التي كانت ولا تزال تطهى في البيوت الإماراتية، على اعتبار أن مثل هذه الأطعمة تمثل الذائقة المحلية. ويلفت المناعي إلى أن شباب الدولة والنشء هم محور الاهتمام، والتركيز عليهم هو مطلب حضاري، فهم كوادر الغد وجيل المستقبل الذين يعول عليهم تكملة مسيرة البناء والعطاء، وهو أيضاً ما يجعل من غرس روح المواطنة والانتماء فيهم أمراً لا غنى عنه. مفهوم المواطنة وبخصوص الأسبوع الأول من الملتقى يورد مدير فعالياته ومدير مركز أبوظبي، أحمد مرشد الرميثي أن ملتقى السمالية الصيفي 2013 الذي بدأ أمس الأول، اشتمل على سباق التجديف التقليدي، بمشاركة عدد كبير من طلاب المراكز الذين كان واضحاً عليهم الحماس والحرص على المشاركة، فضلاً عن سباق الشراع التقليدي، وكذلك مزاولة الأنشطة التراثية والثقافية والرياضية المختلفة التي توفرها جزيرة السمالية، وتركز الفعاليات على تخصيص برنامج خاص يعنى بمدلولات أقوال صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس الدولة حفظه الله في مجالات الوطن والمواطنة، بما يؤكد على الرؤية الإماراتية في تعزيز دور أبناء الوطن في تحقيق مفهوم المواطنة الذي يعكس استراتيجية الدولة من خلال المشاركة الفاعلة لمواطني الإمارات في مسيرة التنمية الشاملة، ويشير إلى أن نادي تراث الإمارات يقوم بدور كبير في الحفاظ على الموروث الشعبي، ويغرس في نفوس الجيل الحالي من الشباب القيم الوطنية، ويرسخها بما ينعكس عليهم بالإيجاب. ويرى أن الملتقى الصيفي استقطب حتى الآن العديد من الطلاب الذين شاركوا بحماس مع زملائهم في الفعاليات والأنشطة المختلفة، وهو ما يكسبهم خبرات كبيرة في مختلف المجالات، إذ إن الموروث الشعبي هو الذي يطلق العنان للمواهب الشابة، ويجعلها تتفوق وتسابق الزمن. البيئة البحرية منذ اللحظة الأولى لدخول الطلاب جزيرة السمالية للمشاركة في هذا الملتقى الصيفي، ومن ثم التوجه إلى الصالة الرياضية، وهم في حالة نشاط مستمر، وتحفز لمتابعة الأنشطة كافة، حيث تجمع عدد كبير منهم حول الوالد سعيد بن عبيد بن سعيد في ركن البيئة البحرية، وظل يروي لهم تفاصيل حياة الأجداد، وكيف كانوا يتعاملون مع البحر، وجلس يعلمهم الطريقة التي كانت تغزل بها شباك الصيد في الماضي، وأشار إلى إطار أحد مراكب الصيد القديمة، وهو يردد كان هذا المركب يعرف باسم «خاليوط» وهو متخصص في الغوص، وفي النهاية ذكر أنه منذ أكثر من خمسين عاماً وهو ملازم لجزيرة السمالية، ولفت إلى أنه لم يشعر بأهمية الحياة وقيمتها إلا في هذا المكان الذي يربطه بالماضي ورجاله، وأوضح أنه كان يعيش في جزيرة السعديات لمدة عشرين عاماً قبل أن يقطن جزيرة السمالية. أقوال حكيمة وفي مشهد معبر آخر تجول مئات الطلاب في أروقة المعرض الذي اشتمل على أقوال صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس الدولة حفظه الله، والجميل أن الطلاب كانوا يتوقفون كثيراً عند هذه الأقوال الحكيمة، ويدققون فيها النظر ويحاولون فهم معانيها، والتشاور حولها، ومن ثم التوجه بالسؤال للمشرفين الذين كانوا يحيطون بهم، من أجل شرح هذه الأقوال، ومن ثم انتقلوا إلى (المجلس) «الحظيرة»، وهناك ألقى بعض المشرفين