الجمعة 29 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

مجلس العلماء... رقم جديد في المعادلة الأفغانية

14 سبتمبر 2010 07:32
ديفيد ناكامورا بارتلو كابـول تسعى حكومة كرزاي جاهدة للحفاظ على دعم مجلس ديني مؤثر يبدو أنه بدأ ينتقل إلى آراء ومواقف أكثر محافظة ومناوأة للحكومة في وقت يُطلب منه فيه أن يلعب دوراً مهمّاً في إقناع متمردي "طالبان" بالتخلي عن أسلحتهم. ذلك أن مجلس العلماء، المؤلف من 3000 ملا من مختلف مناطق البلاد، لطالما عُول عليه من أجل نشر رسالة مؤيدة للحكومة في القرى النائية وإبلاغ إدارة كرزاي بالمزاج العام للسكان؛ حيث تدفع الإدارةُ لكل واحد من هؤلاء الملالي منحة شهرية تقدر بحوالي 100 دولار وتتوقع منهم في المقابل دعم أجندتها. غير أن رئيس المجلس فضل هادي شينواري، وهو قاض سابق في المحكمة العليا الأفغانية في أواخر عقده الثامن، يوجد في حالة غيبوبة بأحد المستشفيات في الهند منذ أشهر بعد أن أصيب بسكتة دماغية، والحكومة تجد صعوبة في إيجاد خليفة مناسب له، كما يقول محمد عمر داوود زاي، رئيس مكتب كرزاي. وفي غضون ذلك، صنع 350 عضواً في مجلس العلماء الحدث عندما صوتوا في اجتماع لهم قبل بضعة أسابيع على مطالبة كرزاي بتطبيق الشريعة. غير أنه بدون دعم حكومي قوي للمجلس، يقول داوود زاي، فإن رجال الدين المتعاطفين مع "طالبان" يمكن أن يؤثروا على السكان، مضيفاً "إنهم قد يقولون إن الانتحار جائز، وفي تلك الحال سيصبح لدينا عدد متزايد من الهجمات الانتحارية". وقد اتضح بجلاء الدور المهم الذي يلعبه الملالي في التأثير على المجتمع الأسبوع الماضي عندما نظموا مجموعة من المظاهرات الاحتجاجية في العاصمة كابول ومدن أخرى احتجاجاً على اعتزام إحدى الكنائس بولاية فلوريدا إحراق نسخ من المصحف؛ حيث قام المئات من الشباب بإحراق دمى تجسد شخصيات سياسية ورموا الحجارة ورفعوا هتافات مناوئة للولايات المتحدة؛ وحذر بعض الملالي من أن أفعال تلك الكنيسة، التي تراجعت لاحقاً عن مخططاتها، يمكن أن تساعد "طالبان" على تجنيد شباب أفغاني ساخط على الوضع. وفي هذا الإطار، نظم عناية الله بليغ، العضو في مجلس العلماء وأستاذ الشريعة بجامعة كابول، مظاهرة شارك فيها أكثر من 500 شخص الاثنين قبل الماضي. ويقول بليغ إن المجلس لا يدعم حركة التمرد؛ ولكنه يؤكد أيضاً أن المجلس يتفق مع بعض قيم "طالبان" ويرى أن على الحكومة أن "تستعمل الدين لتكون متسامحة، ولتكون مسالمة، ولتستمع إلى بعض المطالب الشرعية لمناوئيها التي تنسجم مع مبادئ الدين الإسلامي". وعلاوة على ذلك، يشير بليغ إلى أن المجلس ما فتئ يشعر بالإحباط من تكتيكات "الناتو" في الحرب التي يناهز عمرها تسع سنوات حيث يقول مستطرداً: "إن انتهاكات القوات الدولية، مثل تفتيش المنازل، والضغط على الحكومة، وترقية أعضاء فيها وشطب رتب آخرين... كل ذلك ينافي مبادئ مجلس العلماء"، مضيفاً "إن السيادة الوطنية لأفغانستان بات مشكوكاً فيها على نحو خطير". والواقع أن الحفاظ على دعم الملالي يمكن أن يكون حاسماً وأساسيّاً في وقت يزيد فيه "الناتو" عديد القوات هذا الخريف من أجل تطهير معاقل "طالبان" وجلب الأمن إلى المناطق التي أصبحت أكثر خطراً، وبخاصة في الجنوب والشرق. وفي هذا الإطار، يدعو "مخطط (حكومي) لإعادة الإدماج" تم تطويره خلال الأسابيع الأخيرة إلى أن يكون عضو واحد على الأقل من المجلس ضمن كل واحدة من الفرق الإقليمية التي ستسعى لفتح حوار مع مقاتلي "طالبان". ويمارس الملالي، الذين يلقون خطبهم ومواعظهم على آلاف المصلين في المساجد، تأثيراً واسعاً على السكان في مناطقهم، حيث يشرفون على أنشطة العقيقة والتعليم الديني وعقد القران والوفيات وغيرها. ومن بين المواضيع التي تكتسي أهمية كبيرة بالنسبة لهم، على غرار بقية الأفغان، مطلب الأمن، حيث قتل المتمردون عدداً من رجال الدين البارزين، مثل محمد حسن تيمو، وهو زعيم ديني لقي حتفه بعدما انفجرت قنبلة تقليدية الصنع الأسبوع الماضي في قندهار. ويرى حبيب صالحي، المتحدث باسم وزارة الشؤون الدينية، أن الملالي في المناطق الخاضعة لسيطرة "طالبان" "يتم التأثير عليهم نفسيّاً" من قبل المتمردين ولذلك فهم يحتاجون لدعم الحكومة وحمايتها، وعن ذلك يقول: "إنهم يريدون أن تقوم الحكومة الأفغانية فعليّاً بدعم الملالي الذين يسعون للعمل من أجل السلام والاستقرار". ولهذا تقوم الحكومة بتقديم منح مالية للملالي؛ ولكن في فضيحة فساد هزت أفغانستان هذا الصيف، تم اعتقال محمد ضياء صالحي، أحد مساعدي كرزاي، وقد اتُّهم باستعمال الصندوق الخاص الذي يُسحب منه المال؛ قبل أن يتدخل الرئيس من أجل إطلاق سراحه أواخر يوليو الماضي. وتفيد مصادر بأن محمد صالحي خضع للتحقيق على خلفية تهم بتوزيع السيارات والمال على نحو مخالف للقانون على الحلفاء الرئاسيين، وكذا التحدث بانتظام مع "طالبان". ويوضح داوود زاي أن المنح التي تُدفع للملالي قانونية وشفافة، مضيفاً أن الإدارة بدأت مخططاً مماثلاً لتوفير المال والحماية لشيوخ القرى الذين كانوا أيضاً أهدافاً لهجمات "طالبان". وعن الملالي يقول داوود زاي: "إنهم يؤمّون الناس في المساجد خمس مرات في اليوم"، مضيفاً "وبالتالي، فإذا قالوا يوماً ما كلمة ضد الولايات المتحدة، فستكون أمام مشكلة كبيرة؛ أما إذا قالوا كلمة تؤيدنا، فإننا سنكون بخير!". ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©