الجمعة 19 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

من هارلم... مع التحية!

14 سبتمبر 2010 07:33
منى الطحاوي كاتبة ومحللة سياسية أقيمُ في حيّ هارلم على شارع يضم ثلاث كنائس ومسجداً. ويقع المسجد إلى جانب واحدة من هذه الكنائس، وعندما يختلط المصلّون الذكور على رصيف الشارع، يستحيل التمييز بين من خرج من الكنيسة ومن خرج من المسجد. وبالنسبة للنساء لا يمكن إلا للحجاب الذي تلبسه بعض النساء أن يخبرك بذلك. والحال أن الأميركيين المسلمين لم يجرِ اختراعهم يوم 11 سبتمبر 2001، فتاريخنا مع نيويورك، وبقية الولايات المتحدة كذلك، يسبق إلى حد بعيد تلك الهجمات. وقد جاء بعض القادمين المبكّرين على سفن الرقيق التي عبرت المحيط الأطلسي. إلا أن الحقد المعادي للمسلمين الذي ينتشر عبر الولايات المتحدة هذه الأيام وحشي في تصميمه على دقّ إسفين بين "الأميركي" و"المسلم" في هوياتنا. فخلال أسبوع واحد، تم طعن سائق سيارة تاكسي في نيويورك من قبل راكب سأله عما إذا كان مسلماً، واقتحم سكّير مسجداً في نيويورك ودنس سجاجيد الصلاة بما لا يليق، وألقي حجر على مركز إسلامي في ماديرا بكاليفورنيا، ويجري التحقيق في حريق في موقع مسجد بولاية تينيسي من قبل مكتب التحقيقات الفيدرالي. واليوم: "ما الذي سيحصل لي ولأمي وزوجة أخي وجميع النساء في الولايات المتحدة اللواتي يلبسن الحجاب، ولسن بحاجة لأن يُسألن عما إذا كنّ مسلمات أم لا؟" تتساءل أختي نورا، طالبة الدراسات العليا. وليس الأمر مقتصراً فقط على بارك 51، المركز الاجتماعي الإسلامي والمسجد المقترح في مانهاتن السفلى على بعد مربعين من نقطة الصفر، فهناك أربعة مساجد أخرى مخطط لها على الأقل في الولايات المتحدة على بعد أميال عديدة من "الأرض المقدسة"، تواجه هي أيضاً معارضة من جانب أعداء الإسلام. وقد حاول البعض إلقاء اللوم على الإمام فيصل عبدالرؤوف، زعيم مشروع بارك 51، لإثارته نفوساً ما زالت تشعر بالأذى منذ الحادي عشر من سبتمبر. ولكن تصويره على أنه الإمام الذي أثار خلية الدبابير يظهر في الحقيقة حالة فقدان الذاكرة التي لا يمكن نسيانها إلى حد تحويل كلمة "مسلم" إلى شتيمة في هذا البلد. وعلى رغم ظهور بوش في مسجد بعد أحداث الحادي عشر من سبتمبر، مظهراً أنه لا يحمّل المسلمين المسؤولية، إلا أن إدارته بدأت تفعل ذلك بالضبط: محاكمات عسكرية لمدنيين وسجون سرية واعتقال مئات المسلمين دون توجيه تهم لهم وتعذيب وتحقيق قاسٍ للمعتقلين وغزو دولتين مسلمتين. وعندما "اتهم" الجمهوريون أوباما بأنه مسلم أثناء حملة عام 2008 الانتخابية، لم يتفوَّه "الديمقراطيون" مرة واحدة بعبارة "ولو كان". وقد اقترح خبير استراتيجي مرة أن تتحول وزيرة الخارجية الحالية هيلاري كلينتون إلى السلبية ضد أوباما عام 2007 عندما كانت تقود حملة للرئاسة، وأن تصفه بأن أجنبي غريب بحيث لا يصلح لقيادة أميركا في الحرب. ولم تأخذ الوزيرة النصيحة على محمل الجد، ولكن حملتها قامت بتسريب صور لأوباما وهو يلبس لباساً صوماليّاً تقليديّاً. وشكلت هذه الأحداث وغيرها خطوات متصاعدة على سلم التعصّب. وعندما تتمرّغ مرشحة سابقة لمركز نائب رئيس الولايات المتحدة وحاكمة ولاية سابقة، هي سارة بالين، ورئيس سابق في الكونغرس، هو نيوت غينغريتش، وأعضاء عديدون في مجلس النواب في وحل ترويج أبشع الصور الكاريكاتوريّة عن المسلمين، فليس من الصعب فهم التصاعد الحالي الكريه للتمييز العرقي والديني. إنني لم أنسَ قط أعمال العنف أو محاولات الإرهاب من جانب مسلمين أميركيين خلال السنة الماضية. ولم تقم الجالية الأميركية المسلمة بتجنبها بصمت، إذ قامت بإصدار العديد من الإدانات الصريحة بشأنها، ولكنها رفضت كذلك أن تعتبر مذنبة بسبب انتمائها الديني. ونحن نرفض كذلك أن نختفي. ولن نسمح للعنصريين أن يمزقوا النسيج الذي يشكّل أميركا. بل إن هؤلاء المسلمين الذين يختلطون خارج المسجد على الشارع الذي أسكنه يشكلون عالماً مصغراً لأميركا. فنحن ندلي بأصواتنا التي تصنع فرقاً انتخابيّاً خاصة في الولايات المتحدة التي تتساوى فيها الأصوات. ويشكل سائق سيارة الأجرة الذي طُعِن في نيويورك واحداً من آلاف المسلمين الذين يمثلون 50 في المئة من سائقي سيارات الأجرة في هذه المدينة. ينشر بترتيب مع خدمة «كومون جراوند»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©