محاضرة سريعة حولها، موضحين أنها كانت موجودة في معظم البيوت الإماراتية القديمة، حيث كانت بمثابة استقبال للضيوف، وفيها يتم تبادل القهوة العربية، وبعد ذلك تنقل الطلاب الذين كانوا يسارعون بعضهم بعضاً من أجل التعرف على البيئة الإماراتية القديمة، وجلس العديد منهم في بيت الشعر، وتعرفوا على الطريقة التي تم غزل هذا البيت منها. المراكب الشراعية وبخصوص طريقة تدريب الطلاب المعتمدة في المدرسة يقول مدرب القوارب الشراعية بمدرسة الإمارات للشراع محمد بالخير: في الجزيرة نعد الطلاب ونقوم بتدريبهم على كيفية النزول بالقوارب إلى الماء، وقبل بداية هذه المرحلة نعرفهم مكونات المركب، وكيفية التعامل معه، خصوصاً في الأوقات التي تشتد فيها الرياح أو التي يهيج فيها البحر، ويشير إلى أن الطالب الذي لا يجيد السباحة نقوم بتعليمه إياها، حتى يكون في كامل استعداده الفني لمزاولة هذا النشاط الذي يحتاج إلى قدرات خاصة، ويبين أن استعداد كل طالب للتعامل مع القوارب الشراعية له عامل كبير في مسألة سرعة تأهيله، والمدرسة تقبل الطلاب من سن السابعة، وخلال هذه العطلة الصيفية نستقبل المراكز ونقوم بتدريب الراغبين في الالتحاق بالمدرسة، ويؤكد أنه يجب أن يلتفت اللاعب إلى سرعة الهواء حتى يستطيع أن يقود المركب الشراعي، وفي البداية لا ندع الطلاب يسيرون بالقوارب وحدهم، ونحرص على أن يكون مع كل لاعب مدرب إلى أن يجتاز فترة الاختبار المقررة بنجاح. خيوط متشابكة حول راوي التراث المحلي الوالد حبثور الرميثي، تجمع عدد كبير من الطلاب حيث كان كعادته يتحدث إلى زوار جزيرة السمالية عن الحياة التي عاشها أبناء الدولة وبخاصة الذين كانوا يعملون في البحر ويحترفون الصيد ويبحثون عن اللؤلؤ، وفي هذا المشهد المعبر وضع أمامه مجموعة من شباك الصيد والمحار، وما يسمى «الديين» وهي عبارة عن مجموعة من الخيوط المتشابكة متصلة بحبل يضعه الغواص في رقبته في أثناء الصيد، والعجيب أن الطلاب كانوا يستمعون إليه بإنصات تام، فضلاً عن أحدهم كان يوجه له بعض الأسئلة بين الحين والآخر والوالد حبثور يستمع إلى الأسئلة ويجيب عليها بطريقة شيقة طريفة، ما جعل من هذه الجلسة التراثية نزهة في أورقة الزمن الجميل للآباء والأجداد، الذين هيأوا الأرض للأجيال الجديدة، ويقول الرميثي: كان البحر هو وجهة الرجال قديماً يتجهون إليه إما للغوص عن اللؤلؤ أو لصيد الأسماك، وكانت العلاقة بين أفراد المجتمع في ذاك الوقت تتسم بالتعاون والعمل الجماعي، وهو ما ميز رجال ذاك الزمان الذين كانوا يتذرعون بالصبر ويعملون بجد طلباً للرزق وسعياً إليه. طالب يتعرف على بيئة أجداده دفع الفضول الطالب في مدرسة الباهية سعيد حميد أحمد إلى الاقتراب من الطوى من أجل أن يتعرف بنفسه على كيف كان الآباء يحصلون على الماء، وراح يمسك بالحبل الذي يتصل بقربة عند تحريكها تمتلئ بالماء عن آخرها، وحين يحدث ذلك يتم وضع الماء في إناء، وخلال هذه العملية التي استغرقت منه وقتاً طويلاً تجمع حوله الطلاب وهو يكرر هذا الأمر وهو ما دفع بعض المدربين التراثيين إلى مساعدته، وفي هذه اللحظة بدأ عدد من لطلاب في محاولة تقليده وكأنهم جميعاً أرادوا أن يتعرفوا على بيئتهم التي كان يتعامل معها الأجداد بروح الجماعة. طفلان مع دلة القهوة فور دخول الطلاب (المجلس) «الحظيرة» والتجول في أركانها، كان طالب واحد منهم ينظر بدقة إلى دلة القهوة الكبيرة التي كانت موضوعة على الأرض وفي جوارها أخرى صغيرة الحجم، واللافت أن هذا الطالب الملتحق بمدرسة أشبال القدس وعمره 13 عاماً، خالد أحمد ناصر، ومعه أخوه عيسى أحمد 8 سنوات ظل في (المجلس) «الحظيرة»، وافترش الأرض وراح ينظر إلى دلة القهوة الموجودة بشغف، ويبدو أن حجمها وشكلها ولونها الذهبي أعجبه جداً لدرجة أنه نسي أن يتحرك مع باقي الطلاب لمتابعة الأنشطة الأخرى، وفي الوقت نفسه جلس أخوه الصغير أيضاً على الأرض، وراح يلهو بدلة القهوة الأصغر حجماً. ركن الهجن وشجاعة الفرسان أبوظبي (الاتحاد)- بالنسبة لرياضة الهجن فقد توجه الطلاب إلى ركن الهجن بجزيرة السمالية لاستكمال أنشطتهم التراثية الشيقة، حيث تجمعوا هناك وارتدوا الخوذات وانطلقوا مع الإبل في رحلة حول الجزيرة، ليتعرفوا على أخلاقها، ويذكر الطالب بمدرسة ابن سينا بمنطقة الشهامة عبدالرحمن راشد، أنه تعرف من والده على أهمية الهجن في الماضي فهي كانت تقوم بدور كبير في حياة الناس، إذ كانت تعد وسيلة مواصلات وعلى ظهورها ينقل المتاع، ومن يختلط بها يتعلم أخلاقها ويشرب من حليبها الصافي ويأكل من لحومها الطيبة، ويستغل شحومها ووبرها في أعراض أخرى، ويشير عبدالرحمن إلى أنه تعلق بها ويحرص عندما يأتي للجزيرة على أن يذهب إلى ركن الهجن ليطوف بها هناك. الخيول العربية أما قاعة الخيول العربية الأصيلة فقد كانت ملاذ الطلاب في هذا اليوم الممتع، حيث تحلق بعضهم ليشاهدوا الخيول بأشكالها الجميلة، في حين أن الآخرين نزلوا في شجاعة الفرسان إلى ساحتها من أجل امتطاء ظهورها والسير بها في ثبات، وفي هذه اللحظة وقف خلف كل فرس مدرب ليساعد الطلاب على اعتلاء ظهور الخيل، وما أن تم ذلك تحركت الخيل بالأولاد على أرض من الرمال الناعمة ليطوفوا في ركن قاعة الفروسية ويؤدون بها حركات مدهشة. ويوضح علي راشد مدرب الفروسية بنادي تراث الإمارات أنهم يعدون الطلاب قبل امتطاء الخيول ويعرفونهم كيف يتعاملون معها ويلقونهم دروساً في كيفية معرفة الخيول المريضة من الصحيحة ويعلمونهم أيضاً الطريقة التي يضعون بها السرج على الحصان. لوحة تراثية وفي مشهد آخر، وبعد خروج الطلاب من الصالة الرياضية لجزيرة السمالية، اندفعوا نحو السيارات التي أعدت خصيصاً لتقلهم إلى مواقع أخرى، وفي هذه اللحظة تخللت الجو نسائم جميلة بعثت النشاط في الحضور كافة، وهو ما شجع الجميع على مواصلة الرحلة ومتابعة الأنشطة الأخرى، وبعد أن اتخذ كل طالب مكانه في هذه المركبات، بدت الجزيرة في أبهى حلة والبيوت القديمة تلوح من خلال نوافذ السيارات، والطلاب يغرقون في السحر الذي غطى الجزيرة من جميع نوحيها، خصوصاً وأن البحر كان يلوح بمنظره الآسر، ويتدفق بمياهه الغزيرة، فيقدم لوحة تراثية تشع بالجمال، وتوقفت بنا السيارات عند مدرسة الإمارات للشراع، وهناك تدفق الطلاب إلى البحر من أجل المشاركة في مسابقة القوارب الشراعية.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©